2025-01-05@14:05:55 GMT
إجمالي نتائج البحث: 6

«ویة الثقافیة»:

    في البداية كان الإنسان الأول يصنع آلاته الموسيقية من المواد الطبيعية التي لا تتطلب تدخلا كبيرا في تهيئتها لاستخراج الأصوات منها. ومن الطبيعي هنا أن تكون صناعة الأوتار والآلات الوترية عامة جاءت في مرحلة متأخرة وكذلك تحديد طابع النغمات ودرجاتها ونسبها بالقياس إلى ابتكار الآلات الإيقاعية والنفخ.وقد ذكرنا في مقالات سابقة عددا من الآلات الموسيقية القديمة التي لا تزال مستعملة في الموسيقى التقليدية العُمانية. ولكن التوجه نحو استعمال تلك الأدوات مباشرة من الطبيعة في الأداء الفني البسيط يكشف فطنة الإنسان المبكرة وموهبته وحاجته الطبيعية التعبيرية والجمالية، وقد توارث الإنسان ما استقر منها في الممارسة، وظل يلجأ باستمرار إلى الطبيعة والأدوات التي يصنعها لأغراض غير موسيقية، فنجد استعمال بعض أدوات المطبخ كأنواع المداق الخشبية والمعدنية التي تستعمل بالأصل لدق الحبوب أو...
    استكمل ما بدأته في المقالات السابقة بشأن الآلات الموسيقية المحلية حسب التعريف الذي اعتمده في هذه السلسلة من المقالات، ثم أعرج في مقال تالٍ -إن شاء الله- إلى تلك الآلات التي أعتقد أن لها جذورًا غير محلية وجاءت إلى الموسيقى العُمانية عبر طرق الاتصال المختلفة التي طورها العُمانيون والشعوب المجاورة في آسيا وإفريقيا عبر قرون طويلة للتواصل فيما بينهم لأغراض متنوعة.وفي الواقع يمكن التعرف على هذه الآلات بأنواعها إما من خلال أسمائها أو شكلها المميز وكذلك وظيفتها وهي جميعها عبر الاستعمال الطويل أصبحت من الآلات الموسيقية التقليدية العُمانية.وفي هذا المقال سأقدم بعض المحاور التي من شأنها توضيح بعض هذه الخصوصيات مع مقارنة عاجلة بين بعض الآلات الإيقاعية المحلية الشرقية والجنوبية للجزيرة العربية وشمالها.وكما وقعت الإشارة سابقا فإنني من الناحية النظرية...
    بعد توقف حوالي شهر، نعود مرة أخرى نستكمل هذه السلسلة من المقالات تحت العنوان أعلاه، في محاولة متواضعة للنظر في تاريخ آلات الموسيقى العُمانية وهُويتها الثقافية. ومن المعلوم أن نشأة وتطور الآلات الموسيقية أمر مرتبط بالممارسة الداخلية من جهة والعلاقات الاجتماعية والثقافية مع الشعوب المجاورة من جهة أخرى.إن تطور أنواع المواصلات عبر العصور زاد من تنقل الناس مع ثقافاتهم وآلاتهم الموسيقية من مكان لآخر. ومن الواضح أن العُمانيين كتبوا جزءا كبيرا من تاريخ منطقة المحيط الهندي والجزيرة العربية وذلك حتى في أدنى أوقات ضعف الكيان السياسي العُماني، غير أن هذا الحضور السياسي المستمر ربما يكون في هذه المرحلة الإصلاحية يخوض نظامه الثقافي التقليدي تجربة جديدة تجاه مسألة الفنون بأنواعها التي كانت قد تعرضت للكثير من الإهمال في القرون الماضية. وفي...
    الفكرة الأولى التي صُنعت واستُعملت آلات الموسيقى العُمانية التقليدية على أساسها، فكرة قديمة ومتوارثة.وقد لاحظنا في المقال السابق (رقم2) أن عددًا من الآلات المصوتة بذاتها والنفخ والوترية تعود إلى عصور زمنية قديمة، بعضها وحسب المكتشفات الأثرية التي ذكرتها في المقال المشار إليه، يعتقد المكتشفون أنها تعود إلى العصور الحجرية التي كان من سماتها استعمال الإنسان الحجر في صناعة أنواع عديدة من الأدوات.ومن المثير للاهتمام أن واحدة على الأقل من هذه الآلات «الموسيقية» المكتشفة من قبل علماء الآثار والمهتمين ظلت منذ تلك العصور القديمة وحتى وقتنا هذا تؤخذ من الطبيعة وتستعمل بالطريقة نفسها دون تغيير يذكر في صناعتها ونظامها الصوتي والنغمي.وهنا يبرز السؤال: لماذا لم يطرأ عليها أي تغيير صناعي يطور فكرتها من حيث المادة التي تصنع منها أو إمكانياتها النغمية...
    في البداية لا بد من تقديم الشكر والتقدير للبروفيسورة أسمهان بنت سعيد الجرو أخصائية الدراسات التاريخية بمتحف عُمان عبر الزمان على المعلومات القيمة التي قدمتها لي والمقتبسة من كتابها قيد النشر بعنوان: "عصور ما قبل التاريخ في عُمان (6000-3000ق.م) الأسلاف يغرسون بذور التحضر" بشأن آلتين موسيقيتين مكتشفتين في مقبرتين من العصر الحجري، الأولى: مكتشفة في موقع رأس الحمراء (5) وهي صدفة بحرية لا تزال تستعمل في الموسيقى التقليدية العُمانية وتعرف باسم الجم أو اليم، وهذه الآلة الصدَفَة تُثقب من أحد جانبيها لإحداث فتحة للنفخ في تجويفها الذي يستغل كصندوق مصوت، ولهذه الصدفة فتحة واسعة يخرج من خلالها الصوت مضخما كبوق بما يشبه آلة الهورن النحاسية مع فارق الحجم والإمكانيات التقنية، أما الآلة الثانية، فكانت من موقع رأس الخبة (1) بولاية...
    الآلات الموسيقية وتنوعها صناعة واستعمالا، مظهر مهم من المظاهر الأساسية لتطور اللغة الموسيقية وهي بمثابة السجل الذي يعكس الفكر والممارسة الموسيقيّين. فنحن معشر البشر لا نستطيع التعبير عن كل شيء باللغة الكلامية، لهذا نستعين باللغات الفنية من موسيقى وتشكيل وغيرها من أنواع الفنون. من هنا يتوسع مفهوم اللغة ليشمل كل أدوات التعبير التي تتعاضد كقوى إدراكية لا يجب أن يختل أي منها أو يتخلف عن أداء دوره في سياق المنظومة الإدراكية للجميل والقبيح. ومن المعلوم أنه إذا فقَد الإنسان القدرة على الكلام فقَد القدرة على السمع، وهذا ينطبق تماما على العلاقة بين الموسيقى واللغة الكلامية، بمعنى أن اللغة الكلامية تستقوي على نفسها، إن جاز التعبير باللغات التعبيرية الفنية، تسد ثغرات بعضها بعضا، من هنا، لا أتفق تماما مع قول القدماء:...
۱