الشارقة: «الخليج»

شهدت الشارقة خلال فبراير الماضي، إطلاق مشاريع إبداعية تضاف إلى حزمة المبادرات والبرامج التي تجسد رؤية الإمارة وأنها باتت الثقافة والفنون هُويتها، حيث سردت الفعاليات بالضوء والإبداع حكايا العالم واستقطبت الأنظار، وتحولت الإمارة إلى مسرح للأضواء تصدح فيه أصوات الفنانين وتتراقص على عمارتها وساحاتها ألوان الإضاءة، ويتردد صدى الشعر النبطي في أروقة التراث، بينما تروي عدسات أشهر المصورين في العالم حكايات المدن والأزمنة.


أعلن «حي الشارقة للإبداع»، ليكون مدينة مصغرة للمبدعين، يجد فيها الفنانون والمصممون والمبتكرون فضاء يجمعهم، لتتلاقى أفكارهم وتتحول مشاريع مؤثرة في المشهد الثقافي والفني العالمي.
وفي السياق نفسه، جاء إعلان «مختبر الشارقة لتطوير الأزياء»، ليمنح المصممين المحليين منصة للتعبير عن إبداعاتهم، وليجعل من الشارقة محطة رئيسية في صناعة الأزياء المستدامة والمبتكرة ومنحه حياة جديدة في مشهد الإمارة الثقافي.
وفي قلب الشارقة النابض بالتراث تضيف الإمارة إلى بيوتها العتيقة «بيت اللوال» لاستعادة أصالة المنزل الإماراتي التقليدي، ويأخذ البيت ضيوف المكان إلى رحلة عبر التاريخ وتراث الطهي، مع قائمة مستوحاة من طريق الحرير القديم، والحرف التقليدية من جميع أنحاء العالم.
وحسب اللهجة التقليدية الإماراتية، يشير «اللّوال» إلى المسافر الذي عاد إلى وطنه بعد سفر طويل محمّلاً بكثير من القصص المشوقة، والهدايا التذكارية، والنكهات المتنوّعة من الثقافات الأخرى.
شهر الإبداع
في شهر الإبداع بذرت الشارقة الثقافة في كل الزوايا، لتمتزج الفنون بالبصيرة وتصبح وجهة الأدباء والفنانين والمصورين والمبدعين من مختلف بقاع الأرض.
يتفق زوار الفعاليات وسياح شتاء الشارقة الدافئ على أن روزنامة فبراير المزدحمة جعلته شهراً لا يُشبه غيره ليجسد رحلة استثنائية، تتقاطع فيها الفنون والتراث، ويزدهر فيها الإبداع ليلتقي الضوء بالشعر، والصورة بالتراث، والإبداع بالمستقبل، في مدينة لا تكتفي بأن تكون مجرد عاصمة للثقافة، بل تصنع ثقافة خاصة بها، تشع بريقاً يمتد إلى العالم بأسره.
عمارة الشارقة
يعكس «مهرجان أضواء الشارقة» روح المدينة الممتزجة بين الماضي والمستقبل في تناغم نادر للاحتفاء بجماليات هندسة العمارة الفريدة، وتقول السائحة الأجنبية ميليا جورج: أبهرتني عمارة الشارقة عندما تلمست جمال إبداعاتها بالأضواء، ليبقى بريقها عالقاً في ذاكرتي، كأثر ضوء عابر يترك بصمته في القلب قبل العين.
«إكسبوجر» يحكي العالم
وما إن تنطفئ إشعاعات «مهرجان أضواء الشارقة» حتى تضيء الشارقة سردياتها بلغة الصورة التي تغني عن ألف كلمة، لتفتح أبوابها لاستقبال محترفي ورواد التصوير من أنحاء العالم في المهرجان الدولي للتصوير «إكسبوجر» الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ليستكمل به توجهات الشارقة بدعم الإبداع وتأكيد مكانة الصورة وأهميتها لتوثيق الأحداث ونشر الحكايا.
وفي دورة فبراير الماضي استضاف المهرجان 300 مصور عالمي ومشاركات ب2500 صورة توزعت على 100 معرض، وتضمن برنامج النسخة التاسعة عرض أفلام سينمائية تتنوع بين وثائقيات قصيرة وطويلة، ورسوم متحركة، موفراً لعشاق السينما وهواة الفنون البصرية فرصة الاستمتاع بمجموعة متنوعة من السرديات الإبداعية.
وللبيئة نصيبها الوافر في «إكسبوجر» بتنظيمه القمة البيئية تحت شعار«الهجرة وتأثيرها في النظام البيئي» بمشاركة نخبة من الخبراء البيئيين والمصورين المتخصصين.
يقول الزائر إبراهيم الحاج: أحرص سنوياً على زيارة هذا الحدث المهم الذي يحول الكاميرا الى أداة سردية تكشف أسرار الحياة والإنسان والطبيعة. فيما تصف المعمارية الهندية زينيا كومار، تجربتها في المهرجان، بأنها تفوق الوصف وقالت «شعرت بأنني في عالم آخر وسط هذا المكان الساحر الذي يحكي العالم بصور وفعاليات متنوعة».
حوار عالمي
كان «بينالي الشارقة» بدورته (16) واحداً من أبرز الأحداث التي جسّدت رؤية الإمارة جسراً بين الثقافات، ومنصة للحوار البصري بين فنانين من مختلف أنحاء العالم.
وبين جمال الكون وتقلباته إلى القضايا الإنسانية والثقافية تلتقي اللوحة في البينالي مع الصورة الصامتة والمتحركة في «إكسبوجر» لنشر رسائل مشتركة متوافقة مع نهج الشارقة ورؤيتها، ما يعكس التزامها المستمر بتقديم الفنون قوةً محركةً للتغيير والابتكار.
شارك بالبينالي 200 فنان من أنحاء العالم حضروا ب 650 عملاً فنياً، إلى جانب برنامجٍ شاملٍ من العروض الأدائية والموسيقية والسينمائية.
تجد الخبيرة الفنية ناتاشا جينوالا، التي حضرت من جنوب آسيا، أن «بينالي الشارقة» بيئة مثالية لدعم الفنانين الشباب وحفظ الذاكرة الشفوية بالأغاني، والقصص، والطقوس التي تعزز الروابط الإنسانية وتساعد على التعافي والشفاء، خاصة في ظل التحولات التي يشهدها العالم اليوم.
عودة إلى الجذور
تتواصل أيام الشارقة التراثية بدورتها 22 تحت شعار «جذور» لتعيد الحكاية إلى أصولها، إلى الأسواق العتيقة والبيوت التي تحمل بصمة الأجداد.
ففي هذه الأيام، لا يعود التراث مجرد ماضٍ محفوظ في الكتب، بل يتحول تجربة حية، حيث تنبعث أصوات الحرفيين وهم يصنعون الأواني الفخارية، وتعلو أهازيج الفرق الشعبية التي تحكي قصص البحر والصحراء، وكأن الزمن يتوقف ليفسح المجال لذاكرة المكان كي تروي نفسها بنفسها.
الحياة والفنلا يقتصر فبراير الشارقة على المعارض والفعاليات الفنية والبصرية فقط، بل يمتد ليشمل عالم المسرح والموسيقى، لتتحول ليالي الإمارة إلى مهرجان من العروض الأدائية والموسيقية التي تجذب الجماهير من مختلف الخلفيات.
ففي إطار أيام الشارقة المسرحية، شهدت الإمارة عروضاً مسرحية مبهرة جمعت بين النصوص التقليدية والأعمال المعاصرة، مقدمة للجمهور تجربة درامية غنية تجسد التنوع الثقافي والفني الذي تتميز به الشارقة. وشكل المهرجان منصة للفنانين والمخرجين المسرحيين العرب.
عشاق الشعر
اجتمع عشاق الشعر في مهرجان الشارقة للشعر النبطي، بدورته 18 ومشاركة 40 شاعراً وشاعرة، وإعلاميين يمثلون الدول العربية، إذ تتجسد لغة البادية في أبيات تنبض بالحكمة والوجد، وكأنها ترسم معالم الروح الإماراتية الأصيلة.
في الشارقة لا تكون القصيدة مجرد كلمات، بل صدى لمشاعر أمة ووجدانها، تحتفي بلغتها وتروي حكاياها بإيقاع لا يخفت.
يودع فبراير الشارقة على إرث جديد، ليترك بصمته في ذاكرة الزوار والحضور، ويثبت أن الشارقة ليست وجهة ثقافية فقط، بل عاصمة للإبداع المتواصل الذي ينبض بالحياة كل يوم.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات الشارقة أنحاء العالم

إقرأ أيضاً:

حبيب غلوم: «ثالوث الإبداع» يجتمع في «شغاب»

تامر عبد الحميد (أبوظبي)

أخبار ذات صلة صيام صحي وآمن لمرضى السكري والقلب ماغي.. محامية «بالدم»

أعرب الممثل والمنتج الإماراتي حبيب غلوم عن اعتزازه بأن تكون كل أعماله الدرامية التي قدمها كمنتج منفذ طوال مسيرته الفنية، لصالح شركة «أبوظبي للإعلام»، والتي عرضت جميعها على قناتي «أبوظبي» و«الإمارات» خلال مواسم رمضان المختلفة؛ منوهاً بأن هذا التعاون والشراكة الفنية الناجحة، أثمرا تنفيذ أعمال درامية متميزة ومتنوعة في القصص والمضامين، تناسب استراتيجية وتوجه «أبوظبي للإعلام» في تقديم وإنتاج كل ما يرتقي بمستوى المشاهد الخليجي والعربي.
توليفة غنية
ويطل غلوم في الدراما الرمضانية على جمهوره هذا العام عبر قناة «الإمارات» في المسلسل التراثي الاجتماعي «شغاب».
 وقال: أكثر ما يميز العمل هو التوليفة الغنية التي تجمع بين النجوم المخضرمين والممثلين الشباب، منهم: أحمد الجسمي، هيفاء حسين، مروان عبدالله، أمل محمد، أحمد الأنصاري، عبدالله الجنيبي، حميد العوضي، وحمد الكبيسي، فكانت أجواء التصوير في عجمان بـ «قرية جرناس التراثية» بمثابة دروس في التمثيل، خصوصاً أن أحداث المسلسل تقع بين ثلاث حقب زمنية في تاريخ الإمارات، وفي كل حقبة شخصيات متعددة وأحداث مختلفة عن الأخرى.
تجارب إنسانية
وتابع غلوم: يروي العمل مشاهد متعددة من صراعات تسلط الضوء على قيم الكرامة والشجاعة والمروءة في مواجهة الخديعة والمكر والجشع، وقصصاً واقعية في النجاح والفشل، وحكايات رومانسية تعبّر عن الحب في أجمل صوره، كما يستعرض تجارب إنسانية من مختلف المجتمعات التي تشكل النسيج الإماراتي على مستوى إمارات ومدن وقرى الدولة، في قالب غني يعكس التنوع في العادات والتقاليد والموروث الاجتماعي في حلقات تتزاحم فيها الشخصيات والأحداث بأسلوب تفاعلي ومشوق، مشيراً إلى أنه يؤدي دور «عيسى» الذي يسعى لتفادي الكثير من الصعاب والمشكلات التي تحدث بين النواخذة.
أضخم الإنتاجات
وأوضح غلوم أن «شغاب» يُعتبر من أضخم الإنتاجات المحلية، إذ تشارك كوكبة من نجوم الإمارات في كل حقبة من أحداث العمل، وتضم الحقبة الأولى 40 بطلاً رئيساً، و63 دوراً ثانوياً، وهو العدد نفسه تقريباً في الحقبتين الثانية والثالثة، معرباً عن سعادته بالتعاون مجدداً مع الثنائي المميز المؤلف إسماعيل عبدالله، والمخرج مصطفى رشيد، وقال: «الزقوم»، «الشهد المر»، «خيانة وطن»، «لو أني أعرف خاتمتي»، جميعها أعمال تعاونت فيها مع إسماعيل ومصطفى، ونالت رواجاً لافتاً وصدىً كبيراً، لذلك عندما اجتمع «ثالوث الإبداع» من مؤلف واعٍ ومخرج محترف وإنتاج ضخم في «شغاب»، عملنا جميعاً على إظهار عمل فني هادف يرقى بمستوى المشاهد.
وأضاف: أعشق التحدي في أعمالي الدرامية بتقديم شيء مختلف وعميق ومحتوى متميز، ومثلما قدمت أحداث مجتمعية واقعية في «الزقوم» و«الشهد المر» و«خيانة وطن»، يأتي حالياً «شغاب» كتحدٍ جديد من حيث الإنتاج والتصوير والمضمون.
دعم عجلة الإنتاج وأشاد حبيب غلوم بالتطور الذي تشهده الدراما الإماراتية وزيادة عجلة الإنتاج من قبل الدعم المقدم من القنوات التلفزيونية، وخصوصاً «أبوظبي للإعلام» وقنوات تلفزيون أبوظبي، وقال: أتمنى أن نستمر على هذا النهج، بالحضور القوي بالكيف والكم للدراما المحلية، وأن تكون هناك لجنة لتقييم الأعمال الدرامية بعد العرض، للتركيز على التجارب الناجحة، ودعم صناعها لتنفيذ أعمال متميزة أخرى.
أزمة نصوص 
ونوه غلوم إلى ضرورة اكتشاف مواهب وكتاب إماراتيين جدد، وقال: نعيش أزمة نصوص حقيقية في الدراما، والسبب يعود إلى الحضور الخجول للكتاب الإماراتيين، الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وأبرزهم إسماعيل عبد الله وجمال سالم وعبدالله حسن أحمد، لذلك فمن الضروري اكتشاف مواهب جديدة في عالم التأليف الدرامي لإثراء المشهد الفني بأعمال متعددة القصص.
حَلَق الأذن
أوضح الممثل حبيب غلوم أن كلمة «شغاب» باللهجة الإماراتية تعني «حلق الأذن»، وهي قطعة من الذهب تنتهي بحبة من اللؤلؤ.

مقالات مشابهة

  • عجمان تستعرض مقوماتها السياحية في معرض بورصة برلين
  • مسابقة ” المهارات الثقافية ” بوابة الإبداع في صنع الثقافة والفنون
  • روبيو: ترامب الوحيد في العالم الذي يستطيع جلب بوتين إلى طاولة المفاوضات
  • حبيب غلوم: «ثالوث الإبداع» يجتمع في «شغاب»
  • عدد جديد من «الشارقة الثقافية»
  • مبابي يفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم لشهر فبراير.. وهذا موقف صلاح
  • الإمارات ترسخ موقعها وجهة استراتيجية للاستثمارات الأجنبية
  • «طرق الشارقة» تطور شاطئ اللؤلؤية بامتداد 750 متر
  • «طرق الشارقة» تطور شاطئ اللؤلؤية بامتداد 700 متر