2024-12-20@20:18:46 GMT
إجمالي نتائج البحث: 6

«بین حرکة النهضة»:

    في خاتمة المقال السابق، كنا قد أشرنا إلى أن قراءة مواقف الفاعلين السياسيين والمدنيين التونسيين من الثورة السورية لا تكتمل إلا بالاشتغال على موقف أحد أهم الفاعلين السياسيين خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي؛ ألا وهو حركة النهضة. ولا يمكن فصل هذه الحركة عن حلفائها سواء أولئك الحلفاء الاستراتيجيين (ائتلاف الكرامة أو حزب المؤتمر بقيادة الدكتور منصف المرزوقي) أو أولئك الذين التقوا معها موضوعيا دون اعتراف مبدئي. فرغم الالتقاء البراغماتي بين حركة النهضة والتكتل الديمقراطي (خلال مرحلة الترويكا)، والالتقاء بينها وبين حركة نداء تونس أو تحيا تونس (خلال مرحلة التوافق) والتقائها مع حركة قلب تونس (بعد انتخابات 2019)، فإننا لا نعتبر هذا الالتقاء من باب التحالف الاستراتيجي أو الاعتراف المبدئي بهذه الحركة، بل هو مجرد تقاطع مصالح ظرفي لم يكسر التقابل الجذري...
    د. الشفيع خضر سعيد نواصل حديثنا عن ملتقى الحوار الأفريقي للسلام والأمن الذي نظمته مؤسسة تامو أمبيكي بتاريخ الرابع إلى السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري في جنوب أفريقيا. في كل جلسات ومداخلات الملتقى كان الشباب والمجتمع المدني، تواجدا وقضايا، حاضرين بكثافة وفعالية مميزة، بينما شكّل موضوع نهضة أفريقيا جوهر كل المداخلات والنقاشات. لذلك، بدءا من مقال اليوم، سنتناول ما عنّ لنا من تأملات حول هذه القضايا الثلاث. ظل الجدل يدور طويلا بين الجيل الأول من المفكرين الأفارقة والعرب حول النهضة أو البعث الحضاري، وهم يسعون لمعرفة أسباب تخلف مجتمعاتنا، وكيف نكتسب القدرة للحاق بركب الحضارة البشرية. وأعتقد أن فاتحة الإجابة عن هذا السؤال، تفترض القول بأن قدرة الشعوب على تحقيق “مفخرة” اقتصادية اجتماعية فكرية تتجلى فيها عظمة تراثها الثقافي...
    لا زالت حرب طوفان الأقصى تشهد ترددات في الوطن العربي ويبلغ صداها وعمقها الإنساني والوطني مدى واسعا لم يزل يتمدد ليشمل مساحات واسعة من الجغرافيا البشرية للمؤيدين للحق الفلسطيني في المجال الأممي للعالم الحر. وبقدر ما يجد شباب العالم ومناضلاته ومناضليه القضية العادلة التي تستحق أن يتوحد حولها بقدر ما تشهد مجتمعاتنا الوطنية والإقليمية حالة من التردد والارتباك والتشظي، والتيه عن إدراك الهم المشترك ووعي المهام الاستراتيجية والملحة التي توحد مجتمعاتنا وأوطاننا حول غايات النهوض الكبير وأهداف الثورة الفتية وفاء للشهداء وإخلاصا لطموحات الشباب وتطلعات الشعوب. فما الذي حصل لبلداننا حتى تصاب بهذا التصدع والفراغ؟ كثير من الباحثين والمحللين قدموا أطروحات في الأسباب والمسببات إلا أنها كانت أطروحات وتحاليل لواقع الأوطان والمجتمعات تقف عند الأبعاد الذاتية والموضوعية...
    رغم فشل كل ثورات "الربيع العربي" والانتصار المؤقت لما يُسمى بـ"محور الشر" أو محور الثورات المضادة، فإنّ أسباب ذلك الفشل ومساراته وتمظهراته (انقلابات، حروب أهلية) تفرض علينا منذ البدء أن نصوغ ملاحظتين: أولا، وجود قابلية داخلية للفشل أو بالأحرى عدم تعلق الفشل بالتدخلات الخارجية مهما كان حجمها (وهي قابلية تختلف محدداتها من سياق وطني إلى آخر)، ثانيا، عدم وجود أي تنسيق/ إسناد متبادل بين قيادات "الثورات" على خلاف التنسيق الاستراتيجي بين أعدائها من القوى الإقليمية والدولية. ولا شك في أن "الثورة التونسية" التي كانت مهد الثورات العربية قد استطاعت أن تؤجل نهايتها، لكن النخب المهيمنة على الحكم والمعارضة لم تكن قادرة على تجنيب البلاد نهاية مماثلة للتجارب العربية الأخرى. فـ"الجو الانقلابي" كان مهيمنا على مسار الانتقال الديمقراطي منذ المرحلة...
    في الوقت الذي تمر فيه تونس بأزمة سياسية ألقت بظِلالها/ ضَلالها على مختلف الأصعدة المجتمعية، ورغم تهافت المطابقة بين حركة النهضة و"العشرية السوداء" أو معارضة "تصحيح المسار"، يبدو أن هذه الحركة ما زالت تحتل -كما كانت منذ ترحيل المخلوع- محور الخطابات المتنازعة و/ أو المتضامنة قصد إدارة الدولة وشرعنة هيمنتها، أو قيادة المعارضة من خارج "جبهة الخلاص"، أي ما زالت محور الاستراتيجيات السلطوية لتشكيل رأي الجماهير وإعادة هندسة المجال العام. فالسلطة بمكوّناتها المختلفة -أي بمولاتها الكلية أو "النقدية"- لم تصل بعد إلى "توافق" واضح حول كيفية التعاطي السياسي مع ملف النهضة رغم كل محاولات سحبه إلى دائرة الملف الأمني-القضائي. فرغم إغلاق مقرات الحركة وسجن أغلب قياداتها التاريخية، ما زالت النهضة حزبا سياسيا قانونيا يتمتع بقاعدة شعبية وازنة، وهو ما...
۱