2024-11-08@19:58:01 GMT
إجمالي نتائج البحث: 15
«القریة العالقة»:
الكاتب: حمد الناصري قال حمود وهو يمسح دمعة عينيه: ـ كانت أمكّ خديجة ذات موهبة رائعة ، كانَت لديها قوة فائقة على التنبؤ ، وقُدرة خارقة من العزم ولديها قوة وصَلابة، جريئة وشُجاعة ، شديدة الاعتداد بتراث القرية تعتزّ بالقِيَم وما ورَثته من أهلها ،كُفْؤةٌ كالرجال ، عزيزة وكريمة في نواياها ، عصيّة على الغُرباء ، حدسها لا يُخيّبها أبداً وظنّها لا يُخطئها .. تُؤمن بِمَبدأ التعايش دون تفريط في قِيَم الايمان.. وتُعْطي لكل شيء مِقْدار، لا إفراط فيه ولا تفريط.؛ قالت أُمّك ذات مرّة وهي حاملٌ بك .. ربّي لا تَخفى عليك خافية ، صغيرة أو كبيرة .. تَعلم ما في بطني ، وتعلم صِدقي ومشاعري وما أخفيتُه وما أَعْلنته ، وإني نذرتُ عُمرهُ ونقاءهُ ومَشاعره...
الكاتب: حمد الناصري وفي وثيقة سرية ، كشفتْ بأنّ الغُرباء توعّدوا أهل قريتنا بالشرّ والسُوء وأغلظوا في حِقْدهم .. فقال كبيرهم "سنجعل القرية العالقة وقرية البحر وساحلها الطويل والرمال الناعمة والاخوار المُهادنة قرى صغيرة مُقطّعة الأرض والبحر والجبال، سنجعلها على شكل مخروطي، ضَعيفة التوافق وإلى زمن بَعيد، وسنجعلها عُرضة للتشتت والتشرذم وقابلة للانفجار ولو بَعْد عشرات السّنين.. سنجعل كُل قرى الساحل والأخوار المُهادنة في اختلاف دائم وشِقاق في البرّ والبحر، وسَنلغي قِيَم ونُنشئ أخرى ، ونجعل منها أجْزاء مَفتوحة وأخرى مُغلقة ونَخلق لكل واحدة منهنّ بيئة لتعزيز الشُعور بالأمان وتسهيلاً لتدخّلنا إذا ما نشبَ بين الرجال مُشاحنة أو ثارتْ بينهم خلافات وانتشرت بين أوسطاهم وتمتّع كُبراءهم بالرّفاه ، وعندئذ سيكون التقارب مُثار إعجابهم وسنعُدّ لهم حُريّة الفكْر وفق منافع...
بقلم /حمد الناصري قال الماجد في كتاب "أسْرار البحار السبعة " ومِن قُبالة بحر العواصف ، سِرْتُ بإطمئنان ، وبصري أمُدّهُ إلى البَعيد ، وعلى مَدّ الشوف ، أبصرتُ سَفينة قد ضلّت مَسارها ، وأيْقنتُ بأنّ إشارات الرّجاء التي تبعثها السفينة تنمّ عن قسوة واقعة ، أو أنها وقعتْ أسِيرَة قرصنة بحرية وحدسي لا يُخَيّبني أبداً ، فالسفينة كانت لبحّار تائهٍ حائرٍ في عرض البحر ، خائف ومُرتعب والنهار آخِذ في الزوال رُويداً رُويداً والمكان يَزداد ظلاماً والسّماء من فوق البحر تُنذر بنشاط عاصفة شديدة مُمطرة والأمواج تتقاذف فوق بعضها والرّعد يَعلو صَوته بفرقعة مُخيفة يُقلق السامع ولمعانَ البرق تشتدّ كأنها تقصف عَدوّا . والاعجمي "ماغلين " ارتكبَ خطأً كبيراً حين خلتْ تدابيره البحرية من المَهارة والتصويب، ولمّا...
حمد الناصري توسّط الشاب الصغير ـ أحمد ـ مجموعة رجال مُؤيدون لتراث القرية وموروثها العتيق ومُناصرون لإيقاف المشروع الساحلي، رجال القرية وصِبْيتها وشُيوخها الْتَفّوا حوله مُشَكّلين حَلقة دائرية، وهو على طرفها يُلْقي عليهم كلاماً ذا شأن للقرية ومكانتها وأخذ يُصوّبهم إلى كُلّ مَوضع وحَجَرة يشرح لهم ، ويُفصّل كُلّ منهما تفصيلاً دقيقاً. قريتنا العالقة وساحلها الغربي وجبالها الصمّاء وأخوارها وخلجانها مكان آمن للسّفُن ومَلجأ للبحارة السائرين والعابرين قديماً وحديثاً.. قريتنا مكينة قُبالتها البحر، جمالها فريد من بين قرى ساحلية مُمتدة على مدخل شقّ مائي يُعرف بخور الملح ، وتربطه بساحلنا الطويل قُربة وجُود ، وكينونة مُثِيرة للإعجاب.؛ تاريخ قريتنا الساحلية طويل مُمتد عبر سِنين طويلة وسِنين عريضة من التفاعل ، فالقرية الكبرى كانت ترعى قرى الساحل ، ولا تخرج تلك...
حمد الناصري تأوّه أحمد بصوت عميق وزفر أنفاسه الحبيسة.. صوت أمّه يتردد على مسامعه.. انتفضَ واهتزّ جسده: لا تكن جباناً.. كن مِثْل أبيك.؛ فالحقيقة يا أحمد ليست كما تعرفها، وإنْ لم تقدر فلا تعبث بها ولا تُسَلّمها لأحد، تحت أيّ مُبرّر وظرف.. ولن تستطيع أنْ تمنع الشرّ مهما أُؤتيتَ من حِكْمة وسَداد رُشْد، ورجال القرية ذُكِروا في مرجعيّات ثقافية ودُوّنتْ قِيَمهم التاريخية بمَعاني الفخر والنخوة والإباء.؛ ومَهما أَخْفى الحاقدين فضائلهم وزَوّروا تاريخهم، فسيرتهم حُجّة ودليل وبُرهان ومَصير. جزء كبير من امتداد ساحل قريتنا العالقة، اختلط بغُرباء وأعراق تجمّعت على ساحل المَمر العميق، وبعض تُجار عابرين بِيْض وشُقْر.. يتحدثون بلغة تشكّلت كوسيلة تفاهم وأداة تعارف ولُغة مُركّبة شملتْ لُغات العابرين على راس المَمر ، وظهرت كلغة مُشْتركة ناتجة عن احتكاك...
حمد الناصري لا تزال صُورة الرجل في مُخيلته لم تُفارقه، أخذ أحمد يتنبّه تدريجياً، وفي مُخَيّلته الحوار الذي دار مع ذلك الرجل المُهيب، وأردف: ـ في الحقيقة ـ يا سيدي ـ لا ندري أشرٌ أُرِيدَ بنا أم أرادت بهم سُبلهم الغامضة، أم السماء ألهمتهم قِيَمها، فجاؤوا بنظرية "فرّقْ تسَدّ" نظرية بائسةٌ فظّة تَستضعف بِسُبلها أهلنا وساحلنا الطويل المليء بالثروات وكنوز لا تُحصى.؛ ـ كم قلت لك ـ يا بُني ـ إنّ الغُرباء خصْمٌ لَدود، منذ زمن بعيد، وهم في تُراثنا، يُعادوننا ويكرهوننا ويَحقدون على تقاليدنا ويَحسدون تعايشنا مع بعضنا وبإيماننا تقاربنا معهم، ولكنّ قلوبهم طُبِعت على تقاليد هُوّدوا بفطرتها، بشرٌ مَردوا على النفاق وأفئدتهم مُلِئت دسائس وعُمِرت بالحِيَل الخبيثة، كذّابين بنصٍ يُتلى ، فُتِنُوا بالخيانة ، يَغدرون...
حمد الناصري ولىّ أحمد بوجهه شطر بيتهم القديم، وجلس إلى جانب أمه وراح في غفوةٍ كبيرة وهو في أحضانها، شعر بأنهّا وسّدتهُ بذراعها الأيمن.. وحين فاق من غفوته، قالتْ أمه خديجة: ـ كان أباك مصدرَ قلق كبير لهذا المشروع ولم يرض عنه المسؤولون وكانوا يتمنّون الخلاص منه، وبقيَ على ذلك الحال حتى آخر رمَق من حياته. وأقبلت عمته بوجهٍ يحمل ابتسامة خبيثة، وأردفت: ـ وكما قالتْ أمك، فأباك بقيَ على رفضٍ مُستمر وبجرأة وشجاعة.. ولم يتوقف عبدالله عن التنديد وكانت صَلابتهُ عِزّة المُجتمع. ولا شك فإنّ أهالي قُرى الساحل رفعوا شعاراتٍ كُتِبت بالخط العربي العريض، على أقمشةٍ ناصعة البياض، وكتبوا على أَوْزِرة كانوا قد اتّزروا بها، عبارات مُندّدة بالجهة المُنفذة للمشروع، رافضين بشجاعةٍ حُجج الجهة المَعنية جُملة وتفصيلاً.. وآخرون...
بقلم / حمد الناصري عَلم المسؤول أنّ نفرٌ من رجال رفضوا المشروع وتجمهروا أمام موقع الإدارة التنفيذية للمشروع. انطلق المسؤول مُسرعاً إلى حيث اجتمع الناس وتحدّث إليهم بلغة ليّنة: ـ إنّي أحدثكم بأن رفضكم فيه كثير من التجاوز ، ولا أرى ما تفعلونه مُقنعاً، ولا أريد أنْ يحدث هذا في قريتكم. ومال برأسه إلى أحمد الجبل وسَرّه بكلام خافت: ـ صدّقني هذا لن يُغيّر شيئاً ، فخدمة المُجتمع ، في ما ينفعهم .؛ نحن أن تكون ذو مقام كبير في القرية وتكون محلّ ثقتنا وأنت بين أهلك وناسك.؛ وهذا المشروع الكبير من أجل خدمة القرية وأهلها ، بكلّ ما يحمله من تفاصيل. وقفتكم معنا سيذكرها التاريخ ، ولنْ تُمّحى من ذاكرة الأجيال ، أبيك صنع جميلاً للقرية لكن أعداؤها...
حمد الناصري قال أحمد لخاله حمود، وهُما يتماشيان عائدان من عند الحكيم سعيد : ـ مَوقفنا صعب جداً ، قريتنا لتوّها تخرج من عُزلتها ومن انقساماتٍ كادت أنْ تُلقي بها إلى أحداث مُوجعة قاسية.. فالعودة إلى الماضي كمُحاولة إعادة ميّت إلى الحياة.؛ فالعُود الاخضر إنْ يَبس أو تيبّس لا يكون مُخضر ولا ناعماً بتاتاً .. أليس كذلك يا خالي.؟ ـ نعم هو كذلك يا أحمد ، ولكن حقيقة اختلافاتنا الماضية أساساً تخلّقت بفعل أشرار الناس فازدادت الشقّة بين الرجال وتغيّرت الانفس الامّارة بالفِتْنة وتضاءلتْ مَسافات الافكار وتعمّقت الاختلافات وتباعدتْ الآراء ، واستحالتْ التفاهمات ، وتكوّنت أزمة ، وتحزّب الاهالي وثارتْ ثائرة قَبَلية وتمرّد البعض وتفرّق ، وانقسمتْ القرية إلى طائفتين ، أحدها بدعم الأشرار ، تعمل على تفريق المُجتمع...
حمد الناصري قال حمود وقد وضع يده على فمه وأخذ يُفكّر في كلام الحكيم سعيد ثم عقّب: ـ صَدق العم سعيد.. قريتنا منذ القدم، وهي على هذا الحال، وستبقى إلى مُستقبلٍ طويلٍ مُؤثرة بخُصوصية حضارتها المُتعاقبة وثقافة مُجتمعها إلى أنْ يرث الله الأرض ومن عليها.؛ والتفتَ إلى أحمد وهزّ رأسه .. نعم قريتنا كبيرة يا ابن البحر ويَعلمها كثير من أُولي الألباب فالبُعد التاريخي والعراقة المكانية وتجذّر مَنبت تكوينها أكْسَبها رسالة مُهمة في الحياة ودور مِحْوري في البحار كذلك ثقافة المُجتمع كانَ مكسباً للإستقرار . قال احمد مُعقباً على كلام حمود: ـ اتفق معك خالي. ولكنّ رأي سيدي الحكيم هو الاقرب، فالحِكْمة التي اتصف بها رجالنا جعلتهم من عُظماء التاريخ في الارض. فقد اهتموا بمسؤوليتهم تجاه الحياة، ببصيرة وثبات،...
حمد الناصري بعد توقف الحكيم لبُرهة، خرج مِن بعد صَمت، كأنّ من بين يديه ما يُنقذ به تراثنا العريق ويُخرجنا من جائحة سرقة التاريخ، وقال وهو يستعيد افكاره رُويدًا رويدًا: ـ الافكار التي أؤمن بها أكتبتها بيدي، وتتجلّى بصراحة تحجيم سُرّاق تُراث أمّتنا العريقة، وتجريم الضالعين في سرقة تاريخنا العظيم، منذ عهد الكذابين والمُتخلّفين عن ركب العهد الاول وتحريم الانجرار وراء الافّاكين وتجريم سُرّاق تاريخ القرية العالقة.. وأجدني أقف شامخًا، مُدافعًا عن عمالقة التاريخ العظيم، ورجالنا لا يُعجزهم مزوري التاريخ والتراث فبأيديهم الحقيقة الناصعة، وظاهرة سرقة التاريخ وتحوير التراث قضايا عابرة وقضايا تراكمية عبر أزمان غابرة وقيل أنها منذ العهد الاول، والذين لا شهامة لهم، لا يخافون عاقبة أمرهم، وسنقف ضِدّ ظاهرة تزوير الحقيقة. وبرغم أنّ الأحداث التاريخية...
حمد الناصري سكت الحكيم سَعيد بُرهة ثم أردف: وكما قِيْل لي أنّ والد أحمد الماجد كان بحارًا عظيم الشأن في قومه، أهل القرية العالقة، وكان مُفرط الذكاء، فطنًا حذرًا من الغُرباء، وآية عظمته، البحر، كأنه خُلِق له، لنعلم أسرارهُ غير المُكتشفة، ولنعلم، كيف مُدّت أعماقه الواسعة، بتقدير عالٍ لا يَسِعنا أنْ نَعلم كلّ أسراره ومِداد عُمق بحره. قرأتُ في مخطوطة، وهي عبارة عن وثيقة تراثية تُعد من أدق الاسرار في علم البحار: البحر آية كونية يُخرج لنا صَيْدًا ولحمًا طريًا وطعامًا حُلو المذاق، رزقهُ لا يُسَدّ وبابهُ لا يُغلق، نستخرج منه حِلْية تُساعدنا في حياتنا وزينة، ولؤلؤة البحر العظيم ومرجانها العتيق فُلك تسير فيه مُسخرّة جيئة وذهابًا، لا نعلم من أسْرارها إلاّ نزرًا يسيرًا وعوالم قيعانه لم يُكتشف من...
حمد الناصري كانت الريح الشرقية، والمُسمّاة عند البحّارة بـ " الكوسْ" تُحرّك نسيمًا فاترًا، عليلًا.. بغتة غشَيَ المكان ضبابٌ كثيف من جِهة البحر.. فتحوّلت الأنظار، صَوب البحر. كان جبل قريتنا شامخًا، لكأنه يحمل إرثًا مِعْماريًا، رُكّبت فوقه قرية البحر العالقة، تُؤكّد بأنّ تلك العِمارة بإرثها المِعْماري كخُصوصية محلية، وكجذور عميقة، لا تَقبل أنْ يُمارىَ فيها؟ لا تزال عين أحمد مُمَدّدة في العِمارة الخالدة بطابعها المحلّي الخالد، قلعة شامخة، تعلو الجبل، تقف بصلابة فوق حصيّاتها الصّلْدة، تَبين معَالمها بوضوح.. ثمّ أدلف قائلًا، لو كان الرجال باقين، لما تهاوىَ هذا الإرث، ولما شكىَ يومًا من الهجْر أو ظلّ باكيًا على أنفاسٍ كانتْ تتردّد بين جنباته. ظلّ حمود واجمًا لا يتكلم ولا يتحرّك كما لو أنه أصيب بفجعة أو عِلّة. توقّف...
شاهد المقال التالي من صحافة عُمان عن قصة القرية العالقة 5، حمد الناصريفي ليلة ماطرة، اهتزّ باب بيتهم الصغير، بريح عاصفة، شديدة، كأنّما أحدٌ يصَفعه بقوة عاتية، فيهتزّ البِنَاء بأكمله، ركضتْ أمه .،بحسب ما نشر جريدة الرؤية العمانية، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات قصة القرية العالقة (5)، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا. قصة القرية العالقة (5) حمد الناصري في ليلة ماطرة، اهتزّ باب بيتهم الصغير، بريح عاصفة، شديدة، كأنّما أحدٌ يصَفعه بقوة عاتية، فيهتزّ البِنَاء بأكمله، ركضتْ أمه نحوهم.. خوف ينتابها، يصطدم أحمد بأعمدة البيت، كأنّما
شاهد المقال التالي من صحافة عُمان عن القرية العالقة الحلقة 4، حمد الناصريارْتعد جسدهُ وأخذ ينتفض، تصاعدت دقات قلبه. وصُورة ذلك الرجل المُسجى لم تَغِب عن باله، يداه مَكتوفتان، وفمه مُكمّم، وصَوته .،بحسب ما نشر جريدة الرؤية العمانية، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات القرية العالقة (الحلقة 4)، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا. القرية العالقة (الحلقة 4) حمد الناصري ارْتعد جسدهُ وأخذ ينتفض، تصاعدت دقات قلبه. وصُورة ذلك الرجل المُسجى لم تَغِب عن باله، يداه مَكتوفتان، وفمه مُكمّم، وصَوته محبوس، ورِجْلاه مَجرورتان في ثوب أبيض، رائحة غريبة تُ