جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-11@18:25:05 GMT

القرية العالقة (10)

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

القرية العالقة (10)

 

حمد الناصري

قال حمود وقد وضع يده على فمه وأخذ يُفكّر في كلام الحكيم سعيد ثم عقّب:

ـ صَدق العم سعيد.. قريتنا منذ القدم، وهي على هذا الحال، وستبقى إلى مُستقبلٍ طويلٍ مُؤثرة بخُصوصية حضارتها المُتعاقبة وثقافة مُجتمعها إلى أنْ يرث الله الأرض ومن عليها.؛

والتفتَ إلى أحمد وهزّ رأسه .. نعم قريتنا كبيرة يا ابن البحر ويَعلمها كثير من أُولي الألباب فالبُعد التاريخي والعراقة المكانية وتجذّر مَنبت تكوينها أكْسَبها رسالة مُهمة في الحياة ودور مِحْوري في البحار كذلك ثقافة المُجتمع كانَ مكسباً للإستقرار .

قال احمد مُعقباً على كلام حمود:

ـ اتفق معك خالي. ولكنّ رأي سيدي الحكيم هو الاقرب، فالحِكْمة التي اتصف بها رجالنا جعلتهم من عُظماء التاريخ في الارض.

فقد اهتموا بمسؤوليتهم تجاه الحياة، ببصيرة وثبات، ومدّوا جسور التوافق والتقارب والتآلف، وأقاموا أسس التعايش ، وآمنوا بلغة الاستقرار المُشتركة وعظّموا مُفرداتها بالاعتراف بالآخر وقبول التوافق بالثقة والصِّلة والتفاهم ... أهل قريتنا مُؤمنون بأنّ الفِكْر المُشَوّش لا يأتي بخير .

قال الحكيم وهو يمدّ نظره في عين أحمد:

ـ يا أحمد ، قريتنا ، قرية البحر العالقة هي حجر الزاوية الأخطر، والغُرباء يُخفون حقيقة قوة مكانتها.؛

ـ هل تعني أنّ الغُرباء خطرٌ على القرية.؟

ـ  الغُرباء يا ـ أحمد ـ يتهافتون على القرية ليس بدافع الكشف عن أغوار القرية وكنوزها العالقة ولا لكسب أماكنها مَتانة وقوة ولكن لتنفيذ مُخططاتهم ووضع أهدافهم في قُرانا الساحلية ، ثم بعد ذلك مُصادرة أفكارنا وإرغامنا على قبول الافكار السّامة بكل تفاصيلها المُنبتة .

قال أحمد وقد اكفهرّ وجهه وعبس:

ـ لن أدعهم يَفعلون ،  إن أدركتُ غواشّهم.؟ لن نسمح بتدمير أمّتنا الماجدة.؟

قال حمود مُعقباً وقد ألقى نظرة إلى الحكيم سعيد :

ـ  هل تعني ، أنّ الُمهادنة افتعال قبيح من فوقها غواش، لكيْ ينهبون مُقدراتنا ويسرقون ثرواتنا. أليس كذلك؟

ـ نعم ، إنهم عَمالقة المنافع وسَماسرة الكسْب، يَفتعلون موجة التصادمات موجة بعد أخرى، ليجدون مُدخلاً في شؤوننا ودُروباً يَبُثّون من خلالها سُمومهم ، ويُوهموننا بظاهر مُفتعل بأنهم يقفون إلى جانبنا وبجوارنا ، ويُخفون سخطهم علينا ويعترفون بقدراتنا لنبقى مُطمئنين.

صوّب أحمد عينه في عين الحكيم وكأنه ينتظر التأكيد منه:

ـ إذن ، قريتنا منوط عليها دور كبير وعليها مسؤولية كبيرة ، مسؤولية المُحافظة على الامكنة والبحر والسَهل والجبل ، وتأمين الخلجان والاخوار ، ورعاية الأرض المُنبسطة والضيّقة والصخرية .؛

قال الحكيم بقوة دافعة:

ـ نعم ـ بُني ـ  ذلك هو الصحيح ، إنسان القرية الأول ارتقى مقامه بمكانة القرية وامْتدّ شموخه بكلّ عزم وجلَد واستمرّ مُثابراً في الخير للناس.

قال أحمد مقاطعاً الحكيم:

ـ إذنْ ، أهلنا في القرية العالقة يُدركون سِرّ قوة قريتهم وما جاورها من القرى الساحلية المُهادنة والمُنبسطة ، لكونها قوة امتداد لنا .؛ وإنْ لم نفعل شيئاً إزاء لمّ الشّمل وجمع ما تفرّق واندثر ، فسوف تزداد أفعال الدّس والطّعن.؛

قال الحكيم بهدوء وهو يهزّ رأسه :

ـ ذلك هو رأيي أيضاً .. قرأت مرّة نصاً عتيقاً ، عن سِرّ عُمق بحر القرية العالقة ، أنّ البحر في عُمقه بابٌ مُتصل بالسماء ، كمَدخل للسماء .. " البحر العميق مُقسّم ، فمنه ذي عُمق غليظ ، ومُوحش الظلام، والآخر مفتوح الامتداد ، طبقاته فوق بعضها ، ظُلَم تتلوها ظُلَم ويُقال بأنّ في الطبقة الظّلماء ، أشياء سوداء مُخيفة وقِيْل بأنّ الطبقة الظّلماء حاجزها مَسجور ، تتلوها طبقة شديدة الظُلمة وغليظة السّواد كأنما رُصّت فوق بعض ، والبحر ساكن مَدّه موقوف في قعور لا نهاية لها ، يُغَذّي البحار المسجورة من أي نقص ومَقامه كالأب يقف مُحفّزاً يُولي اهتمامه على الكُل ويسدّ النقص وسلسلة جباله كالخط الفاصل بين جهتين ، وفي أعْماقه لُجج بعيدة ، لا يُقصى مَداها ، تُعرف بالطّود المكين.؛ ولا يزال هناك الكثير مِمّا لا نعرفه ، مِثْل ذلك الحبل السري في سلسلة جبالنا الغربية والشرقية .؛

ـ سيدي الحكيم .. هل النص الذي قرأته علينا ، مذكور في سيرتنا التاريخية ومُوثّقة نُصوصه في مَرجعيات تُراثنا.؟" قال احمد باندهاش".

ـ لا أخفيك سِراً ، سيرة القرية العالقة أعمق مِمّا قِيْل ويُقال ، فما وُثّقته المراجع التاريخية في تاريخها ليس إلاّ نزرٌ يسير.. انظُر إلى اختلاف مَشاربها ومَآربها وأنماط ألوانها من زمن لآخر ، ولمْ تزل سِيرتها عطرة ومَناقبها جميلة ، ذكرتْ إحدى المرجعيات غير المحلية، ذلك القَدر الكبير من الرّفْعة والمَجْد.. وكشفتْ عن سِرّ القرية العالقة ، وأنْساقها المُتطورة وساقتْ لنا سِرّ ابتكارات إنسانها وأنشطتهُ التي اختص بها ، اجتماعية وثقافية.؛ تركتْ لنا تاريخاً ناصعاً وثقافة نقية وحضارة خالية من دماء البشر وفساد الارض.

قال حمود الجبل بصوت هادي كهدوء البحر العميق:

ـ إذنْ ، قريتنا العالقة خَلّدت لنا حضارة قادرة على استيعاب مُختلف ثقافة البشر.

سكت حمود .. ولزم أحمد الصّمت ولم ينبس الحكيم بحرف.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أحمد عمر هاشم: شق صدر النبي حدثت 4 مرات

أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن ميلاد النبي محمد ﷺ لم يكن حدثًا عاديًا، بل كان إيذانًا ببزوغ عهد جديد للإنسانية، عهد العدل والإيمان، وانتهاء عصور الظلم والطغيان.

وأشار عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال تصريحات تلفزيونية اليوم، الأحد، إلى أن هذا الحدث العظيم جاء مصحوبًا بإرهاصات مبهرة تدل على عظمته، فقد اهتز إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس التي لم تخمد منذ ألف عام، وجفت مياه بحيرة ساوة، كما جاء في الروايات الموثوقة. 

أحمد عمر هاشم: هذا هو ما رآه رسول الله في رحلة الإسراء والمعراجكادت تشعل نزاعا.. أحمد عمر هاشم يروي كيف عالج الرسول أشد الأزمات بحكمتهأحمد عمر هاشم: شهادة التوحيد لا يُقبل عمل من الأعمال الصالحة بدونهاأحمد عمر هاشم: حسن الظن بالله يورد صاحبه موارد النجاة

وأوضح الدكتور أحمد عمر هاشم أن النبي ﷺ وُلِد يتيم الأب، فقد تُوفي والده وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه، فتكفله الله برعايته، كما قال في كتابه الكريم: "ألم يجدك يتيمًا فآوى"، وكانت أمه السيدة آمنة بنت وهب ترى في حملها به ما لم تره أي امرأة، فلم تشعر بثقل الحمل أو تعبه، بل رأت رؤيا بأن هاتفًا يخبرها: "لقد حملتِ بسيد هذه الأمة ونبيها". 

ونوه بأن النبي ﷺ عندما وُلِد، لم تكن هناك مرضعة ترغب في أخذه، لأن المراضع كنّ يفضلن الأطفال الذين لهم آباء قادرون على الإنفاق، إلا أن حليمة السعدية، بعد أن لم تجد غيره، قررت أخذه وقال لها زوجها: "خذيه، لعل الله يجعل فيه البركة"، ومنذ أن حملته معها، ظهرت البركة في حياتها، إذ تحركت دابتها بسرعة لم تعهدها من قبل، وامتلأ ضرع شاتها باللبن، وعاش النبي ﷺ في ديار بني سعد ينعم بالخير. 

وأشار الدكتور أحمد عمر هاشم إلى أن حادثة شق الصدر التي وقعت للنبي ﷺ أربع مرات كانت تطهيرًا إلهيًا وإعدادًا لحمل الرسالة، حيث نزل الملك، فشق صدره، واستخرج العلقة التي هي حظ الشيطان، وملأ قلبه حكمةً ورحمة، وكانت هذه الحادثة الأولى في صغره أثناء وجوده في بني سعد، ثم تكررت وهو في العاشرة من عمره، ثم عند نزول الوحي عليه، وأخيرًا في رحلة الإسراء والمعراج، ليكون مستعدًا للقاء ربه في السماوات العلى. 

وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل برعاية نبيه ﷺ منذ ولادته وحتى وفاته، وكان في كل لحظة من حياته مشمولًا بعناية الله، كما قال تعالى: "والضحى وما ودعك ربك وما قلى  وللآخرة خير لك من الأولى  ولسوف يعطيك ربك فترضى". 

وأضاف أن هذا اليوم العظيم كان بدايةً للرحمة التي أُرسِل بها النبي ﷺ للعالمين، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وليكون كما وصفه الله في كتابه العزيز: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

مقالات مشابهة

  • في ظل أجواء الشهر الفضيل.. وزير العدل د. خالد شواني يستقبل سماحة السيد عمار الحكيم
  • القرية العالمية تنظم تحدّي المشي في رمضان
  • السامرائي يستقبل الحكيم.. توافق على رؤية موحدة لحفظ استقرار العراق
  • نوح يعترف بزواجه من هند.. ملخص الحلقة الـ 10 من مسلسل أهل الخطايا
  • نيجيرفان بارزاني يبحث مع الكاظمي حوار أربيل وبغداد لحل المشاكل العالقة
  • أحمد عمر هاشم: الصلاة فُرضت من فوق سبع سماوات
  • أحمد عمر هاشم: شق صدر النبي حدثت 4 مرات
  • أشباح مخيفة تطارد السكان.. ماذا يحدث فى هذه القرية؟
  • سيامة كاهنين و6 دياكونيين لكنيسة العذراء بسوهاج و3 دياكونيين آخرين لخدمة القرية
  • كاريكاتير أحمد قدورة