القرية العالقة (8)
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
حمد الناصري
سكت الحكيم سَعيد بُرهة ثم أردف:
وكما قِيْل لي أنّ والد أحمد الماجد كان بحارًا عظيم الشأن في قومه، أهل القرية العالقة، وكان مُفرط الذكاء، فطنًا حذرًا من الغُرباء، وآية عظمته، البحر، كأنه خُلِق له، لنعلم أسرارهُ غير المُكتشفة، ولنعلم، كيف مُدّت أعماقه الواسعة، بتقدير عالٍ لا يَسِعنا أنْ نَعلم كلّ أسراره ومِداد عُمق بحره.
قرأتُ في مخطوطة، وهي عبارة عن وثيقة تراثية تُعد من أدق الاسرار في علم البحار:
البحر آية كونية يُخرج لنا صَيْدًا ولحمًا طريًا وطعامًا حُلو المذاق، رزقهُ لا يُسَدّ وبابهُ لا يُغلق، نستخرج منه حِلْية تُساعدنا في حياتنا وزينة، ولؤلؤة البحر العظيم ومرجانها العتيق فُلك تسير فيه مُسخرّة جيئة وذهابًا، لا نعلم من أسْرارها إلاّ نزرًا يسيرًا وعوالم قيعانه لم يُكتشف من أسرارها شيئًا إلا قليل.
وفي نص آخر.. البحر تجارة رابحة نافعة، لا خاسر فيها، والفُلك تسير فوقه تمخر عُبابه العميق، غدوة وروحة، جيئة وذهابًا وعليها نحمل أوزانًا ومتاعًا،وصيدًا ثمينًا وأسْماكًا طرية، واللؤلؤ والمرجان، أسْورة ولآلئ مَكنونة في أعماقه، تَخرج من بطن صَدفة صغيرة أو مَحّارة فضية زهيدة في منظرها، تهبُ لمن تشاء ما لا يَخطر على البال من أثْمان.
وقد وصفه سيد البحار ابن ماجد الشغوف بأسرار البحر، بقوله، مِدادهُ مُعَتّمة غادرة، وسِعته بلا نهاية، لم يصل إلى عُمقه أحد ولم يسبر أغواره أحد.. ومن آياته ظُلمات شديدة العُمق وشديدة الظُلمة، أو هي طبقات فوق طبقات تغشاها ظُلمات غليظة فوق بعضها، امْتدادهُ بلا نهاية، أسرارهُ عميقة مُدهشة، حقيقته غامضة، وكلما تعمّقت طولًا لا تجد النهاية وكُلما أوغرت في عُمقه زادتك زُرقته رُعبًا وأدهشتك ظُلمته، البحر إعجاز لكأنّ انفجار حصل في الزمن البعيد تكوّنت فيه ظُلمة مُخيفة وظُلمة مُرعبة وظُلمة مُفزعة تقشعر منها الجلود، إنها أشد وحشة من طبقات الجنين وأعمق سِرًا من لُجّة مُظْلمة تطفو فوق بعضها.
وصف ابن النّهرون الاعجمي بأنّ ابن ماجد التقى بالتائهون في البحر، قالوا:
ـ إنّا نعتقد أنّك أقرب الشّبه لرجل، اقترنَ اسمه بالبحر، يسير بلا كلل، ويبذل جُهدًا بلا ملل، ربما نكون مُخطئون في التصويب، وقد نقع في الخطأ، لكننا نؤكد أنّ البحار كان يُشبهك إلى حد بعيد.
وعن سيرة التائهين في قرية البحر العميق تحدث ابن النهرون عن حكايتهم وقد التقوا بابن ماجد قُبالة قرية فكّ الأسد فقالوا:
ـ من طبيعتنا النقصان، نحن بشر، لكنّا نبحث عن حياة بلا ظُلم، لا نريد التبعية لأحد، لا في مكاننا ولا في طريقتنا ولا في قيمنا، تحررنا لا نفرضه على غيرنا ولا أحد يُفرض علينا شيء، ننشد الحرية والكرامة، نريد وطن لنا، دون أن يُشاركنا أحد.. كفانا التّيه ونعيش الآن حالة التّوهان، حالة لا يُطفئها غير الوطن المُستقر، دُلّنا على مأمن لنا، ونريد أن نتخذ من اسمك علمًا يُشار إلينا، فكن معنا، تعيش اسمًا وتاريخًا نُعرف بك. لا تكن مُتحجرًا، انظُر إلينا، وسنجعلك سيدًا علينا وحكيمًا، نُعزز الثقة بيننا بلا اختلاف، ولا خيانة، نريد أنْ نكون أُناسًا ليس بيننا سارقًا ولا نريد أن يتحدّث عنا الناس بأننا لصوص لتاريخ غيرنا. إنّا أصبحنا نخاف من كل شيء ونخشى على كل شيء. فكن معنا سخيًا، ونشتغل معًا على استراتيجية ذكية التفكير، تدعو إلى تأسيس وطن.
فكان جواب سيّد البحار، اذهبوا إلى ما كنتم عليه، استسلموا إلى من كنتم في أمرهم، وقوموا على أمانة القول واحفظوا أنفسكم واجعلوا دياركم في عزة وكرامة واجتنبوا مُوبقات الاختلاق. واعلموا أنّ الذي تخشونهُ حقيقته هو عاقبة أمركم، فالاستبداد لا يأتي بشيء.. اتركوا البحر لأهله وعودوا إلى الرمل والبر. ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.
وفي مخطوطة ابن النّهرون وجدنا أنّ سيد البحار قد أنقذ رجالًا وانقذ حياة اعجمي بغطاء مُستكشف، عرّفه بالاسم فعُرف بينهم.. كان ذلك الرجل الأعجمي، ضحل التجربة، قليل المعرفة بالبحر.. وهامَ في أعماق البحر تائهًا، لا مَفازة له، من علم أو معرفة، وظلّ غارقًا في خضمّ ظُلمات ثلاث، الكُربة والضَيق والهمّ.. ضائعٌ جائعٌ، فاقدٌ الامل، أخذته الرياح بعيدًا عن دِقّة المسار وبلا وجهة، فقد صوابه، وتخبّط في عرض البحر.
وفي نصّ السيرة البحرية لابن ماجد الراس، قال:
ـ التقيتُ بأعجمي وُصف بأنه الاقْدر في علم البحار، وجدتهُ تائها، حائرًا، مُضطربًا، وسألني:
ـ هل لك أن تدلّني على الأمان فأسْلم من خطر غضب البحر العاصف.
ـ ما الذي أتى بك إلى هنا؟
ـ أنا مُستكشف، مُبحرًا إلى ما لا نهاية، حتى أجد بداية البحر وأرى بداية اليابسة المُلتصقة به.. قيل لي، أنها مُنطلق البداية، ورأس الشك؟
فأخذته إلى البحر العميق وطِفْت به بحر الظلام، وعَلّمته عوالم لم يكن يعرفها، واقترحت عليه، أن يقوم بنشاط فردي حتى يسلم من الخطر ويتخلص من غضب نفسه. كي لا يقع فريسة لإحباطات التّية، فحينئذ لا يُميّز بين الخطأ والصواب.
وفي مخطوطة أخرى باقية كتب البحار ابن ماجد الراس رسالة مُؤثرة، عن موقف صّعب، وحادثة في عرض البحر، ونصح موجهًا:
ـ لا يدخلنّ أحدًا البحر على حَرْد وبلا تمكين ولا معرفة فإنْ غَضِب البحر وحردَ ازداد قوة من الصّرامة. فالبحر أسْرار عميقة، ورياحهُ قاسية.
وتحدّث عن نفسه.. شرحت ورُود الرياح مُفصّلة، واخترعت بُوصلة الرياح، ومن خلالها كنت أرقُب تحركات الرياح وقوة التيار العميق، وثبّتُ إبرة ذات سِنّ كبيرة، تتحرّك في كل اتجاهات الرياح وعلى مسارات دقيقة وعميقة جدًا، وحين أخبرته بأني اخترعت إبرة على مسند يتحرّك، ألقى عليها نظرة وتفحصها بعناية، وشرحتُ له تفاصيلها وأخبرته عن كل تقاطيعها، ولمّا دُهش بما لدي من عِلْم ومعرفة، سألني عمّا يُؤرق العقل الإنساني؟ فأجبته على الفور.. البحث عن الحقيقة؟ فعقّب، الحقيقة وماهيتها، تكون بفعل حدود التجربة المُطلقة للعقل البشري.؟ وكان جوابي، الحقيقة حدودها غامضة، والحقيقة مفهومها حدود غير مُطلقة.. فالمُسَلّمات الفكرية إيمان جوهرها حدود العقل. وإنْ بدا للعقل حُدودًا وللتجربة فضاءً، فإنّ الايمان بها مُتساوٍ، بقدر ما يمتلكها العقل البشري دون تقييد لجنس عن آخر.
سكت سعيد الحكيم قليلًا، ثم اردف:
ـ وبعيدًا عن المخطوطات التراثية والكتب القيّمة والمُؤلفات الرصينة، فإنّ ماجد الاسعد، هو من درّب ابنه أحمد فنون سَبر أغوار البحار وعُرف فيما بَعْد بالبحار ابن ماجد وعلّمه ما لم يَعلم من فنون القتال في البحر، وسار به إلى أعماق بعيدة، فكان من ذلك البُعد الأعمق ظهرَ أحمد شابًا نابغة في علوم البحر، وقد وصل به العزم والفطنة أنْ أصبح مُستكشفًا لعوالم البحار وأعماقها البعيدة، فاتّسَعت مداركه المعرفية ولم يكتفي بما قرأ وسمع، بل درّبه بالتجربة الشامخة، ودَعا إلى التدبّر والتفكّر في علم البحار بفعل التجربة.. ومن أشْهر الألقاب التي وُصف بها، البحار العبقري والمُرشد والمُستكشف. كما لُقّب بـ"سيّد البحار".
سُئل ابن ماجد، ذات مرة، صِف لنا قرية البحر.. قرية أهلك، فقال:
ـ قرية الرأس تقف في شموخ على رأسها المُحدّب، كعجوز احدَوْدَبَ ظهره، تسير في مياهه العميقة سُفن كبيرة وصغيرة والفُلك تجري لمُستقر لها على مياه عميقة مُظلمة مُخيفة، وكلما اقتربت من رأس العجوز يتبيّن لك ضَحالة موصولة بعوالق لا رجاء فيها. وبذلك يُمكنك تخيّل ذلك الظّهر العجيب بأنه مُنحدر نهاية البحر.
والجبل الأعلى عالِ نتوءات وانحدارات وصخور صلبة ومياهٍ عميقة وكنت انظر إلى ذلك الظَهْر المُحدّب، بأنه مُنحدر للموت البطيء.
قال حمود، وقد صوّب عيينه إلى سعيد الحكيم،، حدثنا عن القرية وأخبرنا عن المَمر العالق، مما قرأت وسمعت، لعلّ احمد يزداد معرفة تنهد سعيد وأردف:
ـ لا أدّعي المعرفة الكاملة ولعلي انقص منها أو أزيد، ولكن أنقل لكم بعض أقوال المؤرخين المحليين، الثقات منهم، قد ذكَروا بأنّ البحار ابن ماجد هو ابن عم الشموخ بنت مَعن، شيخ الجبل الأعلى، الذي عُرف بالراس، والشموخ هي أختك الذي لم يأتي أبيكما بغيركما، والقرية تُعرف بقرية المَمر العالق ثم بُدلتْ إلى القرية العالقة. وأما البحار النجيب، هو ابن عمك ماجد الذي يكبر أبيك بعشرة سِنين، ذلك الرجل الذي عَبر البحر إلى رأس نهاية ظهر العجوز أو مُثلث الموت.
والشاب اليافع المُغامر، البحار أحمد ابن ماجد من القرية العالقة والتي أشارتْ إليها المراجع التاريخية، وهو شاب أريب افْتُتِن بالبحر، وتحمّل مشقة السير فيه وشقّ بفطنته عوالم غامضة في بحر الظلام لم يقدر عليها أحد مثله.
ويرى البعض أنّ السفينة التائهة في عُمق بحر الظلام، والتي كادت أنْ تَعلق عند ظهر العجوز الاحدب، بأنها كانت لأعاجم لصوص، وقراصنة، امتهنوا حرفتهم لاسْتبداد البشر وسَلب قوة سَعيهم، وأولئك الاعاجم القراصنة، أغاروا على قرى الجبل وارتادوا الاخوار وسَكنوها، وقيل بأنهم أُعِدّوا من مُواطنة الجبل الأعلى رأس فك الأسد، وقد وثّق البحار العربي أحمد ابن ماجد تلك الحكاية، وكتب في مذكراته:
ـ قُمت بإرغام قائدها على تعهد بعدم ارتكابه أفعال مُشينة في البحر وعدم السير معكوسًا في حالة الانعطاف نحو البحر الخامد، ووصفه البحار أحمد بأنه خامد جامد لا يتحرّك، وأنّ السير نحوه يستحيل به الرجوع إلى الاتجاه الصحيح إلى فِلْقة الماء الأكثر أمانًا، فالبحّار الكيّس لا يُعَرّض نفسه إلى مَشقة، والتّيه في عرض البحر أقرب إلى الموت.
ولا يخفى على أحد، فقد شهد للبحار ابن ماجد خصومه من الاعاجم، ناهيك عن شهادة المُتنافسين ومذكراتهم موثوقة الصِلة بأنه أول من اكتشف عوالم البحر الغامضة.. وهُم الذينَ أذاعوا صَيت البحار أحمد الماجد، وقالوا بأن البحار ابن ماجد، مُستكشف بحر الظلام وسيّد فكّ الاسد بلا مُنازع.
قال أحمد وهو ينظر إلى فضاء البحر الواسع إلى حَد الشوف، يستدعي مآثر جده ابن ماجد:
ـ جدي سعيد، حدّثتنا عن البحر والأعاجم المُنافسين للبحار أحمد ورأس العجوز ونهاية البحر وطرق فلقتي البحر واليابسة والماء الخامد أو المسجور، كما عرّفه ابن ماجد في إحدى مُذكراته القصيرة، وقلت لنا إنّ الأعاجم سمّوا ذلك البحر قليل الحركة بالبحر الساكن أو الجامد ولكنك لم تُحدّثنا عن حكاية القرية العالقة؟
قال الحكيم سعيد بابتسامة كبيرة:
ـ بُني.. القرية العالقة هي القرية الأعلى برأس فك الأسد وهي المَمر العميق الذي لم يُخلق مثله في البلاد، ولذلك تواترت عليه أحداث وانشغل الناس بتسمياته واختلفت عليه أمم في زمن غابر ولا تزال الحكاية أنه سبب انتشار كل شرارة في أحوال الناس والمُجتمعات وسبب تهافت القرى المجاورة بامتلاكه بأي ثمن أو مُحاولة السيطرة والهيمنة عليه من القرى المُجاورة، وهي القرية التي تفرّدت بخصوصيتها، كما تفرّدت بمواقفها وصنعتْ لها استقلالية دون تبعية لاحد، تلك الاستقلالية استندت على واقع خصوصية نادرة، فموقعها الاستراتيجي البحري الشامل على بحر الظُلمات هو قدَر رجالها لسبر أعماق البحر والخوض في اعماقه وتسيّد امتداده طولا وعرضًا. والقرية العالقة قد ضَمنت مُستقبلها في الأرض وأمِنَت قبولها في السماء، ذلك لأن الرجال اصلحوها لمنافع لهم وللناس، ولم يُفسدوا فيها قط، وأصْبحتْ بنعمة قبول الناس لها، قرية مُتقاربة مع كل الأطراف، صحيح أنها قرية صغيرة، لكن تحديّاتها جسيمة واستحقاقات الاعتراف بها كقرية مؤثرة في مجتمعات كبيرة ونأمل أن يكون لها تأثير في المُكونات البشرية.
ثم علق مُمازحًا ضيفيه أحمد وحمود، فقال وهو يُشير على أحمد بن عبدالله الجبل:
ـ إنْ وصلت مقام الرجل العظيم مُستكشف بحر الظلام، فسوف نُلقبك بالبحار أحمد الصغير.
ورفع نظره إلى حمود، بما أنك خاله فعليك واجب، الرشْد بألاّ يكون مُستبدًا في البحر، ويتجنّب أخطاء العابرين في البحر، ولا يُعرّض السفن التي تمخر البحر لمصالح قرية الجبل، فمخاطر مَمر فكّ الاسد، رُبما تُلقي بالقرية العالقة إلى أطماع لم يُفطن إليها.
قال أحمد وهو ينظر في عين الحكيم وقد غالبه التفكير:
ـ إيماني بعظمة ذلك البحار المُعجزة، يدعوني إلى الانصياع لحق القرية البحرية، بلا مُحاباة أو خشية من أحد؟
وكأنه توقّف.. رفع نظره إلى وجه مُحدثه ثم استطرد:
ـ زدني يا جدي سعيد، عن ذلك البحر ومَمراته العميقة وقراهُ وماذا تعني سلسلة جباله المُرتبطة به والتي يُقال عنها كالحبل السري للجنين يرتبط بأمه.
قال الحكيم سعيد بتؤدّةٍ ولطافة:
ـ نعم بُنيَّ، فالعُمق البحري واسع جدًا، والقرية كأعلى رأس على المَمر البحري؛ بل هي تُشكّل الرأس الأعلى، ويتبع الرأس جبالًا مُتسلسلة مرتبطة بالرأس كما لو أنها مفتاح واحد، وعلى سيرورة الرأس جبال كالمُترادفات للجبل الاعلى، ثم تأخذ السلسلة في الهبوط التدريجي كما لو أنها مَدرج أو سُلّم يربطها ببقيّة قرى الساحل المُهادن، لكن ما يُزعج البحارة غير المُتمرسين في سلسلة الجبال، إنهم يَتفاجئون بنتوءات صخرية أو رؤوس شمّاء صامدة تمتد إلى الداخل وتحمي ظهرها فتتقلّص الرؤوس كلما ذهبت أو أوغرت إلى اليابسة، وجميع قرى الجبل البحرية صغيرة جدا، والناس يأتون باحتياج معيشتهم من سعيهم في البحر وما يستخرجونه منه وما يأتيهم من القرى الظاهرة أو من قرى الساحل المُهادن، وأمّا رأس الجبل الأعلى فهو مُخيف جدًا، ومُربك لأي عدو، فتجد رأسه كالأسد ينظر إليك بقوة الشُجاع المُهاب وبعين الحارس الأمين للقرى الجبلية وما يُحيط بها من أخوار ضيّقة، استخدمها البحارة للمُهادنة.
وقد أطلق عليها العابرون، منذ زمن بعيد، رأس الأسد أو فكّ الأسد، وهذا الرأس الجبلي مُلتصق بالقرية الساحلية؟
سكت سعيد الحكيم وأخذ يُفكر كأنه يستدعي مواقف جميلة وصُورًا تخيّلها من سيرة له في الحياة.
يُتبع،،،
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أحمد، شاب من الفنيدق مات بحثا عن طريق إلى سبتة
كان اسمه أحمد، يبلغ من العمر 25 عامًا فقط، ويعيش مع عائلته في مدينة الفنيدق. هو الشاب الذي عُثر على جثته يوم الأحد الماضي في مياه سبتة. ساعدت الوثائق التي كان يحملها داخل بذلة الغوص في التعرف عليه. عائلته تسعى جاهدة لنقله ودفنه في أرضه ليودعه والداه وإخوته.
مرت الأيام دون أي خبر عن أحمد. منذ يوم السبت، لم تكن هناك أي معلومات عنه. اكتشاف جثتين في مياه سبتة أثار أسوأ المخاوف. وبعد ذلك جاءت التأكيدات: أحد الضحايا كان أحمد.
كانت وثائقه، وحقيقة أنه لم يمضِ سوى ساعات قليلة على وفاته، عوامل حاسمة في التعرف عليه وكشف جزء من قصته. قصته ليست سوى واحدة من العديد من القصص التي انتهت بمآسٍ في البحر. في المغرب، تنعدم فرص العمل وتتفاقم المشاكل، ويُعتقد خطأً أن الحياة على الجانب الآخر من الحدود ستكون أفضل.
رحلات الموتيرمي الشباب أنفسهم في البحر بحثًا عن حياة مختلفة، دون أن يدركوا المخاطر التي قد تكون قاتلة. أحمد قرر المخاطرة، تاركًا وراءه والديه وإخوته في الفنيدق، لكنه فقد حياته في هذا العبور.
كانت أصوات أفراد عائلته تحثه على الانتظار، لكنها اصطدمت برغبته الشديدة في الهروب من بلد يفتقر إلى مقومات الحياة الكريمة.
عندما تلقى الحرس المدني الإسباني بلاغًا عن جثة تطفو في البحر، كان أحمد قد فارق الحياة منذ وقت قصير، بعد يوم عاصف شهد زيادة في محاولات العبور.
كان أحمد يرتدي بدلة غوص باللونين الأسود والبرتقالي، وعُثر داخلها على وثائقه محمية بالبلاستيك، وتحمل صورته المطابقة لوجهه. لم يكن هناك أي شك في هويته. الآن، تسعى عائلته إلى دفنه في أرضه، حيث لم يستوعب أفراد العائلة والجيران، بعد، النهاية المأساوية لهذا الشاب.
عن (منارة سبتة)
كلمات دلالية المغرب سبتة لاجئون هجرة