سنجعلهم يسرقون أموال شعوبهم، ليودعوها في بنوكنا، ثم نعيد إقراض شعوبهم من أموالهم، ولا يقتضي الأمر سوى وزير مالية من جنودنا.
جاكوب روتشيلد
ملياردير يهودي أسهم في بناء إسرائيل
حِنْ وجمل ومعذب حنين
حِنْ هي الجمائل والأصائل إذا حنَّيت تحِن
صدق وجمل مثلي:
إذا قالوا جمَّالك سُجِنْ
في سجن فراشه سَنَفْ
ليتك وحبيبي من أنينه تئنْ!
ماذا تتوقع إذا سقطت صنعاء؟
الجواب:
سيذهب سعيد وتأتي سعيدة، وتبقى اليمن مطلمسة مثلما هي مطلمسة
كحجاب تنعق في سقوف الدهر.
تغيير النشيد الوطني بنشيد طلع البدر علينا.. وعلى أمناء أحزاب اليسار أن يحملوا الدفوف.
مقترح حزب الرشاد السلفي
هذا هو أحدث مقالات محمد المساح وآخرها. نُشر في موقع صحيفة "النداء" في 19 أبريل، 2024، يوم وفاته، أما آخر ما نشره الموقع باسم المساح فكان جملة واحدة من أربعة أسطر:
"أخذوني أصحاب "النداء"
ولم يتركوني
على الرصيف
أخوكم المساح".
بين 6 نوفمبر 2023، و20 أبريل 2024، نشر محمد المساح قرابة 60 مقالا في موقع صحيفة "النداء". كتب هذه المقالات وهو يعيش في قريته في ريف تعز الجنوبي، مسقط رأسه الذي أوى إليه حين اشتد أوار الحرب وتعددت رؤوس أمرائها منذ العام 2015. هناك كان يزوره بين وقت وآخر أصدقاؤه ومحبوه، حيث فضّل رعي الخراف ورفقة الطبيعة الريفية، متحسّرا على وطن يضيع، وعلى ابنه الذي سرقته الحرب إلى جبهاتها على حين غفلة من زمنه المنتظر.
عن عمر ناهز الـ76، وبعد أكثر من 50 عاما من مسيرته في الكتابة الصحفية والأدبية، رحل محمد المساح عن الدنيا زاهدا فيها حتى الرمق الأخير. وعلى مدى أول يومين من وفاته، اكتظت وسائل التواصل الاجتماعي بالكتابة عن صاحب أشهر عمود عرفته الصحافة اليمنية، وفيما يلي مختارات مما كتب عنه:
• د. ياسين سعيد نعمان:
في رابطة الطلبة اليمنيين في القاهرة، في السبعينات من القرن الماضي، كان صوت محمد المساح مميزاً من بين كل الأصوات التي لا تقبل الرتابة في النشاط الطلابي، وهي الأصوات التي كانت ترى أن هذا النشاط إنما يتجدد بالتفاعل مع ما يشهده اليمن من صراعات، ومن تغيرات وتبدلات سياسية واجتماعية.
في كل فعالية سياسية تقيمها رابطة الطلبة كان المساح حاضراً وفعالاً بصورة لا تخلو من المشاكسة التي تضمر رأياً لا يحتاج إلى جهد كبير لتمييزه، فقد كان واضح الكلمة والمعنى.
في أغسطس 1968 حينما قام طلبة اليمن بالاعتصام في سفارة الجمهورية العربية اليمنية آنذاك بسبب أحداث أغسطس في صنعاء أتذكر كيف أنه ساهم في تحويل الاعتصام إلى تظاهرة سياسية بنشاطه الذي طالما اتسم بكسر الرتابة في تلك المواقف التي يسودها الترقب والحذر الذي كان غالباً ما ينتهي بالشجار بين المكونات السياسية، لكن المساح، ذو الشخصية المركبة والجذابة، كثيراً ما كان، بعفويته وتعبيراته الساخرة من جمود ورتابة السياسة بمعايير ذلك الزمن، يجد مدخلاً لنقل الموقف إلى حالة مختلفة كما حدث في ذلك الاعتصام الذي كاد أن يتفجر من داخله.
أطلق عليه الشهيد عيسى محمد سيف لقب "باكونين"، وكان ثورياً روسياً معارضاً ومشاكساً لدرجة أن لقب بالفوضوي من قبل رفاقه، لكنهم اكتشفوا فيما بعد كيف أن آراءه كانت أكثر الآراء الثورية انسجاماً مع الواقع.
كان المساح وهو طالب يسابق الزمن كي يتخرج ليغادر حالة الشقاء التي عاشها، ثم وقد تبوأ مكانة في الاعلام أخذ يطالب الزمن بالتريث والانتظار حتى يأخذ اليمن الوقت الكافي للخروج إلى العصر.
لكن الزمن استهلك الاحلام ومعها اليمن، ورحل المساح، وسيظل نداءه الذي خاطب به الزمن،" لحظة يا زمن" -حينما بدا له أن اليمن يسير بخطى أبطأ من حراك الزمن- لسان حال اليمنيين إذا لم ينتبهوا لحقيقة أن الزمن لا ينتظر أحداً.
رحم الله محمد المساح وخالص تعازينا لأولاده واسرته، وكافة محبيه.
• أنور العنسي
المساح.. المبدع المشاكس
كأنه البارحة، ذلك اليوم الذي رأيت فيه محمد المساح لأول مرة في بداية حياتي المهنية، وذلك في حجرة صغيرة بدائرة التوجيه المعنوي تم تخصيصها غرفةً لتحرير صحيفة (الثورة) الرسمية بعد ذلك الحريق، المتعمد الشهير، الذي التهم مقرها ومطبعتها منتصف سبعينيات القرن الماضي.
توالت بعد ذلك لقاءاتنا، وكان أكثر ما شدَّني إليه طريقته الأخَّاذةُ في الكتابة.. كتابة عموده المعروف (لحظة يا زمن) ومنذ ذلك الحين أدركتُ أن المساح كاتبْ كبيرٌ وأديبٌ مبدعٌ فحسب، وليس بالضرورة صحفياً مثلنا يركض وراء الخبر أو يشتغل على التحقيقات والمقابلات، وإن كان احياناً يقوم بمراجعة بعض موادنا الصحفية.
ما كان أكثر لفتاً للانتباه أن المساح ينصرف بكل حواسه وجوارحه لاقتناص الأفكار وتدوينها على أوراقه بخطه الخاص غير المنمق الذي كان يشبه إلى حدٍ كبير حياته وأسلوبه في العيش وعلاقاته بالآخرين.
كان المساح نزقاً غضوباً، ومهذباً متواضعاً في آنٍ معاً، وشارد الذهن كثيرا. خصوصاً في لحظات الكتابة، وذلك عند انتهائه من مضغ وريقات (قات) قليلة، وبقلقٍ واضحٍ يخط أسطره راسماً خواطره بعباراتٍ رشيقةٍ متوترة كأنها لوحاتٌ من أفكار أو تأملاتٍ مصورةٍ، أو تكاد تبدو نوعاً من الشعر المنثور، وليس مجرد مقالٍ صحفي وكفى.
الأهم من ذلك أن أحداً من قرائه الذين لا يعرفونه لا يكاد يصدق ان تلك الكتابات البديعة صادرةٌ عن ذلك الرجل القصير القامة، وذي الثياب الشديدة البساطة المشدودة على رأسه وجسده النحيل.
كان المساح معروفاً بصيحاته التي تسبق مقدمه إلى المكان، وبمشاكساته الجميلة، ونقاشه الحاد، ولهجته الخاصة، ولعناته على الجهلة والأغبياء.، صريحاً لا يحب المداهنة على حساب ما يؤمن به ضميره.
لم أتفاجأ كثيراً عندما علمت في السنوات الأخيرة، أنه هجر صنعاء، وعاد إلى قريته، معتزلاً الحياة والناس، ومفضلاً داره القديمة لقضاء سنواته المتبقية من حياته بجوار ملاعب صباه وطفولاته الأولى، فذلك كان خياره الوحيد للاحتفاظ في داخله بالإنسان الذي لم يعد بقدرته العيش في عاصمة زادت قسوةً وتوحشاً، ولم يعد فيها من مكانٍ للأنقياء المرهفين أمثاله.
لمحمد المساح في داره الأبدية، الرحمة والراحة والسلام، وله في قلوبنا المحبة والخلود.
• علي المقري:
يا لخبر اليمن الحزين!
الكاتب الكبير محمد المسّاح يغادر حياتنا بهدوء بعد فراق سنوات فضّل فيها البقاء في قريته، بين أناسه البسطاء الذين عاش معهم ولهم وكتب من أجلهم في كل لحظة زمن من حياته.
"لحظة يا زمن" كان الفضاء الأول الذي أخذنا إلى عالم الكلمة اللوحة، التصوير التعبيري للحظات تفتح الكثير من التساؤلات عن المعنى والمقصد. وهي معان لا تشير إلاّ إلى الحرّية.
بوفاته تفقد اليمن أحد أعلام صحافتها الكبار، تفقد قلما حرّاً بقي على الدوام عصيّاً على التطويع.
فلتنم روحك بسلام أيّها الأستاذ،
ولنا ذكرى جمالك وصخبك وصداقتك الحميمية.
• مصطفى أحمد النعمان:
تعرفت على الراحل جميل الروح بديع القلم محمد المساح في "المفرج" حين كان يتردد للقاء صديقه اخي الراحل الشهيد محمد احمد نعمان.. كنت اتابع يافعاً السخرية الجادة بينهما والضحكات التي تصحب تعليقاتهما على ما يحدث..
كنت اتهيب الحديث اليه لعلمي انه اكثر فهما وإدراكا للتاريخ والأدب.. ثم اتذكر حضوره حزيناً باكياً للعزاء في اغتيال صديقه محمد في 28 يونيو 1974.
انقطعت عنه إلى ان اتصل بي صديقي الأثير ساميّ غالب ليذكرني بمحمد المساح في الايام الأخيرة من شهر رمضان.. تواصلت مع المساح وتحدثت اليه وابنته التي كانت تقوم على رعايته.. كانت آخر مكالمة بيننا قبل اسبوع وكان صوته خافتا لكأنه كان يودعني!
• عبدالسلام رزاز:
رحل الاستاذ الكبير محمد المساح رحمة الله عليه واسكنه الفردوس الاعلى من الجنة.. رحل المساح العظيم الذي كان ضميرا منحازا للانسان الذي يشبهه في البساطة والصدق والحلم،كان مختلفا في الفهم والرؤية والنظافة والزهد حتى الكثير من الحداثيين الذين صعدوا وكسبوا وشبعوا وفاضوا كانوا لا يشبهونه في شيء، ربما كان يشبه الانبياء ويزيد عنهم، كان يبحث عن حياة كريمة للمتعبين وللمظلومين وللمهملين الذين يشبهونه ولكنه رحل قبل ان يرى حتى اقل القليل منها.. خالص العزاء لاسرته ومحبيه ولكل من يشبهه، السلام والخلود لروحه الطاهرة، عظم الله أجر الجميع.
انا لله وانا اليه راجعون.
• يحيى حسين العرشي:
حقاً إنها لحظة من الزمن عاشها المساح، أعطى للزمن ما أعطاه من الأدب والفن والسياسة. اعتدت أن أغلق هاتفي عند التاسعة ليلا وأعود إليه عند الفجر، داعيا الله أن يسمعنا خيرا فظروف وطننا في حالة استنفار ما بين الحياة والموت. أسماء معينة أفتحها من بين كل الأسماء وما أكثرها، مجموعات ومجموعات لم نعد ندري من هي الأقرب للحقيقة إن بقيت لنا حقيقة. من هناك من القاهرة من المحبوب علي خبر توقفت عنده، رحيل الكاتب والصحفي المبدع محمد المساح، وبسرعة عند الخبر اليقين ثالثنا العزيز بجاش، المساح في رحاب الله، قلت له عبارتين من قلبي وتوقفت حزنا وألما. ها هي اللحظة من الزمن تتوقف بل تغيب، تغيب عن بقرتها، عن طاحونتها عن عشها في قريتها، ومن حولها شجيرات ارتوت من قطرات الماضي، في انتظار الغيث الذي يتوق إليه الحاضر. كم كانت موفقة الأخت انتصار السري حين جمعت وأصدرت كتابها عن المساح ليطلع عليه في حياته. ليت الجهات المعنية فعلت القليل من ذلك، إنه من واجبها، ولكنها لم تفعل، فلحظة الغياب طال زمنها. لقد ازدحمت في لحظة هذا الخبر -عن رحيل فقيدنا- كثير من الذكريات عن سنوات طويلة مضت بنا في وطننا حيث الحرف يحاكَم والجملة تسجَن. من الذكريات معه في بعض بلدان العالم من روسيا إلى الصين إلى كوريا وآخرها في قطر. كم كانت الأوقات بلحظاتها السعيدة حين ألتقي به هنا في منزلي من وقت لآخر في سنواتنا العجاف. التواصل التلفوني لم ينقطع بيننا، حيث هو في خلوته في قريته يضحك ويعلق ويسخر، ولما يتوقف عنه بجاش ليومين وكأنهما عامان يسأل ويستوضح عنه. لا يستقر به الحال إلا حين يسمعه. لما استأنف لحظته في النداء لا شك أنه تنفس قليلا، ولكن تنفسه لم يدم، ها هو يتوقف ويرتاح من لهيب الأولى إلى نعيم الآخرة. إنها اللحظة الاخيرة في زمن قصير إلى لحظة لا حدود لها. فله الرحمة والمغفرة، ولزوجته وأولاده وذويه ولنا جميعا الصبر والسلوان. إنا لله وإنا اليه راجعون.
• د. حمود العودي:
لماذا يا زمن؟!
لحظة من زمن ليتها توقفت؛ واستمعت لنداء صاحبها الذي لم تمهله رغم اربعين عاماً من النداء اليومي.
لن نقول إلا ما يرضي الله؛ إنا لله وإنا إليه راجعون.
رحمك الله أستاذنا وأستاذ الكلمة الشريفة الصادقة.
سلامٌ عليك حين قليت أمراء الحرب ودهاقنة السياسة لتلوذ بقطيعك، تروح وتغدو بها في شعاب شهدت خطواتك الأولى؛ لتشهد أيضاً آخر أنفاسك.
سلامٌ عليك حين رحلت نقياً طيباً طاهراً من دنس "أقلام السوء" لتبقى صفحتك بيضاء كما هي طول حياتك، لم تخط عليها إلا ما يرضي ضميرك الحي النقي.
سيفجع برحيلك الإنسان عبد الرحمن بجاش وستبكيك (نونه) كما سيبكيك قلبه.
• مصطفى ناجي الجبزي:
الزمن لم يمنح المسّاح لحظة إضافية.
تغص حسابات الإعلاميين والصحفيين والمثقفين اليمنيين على منصتي إكس وفيسبوك بصورة محمد المَسّاح فقيد الصحافة والأدب اليمنيين الذي غادر دنيانا أمس.
عرفنا المساح بعموده الدائم في صحيفة الثورة بعنوان "لحظة يا زمن".
كان هذا العمود يحمل لقطات بسيطة من الواقع الذي يراه المساح ويكتبه في سطور محدودة وبكلمات معدودة هي هواجس وهلوسات الواقع العبثي والمجنون قلما يطول العمود.
نصوص حياتية بنسق قصصي فاخر يحمل عناصر القصة القصيرة: حكاية، موقف، حدث، شخصيات، وحبكة وبالطبع سؤال ومفاجأة وصورة حية مفعمة بالحركة.
لم أكن أعرف عنه سوى أنه صحفي من الجيل الأول ويساري عتيق بالكلمة والموقف ونمط الحياة.
وكان أحد أولاده صديق الشِلة التي انتمي إليها من عشاق القات الصوتي ورواد مطاعم الجامعة القديمة ورفاق الصحف المحلية وفلسفة الذي لا يفلسَف.
ثم قرأتُ ما كتب عنه رثاءً الاستاذ العَلم عبد الباري طاهر فزاد حزني أكثر فأكثر عندما أدركت مكانة ودور المساح في الحياة الصحفية اليمنية كأحد مؤسسي هذا الفن وهذا العالم. وقرأت ما كتبه الأديب والصحفي محمد الشيباني عن المساح ومأساة فقدانه لأحد أبنائه بسبب الحرب والغياب ومجهولية المصير فأحسست بغصة في الحلق.
كان أبي يطرب لقراءة عموده في صحيفة الثورة وكنت أطرب لطرب أبي وعنايته لهذه السطور وأبي الذي بالكاد تعلم فك شفرات الحروف والقراءة.
أتذكر واحدة من نصوصه الخاطفة تلك في ومضاته في العمود المذكور وهي حكاية شخص أدمن فحص أقفاص السجائر الفارغة الملقية على الأرصفة على أمل أن يجد داخلها ورقة مالية مطوية يهديا له النسيان والحرص الخاذل للمدخن المجهول إنقاذا من عبء الحاجة وحمل السؤال.
كان عالم المساح عالما واقعيا بلا رتوش، فيه الفرد المسحوق في العالم المنسي امام تلهف الناس على الحياة ومطامعها. وكان عالم القرية الصغير هو مجرته الواسعة.
أما "لحظة يا زمن" فكانت اختزالا مكثفا لعبارة تناسب مزاج الفرد العادي قبل الصحفي والكاتب والأديب. واتذكر وانا في سنوات الجامعة كان هناك عامل في بوفيه السامعي/الصلوي في كلية الاداب وهو صبي مراهق لتوه صعد من القرية. وعندما ناداه "معلّمه" صادق -وهو يستشهدني لما تربطني بتلك البوفية وعمالها من صداقة وأكثر- يحثه ممازحاً له للعمل، التفت الصغير نحوي مستنكرا الامر وقال بحسرة الممازح: لحظة يا زمن. وانفجرنا ضاحكين.
يموت الآباء المؤسسون لعناصر الحداثة اليمنية دون تأريخ لحياتهم ولا جمع لأعمالهم.
لعل ما يخفف من الحسرة التي صاغها المساح هو أن الأديبة انتصار السري والباحث فوزي الحرازي كانا قد اعدا ونشرا كتابا يحمل العنوان ذاته يجمع بعض أشتات حكاية الفقيد محمد المساح ونصوصه.
لكن هناك وجها إبداعيا آخر للمساح وهو كتاباته الشعرية والقصصية التي إن جُمعت ونُشرت ستكون اجمل تكريم لرجل كثير في عالم الصحافة والأدب وقبل هذا في الكفاح والنزاهة وهدية للذاكرة الثقافية اليمنية. فمن يبادر!
السلام لروحه والعزاء الصادق لأهله وصحبه ومحبيه.
• غمدان اليوسفي:
"إيه يا صاحبي.. الزمن لا يرجع ريوس"
محمد المساح
رحل صاحب (لحظة يا زمن).
بهدوء قضى سنواته الأخيرة في قريته، واختفى عن هذه الضوضاء، وربما ظهر جيل جديد لا يعرف من هو محمد المساح. لقد استوقف المساح الزمن طوال نصف قرن ربما، وكان عموده ماركة مسجلة للبساطة والنقد الساخر والسهل الممتنع. رحمة الله عليه.
• أنس القباطي:
الأديب والكاتب محمد المساح يغادر في غفلة زمن.
المساح الذي ظل يكتب عمود "لحظة يا زمن" لعقود في أخيرة صحيفة الثورة اجبرته ظروف الحرب على العودة الى قريته في العزاعز بتعز، فقد توقفت المرتبات، وصارت الثورة "الصحيفة" بعيدة عن اهل المهنة. لروح المساح الخلود.
• عمران الحمادي:
يوم حزين جداً، بعد وقت طويل من التواصل اعتزمت على زيارة ولقاء الصديق سهيل المساح وفعلاً كان اللقاء قبل أقل من ساعتين من هذه اللحظة.
تصافحنا وقادتنا ضحكة سهيل التي لن تنسى، كانت ابتسامته تعانق جميع الحاضرين بل وتجوب إلى الجدران القريبة منا أيضاً.
صديق وحالم، تحدثنا بسرعة خاطفة عن بعض الأشياء وكان صوت ضحكته حاضرا ومتواجدا بل ويعلو ناثرا الأمل والجمال في وجه الحياة.. وفجأة جاء اتصال هاتفي للصديق سهيل يطلبه بالحضور الفوري ومبلغاً إياه بحدث مفزع والذي تمثل برحيل الكاتب الصحفي والرفيق الكبير محمد المساح.
الحياة جداً ضد الابتسامة.. جداً كان سهيل يضحك معها من أجل البقاء فيها على أبسط الأشياء.
الموت شيء ثقيل ويجب أن لا يشمل الطيبين، يجب على الموت أن يبتدع طريقةً ما للعبور بشيء من السلم والهدوء مع الأنقياء ومن كمثل سهيل.!
الموت ثقيل جداً ويكون كشيء من إضافة التعب للحياة، التي تكون لعنة حين يندفعان فجأة دون أي اشعارات سابقة.. ضد ضحكة شاب.
يا لنجمك يا سهيل..، ويا لخسارة اليمن كلها، نجوم جداً كانت ساطعة في وجهك بعد لقاء عابر لم تسمح الحياة باكتماله سوى بسماء الدموع..، الحياة قاسية وتدرك ذلك وأنت تراها كيف تعدم ابتسامات البسطاء والاخرين.
الكلمة أيضاً حبيسة وتطارد ما تبقى من استقرار أمام عداء سافر لا نعلم بأي طريقة يريد اقناعنا بأن الأمور ستكون على ما يرام.. وكيف يكون الإنسان قوياً إن تم الطلب منه أن يبقى كذلك والحياة بكل أثقالها تسقط عليه فجأة، ولكنك حتماً ستكون أكبر يا صديقي.
الرحمة والخلود للأستاذ محمد وعزاؤنا لك يا صديقي ولأنفسنا وللجميع.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: محمد المساح لحظة یا زمن کان المساح المساح فی فی قریته
إقرأ أيضاً:
الخاسر الذي ربح الملايين !
رغم مرور أيام على النزال الذي أقيم فـي تكساس بالولايات المتحدة بين الملاكم الشهير مايك تايسون ومنافسه الملاكم واليوتوبر، جيك بول، إلّا أنّ تداعياته ما زالت تشغل وسائل الإعلام، وقد تعرّض تايسون لانتقادات كونه دخل نزالًا خاسرًا سلفًا، فقد بلغ من الكبر عتيّا، بينما منافسه يصغره بأكثر من «31» عامًا، وجيك بول صانع محتوى وممثل، والأمر بالنسبة له زيادة أعداد متابعين، وشهرة وثراء، وخوض هذا اليوتوبر النزال يعني أنّ صنّاع المحتوى قادرون على دخول مختلف المجالات، لِمَ لا؟ وسلطة الإعلام الجديد بأيديهم! النزال، وها هو يوتوبر يعيد بطلًا من أبطال العالم للملاكمة لحلبة النزال بعد انقطاع بلغ «19» سنة! والواضح أن تايسون دخل ليس بنيّة الفوز، بل لكسب المال، بعد أن مرّ بأزمات عديدة، وتراكمت عليه الديون، خصوصا أن هذه النزالات تدرّ على المتبارين مبالغ طائلة، يجنونها من أرباحها، ويكفـي أنّ سعر تذكرة كبار الزوار بلغت مليوني دولار، ولنا أن نتخيّل الأموال التي كسبها القائمون على هذا النزال الذي أعاد إلينا أمجاد الملاكم محمد علي كلاي وهناك عدّة نقاط تشابه، بين كلاي وتايسون، فكلاهما من ذوي البشرة السمراء ونشآ فـي ظروف صعبة بمجتمع عنصري، وكلاهما أعلن إسلامه وانتماءه لقضايا كبرى، فكلاي رفض انضمامه للجيش الأمريكي أيام حرب فـيتنام عام 1967م ودفع ثمن موقفه غاليا، فقد أُنتزع منه لقب بطل العالم للوزن الثقيل، وكان نجمه قد لمع بدءًا من عام 1960 عندما حصل على ذهبية الوزن الثقيل فـي دورة روما الأولمبية 1960، فـيما لف تايسون جسمه بعلم فلسطين، وكلاهما عاد ليجرب حظّه بعد توقف، مع اختلاف النتيجة، فكلاي عاد للملاكمة فـي 30 أكتوبر 1974، فـي زائير (جمهورية الكونغو) بعد انقطاع عن خوض النزالات والتدريب استمرّ سنوات، ليخوض نزالًا أمام جورج فورمان الذي يصغره بسبع سنوات (فورمان ولد عام 1949م فـيما ولد كلاي عام 1942م)، وصار النزال حديث الناس، فأسمته وسائل الإعلام «قتال فـي الغابة»، وُعدّ أعظم حدث رياضي فـي القرن العشرين، شاهده حوالي مليار مشاهد، فـي وقت لم تكن به فضائيات ولا وسائل تواصل اجتماعي، وحقّق إيرادات بلغت 100 مليون دولار فـي ذلك الوقت، لكن نهاية النزالين كانت مختلفة، فقد انتهت مباراة مايك تايسون (58 عامًا) مع جيك بول الملاكم واليوتوبر (27 عامًا)، بهزيمة تايسون بالنقاط، فـي الجولة الثامنة، فـيما تمكّن محمد علي كلاي من إلحاق الهزيمة بفورمان بالضربة القاضية فـي الجولة الثامنة، فـي مباراة أبهرت العالم، يقول فورمان: إنه كاد أن يحقّق الفوز لولا أن كلاي همس بأذنه «أهذا كل ما لديك؟» فأثار فـي نفسه الرعب، وتغيّرت موازين المعادلة، فقد هزمه نفسيا قبل أن يهزمه على حلبة النزال، فكسب القتال، واستعاد اللقب وصار حديث الناس ومنهم الشعراء، ومن بينهم الشاعر محمد مهدي الجواهري الذي كتب فـي عام 1976 م قصيدة عنوانها «رسالة إلى محمد علي كلاي»: شِسْع لنعلِك كلُّ موهبةٍ وفداء زندك كلُّ موهوبِ كم عبقرياتٍ مشت ضرمًا فـي جُنح داجي الجنْحِ غِربيب! يا سالبًا بجماع راحتيه أغنى الغنى، وأعزَّ مسلوبِ شِسْعٌ لنعلِكَ كلُّ قافـيةٍ دوّت بتشريق وتغريبِ وشدا بها السُّمار ماثلةً ما يُفرغُ النَّدمان مِن كوبِ وفـيها سخرية من العالم الذي يمجّد القوّة، ولا يرعى الموهوبين، فالجواهري، كما يقول الباحث رواء الجصاني: كان يحسب ألف حساب فـي كيفـية تسديد إيجار شقة صغيرة فـي أثينا، وكان لا يملك الكثير لتسديد الإيجار وفجأة يقرأ أن كلاي ربح الملايين من الدولارات لأنه أدمى خصمه»! أمّا تايسون، فقد عاش سنوات المجد، فـي شبابه، وحمل لقب «الرجل الأكثر شراسة فـي التاريخ، الذي لا يهزم «كما وصفه زملاؤه الملاكمون، وحين عاد، عاد كهلا حتى أن منافسه أشفق عليه وصرّح أنه كان يستطيع أن يوجّه إليه لكمات موجعة لكنه خشي أن يوجّه إليه مثلها ويحتدم الصراع! وهذا يعني وجود اتفاق ضمني بأن يستمر النزال ثماني جولات وتحسم نقاط الفوز. وإذا كان العالم قد تذكّر كلاي بعد أن اعتزل الملاكمة، وأصيب بمرض باركنسون (الشلل الرعاش)، فأسند إليه إيقاد الشعلة الأولمبية فـي دورة أتلانتا 1996 وعاد ثانية ليحمل العلم الأولمبي فـي دورة لندن 2012م، فقد كاد أن ينسى تايسون، فعاد لحلبة النزال ليذكّر العالم بنفسه، ولو بهزيمة وخسارة ثقيلة فـي نزال استمرّ لدقائق ربح خلالها (20) مليون دولار، وبذلك بطل العجب. |