(في الرد على المقال السابع للدكتور صديق الزيلعي)
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
abusaeeda1966@gmail.com
المستقبل لا يمكن فصله ميكانيكياً عن الحاضر، وإيقاف الحرب يتم على أساس خط وبرنامج سياسي "لن يوجد وطن في ظل بقاء الشراكة وشرعنة أطراف اللجنة الأمنية للإنقاذ"
صديقي د. صديق الزيلعي بمقال تجميعي للأفكار الواردة في مقالاته الست التي رد فيها على أحد مقالاتي، وعنونه "ما قيمة أي مشروع مستقبلي للتغيير عندما نفقد الوطن".
في ضوء ما تقدم وعملاً بمنهجية د. صديق في تلخيصه للحوار عبر تلخيص مقالاته، أوجز ردودي على مقالاته الست السابقات فيما يلي:
جوهر ردي على بناء د. صديق لي في مقاله الأول على إهمال التناقضات الثانوية بين قوى التغيير الجذري و (قحت) الذي بنيت عليه أن الخلاف بينهما إستراتيجي وليس تكتيكي مما يجعل التحالف بينهما متعذراً، يتلخص في قولي " إن الخلاف بين قوى التغيير الجذري و (قحت) إستراتيجي، لأنه خلاف يقوم على تحديد العدو والتناقض الرئيسي ذو الأولوية، الذي بدون تحديده لا توجد تناقضات ثانوية تبعية، وأن القوى الاجتماعية ذات المصلحة في برنامج المرحلة الوطنية الديمقراطية لا مانع من التحالف معها في حال تم التوافق حول العدو".
أما ردي على مقاله الثاني الذي حاول فيه نفي تهمة الشراكة عن (قحت) عبر إيراد نقد لأفراد منتسبين لها لشراكة الدم السابقة وملاحظات قدمت في ورش ، فمن الممكن تلخيصه في قولي "وحتى تعلن (قحت) بشكل مؤسسي وبوثيقة أو تصريح من الناطق الرسمي بأنها لن تعود للشراكة بأي صورة من الصور، وأنها لن تقبل إشراك الطرفين المتحاربين في المعادلة السياسية، وأنها لن تشاركهما في صنع وتحديد هياكل الدولة ومؤسساتها وسلطاتها وتقديم دستور المنحة الإنتقالي، وأنها لن تقبل بأقل من خضوعهما خضوعاً كاملاً للحكومة المدنية الخالصة، تظل (قحت) في موقع الشراكة، ويظل الجذريون في محطة الشراكة حتى تغادرها (قحت). ف (قحت) ليس مطلوب منها نقد الشراكة، بل مغادرة الشراكة، وهو ما لم تفعله حتى الآن. فهل المطلوب من الجذريين أن يغادروا هذه المحطة قبل تغادرها الجهة المعنية أم ماذا؟".
والرد على مقاله الثالث الذي كرسه لنقد تحويل الهبوط الناعم لإتهام ووصف التسوية والشراكة بأنها هبوط ناعم، فيمكن إيجازه في قولي " مفاد ما تقدم هو أن التسوية مع اللجنة الأمنية للإنقاذ هي هبوط ناعم، لأنها تحافظ على التمكين جوهر نظام الإنقاذ، وتشرك الإنقاذ في مهمة تفكيكها توهماً، وتحبط مسار الثورة وتمنعها من تحقيق أهدافها، وهي تتم من مواقع عدم الثقة في جماهير شعبنا والإقرار بالهزيمة أمام اللجنة الأمنية للإنقاذ، وتقدم تنازلات تمنع تحقيق أهداف الثورة في الحرية والعدالة والسلام، في غياب تام لإدراك طبيعة العدو والقبول بالشراكة معه في السلطة. وبالطبع سوف نتوسع لاحقاً في هذه الأمور حين نأتي للرد على ما خطه صديقي د. صديق الزيلعي عن الحل السياسي".
وفي ردي على مقال د. صديق الرابع الذي إعتبر موقف قوى التغيير الجذري من البنك الدولي موقفاً شعاراتياً وغير واقعي ، حين صنفه على أنه موقف رافض للتعامل مطلقاً مع البنك الدولي، بدلاً من الرد عليه كموقف مطالب بالتعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من مواقع السيادة، أوردت بإيجاز ما يلي:" و الخلاصة هي أن صديقي د. صديق الزيلعي قد تصور وجود موقف رافض للتعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد ورد عليه ناقداً، وهذا الموقف – إن وجد- هو ليس موقفي الوارد بمقالي الذي تعرض له بالنقد حتماً. فموقفي وموقف قوى التغيير الجذري هو عدم الخضوع لروشتة صندوق النقد الدولي، والتعامل معه من مواقع السيادة لا التبعية، مع عدم التنكر للبرنامج الإسعافي الذي وضعته قوى الحرية والتغيير (قحت) قبل إنقسامها، ولا أظن بأن د. صديق يخالفنا في ذلك. ولكن (قحت) تنكبت هذا الطريق، ووافقت رئيس الوزراء السابق على الخضوع التام لروشتة صندوق النقد الدولي والتعامل معه من مواقع التبعية، على عكس التجربة الفيتنامية التي ذكرها رئيس الوزراء نفسه في المؤتمر الإقتصادي على سبيل التهكم من إقتصاديي قوى الحرية والتغيير حينها، والتي قامت على التعامل مع الصندوق من مواقع السيادة الوطنية".
و إستطراداً في ترسيخ الفكرة عن إرتباط الهبوط الناعم بالشراكة والتسوية، وفي ردي على مقاله الخامس المتعلق بالحل السياسي أوردت ما يلي:" والواضح مما تقدم ، أن الدكتور صديق يريد أن يلزمنا بموقف الحزب الشيوعي التاريخي في العام 1999م من الحل السياسي أو التسوية التفاوضية، في تجاوز صريح لإختلاف الظروف والمعطيات وطبيعة الصراع العيانية الماثلة وتوازن قوى أطرافه، ووضع الحركة الجماهيرية من حيث الصعود و الإنحسار، وفي تجاهل لمعطى الثورة نفسه الذي يفرض أسئلة مباشرة لم تكن موجودة في لحظة المذكرة التي نقل عنها. ولسنا بالطبع في حاجة للقول بأن موقف الحزب الشيوعي التاريخي ذاك لا علاقة له بواقع الصراع السياسي بعد ثورة ديسمبر المجيدة، وهو لا يصلح لنقله حرفياً ودون تدبر لواقع اليوم، وهو ليس موقفاً معلقاً خارج التاريخ من الحل السياسي، الذي يظل معطى تاريخي لا مبدأ مجرداً خارج سياق الصراع الإجتماعي.ويجب حين يتم إستخدامه توضيح أسباب الإستخدام ، وتوفر شروط ذلك الإستخدام في اللحظة التاريخية المعينة، وميزات هذا الإستخدام ومآلاته، وأثره على مصالح شعبنا وحقوقه. وعلى الحزب الشيوعي وغيره من القوى السياسية في حال المناداة بالحل السياسي، توضيح أسس التسوية المطلوبة، و التنازلات التي يجب تقديمها للعدو، و الأهداف التي يمكن تحقيقها وما لا يمكن تحقيقه ويجب إسقاطه من برنامج حركة الجماهير، وإقناع الجماهير بذلك الإستخدام لا فرضه عليها".
وفي الرد على المقال السادس لدكتور صديق الذي كرسه لنقد وجهة نظري القائلة بأن قوى التغيير الجذري تسعى إلى تفكيك التمكين في حين تسعى (قحت) لإصلاحه، أوضحت كيف أن (قحت) لم تتعد مراحل الإصلاح الذي فشلت فيه وهو فشل كان حتمياً، ورددت على حديثه حول غموض الجبهة القاعدية التي تنادي بها قوى التغيير الجذري ولخصت برنامجها و أسس تحالفها، وحددت طبيعتها كما يلي:" كل من يقبل بهذا الحد الادنى من غير الاسلاميين و غيرهم ممن يدعمون طرفي الحرب، هو عضو في الجبهة القاعدية العريضة المطلوبة بكل تأكيد.
الجبهة المطلوبة ، تقودها لجان المقاومة ، بعد إعادة هيكلة نشاطها في جميع المدن الاقليمية غير المتأثرة بالحرب ، على ان تبدأ من نشاط درء آثار الحرب ومواجهة مآسيها الانسانية ، وان توسع قاعدتها بإستيعاب كل الناشطين في المجال الانساني والاغاثي ، وان تنفتح على المواطنين جميعاً بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية طالما انهم مؤمنين ببرنامج الحد الادنى المذكور أعلاه. يساند اللجان تجمع المهنيين غير المختطف، والنقابات المهنية في فرعياتها الاقليمية ، ومنظمات المجتمع المدني ، وتدعمها الاحزاب السياسية الوطنية. يبدأ هذا النشاط في كل مدينة ، لتفرز قيادة جبهوية للمدينة ، تنسق مع قيادة المدن الاخرى ، لتكون قيادة تنسيقية لكل المدن، وتجعل من النهوض بالمهام المنوه عنها أعلاه أمرا متاحاً".
وخلاصة ما تقدم هي أن الخلاف بين قوى التغيير الجذري و (قحت) خلاف استراتيجي يمنع التحالف بينها، أساسه عدم الإتفاق على العدو، الذي يؤسس لقبول (قحت) شراكات الدم مع اللجنة الأمنية للإنقاذ، وهي غير راغبة في تجاوز ذلك ومستمرة في الدفاع عن الشراكة تحت مسمى العملية السياسية، وهذه العملية التي تقوم على التسوية عبر التفاوض تؤدي حتماً إلى شراكة وإقتسام للسلطة، حتى و إن كانت واجهة هذا الإقتسام (حكومة سلطة تنفيذية) مدنية كاملة، طالما أن أدوات إستخدام العنف (جيش، جنجويد وقوات نظامية)، تبقى خارج سلطة الحكومة الإنتقالية وفي يد اللجنة الأمنية للإنقاذ، وطالما أن هناك مجلس أمن ودفاع قراراته ملزمة لرئيس الوزراء مسيطر عليه من قبل هذه اللجنة أو أحد أطرافها. هذه التسوية والشراكة تمثل إمتداداً لمشروع الهبوط الناعم، الذي يقوم على عدم الثقة في إرادة الجماهير، وعلى تعويم سلطة الإنقاذ وإشراك معارضتها في السلطة من مواقع الهزيمة بناءاً على توازن الضعف. لذلك البديل يتقوم في جبهة قاعدية تقودها لجان المقاومة في تحالف مع القوى النقابية والمدنية الأخرى التي أنجزت الثورة، وبدعم من الأحزاب الوطنية، في تحالف تنسيقي يقوم على برنامج الثورة ويقصي اللجنة الأمنية للإنقاذ ويسعى لإسقاطها، سلاحه الإضراب السياسي العام والعصيان المدني، وإرادته إرادة الجماهير، وبرنامجه يقوم على سلطة الجماهير وسيادتها، وتعامله مع مؤسسات التمويل الدولية يقوم على التعامل من مواقع السيادة لا التبعية، في إدراك تام لتوازن القوى في حال الصعود الجماهيري ولطبيعة العدو، وعدم سحب لتجارب الماضي لتطبيقها حرفياً على حاضر مغاير، وفهم لمدى الترابط الديالكتيكي بين الحاضر والمستقبل والتكتيكي والإستراتيجي حتى لا يسقط في براثن الإنتهازية والتفكير الميكانيكي في ظل واقع متحرك تترابط ظواهره وتؤثر في بعضها بعضاً.
بقي أن أشكر صديقي د. صديق الزيلعي على هذا العصف الذهني، وعلى إحياء سنة الصراع الفكري الجماهيري، و على التواجد حيث الحوار الجاد، و أرجو أن يجد في ردودي ما يفيد.
ودمتم
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوى التغییر الجذری البنک الدولی صدیق الزیلعی إیقاف الحرب وقف الحرب یقوم على ما تقدم صدیقی د فی حال
إقرأ أيضاً:
المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
أوضح المبعوث الأمريكي للسودان، توم بيرييلو، أن السبيل الوحيد لإنهاء معاناة السودانيين هو إنهاء الحرب وتمكين الشعب السوداني من اتخاذ قراراته بشأن مستقبله.
الخرطوم ــ التغيير
قال بيرييلو في منشور على منصة “إكس” إنه عقد اجتماعات مثمرة في بورتسودان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، وقادة المجتمع المدني وفريق الأمم المتحدة الإنساني.
أكد أن الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوداني بشكل فوري، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد لوضع حد للمعاناة هو إنهاء هذه الحرب ومنح الشعب السوداني القدرة على تحديد مستقبله.
أوضح أن الرسالة التي تلقاها بوضوح من ممثلي المجتمع المدني الذين قابلهم في بورتسودان تنص على أن الجرائم التي تستهدف النساء السودانيات يجب أن تتوقف، ويجب حماية المدنيين.
وأضاف “نحن نتشارك معهم في حرصهم على إنهاء هذه الحرب، وإيقاف الفظائع التي ترتكب ضد المدنيين، وضمان سودان موحد وديمقراطي وسلمي.
ورحب المبعوث الأمريكي بالتحسينات الأخيرة في توسيع الوصول للمساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة، كأكبر دولة مانحة للمساعدات للسودان، ستبذل قصارى جهدها لضمان وصول الغذاء والماء والأدوية إلى الناس في جميع الولايات الثماني عشرة بالإضافة إلى اللاجئين.
و قال: “أعبر عن تقديري للجهود الأخيرة التي تهدف إلى تحسين تدفق المساعدات الطارئة لـ 25 مليون سوداني يعانون من المجاعة والجوع الحاد. يجب علينا الاستمرار في زيادة كميات الغذاء والدواء المرسلة من بورتسودان وأدري، وتوسيع نطاق رحلات الإغاثة إلى المناطق النائية”.
أشار إلى أنه استمع إلى الآراء التي طرحها العاملون في المجال الإنساني من الأمم المتحدة في بورتسودان، مضيفًا: “مع تقديم الولايات المتحدة لأكثر من نصف الدعم الإغاثي في السودان، أُقدِّر التقدم الذي تم إحرازه في جهود تقديم المساعدة للمجتمعات الضعيفة في مختلف أنحاء البلاد، وستستمر الولايات المتحدة في دعم جهود الشركاء لتوسيع نطاق الإغاثة الطارئة للسودانيين الضعفاء”.
الوسومالحرب المبعوث الأمريكي بورتسودان توم بريللو