الخليج الجديد:
2025-05-01@19:52:52 GMT

الممر الهندي نقلة استراتيجية خطيرة

تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT

الممر الهندي نقلة استراتيجية خطيرة

الممر الهندي نقلة استراتيجية خطيرة

في الإطار الاستراتيجي العالمي مشروع الممر الهندي الخليجي الأوروبي رد استراتيجي أمريكي على التوجه الجيوسياسي الصيني.

تضرر أطراف إقليمية من الممر الهندي من شأنه رفع منسوب التوتر في منطقة باتت تشكل مكبا للخلافات الدولية، وساحة صراع بين القوى الكبرى ومشاريعها.

مستجدات تدفع لتشكيل تحالف متضررين، فالمشروع يضر بمصالح مصر وتركيا وإيران وروسيا والصين، وقد يؤدي لتحالفات بين أطرافه لإعادة صياغة التوازنات.

المشروع يتساوق بدرجة كبيرة مع الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة النفوذ الصيني بالمنطقة، وتراه واشنطن جزء من هدف استراتيجي بعيد لقلب النظام العالمي القائم على هيمنتها.

المشروع لا يقتصر على إعادة هندسة وتصميم سلاسل التوريد على المستوى العالمي، بل ينذر بإعادة تشكيل الشرق الأوسط وترتيب القوى والتوازنات القائمة بها وصولا إلى الأهداف والمعتقدات السائدة.

* * *

أعلنت الولايات المتحدة، على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، عن إطلاق مشروع الممر الاقتصادي بين الهند، القطب الإنتاجي الصاعد، والشرق الأوسط وأوروبا، لنقل البضائع والمنتجات بين هذه المناطق، التي شهدت علاقاتها التبادلية في مراحل سابقة زيادة نسبية ملحوظة. ويشكل الممر بحسب خبراء من هذه البلاد، ميزة تخفيض وقت العبور (في قناة السويس) بين الهند وأوروبا بنسبة 40 في المئة.

غير أنه بعيدا عن الجانب التقني للمشروع، فإن الأهداف السياسية وراءه لا تخفي نفسها، فالمشروع يتساوق بدرجة كبيرة مع استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة النفوذ الصيني في المنطقة، الذي تنظر له واشنطن على أنه جزء من هدف استراتيجي بعيد، يهدف إلى قلب النظام العالمي القائم على الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم فإن المشروع بمنزلة رد استراتيجي على اللعبة الجيوسياسية الصينية.

لكن المشروع ينطوي على مخاطر عديدة بالنسبة لمنطقة الشرق، إذ لا يقتصر على إعادة هندسة وتصميم سلاسل التوريد على المستوى العالمي، لكنه ينذر بإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط، وإعادة ترتيب القوى والتوازنات القائمة في هذه المنطقة، وصولا إلى التأثير بالأهداف وحتى المعتقدات السائدة.

يتجلى ذلك بوضوح من خلال وضع إسرائيل عنوة في قلب التفاعلات السياسية والاقتصادية، وتحويلها إلى طرف طبيعي مؤثر، حيث سيشكل ميناء حيفا مركزا أساسيا لمشروع الممر إلى أوروبا، الذي يخترق منطقة المشرق العربي عبر السعودية والأردن، وهو حلم طالما سعت إليه إسرائيل، التي تملك مشروعا واضحا للشرق الأوسط، سبق أن شرحه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، من خلال دمج إسرائيل في البنى الاقتصادية والتكنولوجية للمنطقة.

خطورة ذلك تكمن في أن إسرائيل، بحكم تفوقها التقني، ستحتل مكانة مميزة في تراتبية الدول الفاعلة في المنطقة وعلى حساب الفعالية والأدوار العربية، بالإضافة طبعا إلى إعلان القطيعة العربية مع القضية الفلسطينية، وتحويلها إلى مجرد خلاف داخلي إسرائيلي، ربما يستوجب عدم التدخل فيه؛ احتراما للمصالح الناشئة مع إسرائيل ومراعاة للديناميكيات الجديدة التي ستؤثر بدرجة كبيرة في الخطط الاقتصادية والمشاريع التنموية لدول المنطقة، التي تحتل في هذه المرحلة أولوية وطنية لدى العديد من الدول العربية الأخرى، بعيدا عن أي اعتبارات ذات طابع أيديولوجي قومي.

خطورة أخرى ينطوي عليها مشروع الممر الهندي، تتمثل بإضعاف الدور اللوجستي لمصر عبر تراجع أهمية قناة السويس، فالمؤكد أن حجم البضائع التي سينقلها الممر الهندي ستكون من رصيد قناة السويس، التي باتت أحد أهم مصادر الدخل لمصر، حيث تؤمن ما قيمته 9 مليارات دولار. ويعتمد الاقتصاد المصري بدرجة كبيرة على هذه العائدات، في ظل تراجع العناصر الاقتصادية الأخرى في رفد الميزانيات، وفي وقت يعاني الاقتصاد المصري من ارتفاع معدلات التضخم ونقص العملة الأجنبية.

بدورها تركيا تبدو متضررة من هذا المشروع الذي يهمش موقعها الجيوسياسي، بوصفه الرابط الطبيعي الوحيد بين آسيا وأوروبا، ما دفع بالرئيس رجب طيب أردوغان إلى القول؛ إنه "لا يمكن أن يكون هناك ممر بدون تركيا".

وربما يعود سبب الانزعاج التركي إلى حقيقة أن مشروع الحزام والطريق الصيني، الذي تشكل تركيا آخر محطاته، قد يواجه عقبات عديدة، في ظل تراجع الحماس الأوروبي عن الانخراط فيه، وهو ما ظهر من خلال الموقف الإيطالي، وتراجع مشروع روسيا تحويل تركيا إلى مركز لتوزيع الغاز إلى أوروبا، وبذلك فإن المكانة الجيوسياسية مهدّدة بالتهميش في حال نجاح الممر الهندي بعيدا عن تركيا.

قد تدفع هذه المستجدات إلى تشكيل تحالف متضررين في المنطقة، فالمشروع يضر بمصالح مصر وتركيا وإيران وروسيا والصين، وقد يؤدي إلى تشكيل تحالفات بين أطرافه بهدف إعادة صياغة التوازنات في المنطقة، الأمر الذي من شأنه رفع منسوب التوتر في منطقة باتت تشكل مكبا للخلافات الدولية، وساحة صراع بين القوى الكبرى ومشاريعها.

فضلا عن الضرر الذي سيلحقه بقضية فلسطين، التي ستذهب فداء للمشروع الأمريكي وزيادة نسب الأرباح بين الفاعلين المنخرطين في المشروع، الأمر الذي قد يدفع القوى الوطنية الفلسطينية إلى التفكير بوسائل جديدة لمواجهة هذا المتغير الخطير.

هي حرب بين مشاريع جيوسياسية تضرب العالم في هذه اللحظة، ومثل أي حرب أخرى يسقط على جوانبها الكثير من الخسائر والضحايا، وأهم خسائر هذه الحرب إضعاف المواقع الجيوسياسية للاعبين تاريخيين، وتهميش الجغرافيا وإخراجها من الفاعلية اللوجستية، فضلا عن وضع قضايا مصيرية على سكة الزوال.

*غازي دحمان كاتب وباحث سوري

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الخليج أمريكا الصين الهند تركيا الشرق الأوسط قناة السويس الممر الهندي الحزام والطريق الممر الهندی بدرجة کبیرة مشروع الممر فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير تبوك يطّلع على المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة

تبوك – واس

اطَّلع صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعود بن عبدالله بن فيصل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة تبوك، على عددٍ من المشاريع البلدية والإسكانية التي تنفذها وزارة البلديات والإسكان بالمنطقة، وتنوعت ما بين مشاريع البُنى التحتية، وسفلتة الطرق، وتطوير الميادين، وأنسنة المدن، وتصريف مياه الأمطار، ودرء أخطار السيول، إضافةً إلى مشاريع إسكانية، واستثمارية وبيئية، وبُنى تحتية مستقبلية تقدر تكلفتها الإجمالية بـ 4.335 مليارات ريال.

جاء ذلك خلال لقاء سموه مساء أمس، بالقصر الحكومي، المواطنين ورؤساء المحاكم والقضاة ومشايخ القبائل ومديري الإدارات الحكومية بالمنطقة، حيث بدأ اللقاء بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم استُعرضت أبرز المشاريع البلدية والإسكانية والاستثمارية والخدمية، التي قدَّم أمين منطقة تبوك المهندس حسام بن موفق اليوسف عنها عرضًا مرئيًا موجزًا لسموه والحضور، تضمّنت أكثر من 43 مشروعًا يجري تنفيذ البعض منها وترسية الأخرى، بقيمة إجمالية تصل لـ674 مليون ريال، في مجالات متعددة شملت النقل العام بالحافلات، وسفلتة مخططات المنح، وتطوير الطرق الرئيسة بالمنطقة، إضافة إلى رفع كفاءة الطرق بإنشاء جسرين على تقاطع طريق الملك فيصل مع طريق الأمير فهد بن سلطان (دوار صحاري) وتقاطع طريق الأمير محمد بن سلمان مع طريق الملك فهد، وأنسنة المنطقة من خلال تطوير ساحات عدد من الجوامع، وتنفيذ شبكات تصريف مياه الأمطار، والتي ستسهم في معالجة 32 نقطة تجمع صغيرة، و3 أخرى كبيرة؛ ليصل مجموع ما تم معالجته من نقاط التجمع الكبيرة لـ 20 نقطة من أصل 24، وتنفيذ مشاريع لدرء أخطار السيول، ومشاريع مستقبلية تتجاوز تكلفتها التقديرية مليارين وست مئة مليون ريال.

وفي جانب الاستثمارات، استعرض المهندس اليوسف المشاريع الاستثمارية الجاري تنفيذها، والتي تجاوز عددها 48 مشروعًا بتكلفة إنشاء تقديرية تتخطى المليار ومئتي مليون ريال، تشمل قطاعات طبية وتعليمية ورياضية وترفيهية ولوجستية، بما يلبي احتياجات السكان والزوار، ويفتح آفاقًا جديدة لفرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ومن بين هذه المشاريع: مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بسعة 200 سرير و100 عيادة طبية، ومركز ألفا الطبي الذي يضم أربع عيادات متخصصة، وصيدلية وشققًا فندقية (90 غرفة)، ومركز رؤية الطبي الذي يحتوي على 18 قسمًا، ومركز غسيل كلى مجاني، إضافة إلى مشروع فندق المريديان الذي يضم 150 غرفة وجناحًا فندقيًا، ومركزًا لإيواء أكثر من ألفي معدة ثقيلة لضمان عدم تعطّلها داخل الأحياء السكنية.

وفي الشأن البيئي، تناول العرض مشروع المردم البيئي الجديد، الذي يمثل نقلة نوعية في إدارة النفايات بالمنطقة، حيث تم إنشاؤه بأكثر من 35 مليون ريال شرق مدينة تبوك، وبعكس اتجاه الرياح، وبمعدات أوروبية حديثة تضمن معالجة النفايات الصلبة بطريقة علمية متطورة، ويتضمن المشروع محطة طاقة استيعابية تصل إلى 80 طنًا في الساعة، وخلايا هندسية عازلة لمنع تسرب العصارات، إلى جانب منظومة متكاملة لفرز النفايات وإعادة تدوير المواد القابلة للاستفادة، وتحويل المخلفات العضوية مستقبلًا إلى طاقة بديلة وسماد عضوي.

كما اطلع سموه والحضور على مجسم لواجهة فالي تبوك والتي تقع على مساحة إجمالية تقدر بـ 778 ألف متر مربع، تتضمن 874 وحدة سكنية، و4 مساجد وجوامع، و5 حدائق ومتنزهات، وعدد 5 مراكز تجارية ومجمعات تعليمية تحتوي على 5 مدارس.

وفي ختام اللقاء، ثمّن سمو أمير منطقة تبوك جهود أمانة تبوك في تنفيذ هذه المشاريع الحيوية، مؤكدًا أهمية استكمالها بما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق تطلعات سكان منطقة تبوك ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وقال سموه في تصريح صحفي: “بأن هذه المشاريع و-لله الحمد- مشاريع مبشرة بالخير وتصب في خدمة المواطن والمواطنة، وتوفر الخدمات اللازمة لهم”, منوهًا بما توليه القيادة الحكيمة -أيدها الله- من اهتمام وعناية بكل ما يخدم الوطن والمواطن من المشروعات التنموية، وتسهم في رفع مستوى جودة الحياة، وتعزز النقلة الحضارية الكبيرة التي تعيشها المنطقة، داعيًا المستثمرين ورجال الأعمال للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة التي تطرحها أمانة المنطقة والبلديات التابعة لها بالمحافظات.

مقالات مشابهة

  • انطلاق عملية الأساس لبناء مستشفي جامعي بإقليم الحوز بمعايير متطورة بجماعة تمصلوحت
  • مطارات دبي: «الممر الذكي» أسرع 10 مرات من البوابات الحالية
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • مدينة الجواهري السكنية: نقلة نوعية في سياسة الإسكان بالعراق
  • أمريكا بحاجة إلى استراتيجية حقيقية للمحيط الهندي
  • "عُمران" تبرم شراكة استراتيجية مع "محسن حيدر درويش" لتطوير منتجع "آلي نيفاس" في مسندم
  • بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير تبوك يطّلع على المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة
  • برلمانية: مشروع مستقبل مصر نقلة نوعية في مسار التنمية الشاملة
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • محافظ الإسكندرية: مشروع مترو أبوقير محطة مصر العملاق سيشكل نقلة نوعية في منظومة النقل الجماعي