القاهرة– لا يمكن الحديث عن أي مشروعاتِ طرقٍ برية أو ممراتٍ بحرية للربط التجاري بين دولِ وقاراتِ العالم بمنأى عن تأثيرها على قناة السويس المصرية التي تستحوذ على 12% من حركة التجارة العالمية، خاصة أن معظم المشاريع يقاس مدى جدواها الاقتصادية بقدرتها على منافسة القناة زمنيا وماديا.

أحدثُ المشاريع الضخمة المطروحة، كان مشروع الممر الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه مؤخرا في قمة مجموعة العشرين بالهند (التي عقدت يومي التاسع والعاشر من الشهر الجاري)، والذي يربط بين جنوب آسيا وأوروبا عبر الخليج العربي والشرق الأوسط.

المشروع الذي تحمست له ودعمته واشنطن بدا أنه منافس لمشروع الحزام والطريق الذي أطلقته الصين قبل 10 سنوات.

ويتألف المشروع الجديد من ممرين منفصلين، أحدهما يربط الهند بالخليج العربي والآخر يربط الخليج العربي بأوروبا.

وتنجز هذه المشاريع عادة لتعزيز التجارة العالمية، وقال جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي للصحفيين -على هامش قمة العشرين- إن الاتفاق يهدف إلى البحث في مشروع للنقل البحري والسكك الحديد سيسمح بتدفق التجارة والطاقة والبيانات من هنا في الهند عبر الشرق الأوسط وصولا إلى أوروبا.

الطريق الجديد بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط (الجزيرة) تكامل لا بديل

في تقديره، يقول مستشار النقل البحري وخبير اقتصاديات النقل ودراسات الجدوى الدكتور أحمد الشامي، إن "ما تم توقيعه هو مذكرة تفاهم طموحة جدا تتضمن عدة وسائط نقل ما بين نقل بحري وبري، وهي نوع من أنواع الدعاية السياسية، لكن يظل نقل الطاقة من خلال مِثل تلك الممرات مجرد حلم، لأن أكبر حجم يمكن نقله من خلال السكة الحديد لا يشكل 1% مما يمكن نقله عبر السفن العملاقة التي تمر عبر قناة السويس".

وأوضح في حديثه للجزيرة نت، أن المشروع هو نوع من أنواع تعزيز التجارة البينية لمجموعة من الدول، مثل المحور الذي يربط بين الهند وإيران وروسيا لا يتجاوز حجم التجارة البينية من خلاله ما بين 6 و 12 مليون طن وهو رقم لا يقارن بحجم التجارة الذي يمر عبر قناة السويس البالغ نحو 1.5 مليار طن سنويا.

وبحسب الشامي -الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركات أم القرى للاستثمارات البحرية والصناعية في مصر- فإن إضافة ممرات نقل جديدة هو أمر ضروري لمواجهة الزيادة السكانية وزيادة حجم التجارة، ونوع من أنواع التكامل، مستبعدًا إنجاز المحور أو الممر قبل 15 عاما "وقد يمتد إلى 20 عاما، وفي غضون ذلك تعمل مصر على تنمية وتوسعة ممر قناة السويس ومواكبة التطورات الجديدة".

ورغم تأكيد المسؤولين المصريين أنه لا يوجد منافس لقناة السويس على مستوى العالم كونها الأقصر مسافة والأكثر أمانا، بحسب رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، فإنه لا يخفي قلقه من بعض تلك المشروعات. حيث أكد في تصريحات صحفية أن مشروع خط الأنابيب المزمع إنشاؤه بين الإمارات وميناء إيلات الإسرائيلي على خليج العقبة، ومنه إلى ميناء حيفا، سيقلل حركة المرور عبر قناة السويس بنسبة قد تصل إلى 16%.

وفي أغسطس/آب عام 2015 افتتح الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي مشروع تفريعة موازية لقناة السويس بطول 35 كيلومترا، بتكلفة وصلت لنحو 8 مليارات دولار، بهدف زيادة عدد مرور السفن وتقليص ساعات المرور.

الحزام والطريق طريق الحرير الصيني (الجزيرة) عين على الممرات وعين على تطوير القناة

من جانبها، لا تغفل الحكومة المصرية عن هذا المشروع، بحسب رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري إسماعيل عبد الغفار، وجارية دراسته على أعلى مستوى إلى جانب المشروعات الأخرى التي تثار من وقت لآخر مثل الخط التجاري الذي يتم الترويج له بين الإمارات وإسرائيل ويمر عبر السعودية والأردن.

وأكد، في حديثه للجزيرة نت، أن مصر لا تمانع تفكير دول أخرى في تطوير طرق التجارة البينية فيما بينها، ولا تنظر إليها أنها بديلة لقناة السويس، ولا تنتظر حتى تكتمل تلك المشروعات دون اتخاذ خطوات إيجابية على الأرض من خلال تطوير ممرها الملاحي الذي لا يزال يعد الأهم في المنطقة، لكن أي تهديد لقناة السويس مرفوض.

واستدرك عبد الغفار بالقول إنه إلى جانب توسعة وتطوير قناة السويس هناك مشروعات قومية كبيرة تقام بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مشيرا إلى تطوير ميناء شرق بورسعيد (شرق المدخل الشمالي لتفريعة قناة السويس الشرقية) وهو الذي أصبح مؤخرا أول ميناء في مصر يقدم خدمات تموين السفن، كنشاطٍ هو الأول من نوعه في البلاد ومثل تلك المشروعات ستجعل دائما قناة السويس رائدة في مجالها وتحافظ على مكانتها.

نتنياهو ابتهج بإعلان بايدن عن الممر الاقتصادي الجديد مشيرا إلى استفادة بلاده (رئيس الوزراء الإسرائيلي على منصة إكس) منافسة وليس بديلا

أما الخبير في اقتصاديات الطاقة نهاد إسماعيل، فيرى أن الممرات والطرق البرية والبحرية التي ظهرت على السطح في الآونة الأخيرة ستنافس قناة السويس ولن تكون بدلا منها، وفي حال اكتمال معظمها ستقلص حركة النقل البحري عبر قناة السويس من 10 إلى 15%.

وفيما يتعلق بمشروع الممر الاقتصادي الجديد توقع إسماعيل، أن يكون له تأثير على كميات السلع والنفط التي تأتي من السعودية والخليج وستقلص عدد ناقلات النفط التي ستعبر القناة من الخليج العربي، لكن لا يزال المشروع قيد الدراسة وبحاجة لسنوات قد تتغير فيها التحالفات السياسية.

وأضاف إسماعيل للجزيرة نت أن إدارة قناة السويس قد تدرس تقديم مميزات وحوافز للشركات حتى تستمر في طلب خدماتها، كما توقع أن تلجأ الحكومة المصرية للتعاون مع السعودية في بعض المشاريع وتلعب الدور التكميلي وليس المنافس.

ويرى الخبير في اقتصاديات الطاقة أن التحرك المبكر مطلوب، لكن قناة السويس ستبقى شريانا بحريا مهما للتجارة العالمية خاصة مع النمو الاقتصادي العالمي ونمو حركة النقل البحري عبر القناة، وعلى مصر تطوير البنية التحتية الرقمية لمواكبة التطور التكنولوجي لتحافظ على مركزها التنافسي.

تعد قناة السويس أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في مصر وحققت 9.4 مليارات دولار في 2022-2023، مقارنة مع 7 مليارات في السنة المالية السابقة، وشهدت أعلى معدل للعبور بعدد 25 ألفا و887 سفينة، وأعلى حمولة صافية سنوية قدرها 1.5 مليار طن، وتأمل مصر زيادة حركة الملاحة بنسبة 28%، مع الانتهاء من مشروع تطوير المجري الملاحي للقناة خلال 3 أعوام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الممر الاقتصادی عبر قناة السویس النقل البحری لقناة السویس من خلال

إقرأ أيضاً:

لـ «فك كرب 26 سيدة غارمة».. بنك قناة السويس يوقع بروتوكول تعاون مع مؤسسة «المصري للتنمية»

قام بنك قناة السويس بالتبرع لفك كرب عدد 26 سيدة غارمه، وذلك بهدف مساعدة السيدات غير القادرات على سداد ديونهن في المناطق الأكثر احتياجًا، وفقًا لدراسة شاملة لحالتهن الاجتماعية والقانونية، واتخاذ المؤسسة لكافة الإجراءات اللازمة للإفراج عنهن.

هذا وقام بالتوقيع على البروتوكول من جانب البنك، نور الزيني رئيس قطاع الاتصال المؤسسي والمسئولية المجتمعية، ومن جانب المؤسسة، سهير محمد عوض رئيس مجلس أمناء مؤسسة المصري للتنمية والتعليم.

وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود البنك المستمرة وحرصه على المشاركة بدور فعّال في التكافل الاجتماعي ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، وحرص البنك على توزيع هدايا على السيدات بعد الإفراج عنهن، بهدف إدخال البهجة والسرور على قلوبهن وتقديم الدعم النفسي لهن بمناسبة عودتهن إلى أسرهن.

وفي هذا السياق، أشار عاكف المغربي، الرئيس التنفيذي والعضو المُنتدب لبنك قناة السويس، بأن مشاركة البنك في هذه المبادرات تأتى في ضوء إيمانه بأهمية تضافر جهود كافة مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص لتعزيز مبدأ التكافل الاجتماعي ومساندة الفئات الأكثر احتياجًا.

وفي السياق ذاته، أعربت سهير عوض، عن تقديرها وتقدير مؤسسة المصري لبنك قناة السويس على الدعم والتعاون الفعّال في تنفيذ هذه المبادرة الإنسانية، لإحداث فرق حقيقي في حياة تلك السيدات الغارمات، وتحقيق تغيير إيجابي في المجتمع. وأضافت إن استراتيجية المؤسسة في التعامل مع قضية الغارمين قائمة على ثلاث محاور وهي «سداد الديون - التمكين الاقتصادي - الوعي»، مشيرة إلى أن المؤسسة قد قامت بفك كرب ما يقرب من 111 ألف غارم وغارمه منذ عام 2010 وحتى الآن.

الجدير بالذكر أن بنك قناة السويس يضع المسئولية والتنمية المجتمعية على رأس أولوياته، كما يسعى بشكل مستمر لتبني برامج فعّالة لخدمة المجتمع، آخذاً في اعتباره الاحتياجات الأساسية التي تواجه المجتمع في 8 مجالات مختلفة مثل الصحة والتعليم والتكافل الاجتماعي ودعم ذوي الهمم ودعم الشباب وريادة الأعمال والمرأة وأيضاً الرياضة والفن والثقافة.

هذا ويستمر بنك قناة السويس في تعزيز دوره بمختلف مجالات المسئولية المجتمعية، من خلال تنفيذ العديد من المبادرات الاجتماعية، ونشر ثقافة العمل المجتمعي بين كافة موظفيه، للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.

اقرأ أيضاًقبل تحديد الفائدة الخميس المقبل.. «البنك المركزي» يسحب فائضاً بقيمة 1.2 تريليون جنيه

بنك أبوظبي التجاري مصر يفتتح أحدث فروعة في محافظة البحيرة

البنك المركزي المصري يطلق حملة جديدة للتثقيف المالي

مقالات مشابهة

  • ما تعليق الصين بشأن تهديد ترامب باستعادة السيطرة على قناة بنما؟
  • جامعة قناة السويس تناقش تأثير الإدمان الإلكتروني على التحصيل الأكاديمي
  • لـ «فك كرب 26 سيدة غارمة».. بنك قناة السويس يوقع بروتوكول تعاون مع مؤسسة «المصري للتنمية»
  • هل يؤثر القصف الأمريكي الذي استهدف صنعاء على قدرات أنصار الله؟
  • جلسات حوارية ولقاءات ثنائية تبحث تعظيم الاستثمارات الثنائية في المنتدى الاقتصادي العُماني الكويتي
  • بنك قناة السويس يُشارك في ماراثون للجري
  • قناة السويس تدشن خدمة جمع المخلفات للحفاظ على البيئة
  • المنتدى الاقتصادي العماني الكويتي يناقش علاقات التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين
  • جامعة قناة السويس تستهدف 32672 مواطن خلال عام 2024
  • تعاون بين جامعة قناة السويس والوكالة الكورية للتعاون الدولي