رغم مرور قرن من الزمان منذ أن بدأت الثلاجة المنزلية تحظى بشعبية واسعة في عام 1927، وإلى أن وصل عدد الثلاجات المنزلية في جميع أنحاء العالم إلى أكثر من 1.4 مليار ثلاجة. لم تتغير الفكرة الشائعة عن النظر إلى الثلاجة باعتبارها مكانا سحريا للاطمئنان التام على كافة أشكال الأطعمة وبقاياها.

فبقدر ما هو رائع أن يجعل هذا الجهاز البارد الطعام في متناول يدنا كلما احتجنا إليه، فإن هذا لا ينفي أن هناك مخاطر كامنة خلف بابه الذي يستقبلنا بالأنوار؛ حيث توجد بكتيريا تتخمر في الأرز المطبوخ الذي طال مكثه 3 أيام، أو في الخضار الطازجة القادمة من البقالة، أو الدجاج النيء الذي تقطر سوائله في الأنحاء.

وهي مخاطر قد لا نتمكن من رؤيتها بمجرد النظر، أو شمها أو تذوقها؛ لكنها من الممكن أن تكون سببا في أمراض لا نتوقعها.

فقد وجدت دراسة أجرتها كلية العلوم الصحية بجامعة ليوبليانا في سلوفينيا، ونُشرت عام 2020، أن "الأطعمة المبردة غالبا ما تشكل أحد الأسباب الأكثر شيوعا للأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، حيث يقف التحكم غير الكافي في التبريد وراء تلف جزء كبير من المواد الغذائية المخزنة في ثلاجة المنزل".

بعض الدراسات أشارت إلى أن متوسط ​​درجة حرارة الثلاجة للمستهلك "يجب أن يكون أقرب إلى 7 درجات مئوية (بيكسلز) أطعمة تستحق عناية إضافية

يقول الدكتور دانيال أتكينسون، رئيس قسم الطب السريري في إحدى شركات خدمات الرعاية الصحية، لصحيفة "هافبوست": الحقيقة هي أن جميع الأطعمة يمكن أن تكون ملوثة ببكتيريا ضارة تُسبب التسمم الغذائي، "وخصوصا تلك التي تُركت بالخارج لفترة طويلة، أو التي تم حفظها في الثلاجة بعد انتهاء تاريخ صلاحيتها، وكذلك بقايا الطعام التي لم يتم إعادة تسخينها بشكل صحيح".

لكن الخبراء يحذرون من أن هناك 3 فئات من الأطعمة تستحق عناية إضافية في تخزينها في الثلاجة، باعتبارها الأكثر احتمالا للتسبب في الأمراض، وهي:

الأطعمة الغنية بالبروتين، فوفقا لخبير الاستشارات الغذائية، مات تايلور، "تأتي الأطعمة الغنية بالبروتين مثل اللحوم والأسماك والحليب والجبن والبيض، في مقدمة الأطعمة الأكثر احتمالا للتسبب في الأمراض". ويُشير عالم الأغذية، برايان كووك لي، إلى أن "هذا ينطبق أيضا على الجبن الطري والأسماك المدخنة والحليب غير المبستر". ويضيف دينيس داميكو، الأستاذ المساعد في علم الأحياء الغذائية الدقيقة والسلامة بجامعة كونيتيكت، اللحوم أو الدواجن "الجاهزة للأكل"، والتي تشمل اللحوم الباردة أيضا؛ إلى القائمة "كمصدر آخر للتلوث". الخضروات الطازجة، حيث يوضح داميكو أن "مسببات الأمراض يمكن أن تلوث المنتجات الطازجة، كالفطر والسلطات الخضراء المعبأة"، ويُشدد على وجوب غسل الخضروات الطازجة وتنظيفها بفرشاة التنظيف في المنزل، "بعد التأكد من تنظيف الفرشاة وتعقيمها". الأرز المطبوخ، حيث ينبه أتكينسون إلى أن الأرز يمكن أن يحتوي "قبل طهيه" على بكتيريا تشكل تهديدا للصحة "بعد طهيه"، مما يجعل خطر الإصابة بالأمراض من تناوله أعلى بكثير، "إذا لم يتم تبريد الأرز المطبوخ بالطريقة الصحيحة". لذا يحذر أتكينسون من ترك الأرز على طاولة المطبخ في درجة حرارة الغرفة، ويشدد على "ضرورة إدخاله إلى الثلاجة بمجرد أن يبرد وتناوله خلال 24 ساعة"؛ وعدم الاعتماد على أن الأرز غير الآمن للأكل سيظهر عليه علامات واضحة على أنه فاسد، مثل تغير اللون أو الرائحة، "فقد لا يكون لفساد الأرز المطهو أية علامات". والتحذير نفسه ينطبق على الأرز الذي يتم تناوله في الخارج، والذي قد يكون أكثر عرضة للضرر، حيث قد تستخدم الإضافات والتوابل لإخفاء العلامات التي تشير إلى أنه يجب التخلص منه، ولا توجد طريقة لمعرفة المدة التي تم تخزينه فيها قبل طهيه عند طلبه، "مما يستوجب تجنب وضعه في الثلاجة تماما، والتخلص منه بعد انتهاء الوجبة". الأطعمة الغنية بالبروتين مثل اللحوم والأسماك والحليب تأتي في مقدمة الأطعمة الأكثر احتمالا للتسبب في الأمراض (فريبيك) لا يكفي الاعتماد على حاستي البصر والشم أو قوة التبريد

تقول مختصة التغذية المعتمدة تريسي يابلون برينر، "إذا كنت تعتقد أنك ستتمكن من استخدام حواسك للكشف عن مخاطر الطعام، فقد لا يكون هذا كافيا، حيث تجعل البكتيريا الضارة بعض الأطعمة ذات رائحة كريهة، لكن نفس البكتيريا يمكن أن تتكاثر من دون أن يلاحظها أحد". وتضيف برينر قائلة: "لا تصدق أنه إذا كانت رائحة الطعام طيبة فهذا يجعل من الآمن تناوله؛ فقد لا تؤثر البكتيريا الضارة مثل السالمونيلا والليستيريا على رائحة أو طعم أو مظهر الطعام".

إعلان

أيضا، على الرغم من فائدة التبريد، "لكنه ليس مضمونا"، ففي حين أنه يمكن أن يبطئ نمو البكتيريا، إلا أنه لا يقضي عليها تماما، "وخاصة بالنسبة لمسببات الأمراض الخطيرة، بما في ذلك الليستيريا".

مما يجعل الاعتقاد بأن التبريد يُوقف نمو البكتيريا تماما، "أحد أكبر المفاهيم الخاطئة"، كما يقول جيسون ريس، الخبير القانوني في الإصابات بالأمراض المنقولة عن طريق الغذاء.

لكن هذا لا يمنع أن الحفاظ على درجة حرارة الثلاجة المناسبة، "أمر مهم للغاية"؛ حيث يمكن لدرجات حرارة الثلاجة غير الكافية أن تسهل نمو مسببات التلوث، "مما يزيد من خطر الإصابة بالمرض ويتسبب في مضاعفات أكثر خطورة"، كما يقول دينيس داميكو الذي يقترح ضبط الثلاجة على درجة تبريد من 2 إلى 4 مئوية (35.6 إلى 39.2 درجة فهرنهايت).

وإن كانت بعض الدراسات أشارت إلى أن متوسط ​​درجة حرارة الثلاجة للمستهلك "يجب أن يكون أقرب إلى 7 درجات مئوية (44.6 درجة فهرنهايت)"، بحسب داميكو.

التحكم غير الكافي في التبريد يقف وراء تلف جزء كبير من المواد الغذائية المخزنة في ثلاجة المنزل (شترستوك) 3 أخطاء يجب التوقف عنها

من أهم الأخطاء التي حذر منها الخبراء في التعامل مع الطعام وطريقة حفظه في الثلاجة، ما يلي:

وضع بقايا الطعام مكشوفة في الثلاجة، إذا كنت معتادا على رمي وعاء أو علبة طعام نصف مأكولة مباشرة في الثلاجة، "فعليك إعادة التفكير في هذا الأمر"، بناء على نصيحة لعالم الأغذية، برايان كووك لي، الذي يحذر من أن "الأطعمة المكشوفة يمكن أن تجذب وتنشر الكائنات الحية الدقيقة بسهولة، حيث يتحرك الهواء في الثلاجة باستمرار ويمكنه نقل الجراثيم إلى الأطعمة الأخرى". التأخر في تبريد الطعام، وتوصي ميتزي باوم، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "مكافحة الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء" غير الربحية، بالمسارعة بتبريد الطعام من دون انتظار للاستمتاع بالجلوس حول المائدة والاستغراق في تجاذب أطراف الحديث، "وإرجاء تبريد الطعام المتبقي لما بعد ذلك". موضحة أن البكتيريا تتحرك دائما ويمكن أن تنمو في الأطعمة القابلة للتلف مثل اللحوم والبيض والسلطات والفواكه المقطعة والطواجن، "في غضون ساعتين فقط". كما تنبه باوم المستهلكين إلى "عدم تجاهل أية أخبار حول سحب طعام معين من الأسواق، والتوقف عن شرائه، واستبعاده فورا من المنزل". التردد في التخلص مما يجب التخلص منه، وفقا للخبير مات تايلور، "إذا لم تكن متأكدا من المدة التي قضاها الطعام في الثلاجة، وتريد تجنب الإصابة بالأمراض، فلا تتردد في التخلص منه".

لكنه في الوقت نفسه يقترح لتلافي هدر الطعام في المستقبل، "تدوين بيانات الطعام وتاريخ تخزينه وموعد انتهاء الصلاحية على العبوة، ومتابعتها دائما".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حرارة الثلاجة درجة حرارة فی الثلاجة التخلص منه یمکن أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

التهجير الناعم.. تحذيرات من حملات إسرائيلية خفية لتفريغ غزة عبر التضليل النفسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدرت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، تحذيرًا بالغ الخطورة من أساليب إسرائيلية "خبيثة" جديدة، لا تتخذ شكل القصف أو الاجتياح؛ بل تعتمد على التضليل النفسي والتقنيات الاستخباراتية الناعمة، بهدف دفع الفلسطينيين إلى مغادرة وطنهم طواعية، فيما يشبه تهجيراً ناعماً تحت عباءة "الإغراء الإنساني".

الأسلوب الجديد للتهجير.. من الرصاص إلى الرسائل

وفقًا لبيان الداخلية، فإن أجهزة مخابرات الاحتلال الإسرائيلي بدأت مؤخراً باستخدام أساليب غير تقليدية للتأثير على وعي الفلسطينيين في القطاع.

والرسائل النصية والمكالمات الهاتفية باتت وسيلة للاختراق، حيث يدّعي المتصلون أنهم يمثلون جهات قادرة على "تسهيل سفر المواطنين إلى الخارج"، خصوصاً في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والصحية، وانسداد الأفق أمام سكان القطاع المحاصر.

وتأتي هذه الحملة في سياق استغلال المعاناة الإنسانية، وتوجيهها نحو هدف سياسي واضح: تفريغ غزة من سكانها تدريجياً، في خطوة تُفسَّر على أنها محاولة للالتفاف على القانون الدولي وخلق واقع ديمغرافي جديد يخدم المشروع الصهيوني.

تحذير وتأكيد على الثوابت

في ردها، شددت وزارة الداخلية على ضرورة عدم التفاعل مع هذه الرسائل، محذرة من الوقوع في فخاخ الخداع والمساومة. كما أكدت أنها ستتخذ إجراءات قانونية بحق أي مواطن يثبت تعاونه مع هذه الحملات، في محاولة لردع الاستجابات الفردية التي قد تتحول إلى ثغرات أمنية واجتماعية.

وأشارت الوزارة إلى أن ما عجزت عنه آلة الحرب الإسرائيلية خلال شهور طويلة من القصف والتدمير، تحاول تحقيقه اليوم بطرق نفسية ممنهجة. لكنها أكدت أن "شعبنا الفلسطيني بكل مكوناته قادر على إحباط مخططات الاحتلال"، مكررة الإيمان بالثبات والصمود بوصفهما الخيار الوحيد في وجه محاولات الإبادة والاقتلاع.

جريمة قانونية وإنسانية مزدوجة

تصف وزارة الداخلية هذه المحاولات بأنها "جريمة مركبة"، تنتهك القوانين الدولية التي تجرم التهجير القسري، سواء كان عبر القوة العسكرية أو بالإكراه غير المباشر. كما طالبت المجتمع الدولي بالخروج من دائرة الصمت، والضغط على الاحتلال لوقف هذه الممارسات التي تُعدّ انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية للمدنيين الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، أكدت الداخلية أن "حرية السفر والتنقل حق إنساني مكفول"، ولكن ما يحدث ليس سوى توظيف لهذا الحق بطريقة ملتوية تهدف إلى دفع الناس إلى الهروب من ظروف مستحيلة، صُنعت عمداً لتمهيد الأرض لمشروع التهجير.

مأساة ممتدة ومعبر مغلق

لم يغب الجانب الإنساني عن البيان، حيث دعت الوزارة إلى فتح معبر رفح البري، وتسهيل سفر الجرحى والمرضى، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية العالقة على الجانب المصري، والتي يمكن أن تخفف من حدة الكارثة المتفاقمة. وهذا يعكس فشلاً مزدوجاً، سواء في تخفيف الحصار من قبل المجتمع الدولي أو في الاستجابة الكافية من الدول العربية المجاورة.

خلفية الصراع.. أرقام مأساوية

التحذير من الحملات "الناعمة" يأتي في سياق استئناف العدوان الإسرائيلي في 18 مارس الماضي، بعد هدنة مؤقتة. ومنذ ذلك التاريخ، قُتل ما لا يقل عن 1827 شخصاً، ما يرفع حصيلة القتلى الإجمالية منذ بدء الحرب إلى أكثر من 51 ألف قتيل، معظمهم من المدنيين، وفق وزارة الصحة التي تديرها حركة "حماس".

هذه الأرقام تعكس مدى الكارثة الإنسانية التي يعانيها القطاع، وتقدم بيئة مثالية لمخططات الاحتلال، التي باتت تدير الحرب بمزيج من السلاح والمعلومة والضغط النفسي.

مقالات مشابهة

  • السفيرة برّي: كتاب روّاد من بلاد الأرز انجاز وطني كبير
  • التهجير الناعم.. تحذيرات من حملات إسرائيلية خفية لتفريغ غزة عبر التضليل النفسي
  • رئيسة وزراء تايلاند: تأجيل مفاوضات الرسوم الجمركية الأمريكية
  • صرير الأسنان ونمو أضراس العقل.. أسباب خفية وراء الصداع الصباحي
  • كيف يمكن أن يؤثر تغير المناخ على نسبة مادة الزرنيخ السامة في الأرز؟
  • إنترنت الطبيعة.. الكشف عن لغة خفية لتواصل الحيوانات بين بعضها
  • غزة تصنع معجزة البقاء
  • الصين تصنع أول جهاز آلي لشراء الذهب في العالم.. فيديو
  • اكتشاف نقوش خفية في موقع العشاء الأخير للمسيح
  • اختبارات خفية وغريبة في مقابلات العمل.. تجاوزها بهذه الطريقة