الباقر العفيف – المفكر الذي لم يغادر الساحة حتى في رحيله
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
لا يمكن للمرء أن يمر على سرد الدكتور النور حمد عن الراحل الباقر العفيف دون أن يشعر بامتنان عميق لهذا الجهد الفكري المخلص الذي رسم صورة متكاملة لرجل استثنائي في الفكر والسياسة والعمل المدني. لقد استطاع النور حمد، بأسلوبه العميق وتحليله الرصين، أن يعكس جوهر العفيف ورحلته الفكرية والنضالية، مستعرضًا مواقفه ورؤاه التي ظل يناضل من أجلها حتى لحظاته الأخيرة.
الباقر العفيف لم يكن مجرد مفكر أو ناشط سياسي، بل كان نموذجًا للالتزام العميق بقضايا وطنه وشعبه. فمنذ انخراطه في "حركة حق"، ثم انتقاله إلى العمل المدني عبر مركز الخاتم عدلان للاستنارة، ظلّ في قلب المعركة من أجل الحرية والعدالة. ورغم المرض الذي اشتد عليه في أيامه الأخيرة، لم يتوقف عن العطاء، حيث كتب ورقته المهمة عن "لجان المقاومة"، مسلطًا الضوء على نشأتها وتحدياتها. هذه العزيمة الصلبة على مواصلة النضال حتى آخر لحظة، تلخّص جوهر شخصية العفيف، وتجعل رحيله فاجعة لمحبّيه وزملائه ولكل من آمن بمشروعه الفكري والسياسي.
أبرز ما ميز الباقر، كما أوضح النور حمد، هو قدرته الفريدة على تحليل الهوية السودانية ونقد التصورات السائدة بشأنها. كانت رؤيته في هذا الجانب جريئة وعميقة، حيث نبّه إلى الخلل في التصورات العرقية السائدة، وسلط الضوء على ما اعتبره قطيعة فكرية بين السودان وجذوره الأفريقية. لقد ترك بصمته في هذا المجال عبر ورقته الشهيرة "متاهة قوم سود ذوو ثقافة بيضاء"، والتي كانت ولا تزال من أكثر الدراسات تأثيرًا في هذا الشأن.
وفي جانب آخر، قدّم العفيف نقدًا بنّاءً لمسألة الصراع بين الأصيل والدخيل في الثقافة السودانية، حيث رأى أن غلبة الفقه الوافد على التصوف المتأصل في السودان لعبت دورًا كبيرًا في الأزمات الفكرية والسياسية التي عاشتها البلاد. هذه الرؤية التحليلية تعكس عقلًا نقديًا مستنيرًا، لم يكتفِ برصد المشكلات، بل حاول أن يضع يده على جذورها التاريخية والثقافية.
إن استحضار النور حمد لهذا الإرث العظيم للباقر العفيف هو في حد ذاته عملٌ يستحق التقدير، فهو لم يكتب عنه مجرد رثاء عابر، بل قدّم تحليلًا موضوعيًا يعكس قيمة الرجل ومكانته الفكرية. إنه وفاءٌ يليق برجل مثل الباقر، عاش مدافعًا عن قناعاته حتى النهاية.
رحم الله الباقر العفيف، وجعل ما قدمه في ميزان حسناته. ونسأل الله أن يكون من أهل اليمين، ممن تركوا أثرًا لا يُمحى في ذاكرة شعبهم وأمتهم. والتحية موصولة للدكتور النور حمد على هذا السرد العميق الذي أنصف الرجل ووضع تجربته في سياقها المستحق.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الباقر العفیف النور حمد
إقرأ أيضاً:
شرطة الشارقة و«الاقتصاد» تتعاونان في الملكية الفكرية
الشارقة: «الخليج»
أبرمت القيادة العامة لشرطة الشارقة مذكرة تفاهم مع وزارة الاقتصاد، بهدف تعزيز التعاون المشترك في مجال الملكيات الفكرية وتطوير آلياتها؛ بما يسهم في دعم بيئة الابتكار، وتحفيز الاستثمار في الأفكار الإبداعية، لاسيما المجالات الأمــنية المبتكرة.
وقّع المذكرة اللواء عبدالله مبارك بن عامر القائد العام لشرطة الشارقة، وعبدالله أحمد آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد، وحضر مراسمها الدكتور عبدالرحمن المعيني الوكيل المساعد لقطاع الملكية الفكرية، والعميد عبدالله إبراهيم بن نصار المدير العام للإدارة العامة للموارد والخدمات الداعمة، والعميد عمر أحمد بوالزود المدير العام للإدارة العامة للأمن الجنائي والمنافذ، والعميد الدكتور علي أحمد بوالزود نائب المدير العام للإدارة العامة لوقاية وحماية المجتمع، والعقيد الدكتور سامح الحليان نائب مدير إدارة الاستراتيجية والريادة المؤسسية، إلى جانب عدد من المسؤولين في كلا الجانبين.
وتركّز المذكرة على توسيع آفاق التنسيق المشترك، وتعزيز الوعي بأهمية حماية حقوق الملكية الفكرية، إلى جانب تطبيق الأفكار والمشاريع الابتكارية بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للطرفين، وتهدف إلى تبادل المعرفة والخبرات، وتقديم الاستشارات والدعم في تسجيل الملكيات الفكرية، والنماذج الصناعية، وبراءات الاختراع، إضافةً إلى دعم منظومة فحص الملكيات الفكرية من خلال برنامج «الفاحص الإماراتي»، والذي يتيح تنسيب المتدربين لاكتساب المهارات المتخصصة في هذا المجال.
وأكد اللواء بن عامر أن هذه الشراكة تأتي في إطار تعزيز تكامل الأدوار بين الجهات الحكومية؛ بما يسهم في تطوير بيئة محفزة للابتكار، ورفع كفاءة الخدمات المقدمة، مشيراً إلى أن الاتفاقية تمثل محطة مهمة نحو تعزيز جودة العمل الحكومي، وترسيخ ثقافة الابتكار في مختلف القطاعات.
من جانبه ثمّن آل صالح التعاون، مؤكداً أن الشراكة مع شرطة الشارقة تعكس التزام الوزارة بدعم الاستثمار في كافة المجالات، وترسيخ مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للابتكار، وذلك من خلال تعزيز منظومة الملكية الفكرية، وتوفير بيئة داعمة للمبدعين والمبتكرين.