لا يمكن للمرء أن يمر على سرد الدكتور النور حمد عن الراحل الباقر العفيف دون أن يشعر بامتنان عميق لهذا الجهد الفكري المخلص الذي رسم صورة متكاملة لرجل استثنائي في الفكر والسياسة والعمل المدني. لقد استطاع النور حمد، بأسلوبه العميق وتحليله الرصين، أن يعكس جوهر العفيف ورحلته الفكرية والنضالية، مستعرضًا مواقفه ورؤاه التي ظل يناضل من أجلها حتى لحظاته الأخيرة.



الباقر العفيف لم يكن مجرد مفكر أو ناشط سياسي، بل كان نموذجًا للالتزام العميق بقضايا وطنه وشعبه. فمنذ انخراطه في "حركة حق"، ثم انتقاله إلى العمل المدني عبر مركز الخاتم عدلان للاستنارة، ظلّ في قلب المعركة من أجل الحرية والعدالة. ورغم المرض الذي اشتد عليه في أيامه الأخيرة، لم يتوقف عن العطاء، حيث كتب ورقته المهمة عن "لجان المقاومة"، مسلطًا الضوء على نشأتها وتحدياتها. هذه العزيمة الصلبة على مواصلة النضال حتى آخر لحظة، تلخّص جوهر شخصية العفيف، وتجعل رحيله فاجعة لمحبّيه وزملائه ولكل من آمن بمشروعه الفكري والسياسي.

أبرز ما ميز الباقر، كما أوضح النور حمد، هو قدرته الفريدة على تحليل الهوية السودانية ونقد التصورات السائدة بشأنها. كانت رؤيته في هذا الجانب جريئة وعميقة، حيث نبّه إلى الخلل في التصورات العرقية السائدة، وسلط الضوء على ما اعتبره قطيعة فكرية بين السودان وجذوره الأفريقية. لقد ترك بصمته في هذا المجال عبر ورقته الشهيرة "متاهة قوم سود ذوو ثقافة بيضاء"، والتي كانت ولا تزال من أكثر الدراسات تأثيرًا في هذا الشأن.

وفي جانب آخر، قدّم العفيف نقدًا بنّاءً لمسألة الصراع بين الأصيل والدخيل في الثقافة السودانية، حيث رأى أن غلبة الفقه الوافد على التصوف المتأصل في السودان لعبت دورًا كبيرًا في الأزمات الفكرية والسياسية التي عاشتها البلاد. هذه الرؤية التحليلية تعكس عقلًا نقديًا مستنيرًا، لم يكتفِ برصد المشكلات، بل حاول أن يضع يده على جذورها التاريخية والثقافية.

إن استحضار النور حمد لهذا الإرث العظيم للباقر العفيف هو في حد ذاته عملٌ يستحق التقدير، فهو لم يكتب عنه مجرد رثاء عابر، بل قدّم تحليلًا موضوعيًا يعكس قيمة الرجل ومكانته الفكرية. إنه وفاءٌ يليق برجل مثل الباقر، عاش مدافعًا عن قناعاته حتى النهاية.

رحم الله الباقر العفيف، وجعل ما قدمه في ميزان حسناته. ونسأل الله أن يكون من أهل اليمين، ممن تركوا أثرًا لا يُمحى في ذاكرة شعبهم وأمتهم. والتحية موصولة للدكتور النور حمد على هذا السرد العميق الذي أنصف الرجل ووضع تجربته في سياقها المستحق.

zuhair.osman@aol.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الباقر العفیف النور حمد

إقرأ أيضاً:

الفاتيكان: توافد 200 ألف شخص لحضور جنازة البابا فرانسيس

أعلن الفاتيكان، اليوم السبت عن توافد حوالي 200 ألف شخص لحضور قداس جنازة البابا فرانسيس، الذي توفى عن عمر 88 عاما الأسبوع الماضي.

جنازة البابا فرانسيسجنازة البابا فرانسيس

وتجري مراسم جنازة البابا فرانسيس في ساحة القديس بطرس بالعاصمة الإيطالية روما.

واصطف المشيعون على طول طريق "فيا ديلا كونسيلياتيوني"، المؤدي إلى الفاتيكان، وتابعوا القداس على شاشات كبيرة في الساحات العامة بروما، بما في ذلك خارج كنيسة سانتا ماريا ماجوري.

قادة العالم في جنازة البابا فرانسيسترامب وميلانيا

ووصل عدد من قادة العالم، إلى الفاتيكان لحضور جنازة البابا فرانسيس على رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وزوجته ميلانيا، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والأمير ويليام.

اصطف الكرادلة ذوو الثياب الحمراء على طول الطريق، وتبعوهم بينما انفجرت الحشود في الساحة بالتصفيق تعبيرًا عن الاحترام.

وصول زيلينسكي

شكل الكرادلة ذوو الثياب الحمراء الفاخرة صفًا مزدوجًا في كاتدرائية القديس بطرس، محاطين بالنعش أثناء نقله إلى الساحة لحضور قداس الجنازة. 

رفع حاملو النعش النعش من الساحة وسط تصفيق حار.

طباعة شارك الفاتيكان توافد 200 ألف شخص جنازة البابا فرانسيس البابا فرانسيس قادة العالم في جنازة البابا فرانسيس وفاة البابا فرانسيس نعش البابا فرانسيس بابا الفاتيكان ترامب يحضر جنازة البابا فرانسيس

مقالات مشابهة

  • إطلاق إصدار خفيف من أداة البحث العميق في ChatGPT
  • صور جنسية لها وصلتها وهي جالسة.. فتاة تروي لـCNN قصة صادمة عن التزييف العميق
  • الفاتيكان: توافد 200 ألف شخص لحضور جنازة البابا فرانسيس
  • OpenAI تطلق إصداراً جديداً من أداة البحث العميق
  • OpenAI تطلق نسخة «خفيفة» من أداة البحث العميق في ChatGPT
  • قداسة البابا تواضروس يتسلم النور المقدس | صور
  • النور حمد (نموذجاً): عندما يتحدث النخبوي عن نفسه بصفة (نحن عملاء)
  • في ذكرى رحيله.. محمود مرسي "عتريس" الذي خجل أمام الكاميرا وكتب نعيه بيده
  • فلسطين.. طائرات الاحتلال تقصف منزلًا بالقرب من مسجد النور في خان يونس
  • عبد المحسن سلامة: مستشفى الصحفيين هيشوف النور في الدورة المقبلة