الأخطاء الطبية والإهمال.. هل يمكن تفادي الكارثة؟ ومن المسؤول عنها؟
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
ازداد الحديث في السنوات الماضية عن الأخطاء الطبية الحاصلة في مستشفيات لبنان، وتُعدُّ القضايا المرتبطة بوقوع "أخطاء طبيّة" من أكثر المواضيع حساسيّة. خطأ في التشخيص، جرعة زائدة، إهمال أو تقصير الطبيب وغيرها من الأسباب أدت بضحاياها الى عطب دائم، تشوه أو وفاة.
حيزٌ ضئيل هو الذي يفصل بين الخطأ والإهمال الطبيّ.
"الخطأ الطبّي"، مصطلحٌ يكفي ذكره لزرع الهلع والصدمة في نفوس السامعين. وما إن يحصل أيّ خطأ طبّي حتّى يتحوّل مادة دسمة لتناقل الأخبار. ناهيك عن المريض وأهله الذين يضيعون بين محاكمة الطبيب والبحث عن الحقيقة، اضافةً الى فقدانهم الثقة في النظام الطبّي.
وتقول امنة الأسعد دكتورة في العلاج الفيزيائي أن الخطأ الطبي هو كل مخالفة أو خروج من الطبيب في سلوكه على القواعد والأصول الطبية التي يقضي بها العلم، والمتعارف عليها نظريا وعمليا وقت تنفيذه العمل الطبي، أو إخلاله بواجبات الحيطة والحذر واليقظة التي يفرضها القانون والمهنة عليه.والخطأ الطبي، هو تأثير جانبي للعناية الطبية التي تشمل الطبيب والجسم الطبي وكلّ مَن يهتم بالمريض، ويُعتبر هذا الخطأ غير مقصود ولكن كان يمكن تفاديه.
وأكدت الأسعد أن الأخطاء الطبية واردة في كل دول العالم باعتبار أن الطب مهنة وسِمة إنسانية لا تجارة وسمسرّة، وقطعاً تلك الاخطاء الطبية لا علاقة لها بالاهمال الذي يُعتبر صاحبه مجرماً بلا سلاح، مع انهُ في بلادنا يفترض من لم يخيفه القانون، يعلم جيداً ان الله له بالمرصاد. وأن معدلات الخطأ الطبيّ في لبنان وخصوصًا في المستشفيات الخاصة لا تزال ضمن المعدلات الطبيعيّة.مؤكدة انه “لا يمكن تفاديّ الأخطاء الطبيّة، وهي تحصل كل يوم لأن الاطباء هم بشر قد يخطئون".
وميّزت بين الخطأ الطبيّ البسيط والخطأ الذي يؤدي إلى نتائج جسيمة. واعتبرت أن المرجع الوحيد للفصل في مثل هذه القضايا، هي القضاء اللّبنانيّ الذي يرتكز على تقارير اللجان الطبيّة في المستشفيات. وأكدّت أن دور اللجان الطبيّة هي مراقبة الأعمال الطبيّة ومساءلة المقصرين.
وأشارت الى أنه في لبنان هناك انتشارًا واسعًا للأطباء الذين تتنوع خبراتهم ومؤهلاتهم، حيث نجد أطباء قدامى وآخرين جدد. وفي شوارع العاصمة، تضيء آلاف القطع الضوئية الملونة التي تعلن عن أطباء حصلوا على شهاداتهم من دول مرموقة. ولكن، رغم هذه الشهادات الرفيعة، يفتقر الكثير من هؤلاء الأطباء إلى الخبرة الكافية، ما أدى إلى وقوع العديد من الأخطاء الطبية التي أثرت على حياة المرضى.
وتابعت الأسعد "عندما تحصل حادثة يطلب الناس إقفال المستشفى، ووضع الطبيب في السجن، واستباق قرار القضاء. ويُعد هذا الاجراء تصرفا شعبويا.فإنّ مسألة البحث عن المسؤولية والكشف عن الخطأ الطبي إن ارتُكب، موضوع دقيق جدّاً وليس مقبولاً إطلاق التهم جزافاً. كما أنّ الطبيب ليس جلاداً، لذلك يجب ادراك كيفية التعامل مع الموضوع، والابتعاد من التشهير في المهنة".
وقالت إن الدراسات أثبتت أن تركيز الجهود على معاقبة الشخص المعالج يبعث في نفوس العاملين في النظام الطبي الخوف والرهبة من الأخطاء والعقاب، مما يؤدي إلى إخفاء الأخطاء وعدم الاعتراف بها، بدلا من محاولة معالجتها ودراسة أسباب حدوثها.
وأضافت الأسعد أن "كل ملف طبيّ أو شكوى له خصوصيته وظروفه، وإذا ثبت تورط الطبيب تُتخذ بحقه عدة إجراءات قانونية بعد تحديد حجم مسؤوليته، بدءا بالتنبيه حتى التوقيف المؤقت عن العمل، والغرامة الماليّة وصولا الى قرار المنع من ممارسة المهنة نهائيا".
وأكدت أن المطلوب هو تفعيل العمل القضائي بطريقة يستطيع أي شخص مقتنع بالتقصير من قبل الطبيب المعالج ملاحقته أمام المحاكم والوصول إلى حقه بفاعلية وبسرعة وبصورة عادلة، وبالتالي يحصل على التعويض اللازم.
وختمت الأسعد بالخلاصات الواجب تطبيقها لتخفيف الأخطاء الطبية وهي "تدريب وتقييم أداء العاملين الصحيين، من بينهم الأطباء. إصدار وتطبيق سياسات تعزز عملية التبليغ عن الأخطاء الطبية على نحو سري. مراجعة وتحديث معايير أنظمة الاعتماد الحالية للمؤسّسات الصحية لضمان احتوائها على أهداف سلامة المرضى ومؤشرات الأداء. وتمكين المرضى ومساندتهم وتوعيتهم على الدور الذي يؤدونه في ما يختصّ بسلامتهم وإشراكهم في عملية اتّخاذ القرارات التي تتعلّق بصحتهم”.
أخطاء طبيّة كثيرة حصلت في لبنان، كان ضحيتها العديد من المرضى والكثير من اللوم من قبل الأهل المفجوعين. ويرى فاعلون في الرعاية الصحية أن غالب الأخطاء الطبية تعود إلى "الإهمال أو التقصير البشري" للطبيب أو مقدم الخدمة الطبية أو إلى "ممارسات الربح السريع"، أو جراء عطل في المعدات والتجهيزات الطبية، وغيرها من العوامل المتداخلة.
ومما تقدّم نجد ان جوهر المشكلة يكمن في السياسات الصحيّة والقانونية المتبعة، ونتيجة اخفاقات على مستوى المؤسسات والنظم الصحية العامة، والدعوة الى تغيير جذري يقوم على وضع اسس وخطط استراتيجية تساهم في خلق الوعيّ لدى الطبيب والمريض معا لئلا يكون أحدهما ضحيّة الآخر.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الأخطاء الطبیة الأخطاء الطبی الخطأ الطبی الطبی ة الذی ی
إقرأ أيضاً:
مجلس النواب يقر ضوابط الصلح في جرائم الخطأ الطبي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على ضوابط الصلح في جرائم الخطأ الطبي، وفقا لما ورد في مشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض جاء ذلك وفقا لما ورد في المادة (28) من مشروع قانون المسئولية الطبية.
والتي تنص على: للمجني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص أن يطلب من جهة التحقيق أو المحكمة المختصة، بحسب الأحوال، وفي أي حالة كانت عليها الدعوى، إثبات الصلح مع المتهم في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
وتأمر جهة التحقيق بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة الحكم باتًا، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة أو على الدعوى المدنية ويجوز أن يكون الإقرار بالصلح أمام لجنة التسوية الودية المشكلة وفقًا لأحكام هذا القانون.
على أن يتم عرضه على جهة التحقيق أو المحكمة المختصة بحسب الأحوال لاعتماده، ويترتب على الصلح ذات الآثار الواردة في الفقرة السابقة.
ووافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على مقترح الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، على تخفيض حجم الغرامات المقررة عند الخطأ الطبي المحقق وكان نص المادة (27) من مشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض كالتالي: يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه كل من ارتكب خطأ طبيًا سبب ضررًا محققًا لمتلقي الخدمة.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم واقترح النائب عبد الهادي القصبي، النزول بالحد الأدنى للغرامة من 100 ألف جنيه إلى 10 آلاف جنيه، بينما الحد الأقصى تم النزول بها من مليون جنيه إلى 100 ألف جنيه.
ووافق مجلس النواب على المادة بعد تعديلها على النحو التالي: يعاقب بغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيها جنيها ولا تجاوز 100 ألف جنيها كل من ارتكب خطأ طبيًا سبب ضررًا محققًا لمتلقي الخدمة وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم.
من جانبه رحب الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، بالمقترح، قائلا: كنا نريد ألا تكون هناك غرامات في الأساس، نظرا لضعف رواتب الأطباء وأشار نقيب الأطباء، إلى أن الرأي القانوني أقر أن يكون هناك غرامات على المخالفات، ومن ثم نوافق على مقترح زعيم الأغلبية.