نيو دلهي : البلاد

يعتبر الزراعة العمود الفقري لإقتصاد الهند حيث توظف هذا القطاع  أكثر من 50% من القوى العاملة وتساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ومع ذلك، يواجه هذا القطاع العديد من التحديات، بما في ذلك أنماط الطقس غير المتوقعة الناتجة عن تغير المناخ، وتراجع خصوبة التربة، وانتشار الآفات، وسوء استخدام الموارد .

 كما ذكر تقرير اصدرته الحكومة الهندية مؤخراً أن دمج الذكاء الاصطناعي (AI) يوفر حلولاً تحولية للتصدي لهذه التحديات مما يعزز الإنتاجية والاستدامة والقدرة على الصمود في الزراعة الهندية”. كما أشار التقرير إلى أن الإنتاج الزراعي في الهند يعتمد بشكل كبير على موسم الأمطار الموسمية الذي يشكل حوالي 70% من إجمالي هطول الأمطار السنوي في البلاد.

في حين اشار التقرير أن أنماط الطقس غير المنتظمة، التي تفاقمت بسبب تغير المناخ، تؤدي غالباً إلى خسائر في المحاصيل وأزمات اقتصادية بين المزارعين حيث توفر تحليلات الطقس التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي توقعات دقيقة وفي الوقت المناسب، مما يمكن المزارعين من اتخاذ قرارات سليمة بشأن الزراعة والري والحصاد.

منصات مثل ” منصة واتسون لإتخاذ القرارات الزراعية” من  شركة آي بي إيم تستخدم نماذج التعلم الآلي لتحليل مجموعات بيانات ضخمة، حيث تقدم توقعات طقس دقيقة ومخصصة لمناطق محددة حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد المخاطر المناخية من خلال تحليل بيانات الطقس التاريخية والأنماط الحالية وعلى سبيل المثال، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي محاكاة تأثير تأخر موسم الأمطار أو الجفاف الممتد على إنتاجية المحاصيل، مما يساعد صانعي السياسات والمزارعين على تخطيط استراتيجيات التخفيف من الأضرار.

تعمل تقنيات مثل الإستشعار عن بعد عبر الأقمار الصناعية جنباً إلى جنب مع الذكاء الإصطناعي على توفير رؤى مناخية في الوقت الفعلي مما يساعد في الاستعداد للكوارث والاستجابة لها ويشكل ندرة المياه قضية بالغة الأهمية في الزراعة الهندية، حيث تساهم ممارسات الري غير الفعّالة في إهدار الموارد وتعمل أنظمة الري الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تحسين استخدام المياه من خلال مراقبة مستويات رطوبة التربة وظروف الطقس.

تقوم شركات مثل “فاسال” و كاروبلين ” بنشر أجهزة استشعار إنرنت الأشياء المدمجة مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم جداول الري الدقيقة مما يقلل من استهلاك المياه مع الحفاظ على صحة المحاصيل. وقد أدى الإفراط في استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية إلى تدهور التربة وتلوث البيئة في الهند ويمكن لحلول الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات صحة التربة وتوصية المزارعين بنوع وكمية الأسمدة اللازمة لمحصول معين مما يمنع الاستخدام المفرط.

وبالمثل، تستخدم أنظمة الكشف عن الآفات المدعومة بالذكاء الإصطناعي تقنيات التعرف على الصورة والتحليلات التنبؤية لتحديد اصابات الآفات في وقت مبكر مما يقلل الحاجة إلى استخدام المبيدات واسعة النطاق كما يُمكّن الذكاء الاصطناعي عند دمجه مع الصور الفضائية، من مراقبة صحة المحاصيل على نطاق واسع. وتستخدم منصات مثل (محرك غوغل آرت) والذكاء الإصطناعي للإراضي من مايكروسوفت خوارزميات التعلم الآلي لتحليل مؤشرات الغطاء النباتي مما يساعد في الكشف عن علامات إجهاد المحاصيل الناتج عن الآفات أو الأمراض أو نقص المياه.

حيث تمكن هذه الرؤى المزارعين من اتخاذ إجراءات تصحيحية في الوقت المناسب مما يقلل الخسائر إلى أدنى حد ويُعد التنبؤ الدقيق بإنتاجية المحاصيل أمراً حيوياً لضمان الأمن الغذائي وتخطيط الخدمات اللوجستية في الهند. وتعمل النماذج القائمة على الذكاء الاصطناعي، والمدربة على بيانات الإنتاجية التاريخية والظروف المناخية الحالية، على التنبؤ بإنتاجية المحاصيل بدقة مذهلة في حين تساعد هذه النماذج الحكومات والشركات الزراعية على التنبؤ بالإمدادات، واستقرار الأسعار، وضمان توزيع الموارد بشكل فعّال.

وفي معظم الأحيان، يواجه المزارعون الهنود تحديات في الوصول إلى أسواق عادلة بسبب نقص الشفافية في الأسعار وهيمنة الوسطاء وتستفيد المنصات الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل نظام السوق الزراعية الوطنية وسوق المزارعين  من خوارزميات التعلم الآلي لتوفير معلومات سوقية آنية مما يساعد المزارعين على الحصول على أسعار أفضل لمحاصيلهم.

وتوفر روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الإصطناعي وتطبيقات الهواتف المحمولة نصائح زراعية مخصصة بناء على الظروف الإقليمية واختيارات المحاصيل في حين تقدم أدوات مثل تطبيق الزراعة الذكي من مايكروسوفت وخدمات غرامافون المدعومة بالذكاء الاصطناعي توصيات حول مواعيد الزراعة، ومكافحة الآفات، وإدارة المغذيات مما يمكّن المزارعين من اتخاذ قرارات مدعومة بالبيانات كما يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً تعزيز ممارسات الزراعة المستدامة التي تخفف من تأثيرات تغير المناخ.

على سبيل المثال، يمكن لنماذج التعلم الآلي توصية بأنماط دوران المحاصيل والزراعة المختلطة التي تعزز من احتجاز الكربون في التربة بالإضافة إلى ذلك يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد المناطق المناسبة للتشجير أو الزراعة الحراجية مما يساهم في تحقيق أهداف الحياد الكربوني. ومع سعي الهند لتحقيق قدرة كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً حيوياً في دمج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العمليات الزراعية.

تعمل الشبكات الذكية وأنظمة إدارة الطاقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تحسين إمدادات الطاقة لمضخات الري ومنشآت التخزين البارد مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري حيث أطلقت الحكومة الهندية عدة مبادرات من أجل تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة. كما تهدف مهمة الزراعة الرقمية 2021–2025 إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة الأخرى لتحقيق الزراعة الذكية والمستدامة.

ومن جهة ثانية، فإن تعاون وزارة الزراعة مع الشركات الناشئة في مجال الذكاء الإصطناعي ضمن مبادرة  ” “التحدي الزراعي التكنولوجي” يعزز الابتكار في هذا القطاع حيث أن النظام البيئي الزراعي التكنولوجي المزدهر في الهند يدفع بتبني الذكاء الاصطناعي  بالإضافة إلى ذلك أن الشركات الناشئة مثل ” نينجاكات و تطبيقات استيلا واسكايميت لتنبؤ بالطقس والتي تستخدم الذكاء الإصطناعي لحل التحديات المتصاعدة في إدارة سلاسل التوريد ومراقبة الثروة الحيوانية والتنبؤات الجوية.

وفي الأثناء، تستثمر الشركات العملاقة مثل شركة تاتا للخدمات الإستشارية وإنفوسيس في البحث والتطوير في مجال الذكاء الإصطناعي في الزراعة مع العلم أن دمج الذكاء الإصطناعي في الزراعة الهندية يحمل وعوداً كبيرة لكن نجاحه يعتمد بشكل كبير على معالجة التحديات الرئيسية حيث يعد انشاء البنية التحتية الرقمية وتعزيز تعليم المزارعين وتشجيع الإبتكار التعاوني أموراً اساسية لضمان تبني التكنولوجيا على نطاق واسع.

وعلاوة على ذلك، سيكون تطوير أطر أخلاقية الذكاء الإصطناعي مع ضمان الشمولية أمرين حاسمين من اجل تحقيق نمو عادل. مع تسخير امكانات الذكاء الإصطناعي، يمكن للهند تحويل قطاعها الزراعي إلى نموذج للصمود والإستدامة مما يضمن الأمن الغذائي للبلاد لها سكان أكثر من مليار نسمة بل أن لها مساهمة غالية في تحقيق أهداف المناخ العالمية . وفي هذا الصدد ، أن الهند بدأت الرحلة للتو، لكن لها امكانات هائلة لا حدود لها.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الذكاء الإصطناعي المدعومة بالذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی الذکاء الإصطناعی التعلم الآلی فی الزراعة مما یساعد مما یقلل فی الهند

إقرأ أيضاً:

مايكروسوفت.. نماذج صغيرة تنافس عمالقة الذكاء الاصطناعي

في سباق متسارع  في مشهد الذكاء الاصطناعي، أعلنت مايكروسوفت عن مجموعة جديدة من نماذج الذكاء الاصطناعي تحت اسم Phi 4، والتي تتميز بحجمها الصغير وأدائها القوي، لتنافس نماذج أكبر وأكثر شهرة مثل o3-mini من OpenAI.وفق موقع "تك كرانش" التقني.

من خلال Phi 4، تضع مايكروسوفت نفسها في موقع المنافسة المباشرة مع عمالقة القطاع، مقدمة نماذج مفتوحة المصدر يمكنها التعامل مع مهام معقدة كحل المسائل الرياضية، البرمجة، وتحليل البيانات، وكل ذلك بكفاءة تضاهي نماذج أضخم وأكثر تعقيدًا.

اقرأ أيضاً.. مايكروسوفت".. قصة نجاح من الحوسبة إلى الذكاء الاصطناعي والسحابة
أكدت مايكروسوفت أنها اعتمدت في تطوير هذه النماذج الجديدة على أساليب تدريب عصرية وتقنيات متطورة مثل "التعلم المعزز" و"التقطير المعرفي"، لضمان الحصول على أداء قوي بالرغم  من الحجم الصغير نسبيًا. وأوضحت الشركة أن هدفها الأساسي هو توفير ذكاء اصطناعي قوي حتى للأجهزة التي لا تتمتع بمواصفات تقنية عالية، ما يسمح باستخدامه في بيئات تحتاج إلى رد فعل سريع، مثل الأجهزة المحمولة وتطبيقات إنترنت الأشياء (IoT).

3 نماذج رئيسية:

Phi 4 reasoning plus وPhi 4 reasonin و Phi 4 mini reasonin ..جميع هذه النماذج مصنفة ضمن نماذج "الاستدلال" (Reasoning)، والتي تركز على التحقق الدقيق من صحة الحلول للمسائل المعقدة، وهو ما يجعلها مثالية لمهام تتعلق بالرياضيات، العلوم، والبرمجة.

أخبار ذات صلة جناح «تريندز» في «أبوظبي للكتاب» يناقش الثقافة والذكاء الاصطناعي ويطلق كتابين أكاديمية الفضاء الوطنية تعلن عن الدفعة الثانية من مسار «التطبيقات الفضائية»


تم تدريب Phi 4 mini reasoning  كمساعد تعليمي ذكي على مليون مسألة رياضية اصطناعية باستخدام نموذج R1 من شركة DeepSeek الصينية.. ويقدم أدوات تعليمية مثل التدريس التفاعلي على أجهزة خفيفة الوزن، ويتميز بأداء عالي رغم الحجم الصغير.
Phi 4 reasoning: النموذج الثاني في السلسلة يضم 14 مليار معلمة، وتم تدريبه على بيانات ويب عالية الجودة إلى جانب عروض مختارة من نموذج o3-mini. يقدم حلولاً في مسائل الرياضيات، البرمجة، والعلوم كما يتميز بأداء متفوق في المجالات التقنية المعقدة.
Phi 4 reasoning plus:  نموذج يتميز بدقة تضاهي النماذج العملاقة هذا النموذج هو نسخة مطورة من Phi-4 الأصلي، مُهيأ ليحقق دقة أعلى في مهام محددة. يُقارب أداء نموذج R1 (رغم أن الأخير يحتوي على 671 مليار معلمة).في الاختبارات: تساوى تقريبًا مع o3-mini في اختبار OmniMath  ويمتاز بقوة أداء هائلة مقابل حجم أصغر.


لماذا هذه النماذج مهمة؟
عائلة Phi تقدم لمطوري التطبيقات أدوات ذكاء اصطناعي قوية بحجم صغير، مناسبة لتطبيقات الحوسبة على الحافة (Edge AI) — أي التطبيقات التي تعمل على الأجهزة مباشرة من دون الحاجة لخوادم ضخمة.
تهدف مايكروسوفت، من خلال هذه النماذج إلى تمكين المطورين من بناء تطبيقات أسرع، وأخف، وأكثر ذكاءً.

مع إطلاق نماذج Phi 4 الجديدة، تثبت مايكروسوفت أنها ماضية بقوة نحو إعادة تشكيل مشهد الذكاء الاصطناعي، ليس فقط من حيث الأداء، بل من خلال تقديم حلول عملية تناسب احتياجات المطورين والتطبيقات الحديثة.

وبينما يواصل الذكاء الاصطناعي التوليدي لعب دور أكبر في التعليم، البرمجة، والأعمال، فمن المتوقع أن تصبح نماذج مثل Phi 4 جزءًا أساسيًا من الأدوات المستخدمة لتطوير تطبيقات ذكية تعمل بكفاءة وسرعة على الأجهزة الطرفية. هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام موجة جديدة من الابتكار.

ومع توافر هذه النماذج عبر منصة Hugging Face، فإن الطريق أصبح ممهدًا أمام مجتمع المطورين لاستكشاف إمكانياتها، وتوظيفها لبناء الجيل القادم من التطبيقات الذكية.

لمياء الصديق (أبوظبي)

مقالات مشابهة

  • وكيل وزارة الزراعة بأسيوط يتابع المحاصيل الزراعية بمراكز منفلوط والقوصية وديروط
  • مايكروسوفت.. نماذج صغيرة تنافس عمالقة الذكاء الاصطناعي
  • خبراء يحذِّرون: الذكاء الاصطناعي يجعل البشر أغبياء
  • مخاطر الذكاء الاصطناعي على التعليم والبحث العلمي
  • برادة يواجه العنف المدرسي بكاميرات الذكاء الإصطناعي
  • كِتابة جِنيّ المصباح تجارب روائية ولَّدها الذكاء الاصطناعي
  • كتَّاب عرب: لن نترك الذكاء الاصطناعي يأخذ مكاننا!
  • حول حقوق المؤلف والملكية الفكرية لما ينتجه الذكاء الاصطناعي
  • لماذا كتبتُ بيان شفافية حول الذكاء الاصطناعي لكتابي؟
  • عالم : سيطرة الذكاء الاصطناعي على البشرية قد يصل لواحد من كل 5