دمج الزراعة الهندية بتحليلات التنبؤات الجوية المعتمدة على الذكاء الإصطناعي
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
نيو دلهي : البلاد
يعتبر الزراعة العمود الفقري لإقتصاد الهند حيث توظف هذا القطاع أكثر من 50% من القوى العاملة وتساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ومع ذلك، يواجه هذا القطاع العديد من التحديات، بما في ذلك أنماط الطقس غير المتوقعة الناتجة عن تغير المناخ، وتراجع خصوبة التربة، وانتشار الآفات، وسوء استخدام الموارد .
كما ذكر تقرير اصدرته الحكومة الهندية مؤخراً أن دمج الذكاء الاصطناعي (AI) يوفر حلولاً تحولية للتصدي لهذه التحديات مما يعزز الإنتاجية والاستدامة والقدرة على الصمود في الزراعة الهندية”. كما أشار التقرير إلى أن الإنتاج الزراعي في الهند يعتمد بشكل كبير على موسم الأمطار الموسمية الذي يشكل حوالي 70% من إجمالي هطول الأمطار السنوي في البلاد.
في حين اشار التقرير أن أنماط الطقس غير المنتظمة، التي تفاقمت بسبب تغير المناخ، تؤدي غالباً إلى خسائر في المحاصيل وأزمات اقتصادية بين المزارعين حيث توفر تحليلات الطقس التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي توقعات دقيقة وفي الوقت المناسب، مما يمكن المزارعين من اتخاذ قرارات سليمة بشأن الزراعة والري والحصاد.
منصات مثل ” منصة واتسون لإتخاذ القرارات الزراعية” من شركة آي بي إيم تستخدم نماذج التعلم الآلي لتحليل مجموعات بيانات ضخمة، حيث تقدم توقعات طقس دقيقة ومخصصة لمناطق محددة حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد المخاطر المناخية من خلال تحليل بيانات الطقس التاريخية والأنماط الحالية وعلى سبيل المثال، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي محاكاة تأثير تأخر موسم الأمطار أو الجفاف الممتد على إنتاجية المحاصيل، مما يساعد صانعي السياسات والمزارعين على تخطيط استراتيجيات التخفيف من الأضرار.
تعمل تقنيات مثل الإستشعار عن بعد عبر الأقمار الصناعية جنباً إلى جنب مع الذكاء الإصطناعي على توفير رؤى مناخية في الوقت الفعلي مما يساعد في الاستعداد للكوارث والاستجابة لها ويشكل ندرة المياه قضية بالغة الأهمية في الزراعة الهندية، حيث تساهم ممارسات الري غير الفعّالة في إهدار الموارد وتعمل أنظمة الري الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تحسين استخدام المياه من خلال مراقبة مستويات رطوبة التربة وظروف الطقس.
تقوم شركات مثل “فاسال” و كاروبلين ” بنشر أجهزة استشعار إنرنت الأشياء المدمجة مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم جداول الري الدقيقة مما يقلل من استهلاك المياه مع الحفاظ على صحة المحاصيل. وقد أدى الإفراط في استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية إلى تدهور التربة وتلوث البيئة في الهند ويمكن لحلول الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات صحة التربة وتوصية المزارعين بنوع وكمية الأسمدة اللازمة لمحصول معين مما يمنع الاستخدام المفرط.
وبالمثل، تستخدم أنظمة الكشف عن الآفات المدعومة بالذكاء الإصطناعي تقنيات التعرف على الصورة والتحليلات التنبؤية لتحديد اصابات الآفات في وقت مبكر مما يقلل الحاجة إلى استخدام المبيدات واسعة النطاق كما يُمكّن الذكاء الاصطناعي عند دمجه مع الصور الفضائية، من مراقبة صحة المحاصيل على نطاق واسع. وتستخدم منصات مثل (محرك غوغل آرت) والذكاء الإصطناعي للإراضي من مايكروسوفت خوارزميات التعلم الآلي لتحليل مؤشرات الغطاء النباتي مما يساعد في الكشف عن علامات إجهاد المحاصيل الناتج عن الآفات أو الأمراض أو نقص المياه.
حيث تمكن هذه الرؤى المزارعين من اتخاذ إجراءات تصحيحية في الوقت المناسب مما يقلل الخسائر إلى أدنى حد ويُعد التنبؤ الدقيق بإنتاجية المحاصيل أمراً حيوياً لضمان الأمن الغذائي وتخطيط الخدمات اللوجستية في الهند. وتعمل النماذج القائمة على الذكاء الاصطناعي، والمدربة على بيانات الإنتاجية التاريخية والظروف المناخية الحالية، على التنبؤ بإنتاجية المحاصيل بدقة مذهلة في حين تساعد هذه النماذج الحكومات والشركات الزراعية على التنبؤ بالإمدادات، واستقرار الأسعار، وضمان توزيع الموارد بشكل فعّال.
وفي معظم الأحيان، يواجه المزارعون الهنود تحديات في الوصول إلى أسواق عادلة بسبب نقص الشفافية في الأسعار وهيمنة الوسطاء وتستفيد المنصات الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل نظام السوق الزراعية الوطنية وسوق المزارعين من خوارزميات التعلم الآلي لتوفير معلومات سوقية آنية مما يساعد المزارعين على الحصول على أسعار أفضل لمحاصيلهم.
وتوفر روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الإصطناعي وتطبيقات الهواتف المحمولة نصائح زراعية مخصصة بناء على الظروف الإقليمية واختيارات المحاصيل في حين تقدم أدوات مثل تطبيق الزراعة الذكي من مايكروسوفت وخدمات غرامافون المدعومة بالذكاء الاصطناعي توصيات حول مواعيد الزراعة، ومكافحة الآفات، وإدارة المغذيات مما يمكّن المزارعين من اتخاذ قرارات مدعومة بالبيانات كما يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً تعزيز ممارسات الزراعة المستدامة التي تخفف من تأثيرات تغير المناخ.
على سبيل المثال، يمكن لنماذج التعلم الآلي توصية بأنماط دوران المحاصيل والزراعة المختلطة التي تعزز من احتجاز الكربون في التربة بالإضافة إلى ذلك يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد المناطق المناسبة للتشجير أو الزراعة الحراجية مما يساهم في تحقيق أهداف الحياد الكربوني. ومع سعي الهند لتحقيق قدرة كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً حيوياً في دمج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العمليات الزراعية.
تعمل الشبكات الذكية وأنظمة إدارة الطاقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تحسين إمدادات الطاقة لمضخات الري ومنشآت التخزين البارد مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري حيث أطلقت الحكومة الهندية عدة مبادرات من أجل تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة. كما تهدف مهمة الزراعة الرقمية 2021–2025 إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة الأخرى لتحقيق الزراعة الذكية والمستدامة.
ومن جهة ثانية، فإن تعاون وزارة الزراعة مع الشركات الناشئة في مجال الذكاء الإصطناعي ضمن مبادرة ” “التحدي الزراعي التكنولوجي” يعزز الابتكار في هذا القطاع حيث أن النظام البيئي الزراعي التكنولوجي المزدهر في الهند يدفع بتبني الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى ذلك أن الشركات الناشئة مثل ” نينجاكات و تطبيقات استيلا واسكايميت لتنبؤ بالطقس والتي تستخدم الذكاء الإصطناعي لحل التحديات المتصاعدة في إدارة سلاسل التوريد ومراقبة الثروة الحيوانية والتنبؤات الجوية.
وفي الأثناء، تستثمر الشركات العملاقة مثل شركة تاتا للخدمات الإستشارية وإنفوسيس في البحث والتطوير في مجال الذكاء الإصطناعي في الزراعة مع العلم أن دمج الذكاء الإصطناعي في الزراعة الهندية يحمل وعوداً كبيرة لكن نجاحه يعتمد بشكل كبير على معالجة التحديات الرئيسية حيث يعد انشاء البنية التحتية الرقمية وتعزيز تعليم المزارعين وتشجيع الإبتكار التعاوني أموراً اساسية لضمان تبني التكنولوجيا على نطاق واسع.
وعلاوة على ذلك، سيكون تطوير أطر أخلاقية الذكاء الإصطناعي مع ضمان الشمولية أمرين حاسمين من اجل تحقيق نمو عادل. مع تسخير امكانات الذكاء الإصطناعي، يمكن للهند تحويل قطاعها الزراعي إلى نموذج للصمود والإستدامة مما يضمن الأمن الغذائي للبلاد لها سكان أكثر من مليار نسمة بل أن لها مساهمة غالية في تحقيق أهداف المناخ العالمية . وفي هذا الصدد ، أن الهند بدأت الرحلة للتو، لكن لها امكانات هائلة لا حدود لها.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الذكاء الإصطناعي المدعومة بالذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی الذکاء الإصطناعی التعلم الآلی فی الزراعة مما یساعد مما یقلل فی الهند
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يفك شيفرة أصوات الطيور المهاجرة
يشهد علم دراسة هجرة الطيور تحولًا جذريًا بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدوات التعلم الآلي التي تتيح للعلماء تحليل كميات هائلة من البيانات الصوتية بدقة وسرعة لم تكن ممكنة في السابق.
وفقًا لتقرير نشرته مجلة "MIT Technology Review" بتاريخ 18 ديسمبر 2024، أصبحت هذه الأدوات قادرة على تحديد أصوات الطيور المهاجرة أثناء الليل وتصنيفها، مما يساعد الباحثين على فهم أنماط الهجرة والتعامل مع التحديات البيئية التي تهدد حياة الطيور.
اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي.. مستقبل الاستدامة
التحديات السابقة في دراسة هجرة الطيور
في الماضي، كانت دراسة هجرة الطيور تعتمد بشكل أساسي على تقنيات مثل الرادار الذي يكشف عن الكتلة الحيوية للطيور المهاجرة، أو أجهزة التتبع التي تُثبت على الطيور لتحديد مساراتها. لكن هذه الوسائل كانت مكلفة ومحدودة في قدرتها على تقديم بيانات تفصيلية عن الأنواع الفردية.
مع ذلك، كان لدى العلماء حلم قديم باستخدام التسجيلات الصوتية لتحديد أنواع الطيور المهاجرة، ولكن هذا الحلم واجه صعوبات تقنية كبيرة. تسجيل أصوات الطيور كان ممكنًا، لكن تحليل هذه التسجيلات كان مرهقًا ويستغرق وقتًا طويلاً بسبب كثرة الضوضاء وصعوبة تمييز الأصوات.
برنامج BirdVoxDetect.. التحول الكبير في فهم هجرة الطيور
التقدم الحقيقي جاء مع تطوير برنامج "BirdVoxDetect"، وهو ثمرة تعاون بين جامعة نيويورك ومعمل كورنيل لعلم الطيور ومؤسسات بحثية أخرى.
أخبار ذات صلة هل يتفوق "O3" على البشر؟ قفزة جديدة تُعيد تعريف الذكاء الاصطناعي أبل تنضم إلى تحالف لتطوير تقنيات مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديديستخدم البرنامج الذكاء الاصطناعي للتعرف على أصوات الطيور وتصنيفها حتى عندما تكون الأصوات قصيرة للغاية أو مغمورة بضوضاء الخلفية. وقد ساهمت هذه التقنية في تحقيق قفزة نوعية، حيث تمكن العلماء من تحليل آلاف الساعات من التسجيلات بسهولة وتحديد الأنواع المختلفة بدقة.
التقنية الجديدة في دراسة الطيور المهاجرة
خلال موسم هجرة واحد، تمكن البرنامج من تحليل أكثر من 6,600 ساعة من التسجيلات الصوتية واكتشاف أكثر من 230,000 نداء طيران ليلي للطيور. وأظهرت النتائج أن البيانات الصوتية لا تقل فعالية عن بيانات الرادار في تقدير أعداد الطيور المهاجرة، مع توفير تفاصيل إضافية عن الأنواع المختلفة.
اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يساعد في الحفاظ على الحشرات
الذكاء الاصطناعي وحماية الطيور
إلى جانب تحسين فهم هجرة الطيور، تسهم هذه التقنيات في جهود الحماية البيئية. على سبيل المثال، تساعد البيانات على تنفيذ مبادرات مثل "إطفاء الأضواء"، التي تشجع المباني العالية على إطفاء أنوارها ليلاً لتقليل اصطدام الطيور بناطحات السحاب. كما تفتح التقنيات الجديدة المجال لاستخدام أنظمة مشابهة في مناطق مختلفة حول العالم، بما في ذلك الأماكن التي تفتقر إلى وسائل المراقبة التقليدية.
دور الذكاء الاصطناعي في الحفاظ على الطيور وسط التهديدات البيئية
يرى الخبراء أن هذه التطورات تمثل بداية حقبة جديدة في دراسة هجرة الطيور. مع تزايد التهديدات التي تواجه الطيور والكائنات المهاجرة الأخرى بسبب تغير المناخ والبنية التحتية البشرية، توفر علم الصوتيات الحيوية أدوات فعالة تسهم في الحفاظ على هذه الكائنات وتحسين الجهود العالمية لحمايتها.