بوابة الوفد:
2025-02-12@11:40:25 GMT

سرقة التيار الكهربائى أمام أعين الحكومة

تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT

حياة المواطنين بقلب القاهرة مهددة.. والبنية التحتية فى خطر«حسن»: جريمة فى وضح النهار أمام أعين المسئولين«إبراهيم»: الأعمدة تحولت إلى قنابل موقوتة فى أوقات المطر

 

فى العديد من أحياء القاهرة الكبرى، أصبحت سرقة التيار الكهربائى ظاهرة يومية تهدد البنية التحتية وتزيد من معاناة المواطنين، فى ظل غياب الرقابة الحازمة من المسئولين، بداية من حى الزاوية الحمراء حيث تم رصد حادثة سرقة أسلاك الإنارة العامة فى وضح النهار، مرورًا بمنطقة حدائق القبة، التى تشهد سرقة الكهرباء بشكل علنى من قبل بائعين فى الشوارع، وصولاً إلى مناطق الزيتون والأميرية حيث يتم استغلال التيار الكهربائى فى تشغيل المحلات التجارية والمقاهى دون أدنى مراعاة للقوانين أو سلامة المواطنين.

السرقة التى تتم فى غياب تام للرقابة، لا تؤثر فقط على إمدادات الكهرباء بل تشكل تهديدًا خطيرًا على حياة المواطنين، خصوصًا فى ظل تعرض البنية التحتية للكهرباء للتلف نتيجة هذه الانتهاكات، فى بعض الحالات، مثل التى حدثت فى حدائق القبة، تسببت السرقة فى تدهور الطرق بعد رش المياه على الأسفلت، مما يعوق حركة السير، أما فى منطقة الزيتون، فيتم استخدام الكهرباء المسروقة فى محلات السمكرى لتسخين المياه، مما يزيد من خطر نشوب حرائق.

إلى جانب ذلك، يعانى السكان من الإزعاج الناتج عن الضوضاء المستمرة من المعدات الكهربائية التى تعمل فى محلات سرقة الكهرباء، مما يسبب اضطرابًا كبيرًا فى حياتهم اليومية.

يشير الخبراء إلى أن هذه الظاهرة تزيد من الأعباء الاقتصادية على الدولة، وتكبدها خسائر ضخمة، بينما تعكس الفوضى الإدارية غيابًا كاملًا للتنظيم فى الأسواق العشوائية والمناطق غير الخاضعة للرقابة.

كشف «أ.أ»، موظف حكومى، من سكان الزاوية الحمراء، كاميرات المراقبة المثبتة أمام مقر حى الزاوية الحمراء عن حادثة سرقة سلك كهرباء من أعمدة الإنارة فى وضح النهار، وأظهرت اللقطات شخصًا يتسلل بسكينة كبيرة نحو الأعمدة، وقام بإزالة الأسلاك الكهربائية من الأعمدة بمهارة، ثم هرب بسرعة بعد تنفيذ جريمته.

وتابع قائلاً «يظهر الشخص وهو يعمل على فصل الأسلاك الكهربائية بعناية شديدة، حيث لا يبدو أن هناك أى تدخل من المارة، هذه الحادثة وقعت فى ساعات النهار، ما يثير تساؤلات عن كيفية تمكن الجانى من تنفيذ سرقته بهذه الطريقة الجريئة».

الآثار المترتبة على السرقة تهدد البنية التحتية والأمن العام

أكد الموظف الحكومى أن جريمة سرقة أسلاك الكهرباء من أعمدة الإنارة، بمثابة تهديد مباشر للبنية التحتية للكهرباء والإنارة، وتسببت السرقة فى تعطيل الإضاءة العامة للشارع، مما يزيد من المخاطر الأمنية فى المنطقة، كما أن سرقة أسلاك الكهرباء تشكل عبئًا إضافيًا على الدولة، ويؤدى ذلك إلى تكاليف صيانة وإصلاح مرتفعة التكلفة، هذه الحادثة تُظهر الحاجة الملحة لتعزيز الإجراءات القانونية، والرقابية فى المناطق العامة.

فى جولة ميدانية بمنطقة ترعة الجندى بحدائق القبة، تتجسد صورة صارخة للإهمال والفوضى التى تهدد النظام العام وحقوق المواطنين، هذه المنطقة، التى يفترض أن تكون خاضعة لرقابة حى حدائق القبة، أصبحت مسرحًا يوميًا لانتهاكات علنية، أبرزها سرقة التيار الكهربائى التى تتم أمام أعين الجميع دون أى تدخل من الجهات المسئولة.

أكد محمد حسن، أحد سكان المنطقة، 43 عامًا، عامل فى إحدى المقاهى القريبة، أن بائعًا للحلوى فى المنطقة يقوم يوميًا بسرقة التيار الكهربائى بشكل علنى، عن طريق تركيب «فيشة مشترك كهربائى» فى كابينة الكهرباء العمومية، مشيرا إلى أن البائع يستخدم الكهرباء المسروقة لتشغيل أجهزته دون أى شعور بالمسئولية أو الخوف من المحاسبة القانونية، وسرقة الكهرباء تتم فى وضح النهار، وأمام أعين الجميع، سواء السكان أو موظفى الحى الذين يمرون من المكان بانتظام، ومع ذلك، لم نرَ أى إجراء يتم اتخاذه لوقف هذه الانتهاكات.

ويؤكد شهود عيان أن السلوك أصبح جزءًا من الحياة اليومية فى المنطقة، مما يثير تساؤلات حول دور موظفى حى حدائق القبة، فى مواجهة هذه الممارسات التى تمثل اعتداءً واضحًا على الممتلكات العامة.

تدمير البنية التحتية

وقال حسن:، لم يكتفِ البائع بسرقة التيار الكهربائى، بل يقوم أيضًا برش المياه باستمرار على الأسفلت، مما تسبب فى إتلافه وظهور التشققات والحفر، وأدى هذا السلوك إلى إلحاق أضرار كبيرة بالطريق، مما يعوق حركة السير ويزيد من معاناة المواطنين.

يقول ابراهيم سمير، موظف بشركة خاصة، من سكان المنطقة، إن الوضع هنا أصبح لا يطاق، الأسفلت تعرض للتلف بسبب رش المياه بشكل مستمر من الباعة الجائلين، مما أدى إلى ظهور حفر عميقة، هذا المشهد يشعرنا وكأننا نعيش خارج إطار القانون، حيث لا يوجد من يهتم بمعاناتنا أو يحاسب المخالفين عن سرقة الكهرباء التى أصبحت جهراً بسبب إهمال موظفى الإنارة.

أضاف: رغم شكاوى السكان المتكررة، فإن الوضع فى المنطقة لم يشهد أى تحرك من رئيس الحى وإصدار التوجيهات للسيطرة على سرقة الكهرباء من أعمدة الإنارة والكبائن الكهربائية، موظفو حى حدائق القبة، الذين يفترض أن يكونوا فى مقدمة الصفوف للتصدى لهذه الممارسات، يتجاهلون الانتهاكات التى تجرى أمام أعينهم يوميًا، قائلاً: يتساءل المواطنون، إلى متى سيستمر هذا التجاهل؟ نحن نواجه انتهاكات يومية وفسادًا يهدد سلامة المنطقة وراحة سكانها، ومع ذلك لا نجد أى استجابة من المسئولين، مطالباً بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لوقف سرقة التيار الكهربائى التى تكبد الدولة خسائر مالية كبيرة، وإلزام موظفى الحى بالقيام بواجباتهم تجاه متابعة الحالة العامة للمنطقة.

 ينهى محمد حسن حديثه بلهجة غاضبة: «نحن مواطنون نحترم القانون وندفع ثمن المرافق العامة من جيوبنا، لكننا نشعر بالخذلان عندما نرى المخالفين يستبيحون حقوقنا دون أى عقاب، نحتاج إلى صوت يصل إلى المسئولين لتحمل مسئولياتهم».

إن ما يحدث فى شارع امتداد ترعة الجندى يمثل نموذجًا صارخًا لإهمال يهدد النظام المجتمعى بأكمله، ويدعو إلى فتح ملفات الرقابة والمساءلة بجدية، فالمسئولية تبدأ من الجهات المحلية التى يفترض بها أن تكون عين المواطن فى حماية حقوقه.

وفى ميدان حدائق القبة، وتحديدًا أمام مدخل مترو الأنفاق، يقف بائع يوميًا ليمد فيشة كهربائية من أحد أعمدة الإنارة العامة، مستغلًا التيار الكهربائى دون أى سند قانونى، وكأن الممتلكات العامة أصبحت ملكية خاصة يستباح استخدامها، هذا المشهد، الذى يتكرر يوميًا أمام أعين المارة والسكان، يجسد حالة من التسيب والإهمال، حيث يمر موظفو حى حدائق القبة من المكان دون أى تدخل يُذكر، تاركين هذه المخالفة الواضحة تحدث فى وضح النهار فى منطقة حيوية ومكتظة بالمواطنين.

شاكر إبراهيم، 32 عاماً من سكان المنطقة، تحدث بقلق بالغ عن خطورة هذا الوضع، قائلًا: «الموضوع أكبر من سرقة كهرباء، الأعمدة دى بتتحول لقنابل موقوتة وقت المطر، الكهربا اللى بيشدها البائع ده بتسرب للميه اللى بتجمع حوالين العمود، وده خطر قاتل، خصوصًا على الأطفال وكبار السن اللى بيمشوا جنب الأعمدة عند خروجهم من محطة المترو، العام الماضى حصلت حالة صعق لأحد كبار السن فى نفس المكان تحديداً، ولا حياة لمن تنادى».

وأوضح «شاكر» أن سكان المنطقة تقدموا بشكاوى متكررة على رقم غرفة الحى، محذرين من خطورة استمرار هذا الوضع على حياة المواطنين، لكن دون جدوى، مؤكدًا أن: «الإهمال الذى يحدث من المنظومة المحلية سيؤثر على المواطنين بكارثة، وأرواح الناس فى رقاب المسئولين قائلاً: «نحن نعيش بين خطر السرقات التى تهدر المال العام وخطر الصعق الكهربائى الذى يهدد حياة المواطنين، تظل هذه المخالفة شاهدة على غياب الرقابة المحلية وضرورة تدخل سريع وحاسم قبل وقوع كارثة محققة».

منطقة الزيتون

ومع استكمال الجولة الميدانية فى منطقة الزيتون، تم رصد حالة واضحة لسرقة الكهرباء فى 3 شارع الكريم الزيتون الشرقية، حيث تم اكتشاف تركيب سلك كهربائى وفِيشة سحب تيار من كابينة كهرباء عامة، لاستخدامها فى محل سمكرى سيارات، ما يزيد من خطورة هذه المخالفة هو استخدام التيار المسروق فى تسخين المياه، وهو ما يهدد حياة المواطنين وسلامة البنية التحتية، السرقة تمت فى وضح النهار، فى استعراض صارخ للغياب التام لرقابة حى الزيتون على هذه المخالفات التى أصبحت تمارس بشكل علنى فى المنطقة.

خلال الجولة، التقى محرر «الوفد» بصاحب المحل الذى اعترف بقيامه بتركيب الفِيشة لاستخدام الكهرباء المسروقة، حيث قال بكل وضوح: «إحنا بنستخدم سرقة الكهرباء استخدام خفيف، مش حاجة كبيرة، أنا هخبيها ومش هخلى حد يشوفها»، هذه الكلمات تكشف عن استهتار تام بالقانون وعدم اكتراث بمخاطر السرقة، التى قد تترتب عليها عواقب وخيمة، سواء على مستوى الأضرار الاقتصادية أو من ناحية السلامة العامة.

قال عامر مصطفى، ٤٦ عاما، من سكان المنطقة، إن الأمر لا يتوقف عند سرقة الكهرباء فقط، بل يمتد ليشمل تأثير ذلك على صحة المواطنين وأمنهم، استخدام الكهرباء المسروقة لتسخين المياه يعرض المحل والمحيطين به لخطر حريق محتمل، إضافة إلى التأثيرات السلبية على شبكات الكهرباء، مما يعرض حياة المواطنين فى المنطقة لخطر الصعق الكهربائى خاصة فى فصل الشتاء أو عند هطول الأمطار، كما أن الممارسات تشكل تهديدًا كبيرًا للاستدامة البيئية، حيث تساهم فى هدر الطاقة بطرق غير قانونية، على الرغم من أن السرقة تتم أمام أعين الجميع، إلا أن مسئولى حى الزيتون لا يتحركون لمتابعة المخالفات، مما يرسخ شعورًا لدى المواطنين بأن القانون لا ينفذ، وأنه يمكن الاستمرار فى هذه الأنشطة دون أى عواقب، هذه الظاهرة تتطلب تدخلًا فوريًا من الجهات المختصة لضمان حماية الأرواح والممتلكات العامة.

منطقة الأميرية

وفى ميدان الأميرية، وتحديدًا فى محيط الحدائق، يشهد المكان ظاهرة واضحة لسرقة التيار الكهربائى من أعمدة الإنارة بشكل غير قانونى، حسام مصطفى، موظف فى محل ملابس بميدان الأميرية، يروى ما يحدث قائلًا: «فى ساعات الليل، يقوم أصحاب المقاهى بتمديد أسلاك كهربائية من أعمدة الإنارة باستخدام فيش كهربائى لتشغيل المحلات دون أى حساب أو مراقبة، هذه العمليات تتم بشكل علنى ومباشر أمام الجميع، ولا يوجد أى تدخل من المسئولين بالحى» مثل هذه الممارسات تعرض المنطقة لخطر الاستنزاف المفرط للطاقة الكهربائية، فضلًا عن أن هذا التلاعب بالتيار الكهربائى قد يؤدى إلى مشكلات خطيرة، بما فى ذلك احتمال حدوث صدمات كهربائية أو حرائق.

وأضاف حسام «المشكلة الكبيرة مش بس فى سرقة الكهرباء، ولكن فى تشويه الشكل العام للمنطقة، بعض المقاهى التى تسرق الكهرباء تستخدم هذه الطاقة لتشغيل شاشات عرض ضخمة وأجهزة صوتية عالية، الضجيج الناتج عن هذه الأجهزة أصبح غير محتمل، خاصة فى ساعات الليل، وهو ما يتسبب فى اضطرابات كبيرة للسكان»، موضحاً أن الضوضاء المستمرة من هذه المعدات تؤثر على حياة الناس بشكل مباشر، مما يجعل من المستحيل عليهم الحصول على الراحة أو النوم فى الليل.

وجّه حسام نداءً عاجلًا لرئيس حى الأميرية، للتحرك سريعًا، «يجب على السلطات اتخاذ إجراءات فورية لوضع حد لهذه الممارسات غير القانونية من سرقة الكهرباء، لأن الوضع إذا استمر على هذا النحو، ستكون له تداعيات خطيرة على حياة المواطنين وأمن المنطقة، لابد من محاسبة المتورطين وإعادة ضبط الأوضاع قبل أن يصبح الوضع خارج السيطرة عند نزول الأمطار.

خبير البلديات الدولية

أكد الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، أن سرقة التيار الكهربائى فى الأسواق العشوائية تعد واحدة من أخطر القضايا التى تواجه الاقتصاد المصرى، مشيرًا إلى أن 3,425 سوقًا عشوائيًا تعمل خارج سيطرة المحافظين، مما يكبّد الدولة خسائر سنوية تصل إلى 114 مليار جنيه، تشمل سرقة الكهرباء والإيجارات العشوائية.

وأوضح عرفة أن القانون رقم 105 لسنة 2012، الذى يلزم الباعة بالحصول على تراخيص ويعاقب المخالفين بالحبس والغرامة، لم يطبق نهائيًا منذ إصداره، مما جعل الفوضى هى السمة الغالبة، مضيفاً أن 96% من الباعة الجائلين يعملون بدون تراخيص، ويستهلكون الكهرباء بشكل غير قانونى، ما يزيد من الضغط على البنية التحتية ويعرض شبكات الكهرباء للسرقة والتلف.

ودعا عرفة جميع المحافظين إلى اتخاذ خطوات فورية لتخصيص أماكن قانونية للباعة الجائلين، مع تشديد الرقابة على الأسواق العشوائية ووقف نزيف الأموال الناتج عن سرقة الكهرباء، مؤكدًا أن هذه القضية تمثل تحديًا كبيرًا يجب التعامل معه بحسم وجدية لتحقيق الاستقرار الاقتصادى.

وأوضح خبير التنمية المحلية أن المادة الخاصة بسرقة التيار الكهرباء الصادر برقم 87 لسنة 2015، نصت على عقوبات مشددة لردع سارقى التيار الكهربائى، أو عبث أو تلف المنشآت الخاصة بإنتاج أو نقل أو توزيع الكهرباء، وبينت المادة (68) على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدم أو أتلف شيئًا من المعدات أو الأجهزة أو المبانى أو المنشآت الخاصة بإنتاج أو نقل أو توزيع الكهرباء أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأية كيفية، وتشدد العقوبة إلى السجن إذا ترتب على هذه الأفعال أضرار بالأرواح أو بالممتلكات.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سرقة التيار الكهربائي خطر سرقة التیار الکهربائى من أعمدة الإنارة حیاة المواطنین البنیة التحتیة هذه الممارسات سرقة الکهرباء سکان المنطقة فى المنطقة الکهرباء ا ما یزید من أمام أعین على حیاة من سکان غیاب ا دون أى یومی ا

إقرأ أيضاً:

أزمة الكهرباء والصيف القادم: مخاوف حقيقية تهدد حياة المواطنين وتزيد معاناتهم - عاجل

بغداد اليوم -  بغداد

لا تزال أزمة الكهرباء في العراق واحدة من أبرز التحديات التي تواجه البلاد منذ سنوات طويلة، حيث لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني. ومع اقتراب فصل الصيف، تتزايد المخاوف من تكرار السيناريو المعتاد لانقطاع التيار الكهربائي، مما يفاقم معاناة العراقيين.

وفي هذا السياق، أكد رئيس مركز اليرموك للدراسات والتخطيط الاستراتيجي، عمار العزاوي، في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن تجاوز هذه الأزمة يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا ممنهجًا، بعيدًا عن الحلول الترقيعية التي لم تؤدِّ إلى أي تقدم ملموس خلال العقود الماضية.


التخطيط الاستراتيجي أساس الحل

يرى العزاوي أن المشكلة الرئيسية في ملف الكهرباء في العراق تكمن في غياب التخطيط الصحيح ووضع جداول إنجاز واضحة، مشيرًا إلى أن الدول التي تمكنت من معالجة أزماتها في قطاع الطاقة وضعت خططًا طويلة الأمد، والتزمت بتنفيذها ضمن سقوف زمنية محددة.

وأشار إلى أن ملف الطاقة، سواء الكهرباء أو الغاز أو النفط، يجب أن يكون في صدارة أولويات الدولة، مع إشراف مباشر من الجهات العليا، وتحديد نسب الإنجاز بشكل دقيق، لضمان تحقيق تقدم حقيقي ينعكس على حياة المواطنين.

ويؤكد العزاوي أن من أهم عوامل نجاح أي مشروع استثماري أو بنيوي هو وجود رؤية واضحة، وخطط مدروسة، والتزام حقيقي من الجهات المعنية، لافتًا إلى أن الاستمرار في تكرار الخطط القديمة التي لم تحقق أي نتائج ملموسة سيؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلاً من حلها.


المشاكل الرئيسية التي تعيق حل أزمة الكهرباء

هناك العديد من العوامل التي ساهمت في استمرار أزمة الكهرباء في العراق، أبرزها:

1. غياب التخطيط الاستراتيجي: لم تكن هناك خطط طويلة الأمد قائمة على أسس علمية واقتصادية واضحة، مما جعل المشاريع السابقة غير قادرة على تلبية احتياجات المواطنين.

2. الفساد الإداري والمالي: يعد ملف الكهرباء من أكثر القطاعات التي شهدت هدرًا ماليًا كبيرًا بسبب الفساد، حيث تم إنفاق مليارات الدولارات دون تحقيق نتائج فعلية.

3. تهالك البنية التحتية: يعاني قطاع الكهرباء في العراق من شبكات قديمة ومولدات غير كفوءة، مما يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الطاقة المنتجة.

4. الاعتماد على استيراد الكهرباء والغاز: لا يزال العراق يعتمد بشكل كبير على استيراد الطاقة من دول الجوار، مما يجعله عرضة لأي ضغوط سياسية أو اقتصادية تؤثر على إمدادات الكهرباء.

5. عدم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة: رغم امتلاك العراق إمكانات هائلة في مجال الطاقة الشمسية والرياح، إلا أن الاستثمار في هذا القطاع لا يزال محدودًا جدًا.


ما المطلوب لحل الأزمة؟

من أجل تجاوز أزمة الكهرباء في العراق، يرى الخبراء أن هناك مجموعة من الخطوات الأساسية التي يجب اتخاذها، أبرزها:

-إعادة هيكلة قطاع الكهرباء بشكل شامل، مع تبني نهج جديد يقوم على إدارة حديثة ومستقلة بعيدًا عن التدخلات السياسية.

-الاعتماد على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية، التي يمكن أن تسهم في تقليل الضغط على الشبكة الوطنية.

-تحسين البنية التحتية لشبكات النقل والتوزيع، وتقليل نسبة الهدر في الطاقة المنتجة، التي تصل إلى نسب مرتفعة بسبب تردي خطوط النقل.

-تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الطاقة، من خلال تقديم تسهيلات وضمانات تشجع الشركات العالمية على الدخول إلى السوق العراقية.

-إيجاد حلول بديلة للمولدات الأهلية، التي أصبحت عبئًا اقتصاديًا على المواطنين، من خلال توفير بدائل حكومية بأسعار مدعومة.

-إقرار سياسات واضحة لترشيد استهلاك الكهرباء، ورفع الوعي بأهمية تقليل الهدر في الطاقة.


أزمة الكهرباء في العراق ليست وليدة اليوم، ولكنها نتيجة سنوات من سوء الإدارة والفساد وغياب التخطيط الاستراتيجي. وإذا أرادت الحكومة العراقية تجاوز هذه المشكلة بشكل جذري، فلا بد من نهج جديد قائم على التخطيط السليم والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة. فبدون حلول حقيقية وملموسة، سيبقى المواطن العراقي الضحية الأولى لانقطاع الكهرباء، وسيظل ملف الطاقة أحد أكبر التحديات التي تواجه العراق في المستقبل القريب.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

مقالات مشابهة

  • أزمة الكهرباء والصيف القادم: مخاوف حقيقية تهدد حياة المواطنين وتزيد معاناتهم
  • أزمة الكهرباء والصيف القادم: مخاوف حقيقية تهدد حياة المواطنين وتزيد معاناتهم - عاجل
  • الكهرباء تكشف أسباب قطوعات طويلة في التيار بالخرطوم والدبة ودنقلا
  • تفاصيل معاقبة عاطل بالحبس سنة بتهمة سرقة المواطنين بالأزبكية
  • سقوط 7 لصوص لسرقة متعلقات المواطنين بالنزهة ومدينة نصر
  • غياب التيار الوطني الحر عن الحكومة... تراجع تاريخي
  • سرقة المواطنين والشقق السكنية.. سقوط 7 لصوص في ضربة أمنية بالقاهرة
  • الحبس سنة مع الشغل لمتهم في سرقة المواطنين بأسلوب النشل والمغافلة بالأزبكية
  • الحبس عامين لمتهمة بسرقة المواطنين في الشرابية
  • تجديد حبس تشكيل عصابي لسرقتهم أسياخ الحديد وكابلات الكهرباء بالقطامية