مشروع قانون جديد يهدد ممتلكات أوقاف المسلمين في الهند
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
نيودلهي – مدد البرلمان الهندي الموعد النهائي للجنة البرلمانية المشتركة لمراجعة مشروع قانون قدمته حكومة حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم، يهدف إلى تعديل قانون الوقف الخاص بالمسلمين في البلاد، الذي يُعد إطارًا لإدارة ممتلكات الوقف التي تشمل المساجد، والمقابر، والأضرحة، والمدارس، والمؤسسات الصحية وغيرها من الممتلكات.
وقد أثار المشروع، الذي قُدم إلى البرلمان في أغسطس/آب، معارضة شديدة من أحزاب المعارضة، بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني الهندي، والحزب الشيوعي الهندي، وحزب المؤتمر "ترينامول"، كما واجه رفضًا من منظمات المجتمع المدني الإسلامية، التي اتهمت الحكومة بمحاولة تمكين نفسها وجهات أخرى من المطالبة بملكية ممتلكات الوقف.
وإثر هذه المعارضة، تمت إحالة المشروع إلى لجنة برلمانية مشتركة لمراجعته، ضمت برلمانيين من الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة، في محاولة للتوصل إلى توافق بشأن المشروع الذي أثار قلقًا واسعًا بين أطياف المعارضة والمجتمع المسلم.
محاولات قديمةقالت فاطمة مظفر، عضو مجلس الأوقاف في ولاية تاميل نادو، للجزيرة نت إن "التاريخ الموثق لنظام الوقف في الهند يعود إلى عهد السلطان معز الدين بهرام، أحد حكام الهند في القرن الـ13 من سلالة المماليك، وبعد استقلال الهند عن الحكم البريطاني، صدر أول قانون للوقف عام 1954، وتلاه قانونان آخران في عامي 1995 و2013، وجميعها جاءت متوافقة مع متطلبات العصر".
وأضافت مظفر إنه "وفقًا لقانون الوقف، أنشأت كل ولاية في الهند مجلسًا لإدارة ممتلكات الوقف، وتعمل هذه المجالس تحت إشراف مجلس الوقف المركزي، الذي يتبع وزارة شؤون الأقليات، ومع ذلك، فإن ممتلكات الوقف ليست حكومية، بل هي ممتلكات خاصة تُدار وفقًا لأحكام الوقف".
من جهته، قال النائب البرلماني المعارض من حزب المؤتمر الوطني الهندي الدكتور سيد ناصر حسين، للجزيرة نت، إن "المشروع كان سيئ التخطيط والصياغة، ويفتقر إلى المنطق القانوني، وتم تقديمه بشكل عاجل إلى البرلمان دون التشاور مع أصحاب المصلحة"، وأكد غياب حاجة ملحة له، حيث لم تُسجل أي شكاوى جوهرية أو تحريض قضائي بشأن قانون الوقف أو تعديلاته.
وأضاف النائب الذي يشغل عضو اللجنة البرلمانية المشتركة المعنية بمشروع قانون الوقف، أن "الهدف من تقديم المشروع كان إثارة الجدل السياسي"، مشيرًا إلى معارضة جميع أحزاب المعارضة له، "حتى أن بعض حلفاء حزب بهاراتيا جاناتا، مثل حزب تيلوجو ديسام، اقترحوا إحالته إلى اللجنة البرلمانية المشتركة" حسب قوله.
وأضاف أنه "في ظل شعور حزب بهاراتيا جاناتا بعدم حصول المشروع على موافقة البرلمان، قرر إحالته إلى اللجنة البرلمانية المشتركة لإجراء المزيد من المشاورات".
يتضمن مشروع القانون الذي اقترحه حزب بهاراتيا جاناتا أكثر من 40 تعديلاً على قانون الوقف الحالي، وهو ما أثار جدلاً واسعًا، ويؤكد القادة المسلمون أن معظم هذه التعديلات تحمل تداعيات سلبية على ممتلكات الوقف، مما يثير مخاوف بشأن حماية هذه الأصول ذات الطابع الديني والاجتماعي.
وتعليقًا على بند في مشروع القانون المقترح الذي يقضي بتعيين غير المسلمين في مجالس الأوقاف، قال النائب نصير حسين للجزيرة نت إنه "من المثالي في دولة علمانية تعيين أي مسؤول من أي دين في أي إدارة، ولا أجد مشكلة في ذلك شخصيا، ولكن القوانين التي تحكم وظائف مجالس الأوقاف الهندوسية وصناديق المعابد في جميع أنحاء البلاد تنص صراحة على أنه لا يمكن إلا للهندوسي أن يكون عضوًا في مجلس الإدارة أو الصندوق"، متسائلا "لماذا يتم استخدام معيار مختلف في إدارة الأوقاف الإسلامية؟".
من جهتها، ترى عضوة مجلس الأوقاف فاطمة مظفر أن "أخطر ما في مشروع القانون الجديد هو أنه يلغي المادة 40 من قانون الوقف الحالي، التي تمنح مجلس الأوقاف سلطة تحديد وصيانة وحماية ممتلكات الأوقاف، وبدلاً من ذلك، يعطي مشروع القانون هذه المسؤولية لمفوض المنطقة، الذي يُعد أعلى موظف مدني في كل منطقة ويتم تعيينه من قِبل الحكومة".
وتضيف مظفر للجزيرة نت أن المشروع يثير تساؤلات حول كيفية إدارة ممتلكات الأوقاف بشكل مستقل، خصوصًا في حال حدوث نزاع، "فعلى سبيل المثال، في العاصمة دلهي، هناك حوالي 200 عقار وقفي، تحتوي على مكاتب حكومية، وإذا نشب نزاع حول هذه الممتلكات، ألا يكون من المحتمل أن يتخذ المفوض قرارًا يصب في صالح الحكومة؟".
وفي السياق، أضاف النائب نصير حسين أن "النزاعات حول ممتلكات الأوقاف تدور في الأساس بين مجالس الأوقاف وحكومات الولايات، وفي مثل هذه الحالات، لا يعد من المنطقي أن يكون مفوض المنطقة طرفًا في القضية عندما يكون ممثلًا للحكومة"، موضحا أن المحكمة العليا أيدت هذا الموقف وأصدرت حكمًا يقضي بعدم جواز نظر المفوض في الدعاوى المتعلقة بملكية الأراضي، مشيرة إلى تعارض ذلك مع مبدأ الحيادية.
وفي تعليقه على الشرط الذي ينص على "ضرورة أن يكون المسلم ممارسًا لشعائره الدينية لمدة 5 سنوات على الأقل ليتمكن من التبرع بوقف"، قال النائب "إن هذا الشرط يتناقض مع التقاليد العلمانية والليبرالية في الهند"، مؤكدا أنه ينبغي السماح لأي مواطن بالتبرع لأي شخص أو مؤسسة دينية بغض النظر عن الدين.
وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أن التاريخ الهندي يشهد على العديد من التبرعات السخية التي قدمها أتباع ديانات مختلفة لدعم مؤسسات دينية تخص ديانات أخرى، وكان من بينهم الملوك والسلاطين في العصور الماضية.
أما بخصوص المادة التي تنص على "ضرورة إشراك امرأتين في مجالس الأوقاف"، قال النائب "أغرب ما في هذه الأحكام أن وزير شؤون الأقليات كيرين ريجيجو أظهر جهله عندما ذكر هذا في البرلمان، حيث وصفه بأنه إجراء لتمكين المرأة، ولكن قانون عام 2013 نص بالفعل على هذا، حيث تضم جميع مجالس الأوقاف في البلاد امرأتين في كل منها، ومن الواضح أن الوزير لم يطلع على هذا القانون".
مخاوف وتداعياتوسبق أن قال رئيس الوزراء ناريندرا مودي مؤخرًا لأنصار حزبه في احتفالات الفوز في الانتخابات التشريعية في ولاية غوجارات، إن "مجالس الأوقاف تعارض الدستور الهندي"، وأضاف أن "حزب المؤتمر أصدر قوانين بهدف الاسترضاء وزيادة بنك الأصوات".
وعلى هذه الخلفية، يحذر الزعماء المسلمون من أن تمرير مشروع القانون في البرلمان ستكون له آثار كبيرة على المسلمين، مما يعقّد الأوضاع السياسية والدينية في البلاد.
ونظرًا للتداعيات المحتملة على الممتلكات الدينية والاجتماعية للمسلمين، سارعت العديد من المنظمات الإسلامية إلى تقديم مقترحاتها للجنة البرلمانية المشتركة، وتضمنت هذه المنظمات هيئة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعموم الهند، وجمعية علماء الهند، والجماعة الإسلامية، بالإضافة إلى عدد من مجالس الأوقاف الإقليمية.
ويؤكد النائب نصير حسين للجزيرة نت أنه "إذا أصبح هذا المشروع قانونًا، فمن المحتمل أن يؤدي إلى إشعال الانقسامات الدينية في جميع أنحاء البلاد، وسيكون من الممكن لأي شخص أن يثير الشكوك حول منشأ المعالم التاريخية وملكية الأراضي، مما يؤدي إلى نزاعات طائفية كبيرة، وسيتسبب بالتقاضي على أسس طائفية، واستغلاله للاستقطاب" لذا فإن المشروع يشكل "تهديدًا خطيرًا للنسيج العلماني الديمقراطي للبلاد"، حسب قوله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البرلمانیة المشترکة بهاراتیا جاناتا مشروع القانون مجالس الأوقاف حزب المؤتمر مشروع قانون قانون الوقف للجزیرة نت قال النائب فی الهند قانون ا مجلس ا
إقرأ أيضاً:
النصيري يؤكد مشروع الاصلاح المصرفي الشامل الذي اعلنه البنك المركزي سيثمر نتائج واعدة
الاقتصاد نيوز _ بغداد
أكد المستشار الاقتصادي والمصرفي سمير النصيري، ان مشروع الاصلاح المصرفي الذي اعلنه البنك المركزي ينسجم مع المنهجية الواردة والمعتمدة في المنهاج الحكومي والاستراتيجية الثالثة للبنك المركزي خلال السنتين 2023 و2024 ستثمر نتائج واعدة بالتعاون مع الشركات الاستشارية العالمية ارنست ايد يونغ وk2 واوليفر وايمن على بناء قاعدة معلوماتية شفافة للاصلاح الشامل يبدا بالقطاع المصرفي باعتباره الحلقة الاساسية الاولى في الاقتصاد وبدون وجود قطاع مصرفي سليم ورصين وحديث لايمكن بناء اقتصاد وطني قوي ومتين .
واشار النصيري الى ان من النتائج المهمة الاولية المتحققة هو البدء باستكمال التنفيذ الفعلي للخطط المرسومة خلال 2025 و2026 المقررة للاصلاح الشامل وتتلخص بتعزيز الشمول المالي وتحقيق عوائد محفزة ومستدامة للمستثمرين المساهمين وقيام الحكومة والبنك المركزي قيادة مشاريع تهدف الى تحديث القطاع المصرفي الخاص وتلبية احتياجات الانتقال الى اقتصاد وطني سريع النمو وخلق بيئة تنافسية عادلة في السوق المصرفي والارتقاء بمستوى قدرة المصارف الخاصة على مواجة المخاطر وحماية المودعين والدائنين وبالتالي استعادة الثقة بالقطاع المصرفي عموما كذلك التوسع باجراءات التحول الرقمي وتوسع وتنويع الخدمات والمنتجات المصرفية والامتثال للمعايير الدولية .
ولفت النصيري الى ان الاهداف اعلاه والتي تم مناقشتها امس في مؤتمر الاصلاح المصرفي مثبته كاهداف رئيسية وفرعية في الاستراتيجية الثالثة للبنك المركزي للسنوات 2024-2026 ويعمل عليها بخطى منهجية ثابتة وانجاز الاهداف بالتعاون مع اولفر وايمن بخطوات متسارعة في عامي 2025و2026.
وواضح ان البنك المركزي وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة سيركز على مايلي : مشاركتة مع القطاع المصرفي الخاص معايير وجداول زمنية مفصلة لتنفيذ عملية الإصلاح وسيعمل على تفعيل قنوات الدعم وعقد ورش عمل لتقديم المساعدة الفنية . ويلتزم البنك المركزي العراقي التزاماً كاملاً بإنجاز هذا التحول من خلال العمل بشكل وثيق مع جميع الجهات المعنية لتمهيد الطريق نحو نظام مالي ومصرفي قوي ومرن وحديث وشامل.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام