مدير المركز الثقافي الإسباني: نشجع مد جسور التواصل والتعاون بين مصر وإسبانيا
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
أكدّ مدير المركز الثقافي الإسباني (معهد ثربانتس بالقاهرة)، خوسيه مانويل ألبا، على حرص المعهد على التعاون المشترك مع الكيانات والمؤسسات الثقافية المحلية والدولية، من خلال مختلف فعالياته وأنشطته، كركيزة أساسية لمدّ جسور التواصل بين المجتمع المصري و21 دولة ناطقة بالإسبانية يدعم المركز فعالياتها بالتعاون مع البعثات الدبلوماسية للدول الناطقة بالإسبانية في مصر.
وصرح، خلال مؤتمر صحفي بمقر معهد ثربانتس بالقاهرة، أن "المركز يولي اهتمامًا كبيرًا بتنظيم ودعم فعاليات تضم فنانين ونشطاء مصريين وآخرين من الدول الناطقة بالإسبانية؛ ومن هنا جاء الاهتمام بالمشاركة المستدامة على مدار سنوات في المهرجانات المحلية مثل مهرجان "هي الفنون" الذي يعقد نهاية الشهر الجاري، ومهرجان القاهرة لموسيقى الجاز المقرر انعقاده في نوفمبر، ومهرجان بانوراما السينما الأوروبية، ومهرجان "سديم" الذي يعمل على جمع فنانين من مختلف البلدان في إقامة إبداعية في مصر بمشاركة فنانين محليين، تتوج بتقديم أعمال مشتركة".
كما يتعاون بدأب مع المؤسسات الثقافية المصرية، ومن بينها على سبيل المثال أكاديمية الفنون، لا سيما في تنظيم مهرجان الميكروتياترو، كما يتعاون مع مكتبة الإسكندرية لتنظيم العديد من الفعاليات المشتركة بالقاهرة والإسكندرية".
وعلى صعيد فعاليات المركز لتعزيز نشر اللغة الإسبانية ودعم دارسيها، صرح خوسيه ألبا، أن "المركز ينظم أنشطة تعليمية موجهة للطلاب والمشتغلين بالدراسات الإسبانية، من أجل نشر اللغة الإسبانية وخلق مساحات الحوار بين الثقافات، بالتعاون مع أقسام اللغة الإسبانية بالجامعات المصرية. ويتحقق ذلك عبر دوراته المتخصصة، واختبارات دبلوم الإسبانية كلغة أجنبية (ديلي) الذي يتيح تعزيز فرص الدراسة بالجامعات الإسبانية ويفتح آفاقًا جديدة للعمل بالدول الناطقة بالإسبانية".
وتابع خوسيه ألبا، أنه على صعيد دولي، فإن "التعاون المستدام بين معهد ثربانتس ومجموعة المعاهد القومية للثقافة في الاتحاد الأوروبي "إيونك"، والتي يعد معهد ثربانتس أحد أعضائها، يمثل أداة أساسية للانتشار الجغرافي للفعاليات الثقافية توسيع نطاق الحوار والوصول إلى المهتمين بالثقافة والفنون في أنحاء الجمهورية. فبينما يعمل معهد ثربانتس بالقاهرة والإسكندرية من خلال مقرّيه الرسميين، تتيح الشراكة مع إيونك مزيدًا من الانتشار داخل محافظات الجمهورية.
من جانبه، صرح ميجيل جراخاليس، مسؤول الأنشطة الثقافية، قائلًا: "هدفنا كمركز ثقافي ليس إظهار كم هي جميلة ومثيرة للاهتمام الثقافة بالإسبانية؛ بل تحفيز حوار إبداعي ومتبادل مع فنانين ومحترفين وفنيين محليين، من أجل تعزيز التبادل الثقافي الإسبانية وإيجاد نقاط التقاطع وأوجه التقارب الثقافي مع المجتمع المصري".
وأضاف ميجيل، مؤكدًا على أهمية العمل المشترك لتعزيز فعالية الجهود الثقافية: "أن مثل هذا التعاون المتعدد الجوانب، يأتي في صميم أهداف معهد ثربانتس منذ تأسيسه على يد الحكومة الإسبانية عام 1991، والتي تتمثل في تلبية الحاجة الإستراتيجية لتنسيق ودعم العمل الخارجي للدولة حول العالم، لا سيما فيما يتعلق بتدريس اللغة الإسبانية والتعريف بالثقافة الإسبانية، وإيجاد مواطن التقارب مع الثقافات الأخرى، وهو ما لا يتحقق من دون تعاون وطيد مع مختلف الجهات المحلية والدولية الحكومية والخاصة".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: إسبانيا إسباني إسبان اسبانية الاسباني الإسبانية المركز الثقافي الاسباني المركز الثقافي اللغة الإسبانیة معهد ثربانتس
إقرأ أيضاً:
السياحة الثقافية في مسندم.. مشاريع واعدة وخطط تستشرف المستقبل
بين الجبال الشاهقة التي تحيط بها المياه الزرقاء الصافية، وفي أقصى الشمال العُماني، تقف محافظة مسندم كإحدى الكنوز الثقافية الفريدة التي لم تُكتشف بعد على النحو الكافي. فبعيدًا عن شهرتها في مجال السياحة البحرية والطبيعة الخلابة، تحتضن مسندم إرثًا ثقافيًا غنيًا يشكل مزيجًا من التاريخ، والهوية، والجغرافيا، مما يجعلها وجهة مثالية للسياحة الثقافية في سلطنة عمان. في هذا السياق، كان لنا هذا الحوار المعمق مع عمر بن علي الفحل، باحث ومؤرخ في تاريخ المنطقة. من خلال حديثه، رسم لنا صورة واضحة عن الواقع القائم، والمشاريع الواعدة، والتحديات، والمستقبل الممكن للسياحة الثقافية في هذه المحافظة الاستثنائية.
تدفق سياحي متزايد... و مسندم على الخريطة الثقافية
استهل عمر الفحل حديثه بالإشارة إلى أن السياحة الثقافية في محافظة مسندم قد بدأت تحظى باهتمام متزايد من قبل الزوار من داخل السلطنة وخارجها. وقال: "تشهد المحافظة في السنوات الأخيرة تدفقًا كبيرًا من السياح المهتمين بهذا النوع من السياحة، لا سيما أولئك الذين يبحثون عن تجارب أصيلة تربطهم بالمكان وتاريخه".
وأضاف: إن مسندم تزخر بالمعالم الأثرية والثقافية والحضارية التي تمنحها هوية ثقافية خاصة تميزها عن باقي المحافظات.
هوية لا تشبه غيرها... تراث معماري وأزياء ذات دلالات
وعندما سألناه عن أبرز ما يميز الهوية الثقافية لمسندم عن غيرها، أوضح الفحل، أن التراث المحلي في المحافظة يتمتع بفرادة تنبع من التنوع الجغرافي والموروث الاجتماعي. وأكد أن "التراث الثقافي في مسندم يعتبر من أبرز مكونات الهوية الوطنية، ويعكس عمق تاريخ المنطقة وتفاعل الإنسان مع بيئته على مر العصور".
وأشار إلى أن العمارة التقليدية تمثل أحد الملامح الأبرز لهذا التراث، موضحًا أن “بيوت القفل” المنتشرة في القرى الجبلية تُعد شاهدًا حيًا على براعة الإنسان في التكيّف مع التضاريس القاسية. وقال: “البيوت الجبلية، أو بيوت القفل كما تُعرف، صُممت بهندسة معمارية فريدة، متوافقة مع طبيعة الجبال، وهي لا تشبه أي نمط معماري آخر في السلطنة”.
كما تطرق الفحل إلى “عصاة الجرز”، موضحًا أنها ليست مجرد أداة عملية، بل تحمل دلالة ثقافية عميقة، حيث أصبحت رمزًا للقوة والهيبة، وتُعد جزءًا لا يتجزأ من هيئة الرجل في مسندم. وأشار إلى أن هذه العصا تحولت إلى عنصر من عناصر الهوية الثقافية التي نادرًا ما تجد مثيلًا لها في مناطق أخرى من عمان.
مشاريع نوعية: "مركز الزوار في سيح الدير" أنموذجًا
وعند الحديث عن أبرز المشاريع الثقافية التي أُطلقت مؤخرًا في المحافظة، توقف عمر الفحل عند مشروع مهم اعتبره “نقلة نوعية في السياحة الثقافية بالمنطقة”، وهو مركز الزوار في موقع سيح الدير الأثري بولاية دبا. وأوضح أن هذا المركز جاء ليحفظ المكتشفات الأثرية التي عُثر عليها عام 2012، والتي بلغ عددها آلاف القطع.
قال الفحل: “تم توقيع مذكرة تعاون بين مكتب محافظ مسندم وشركة أوكيو لتمويل مشروع المركز، وهو اليوم يشكل واجهة ثقافية وسياحية فريدة، تستعرض تاريخ دبا، وتُعرف الزوار بإرث المنطقة من خلال المعروضات والمقتنيات الأثرية المكتشفة في مدافن سيح الدير”.
وأشار إلى أن العلاقة بين السياحة والمتاحف، أو المراكز الأثرية، هي علاقة تبادلية، “فالسياحة تنعش المتاحف، والمتاحف ترفع من القيمة السياحية للمكان”، مضيفًا إن هذا المشروع سيكون له أثر مستدام في تنشيط السياحة الثقافية إذا ما تم دعمه وترويجه بالشكل الكافي.
تضافر الجهود... شراكة بين الرسمي والمجتمعي
وفي سؤال عن التعاون بين الجهات الرسمية والمجتمع المحلي، أكد الفحل، أن مثل هذه المشاريع ما كانت لترى النور لولا التعاون الوثيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص. وقال: “لقد شاهدنا نموذجًا حيًا لهذا التعاون في مشروع مركز الزوار، حيث اجتمعت إرادة وزارة التراث والسياحة، ومكتب المحافظ، وشركة أوكيو، لتنفيذ مشروع يحمل أبعادًا ثقافية وتنموية في الوقت نفسه”.
وأوضح أن دعم المجتمع المحلي لا يقتصر فقط على التبرع أو الرعاية، بل يشمل كذلك المشاركة في الحفاظ على الهوية، وإحياء التقاليد، وتقديم صورة حقيقية عن التراث للزائرين، مؤكدًا أن المجتمعات المحلية هي العمود الفقري لأي نجاح في قطاع السياحة الثقافية.
التحديات: التسويق والحماية والتحديث
رغم هذا الزخم في المشاريع والمبادرات، إلا أن السياحة الثقافية في مسندم، بحسب الفحل، لا تزال تواجه عددًا من التحديات التي ينبغي التعامل معها بجدية. وأشار إلى أن من أبرز هذه التحديات “كيفية حماية التراث من العبث أو الإهمال، بالإضافة إلى ضعف التواصل والتسويق للمواقع الثقافية”.
وأكد أن هناك حاجة ملحة لتبني استراتيجيات واضحة تهدف إلى الحفاظ على المواقع التراثية وتوفير التمويل اللازم لأعمال الصيانة والترميم. كما شدد على ضرورة الترويج الذكي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: “يمكن أن تُحدث حملة تسويق رقمية ذكية فارقًا كبيرًا في مستوى الإقبال السياحي، خاصة إذا تمت بالشراكة مع الجهات المختصة والمؤثرين في المجال”.
خطط طموحة... وترميم واستثمار متزايد
عند الحديث عن المستقبل، يرى عمر الفحل أن الجهات المختصة في المحافظة تضع السياحة الثقافية ضمن أولوياتها، وهو ما يظهر في حركة الترميم المتواصلة للمواقع التاريخية، وطرح بعض الحصون والقلاع للاستثمار السياحي. وأكد أن “وزارة التراث والسياحة ومكتب محافظ مسندم يسعيان حثيثًا إلى تطوير السياحة الثقافية، وقد لمسنا هذا بوضوح في السنوات الأخيرة من خلال تزايد الفعاليات التراثية، وتحسين البنية التحتية حول المواقع الأثرية”.
وأضاف أن الدعم الموجه للمبادرات التي تهدف لإقامة متاحف خاصة، وتوفير بيئة قانونية وتنظيمية داعمة، يعكس وجود رؤية حكومية جدية لتفعيل هذا النوع من السياحة وجعله موردًا اقتصاديًا ثابتًا.
التراث الشفهي والحرفي... رصيد لا يقل أهمية
وأكد عمر الفحل أن التراث الثقافي لا يقتصر على الآثار المادية فقط، بل يشمل أيضًا التراث الشفهي، والحرف اليدوية، والعادات والتقاليد التي تشكل نسيج الحياة اليومية في مسندم. وقال: “من الأهازيج الشعبية، إلى القصص المتناقلة، ومن الحرف اليدوية التقليدية إلى الطقوس المرتبطة بالمناسبات، كلها عناصر يمكن أن تتحول إلى منتجات سياحية إذا ما تم توثيقها وتقديمها بطريقة مدروسة”.
وأشار إلى أن هناك جهودًا قائمة بالفعل من وزارة التراث والسياحة ومكتب المحافظ، وبعض الجهات المختصة، تهدف للحفاظ على هذا التراث وترويجه، لكنه يرى أن الطريق لا يزال طويلًا، ويتطلب المزيد من الانخراط المجتمعي والتقني في هذا الجانب.
توصيات نحو حضور أوسع على الخريطة الثقافية
في ختام حديثه، قدّم عمر الفحل جملة من التوصيات والمقترحات التي من شأنها أن تعزز من حضور محافظة مسندم على الخريطة الثقافية والسياحية لعُمان والمنطقة. وشدد على أهمية إنشاء منصات رقمية تفاعلية تسمح للناس من مختلف دول العالم بالمشاركة في الفعاليات الثقافية والمهرجانات التراثية التي تُقام في المحافظة.
كما دعا إلى إشراك أبناء مسندم، خصوصًا المهتمين بالثقافة، في المعارض الدولية التي تشارك فيها سلطنة عمان، مؤكدًا أن هذا من شأنه أن يعزز من قدراتهم، ويوسّع من شبكاتهم الثقافية، ويمنحهم أدوات حديثة للترويج لتراثهم.
وأخيرًا، عبّر عن أمله في إقامة مهرجان تراثي دولي سنوي في المحافظة، يُنظم بطريقة احترافية تجمع بين الأصالة والابتكار، ليكون نافذة عالمية على التراث الغني الذي تتمتع به مسندم، وقال: “لدينا الإمكانيات، ولدينا التاريخ، وينقصنا فقط القرار الجريء لصناعة حدث ثقافي يكون على مستوى ما تستحقه مسندم من حضور”.