«الأرشيف والمكتبة الوطنية» يستعرض دور الترجمة في تعزيز القيم الإنسانية
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلة كأس أكاديمية فاطمة بنت مبارك لطائرة السيدات تترقب «البطل» مريم كريم تحرز الذهبية الثانية في «عربية القوى»ضمن مشروعه «ترجمات»، وبرؤية معاصرة، استعرض الأرشيف والمكتبة الوطنية دور الترجمة في تعزيز القيم الإنسانية ودعم الحوار الحضاري، منذ بدايات اهتمام العرب بحركة الترجمة في العصر العباسي، وإسهاماتها في تأصيل منظومة القيم الإنسانية وتعزيز ثقافة حوار الحضارات بين الغرب والشرق، وكشف عن تغلغل القيم الإنسانية الغربية التي تمخضت عنها عمليات الترجمة والنقل داخل نسيج الأدب العربي.
أكد البروفيسور صديق جوهر، خبير الترجمة في الأرشيف والمكتبة الوطنية، الذي أمعن في تاريخ الترجمة وواقعها الحالي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تبذل جهوداً جبارة على صعيد مدّ جسور التواصل الثقافي والحضاري والإنساني بين الشعوب والحضارات، معتمدة على أقوى هذه الجسور وهي الترجمة، لما لها من دور في إثراء الحوار الحضاري بين الشرق والغرب.
رسالة مثاقفة
وأشار جوهر في المحاضرة -التي نظمها الأرشيف والمكتبة الوطنية، بعنوان: «دور الترجمة في تعزيز القيم الإنسانية والحضارية: رؤية معاصرة»، إلى دور الأرشيف والمكتبة الوطنية على هذا الصعيد، وعبر ما يقدمه في مؤتمر الترجمة الذي ينظمه سنوياً، وفي الإصدارات والبحوث المتخصصة التي يترجمه، ويثري به مجتمعات المعرفة، وهذا يأتي في إطار رسالة الأرشيف والمكتبة الوطنية في هذه المرحلة.
وأكدت المحاضرة أن حركة الترجمة قد شكلت رافداً من روافد الفكر الإنساني العابر للثقافات والحدود، وهي تشكل رسالة مثاقفة وحوار وبناء جسور بين الحضارات والثقافات، فالترجمة لم تعد مجرد مسألة أسلوبية ولغوية، وإنما صارت مسألة حضارية وثقافية لا يمكن بدونها الانفتاح على الآخر. واستعرضت المحاضرة -التي أقيمت في قاعة الشيخ محمد بن زايد بمقر الأرشيف والمكتبة الوطنية- أهمية الترجمة في التاريخ العربي الإسلامي، مشيرة إلى أن الترجمة في العالم العربي ليست ظاهرة حديثة، ولكنها متجذرة بعمق في الثقافة والتاريخ، فقد سبق للجاحظ أن تحدث عن أساسيات الترجمة، وسمات المترجم البارع، مؤكداً أهمية إلمام المترجم باللغتين المنقول منها والمنقول إليها.
حوار الحضارات
سلط البروفيسور جوهر الضوء على أهمية الترجمة في حوار الحضارات، إذ تأثر أدب الحداثة العربي بترجمة الآداب الأوروبية إلى العربية، وبفضلها تمكن شعراء الحداثة العرب من الاطلاع على التراث الأدبي الأوروبي الذي انعكس على أشعار بدر شاكر السياب، وعبد الوهاب البياتي، وصلاح عبد الصبور، ومحمد الماغوط، وأدونيس، ومحمد مصطفى بدوي، وغيرهم.
واختتمت المحاضرة بالتأكيد على أن دولة الإمارات تقود في هذه المرحلة أكبر حركة ترجمة معرفية، تبتغي منها النهوض بالعمل الثقافي وتعزيز الانفتاح على ثقافات الشعوب، وهذا ما يسفر عن تأصيل منظومة القيم الإنسانية وتعزيز ثقافة حوار الحضارات.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأرشيف والمكتبة الوطنية الترجمة الأدب العربي الإمارات الأرشیف والمکتبة الوطنیة القیم الإنسانیة حوار الحضارات الترجمة فی
إقرأ أيضاً:
جامعة الخرطوم تستأنف مسيرة العطاء
الدكتور الخضر هارون
يثلج الصدر أن كثيرا من مؤسسات التعليم العالي في بلادنا قد حرصت علي ألا يفضي العدوان الغاشم علي بلادنا المتمثل في هذه الحرب الضروس التي اندلعت في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ إلى تكليف البلاد ضياع أجيال من بنات السودان وأبنائه وذلك بأن تكيف أوضاعها وفقاً للضرورات بالحفاظ علي الحد الأدني مما يمكنها من الاستمرار عند توقف الحرب. وقد تسارعت الخطى هذه الأيام بعد أن لاحت بشائر النصر، نحو عودة الاستقرار بإنفاذ الخطط الموضوعة لفترة ما بعد الحرب. وفي هذا السياق نقول إنه قد بذلت إدارة جامعة الخرطوم الحالية جهدا كبيرا كبيراً في سبيل بث الحياة في الجامعة إثر الصدمة التي صُدٍمتها البلاد بنشوب الحرب فقد كانت الجامعة من أوائل المؤسسات التي حرصت على دفع المرتبات لمنسوبيها (في غضون شهرين من وقوع الحرب) وخفف ذلك من معاناة الناس شيئاً ما. كما سارعت إلى اعتماد الوسائل الاكترونية لاستئناف التدريس عن بعد وكانت ثمرة ذلك أن تخرجت دفعات من الطلاب متلمسةً طريقها نحو المستقبل وعلى هدى الجامعة سارت بقية الجامعات، حيث افتتحت لها مكتباً في سواكن بشرقيّ السودان واعتمدت نظاماً إلكترونياً مخدوماً مكّن خريجيها ومنسوبيها من الحصول على شهاداتهم التي فقدوها إثر الظروف المعلومة وهكذا صار بمقدور خريجي الجامعة استعادة شهاداتهم و مؤهلاتهم استئنافاً لحياتهم ومضياً في بناء مستقبلهم. كما إنها اعتمدت عدداً من المراكز لامتحان طلبتها داخل السودان وخارجه سابقة نظيراتها التي سلكت هذا الطريق بعد حين. ونسقت مع مؤسسات نظيرة لنقل مكتب خدمات الترجمة إلى بورتسودان فلاقى من النجاح النصيب الوافر خدمةً للبلاد وأهلها وانتظاماً في خدمة المجتمع المستمدة من رسالة الجامعة ومنهاجها .
واستناداً إلى هذا الجهد وانطلاقاً منه فإن وحدة الترجمة تسعى إلى ارتياد آفاقٍ أرحب وساحات أعلى بما يليق بماضيها التليد ويتسق ومستقبلها الزاهر والبلاد تتزيّا بزيّ العافية وتتزيّن بثياب السلام والاستقرار والأمان ماشيةً في درب النهضة وساعيةً في طريق العزً وماضيةً في سبيل النماء والازدهار والمنعة.
ولما كنت ذا صلة بوحدة الترجمة في كلية الآداب إذ استضافتني الوحدة في مشاركات ثقافية ومعرفية كان أهمها مشاركتي في تدشين ترجمة طروحة العالم الجليل الأستاذ الدكتور عبدالله الطيب لنيل درجة الدكتوراة من جامعة لندن في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم قبل سنوات خلت. وقد ترجم الطروحة التي تحمل العنوان (أبو العلاء المعري شاعرا) الترجمان الفذ ابن القسم، الأستاذ عبد المنعم الشاذلي ترجمة لو أن شيئا يبلغ حد الكمال لحازت ذاك المرتقي الرفيع. نقول ذلك بمطالعة فاحصة مقارنين فيها بين أصل الرسالة في متنها باللغة الانقليزية وترجمتها إلي العربية. وكنت قد أفردت لذلك مقالة عقيب ذلك التدشين الذي نظمه الأديب الصديق الدكتور الصديق عمر الصديق رئيس مركز عبدالله الطيب والذي أمه لفيف من علماء السودان وأساطين البيان من أبنائه وتناول بالتعليق فيه علي ترجمة الطروحة الأساتذة البروفسور الحبر يوسف نور الدايم والبروفسير التجاني الجزولي المتعافي مدير معهد الخرطوم للترجمة رحمهما الله والبروفسور عبد الله محمد أحمد وجمع غفير من محبي الأدب ضاقت بهم القاعة علي سعتها وشرفته بالحضور الفضلى جوهرة الطيب حرم بروفسور عبدالله الطيب. كما أني قد قدمتُ لاحقاً في مقر الوحدة محاضرة لدارسين للترجمة من القضاة في القسم عن طرائف الترجمات والمترجمين. وصلتي بالترجمة سابقة لذلك كله فقد عملت مترجماً لخمس من السنين ووجدت في رحابها متعة لا توصف وهي مبتدأ للنهضة وسبيل إلى تحقيقها كيف لا وقد فتحت دار الحكمة التي أسسها الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد في بغداد التي كانت عاصمة الدنيا وزينة المدائن فانخرطت في الترجمة فنشأ علم الكلام وحوار الأديان وعلم الأديان المقارن في العصور الحديثة. وقد سرني أن الأستاذ عبدالمنعم الشاذلي قد أنجز مؤخرا مع صديقيه الدكتور مكي بشير مصطفى، كبير المراجعين بقسم الترجمة بمنظمة الأمم المتحدة وعضو هيئة التدريس السابق بجامعة الخرطوم، وخريج وحدة الترجمة والتعريب بجامعة الخرطوم، والدكتور البشير الصادق، الأديب والمترجم بدولة قطر، ترجمة لكتاب مهم للغاية هو قيد الطبع الآن عنوانه (Unstoppable) أو (عزائم لا تقهر) للكاتبة الأمريكية سينثيا كيرسي (Cynthia Kersey) • ومثلما كانت جامعة الخرطوم بادرة للمعارف التطبيقية يوم أن أسسها الغازي المستعمر هيربرت كتشنر حاكم عام السودان وسردار الجيش المصري تخليدا لذكري مواطنه شارلس غردون حاكم عام السودان السابق والمعيّن من قبل خديوي مصر الذي قتله ثوار المهدية عندما تحرر السودان بأسيافهم، باسم (كلية غردون التذكارية) كمدرسة لتخريج العمال المهرة وصغار الكتبة لكنها تطورت عبر الزمن فتبرع رجل البر والإحسان أحمد محمد هاشم بغدادي بتأسيس مدرسة الطب ثم سُمح بتدريس الانسانيات عشرينيات القرن العشرين وهكذا حتي غدت كلية الخرطوم الجامعية ثم جامعة الخرطوم بعد الاستقلال وأسهم خريجوها مع غيرهم من قطاعات الشعب في تحرير البلاد من قيود الاستعمار وتزويد السودان المستقل بالكفاءات في شتي المجالات. وحفاظا علي ميراث هذه المؤسسة الوطنية العريقة في ابتدار المبادرات الخيرة، تبادر اليوم وحدة الترجمة والتعريب وهي تستشرف انتصار البلاد وتحررها من قبضة المؤامرة الاقليمية والدولية التي تضطلع مليشيا الدعم السريع المتمردة والأجيرة بتنفيذها منذ أكثر من عام والخلوص إلى حقبة جديدة من التحرير، بمسعى علمي يفتح الطريق لاستئناف رسالته في ترميم ما خربته الحرب علي السودان وكانت جامعة الخرطوم من أول ضحاياه مبانيَ ومعداتٕ ومكتبات وأجهزة، ومعان تمثلت في وقف الدراسة في ربوعها. فكم سرني أن تفكر وحدة الترجمة والتعريب بهذا المستوى من التفكير الراشد بهذا المسعى الأكاديمي الخدمي مساهمة منها في إعادة إعمار هذه الجامعة، إذ سيذهب الريع المادي كله لهذا البرنامج (دورة الترجمة الفورية) للجامعة دون أن ينال منه أساتذة الوحدة شيئاً. وهي لعمري لفتة وطنية بارعة ما أحوج بلادنا إلى مثلها في هذه الظروف القاسية، وما أجدر أن تنحو هذا المنحى كل الإدارات والأقسام والوزارات في كل الدولة، لينهض كل قادر على دور إيجابي بأدائه. وهذه السطور بعض إعجاب بهذه اللفتة، وبهذا النهج في التفكير والشعور.
سدد الله الخطى وبلغ المقاصد.
abuasim.khidir@gmail.com