أكد مجلس النواب أن الحوار الوطني يُعَدُّ إحدى الركائز الأساسية لتعزيز التلاحم بين مختلف شرائح المجتمع، حيث يُمكِّن من تبادل الأفكار والرؤى التي تسعى إلى تحقيق المصالح الوطنية العليا.

وقد برزت بعض توصيات هذا الحوار كأدوات قيِّمة يمكن لمجلس النواب الاستفادة منها في إعداد تشريعات تتماشى مع تطلعات المجتمع وتستجيب للتحديات الحالية، ولا شك أن هذه الخطوة الرائدة ما كانت لتتم لولا المبادرة الحكيمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ رئيس الجمهورية، الذي أطلق فكرة الحوار الوطني، حرصًا منه على إشراك جميع فئات المجتمع في رسم ملامح مستقبل البلاد، وإيمانًا بأهمية الحوار كوسيلة لبناء مجتمع متماسك ومتطور.

ولذلك قام مجلس النواب بدراسة توصيات لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية، وتم بالفعل إدماج عدد من هذه التوصيات في مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد- من أبرزها:

أولاً- تقليص مدد الحبس الاحتياطي ووضع حد أقصى لها؛ حيث أكد مشروع القانون على ألا تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي أربعة أشهر في الجنح (بدلًا من ستة)، واثني عشر شهرًا في الجنايات (بدلًا من ثمانية عشر)، وثمانية عشر شهرًا في القضايا المتعلقة بالسجن المؤبد أو الإعدام (بدلًا من سنتين)، كما تم تحديد مدة حبس المتهمين في محكمة النقض لمدة لا تتجاوز سنتين، بعدما كانت غير محددة في القانون القائم.

ثانيًا- السماح بالتظلم من قرارات الحبس الاحتياطي بالطرق الإلكترونية، حيث تضمن مشروع القانون صياغات متكاملة للتظلم من جميع الأوامر بما فيها الأمر بالحبس الاحتياطي بالوسائل التقليدية (المواد 164وما بعدها) والإلكترونية (المواد 525وما بعدها).

ثالثًا- إلغاء القانون رقم (83) لسنة 2013 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، والذي منح لمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة إذا كان الحكم صادرًا بالإعدام أو بالسجن المؤبد أن تأمر بحبس المتهم احتياطيًا لمدة خمسة وأربعين يومًا قابلة للتجديد دون التقيد بمدة محددة، حيث تضمنت المادة (124) من مشروع القانون تقييد سلطة محكمة النقض في هذا الخصوص على النحو المبين سلفًا ليصبح الحد الأقصى لها بما لا يجاوز سنتين.

رابعًا- التقدم بطلبات التعويض بالطرق المعتادة لرفع الدعاوى عن كل يوم حبس احتياطي؛ وهو ما أكدت عليه المادة (524) من مشروع القانون.

خامسًا- ضرورة أن يصدر الأمر بالمنع من السفر أو الإدراج على قوائم الوصول والتحفظ على الأموال، من سلطة تحقيق قضائية، بمناسبة قضية منظورة، تقتضي طبيعتها هذا الإجراء، وأن يكون هذا القرار مسببًا ومحددًا بمدة زمنية معقولة؛ ولا تزيد على مدة الحبس الاحتياطي، حيث تم تضمين المقترح في المواد (147، 148، 149) من مشروع القانون، ووضع المشروع تنظيمًا متكاملاً لأوامر المنع من السفر والإدراج على قوائم ترقب الوصول بتحديد السلطة المختصة بإصداره بقرار من النائب العام أو من يفوضه، أو من قاضي التحقيق المختص، على أن يكون هذا الأمر مسببًا ولمدة سنة قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة، لأمر تستلزمه ضرورات التحقيقات أو حسن سير إجراءات المحاكمة، كما نظم آلية التظلم منها.

سادسًا- في الأوضاع الاستثنائية التي تتطلب تجديد حبس متهم من داخل محبسه عن طريق التقاضي الإلكتروني، يجب أن تكون الأولوية لحضور المحامي مع المتهم في نفس مكان تواجده (أي في محبسه)، وقد تم تضمين المقترح في الباب المتعلق بإجراءات التحقيق والمحاكمة عن بعد (المواد 525 وما بعدها) والذي نص صراحة على حضور المحامي مع المتهم وعدم جواز الفصل بينهما عند اتخاذ إجراءات التقاضي عن بُعد.

هذا، ويُشار إلى أن بعض التوصيات لا تزال قيد الدراسة، إذ تبين للمجلس أن إدماجها في البيئة التشريعية سيكون ضمن قوانين أخرى بخلاف قانون الإجراءات الجنائية، ومن هذه التوصيات: التوصية المتعلقة بالتوسع في إشهار الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي تهدف إلى دعم دمج الأفراد وتذليل العقبات الإجرائية التي تعترض عودتهم إلى العمل أو الدراسة واستعادة حياتهم الطبيعية، وتشمل هذه التوصية تقديم التدريب المناسب بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب، بالإضافة إلى توفير الدعم النفسي والتأهيل اللازمين لهم.

ويرى المجلس أن المكان الأنسب لتطبيق هذه التوصيات هو بعض القوانين المتخصصة، فضلاً عن أنه لا يوجد ما يمنع قانونًا، سواء في قانون العمل أو قانون الخدمة المدنية، من عودة المحبوس احتياطيًا إلى عمله بعد الإفراج عنه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحوار الوطني مجلس النواب الحبس الاحتياطي توصيات الحوار الوطني قانون الإجراءات الجنائية الإجراءات الجنائیة من مشروع القانون الحبس الاحتیاطی الحوار الوطنی قانون ا

إقرأ أيضاً:

بعد تضمين توصيات الحوار الوطني بـ«الإجراءات الجنائية».. الأحزاب: يُلبي طموحات الشعب

ثمنت أحزاب سياسية، بيان مجلس النواب، حول تضمين توصيات الحوار الوطني الخاصة بالحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية في بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، مؤكدين أن مصر تعيش حالة من الحوار المفتوح دون قيود أو خطوط حمراء.

الإجراءات الجنائية يصون حرية المواطن

وقال أحمد عبد الجواد، النائب الأول لرئيس حزب مستقبل وطن، أمين التنظيم، إن بيان مجلس النواب تضمن توضيحًا لجميع أعمال لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب واللجنة الفرعية المنبثقة عنها، والتى أعدت مشروع القانون، مشيدًا بالجهود المخلصة لمجلس النواب، وجميع مؤسسات الدولة، التى أسهمت فى صياغة وإعداد مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية، يُعد الركيزة الأساسية للتنظيم القانونى فى الشق الجنائى، بشكل يحقق الضمانات الدستورية، ويكفل معايير حقوق الإنسان.

وأشاد عبد الجواد، بتضمين مشروع القانون توصيات ومخرجات الحوار الوطنى الخاصة بالحبس الاحتياطى والعدالة الجنائية، التى نتجت عن أفكار ورؤى هدّافة من مختلف فئات المجتمع الممثلة فى الحوار الوطنى ليُقدِّم للشعب منتجًا يُلبى طموحاته وتطلعاته، لافتًا إلى أن إقرار مشروع قانون جديد متكامل للإجراءات الجنائية يعبر عن وجود إرادة حقيقية لدى الدولة بمختلف مؤسساتها فى صون حرية وكرامة المواطن من ناحية، ومن ناحية أخرى تحديث النظم التشريعية بما يتواكب مع أحكام الدستور والواقع العملى والتطور التقنى.

لا خطوط حمراء في الحوار الوطني

من جانبه أكد هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، أن الحوار الوطني يُعلى مصالح الوطن العليا ويؤصل للمؤسَّسية فى طرح القضايا والحوار حول التشريعات والقوانين، فما تم فى الحوار الوطني بشأن قانون الإجراءات الجنائية وغيره من القضايا اتسم بسماع جميع الآراء دون إقصاء، حيث تمت مناقشة قضية الإجراءات الجنائية والحبس الاحتياطي عبر العديد من الجلسات العامة والمتخصصة ودراسة الآراء ورفعها إلى الجهات المعنية، إلى جانب اجتماع مجلس النواب مع رؤساء الأحزاب الممثلة بالبرلمان.

واستنكر عبد العزيز، ما تردد بشأن وجود شبهة عدم دستورية بالقانون، مشددًا على أن ما تم بهذا الصدد يمثل مغالطة واضحة وإصدار اتهامات بأن مناقشة القانون تمت بشكل عاجل، لافتًا إلى أن تلك الاتهامات مرسلة وتفتقر إلى الدقة والموضوعية، داعيًا جميع القوى السياسية والأحزاب والشخصيات العامة إلى التعامل مع الحدث بنضج سياسى وبإعلاء للمصلحة الوطنية ومن خلال الآليات المتاحة، خاصة أن مصر تعيش حالة من الحوار المفتوح دون قيود أو خطوط حمراء.

نقلة في ملف الحريات

في سياق متصل، أشار المهندس ياسر قورة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إلى أن حالة الشد والجذب التى حدثت خلال مناقشة مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية تؤكد نهج الديمقراطية التى نهجته اللجنة، وهو مشاركة جميع الأطراف والاستماع إلى وجهات نظرها وإدخال التعديلات التى يرونها متسقة على النصوص، مادامت تلك التعديلات تتوافق مع صحيح الدستور والقانون وتدعم قواعد الديمقراطية وحرية الرأى وحقوق المتهم، وهو ما حدث مع نقابتى المحامين والصحفيين.

وأوضح قورة، أن حزب الوفد يرى أن هذا القانون يُعد نقلة فى ملف الحريات فى مصر لأنه يشمل مجموعة من الضمانات التى تعزز من حقوق الإنسان، ومنها تقليص مدة الحبس الاحتياطى، وتقييد سلطات مأمورى الضبط القضائى فى القبض والتفتيش، ووضع ضوابط لتعويض المتهمين عن الحبس الاحتياطى الخاطئ، كما يتضمن مواد لحماية الشهود والمبلغين والمتهمين والمجنى عليهم، وتقديم تسهيلات لذوى الهمم فى مراحل التحقيق والمحاكمة، بالإضافة إلى تنظيم التحول التدريجى للإعلان الرقمى والتحقيق والمحاكمة عن بُعد، معقبًا: «استعانة البرلمان بعدد من توصيات لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطنى بشأن الحبس الاحتياطى والعدالة الجنائية عند وضع مواد القانون الجديد تؤكد أننا بالفعل أصبحنا فى جمهورية جديدة يتم خلالها الأخذ بجميع الآراء وعدم استبعاد أحد».

خطوة مهمة نحو تطوير منظومة العدالة الجنائية

في السياق ذاته، أكد اللواء دكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، إن بيان مجلس النواب بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد خطوة مهمة نحو تطوير منظومة العدالة الجنائية، ويؤكد مبدأ التشاركية فى كل قضايا المجتمع، لافتا إلى أن أهم ما يميز هذا المشروع تضمنه إجراءات لتعزيز حماية حقوق المتهمين والمجنى عليهم، خاصة تقليص مدد الحبس الاحتياطى وتقييد السلطات فى القبض والتفتيش.

وشدد فرحات، على أن هذا المشروع يمثل ثمرة تعاون بين مختلف المؤسسات والهيئات المعنية، وهذا التنوع يعكس التزامًا حقيقيًّا بإجراء حوار مجتمعى شامل، ما يعزز من مصداقية التشريعات الجديدة، ويدفع نحو تبنى رؤية مستقبلية لإصلاح المنظومة القضائية، غير أنه لم يُغفل أهمية التحول الرقمى فى إجراءات التقاضى والمحاكمات بهدف تسهيل إجراءات التقاضى وتوفير الوقت والجهد، ولاسيما فى ظل الأوضاع الاستثنائية التى قد تتطلب اعتماد هذه الأساليب الحديثة، مشددًا على أنه يجب استمرار الحوار الوطنى، باعتباره منصة لتبادل الأفكار والرؤى بين مختلف شرائح المجتمع، وذلك لضمان أن تكون التشريعات دائمًا فى خدمة المواطنين وتلبى تطلعاتهم، ومشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد هو دليل على أن التشريعات ليست مجرد نصوص، بل هى تجسيد عملى لإرادة شعب يسعى لتحقيق العدالة وحماية حقوقه.

مقالات مشابهة

  • «الحرية المصري» يثمن بيان الحوار الوطني بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد
  • «النواب» يدمج بعض توصيات الحوار الوطني في مشروع «الإجراءات الجنائية»
  • برلماني يكشف دور الحوار الوطني في صياغة تعديلات الحبس الاحتياطي بـالإجراءات الجنائية
  • أيمن محسب: الحوار الوطني لعب دورا مهما في صياغة تعديلات الحبس الاحتياطي بقانون الإجراءات الجنائية 
  • «اقتصادية النواب»: الحوار الوطني يلعب دورا محوريا في «الإجراءات الجنائية»
  • الحوار الوطني يوضح نقاط مهمة بشأن الحبس الاحتياطي ومشروع قانون الإجراءات الجنائية
  • الحوار الوطني يناشد المؤسسات والهيئات تقريب وجهات النظر بملف الحبس الاحتياطي والإجراءات الجنائية
  • الحوار الوطني يوضح بعض النقاط حول الحبس الاحتياطي ومشروع قانون الإجراءات الجنائية
  • بعد تضمين توصيات الحوار الوطني بـ«الإجراءات الجنائية».. الأحزاب: يُلبي طموحات الشعب
  • برلماني: قانون الإجراءات الجنائية كشف عن حالة التوافق بين الحوار الوطني ومجلس النواب