عربي21:
2024-11-22@00:04:33 GMT

أزمة المعتقلين في مصر.. هل تشهد انفراجة مفاجئة؟!

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

أصبحنا مع المعتقلين وأسرهم وأصدقائهم نتعلق بأهداب أي خبر أو معلومة يمكن تفسيرها في إطار إنهاء هذه الأزمة التي تؤرق ضمير كل حر، رغم إدراكنا العميق لعقلية النظام المصري، وكيف يفكر ويتحرك من خلال خبرة تزيد عن السنوات العشر، عايشنا فيها الكثير من الأوهام والوعود الزائفة، إلا أننا نحاول أن نبحث عن خرم إبرة لأمل قد يكون ساكنا في ثنايا قرار، أو سياسة تتعلق تحديدا بالمعتقلين.



خلال الأيام الماضية رفعت أمانة الحوار الوطني للسيسي عدة توصيات حول الحبس الاحتياطي، والعدالة الجنائية تتضمن تخفيضا في مدد الحبس، وجبر الضرر لمن يتعرضون للحبس الخاطئ، وتطبيق بدائل أخرى للحبس الاحتياطي، ووجه السيسي حكومته إلى سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذه التوصيات، وهو ما نشر أجواء من التفاؤل، وأحيا آمال أسر المعتقلين بـ"حلحلة" قريبة لأزمتهم.

تكتظ السجون ومراكز الاحتجاز المصرية بما يزيد عن 60 ألف معتقل، وفقا لبيانات المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية، نسبة كبيرة منهم يقضون فترات حبس احتياطي تجاوزت الحدود القصوى التي يحددها القانون بعامين على الأكثر، بل تجاوز الكثيرون أضعاف هذه المدة وصولا إلى عشر سنوات.. الحكومة المصرية التي تنفي صحة هذه الأرقام ترفض في المقابل إعلان حصر رسمي بأعداد المعتقلين السياسيين لديها، وتعتبره أحد أسرار الأمن القومي، وفي الوقت الذي تظهر فيه صرخات المعتقلين مما يتعرضون له من تعذيب ومعاملة غير آدمية عبر رسائل مسربة فإن السلطات تحرص من جانبها على تسويق صورة وردية للسجون والمعتقلات، وكأنها فنادق 5 نجوم، وترفض في الوقت نفسه السماح لبعثات حقوقية محلية أو دولية مستقلة لزيارة السجون وأماكن الاحتجاز ومقابلة السجناء بحرية.

في الوقت الذي تظهر فيه صرخات المعتقلين مما يتعرضون له من تعذيب ومعاملة غير آدمية عبر رسائل مسربة فإن السلطات تحرص من جانبها على تسويق صورة وردية للسجون والمعتقلات، وكأنها فنادق 5 نجوم، وترفض في الوقت نفسه السماح لبعثات حقوقية محلية أو دولية مستقلة لزيارة السجون وأماكن الاحتجاز ومقابلة السجناء بحرية
على الرغم من الإفراجات التي تمت خلال الشهور الماضية بقرارات سياسية أو قضائية، إلا أن المنظمات الحقوقية كشفت عن تزايد وتيرة الاعتقالات السياسية في النصف الأول من 2024 مقارنة بالسنوات السابقة، حيث بلغت 1205 أشخاص بينهم 44 امرأة، كما رصدت تدوير مئات المعتقلين الذين أنهوا فترات الحبس الاحتياطي على قضايا جديدة.

لم تتوقف الضغوط المحلية والدولية المطالبة للحكومة المصرية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، بل انتقلت الضغوط إلى الدول الداعمة للنظام المصري مطالبة إياها بوقف هذا الدعم الذي يشجعه على الاستمرار في انتهاك حقوق الإنسان، كما طالبتها بربط المنح والمعونات وحتى القروض التي تقدمها باحترام حقوق الإنسان.

في كانون الثاني/ يناير المقبل تنطلق الدورة الرابعة للاستعراض الدوري للملف الحقوقي المصري في الأمم المتحدة، حيث كانت آخر مراجعة دورية شاملة للملف المصري في العام 2019، وتلقت فيها الحكومة المصرية 375 توصية أممية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، وقد تعهدت بتنفيذ 272 توصية، وفي كل عام تقدم كشف حساب لما نفذته من تعهداتها. والحقيقة أنها لم تستطع حتى الآن تنفيذ التعهدات الرئيسية الخاصة بالانتهاكات الكبرى، ولذا فهي تسابق الزمن لإنجاز بعض التحسينات سريعا لتقديمها في مراجعة كانون الثاني/ يناير المقبل، ومن ذلك ما يتعلق بملف الحبس الاحتياطي، كما أنها ستقدم بعض ما تعتبره تحسينات وإنجازات أخرى مثل الحوار الوطني، وإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، واعتماد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهي مبادرات شكلية لم تحقق تحسنا يذكر في الملف الحقوقي، ولا تنطلي على المجتمع الدولي الذي يعرف جيدا ما يحدث في مصر من قمع وتكميم أفواه، وانتهاكات ممنهجة، وتصاعد الحبس والاعتقال للنشطاء السياسيين والصحفيين من مختلف التيارات كما حدث مؤخرا، بل وحبس المنافسين في الانتخابات الرئاسية، واستمرار التعذيب والاختفاء القسري، وصدور أحكام الإعدام بحق معارضين سياسيين، ومنع التظاهر والتعبير السلمي.. الخ.

هل تلحق إذن مبادرة تخفيف قيود الحبس الاحتياطي بسابقاتها من المبادرات الشكلية التي تستهدف فقط "تسديد خانات" في الأمم المتحدة، خلال جلسات المراجعة الدورية في كانون الثاني/ يناير المقبل؟

منطق الأمور والخبرات السابقة تقود إلى الإجابة بـ"نعم"، لكن أحلام اليقظة تدفع نحو التصديق، أو بالأدق تفسح المجال لقدر من التفاؤل، استنادا إلى أن السيسي تصدى بنفسه للإعلان عن هذه المبادرة، ووجه حكومته للمسارعة بوضعها موضع التنفيذ، وهناك متسع من الوقت قبل كانون الثاني/ يناير المقبل لتثبت السلطة جديّتها وصدقها في تنفيذ هذه المبادرة، وإلا فإنها ستواجه موقفا صعبا جديدا في الأمم المتحدة، وقد يتسبب نكوصها في وقف بعض المعونات والقروض التي هي في مسيس الحاجة إليها..

إذا كانت السلطة قادرة على تسويق روايتها وسياساتها عبر إعلامها في الداخل فإن الأمر لن يكون بهذه السهولة في الخارج، وأمام المجتمع الدولي الذي ينتظر إجراءات عملية ملموسة، وليس فقط محض قوانين نظرية، أو وعود شكلية، وإثبات الجدية والمصداقية لا ينتظر صدور القانون الجديد، بل يمكن من خلال تطبيق القانون "الظالم" الحالي
الخطوة المفترضة الآن هي صدور تعديل تشريعي من البرلمان يتضمن التحسينات التي تم التوافق عليها فيما يخص الحبس الاحتياطي، سواء من حيث تخفيف مدته، أو من حيث تعويض من حُبسوا بطريق الخطأ، أو اللجوء إلى تدابير احترازية بديلة للحبس الاحتياطي مثل الأسورة الالكترونية التي تلزم صاحبها بعدم مغادرة نطاق جغرافي محدد، أو حتى الإقامة الجبرية في البيت، أو تأدية فترات معينة من الخدمة العامة.

وبمجرد صدور القانون ولائحته التنفيذية ينبغي تطبيقه على الفور، وهذا يعني -إذا صدقت النوايا- إخلاء سبيل الآلاف فورا ممن قضوا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي دون أن يتم تقديمهم للمحاكمة، لكن لنكن متواضعين في توقعاتنا انطلاقا من تجاربنا المريرة، فلو أن النيابات المختصة بدأت بالإفراج عمن قضوا فترة الحبس الاحتياطي حين عرضهم عليها فإننا سنسمع كل يوم عن إفراجات جديدة، وهذا يعني أن قطار تصفية الأزمة قد تحرك فعلا.. الخوف الآن هو أن تعمد السلطة إلى لعبة استهلاك الوقت في مناقشة القانون لعرقلة صدوره ومن ثم تطبيقه سريعا، فكل ما يهمها ربما هو فقط إبلاغ الأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير المقبل بصدور قانون جديد للحبس الاحتياطي؛ يستجيب لبعض توصيات المنظمة الدولية.

إذا كانت السلطة قادرة على تسويق روايتها وسياساتها عبر إعلامها في الداخل فإن الأمر لن يكون بهذه السهولة في الخارج، وأمام المجتمع الدولي الذي ينتظر إجراءات عملية ملموسة، وليس فقط محض قوانين نظرية، أو وعود شكلية، وإثبات الجدية والمصداقية لا ينتظر صدور القانون الجديد، بل يمكن من خلال تطبيق القانون "الظالم" الحالي الذي يحدد سقفا أقصى للحبس الاحتياطي بعامين فقط، فتطبيق القانون الحالي يعني مباشرة خروج آلاف المعتقلين الذين تجاوزوا هذه المدة وأضعافها، كما أن إثبات الجدية يقتضي التوقف عن حبس المزيد من النشطاء والمدونين والمعارضين كبديل لمن يتم الإفراج عنهم.. سنرى هل نحن أمام وهم جديد، أم سياسة جديدة!

x.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المعتقلين المصري توصيات الحبس الاحتياطي السجون حقوق الإنسان مصر حقوق الإنسان سجون معتقلين الحبس الاحتياطي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة للحبس الاحتیاطی الحبس الاحتیاطی الأمم المتحدة کانون الثانی ینایر المقبل على تسویق فی الوقت

إقرأ أيضاً:

محافظ البحيرة تغير مدير مدرسة «أم المؤمنين» خلال جولة مفاجئة

تفقدت الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، في جولة مفاجئة عددًا من المدارس، كان من بينها مدرسة منشأة مهنا الابتدائية التابعة لإدارة كوم حمادة التعليمية، التي تعمل بنظام الفترتين، حيث تستقبل 491 تلميذًا في الفترة الصباحية و522 تلميذًا في الفترة المسائية.

جولة مفاجئة لمحافظ البحيرة في عدد من المدارس 

 وتابعت محافظ البحيرة سير العملية التعليمية وأعمال النظافة داخل الفصول وكافة المرافق، إلى جانب مراجعة أعمال الإضاءة، والاطلاع على كراسات التحضير. كما تابعت آلية شرح الدروس ومدى تحصيل الطلاب ومستوى أدائهم.

والتقت «عازر» خلال جولتها بشوارع قرية منشأة مهنا، بعدد من المواطنين، واستمتعت إلى شكواهم، ووجهت بضرورة إيجاد حلول فورية للمشكلات التي تم طرحها، والعمل على تذليل العقبات التي تواجههم.

ثم توجهت الدكتورة المحافظ لمركز بدر وتفقدت مدرسة أم المؤمنين الابتدائية، وتابعت انتظام العملية التعليمية، داخل الفصول، ومراجعة محتوى الدروس والشرح المقدم للطلاب خلال اليوم الدراسي بمختلف المواد الدراسية.

 تغيير مدير مدرسة أم المؤمنين لرصد مخالفات 

وقررت «عازر» تغيير مديرة مدرسة أم المؤمنين، بعد رصد عدد من الملاحظات المتعلقة بمستوى النظافة والانضباط داخل المدرسة، كما وجهت الإدارة التعليمية ومديرية التربية والتعليم بمراجعة أوضاع المدرسة بشكل شامل لضمان تحسين الأداء والانضباط.

واختتمت المحافظ جولتها بتفقد مدرسة الشهيد إسلام ناصر جابر للتعليم الأساسي بقرية صلاح الدين بمركز بدر، التي تعمل بنظام الفترتين، وتضم 43 فصلًا بإجمالي 1955 تلميذًا. وخلال الزيارة، تابعت سير العملية التعليمية، مؤكدة على أهمية تطبيق الإجراءات التي تسهم في تحسين مستوى العملية التعليمية بمختلف مراحلها.

يذكر أن الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، تواصل جهودها المكثفة منذ انطلاق العام الدراسي من خلال الجولات المفاجئة لتقييم الأداء وضمان انتظام العملية التعليمية وسير العمل بكفاءة.

مقالات مشابهة

  • الحبس والغرامة.. ما عقوبة قيام اللاجئ بنشاط يمس الأمن القومي؟
  • الضرائب: المصلحة تشهد تحولًا رقميًا جذريًا لتحقيق رضا الممولين
  • هالة أبوعلم عن التلفزيون المصري: أزمة ماسبيرو في الإدارة التي تتجاهل الكوادر
  • آبل تدعو مستخدمي iOS 8 لتحديث الأجهزة قبل إيقاف دعم النسخ الاحتياطي في ديسمبر
  • محافظ البحيرة تغير مدير مدرسة «أم المؤمنين» خلال جولة مفاجئة
  • إجبار اللاجئين في ألمانيا على العمل.. ما العوامل التي تؤثر في تنفيذ القانون؟
  • توقعات أسعار الذهب الفترة القادمة.. هل تشهد زيادة جديدة؟
  • محافظ أسيوط: تحرير 343 مخالفة تموينية متنوعة خلال حملات مفاجئة
  • مصر إلى إقرار الحبس الاحتياطي.. والسلطات تواصل اختراقه بقرارات سجن وإخفاء
  • أسعار اللحوم تشهد ارتفاعًا غير مسبوق بتركيا