لجريدة عمان:
2024-07-04@10:32:04 GMT

هل إدمان الطعام أمرٌ واقعي؟

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

هل إدمان الطعام أمرٌ واقعي؟

ترجمة: أحمد بن عبدالله الكلباني -

هل من الممكن أن يصبح الإدمان على تناول الأطعمة غير الصحية أمرًا واقعيًا؟ الإجابة على هذا السؤال هي «نعم»، فهذا ما ذهب إليه استنتاج مجموعة من أطباء التغذية والعلماء، وهم على نسق مختلف عن الاتجاه الطبي السائد الذي يرى عكس ذلك، ويهدف أطباء التغذية من خلال هذا الاستنتاج إلى الكشف عن طريقة جديدة ومثيرة حول طريقة تفكير الأشخاص الذين يفرطون في تناول الطعام.

بالواقع، هي ليست فكرة جديدة بشكل مطلق، فقد شبّه مجموعة من أطباء التغذية سابقًا علاقة بعض الأشخاص مع الأطعمة والشراهة في الأكل وصوّروا ذلك على أنه نوع من الإدمان، ولكن كان ذلك بمثابة تشبيه أو مبالغة في الوصف؛ لأن مفهوم الإدمان مختلف عمّا ذهب إليه بعض أطباء التغذية في وصف الإفراط في الطعام؛ فالإدمان هو اعتماد المرء على الكحول مثلًا أو المخدرات مثل الهيروين، لذلك يظهر من العلماء والباحثين في التغذية من يرفض تصوير الإفراط في الطعام بأنه شكل من أشكال الإدمان، ويقول «دوان ميلور» الناطق باسم جمعية الحمية البريطانية: «الإدمان هو الاعتماد على ما لا تحتاج إليه».

وفي مسألة الطعام من الواضح أننا جميعًا نحتاج إلى تناول الطعام، فهل يعني ذلك عدم وجود «إدمان الطعام»؟! علماء التغذية الذين يرجحون فكرة أن هناك إدمانًا للطعام قاموا بتدعيم قولهم بالإشارة إلى عدد من الأبحاث التي تم إجراؤها على الفئران، منها السماح للفئران بشرب المياه المحلّاة، فقد تم ملاحظة أن الفئران تُطلق في أدمغتها مادة كيميائية تحفز الشعور بالمكافأة، وتسمى «الدوبامين»، وهي نفس المادة الكيميائية التي تطلقها الأدمغة عند تعاطي الكوكايين تمامًا.

ولكن رغم ذلك، بالنسبة إلى إدمان الطعام، فإنه من غير الواضح الأطعمة التي تدخل في تصنيف أنها أطعمة تسبب الإدمان، من الممكن أن يُكثر الناس من تناول الكعك وأنواع الشوكولاته، ولكن ذلك يمكن أن يحدث كذلك مع الوجبات البسيطة واللذيذة، مثل الفول السوداني والمقليات. وبعض الذين ينادون باتباع أطعمة منخفضة في الكربوهيدرات، منهم «جين أونوين» وهي عالمة نفس مؤسسة ساوثبورت بالمملكة المتحدة، يقولون: إن الرغبة الملحة في تناول الأطعمة المحتوية على الكربوهيدرات لا تقتصر على الأطعمة غير الصحية بشكل واضح، بل قد تدخل ضمنها الأطعمة -الصحية بالظاهر- التي تحتوي على الكربوهيدرات مثل المخبوزات والمعكرونة.

إنه إلى الآن لا يوجد تعريف موحد تم الاتفاق عليه بشكل واسع على مفهوم «الإدمان»، عدد كبير من المنظمات، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، تحدد الإدمان من خلال السلوك الذي يعيش عليه المرء، وكيف يمكن أن يؤثر هذا السلوك على حياتهم، وعليه يمكن اعتبار الشخص «مدمنًا» على مادة الحشيش أو النيكوتين مثلًا إذا رغب في تعاطيها في حالة قرر الامتناع عنها، أو إذا كان غير قادر على الامتناع عنها، أو إذا استمر في تعاطيها رغم معرفته بأنها تضرّ بصحته.

وعند الحديث عن بعض الأطعمة التي تسبب المشاكل الصحية، فإننا لا نتحدث عن شرائح اللحم ولا عن البروكلي، لذلك استخدم الأطباء -الذين يرون أن هناك إدمانًا على الطعام- استبيانًا أطلقوا عليه اسم «مقياس ييل للإدمان على الطعام»، لقياس مدى تأثير إدمان الطعام على مجموعة من الأشخاص، ومن بين الاستبيان السؤال عن عدد المرات التي يتناول فيها الشخص الطعام إلى درجة الشعور بالإعياء، واعتمادًا على «مقياس ييل» تُقدر الدراسة أن ما يصل إلى حوالي 14 في المائة من البالغين مصابون بإدمان الطعام، إلا أن هذا المفهوم لا يزال مثيرًا للجدل.

ولكي نعزز فهمنا لهذه الفكرة، عمل 40 طبيبًا وباحثًا خلال العام الماضي على تطوير استبيان جماعي، يحدد حالة كل فرد ومن ثم يلخص الأدلة المجموعة، وتم الكشف عن الاستبيان الجماعي في المؤتمر الدولي للإجماع على إدمان الطعام، وذلك في لندن 17 مايو.

وتوصلت النتائج إلى إمكانية تحديد نوع الإدمان على الطعام، ومنها الإدمان على الأطعمة «فائقة المعالجة»، وتقول «جين أونوين» واحدة من الأطباء الـ40: «عندما يشير الناس إلى الأطعمة التي تسبب لهم المشاكل، فإنهم لا يتحدثون عن شرائح اللحم أو القرنبيط، إنهم دائمًا ما يشيرون إلى الكعك والدونات والبيتزا».

وتشير نتائج الاستبيان الجماعي -التي أعلنت المجموعة الطبية عنها- إلى أن الأشخاص الذين يعانون من إدمان الأطعمة فائقة المعالجة «يأكلون الطعام بطريقة مشابهة لمن يتعاطى المخدرات، إنهم يقومون بالاستحواذ على الطعام أو بسلوكيات قهرية عند تناولهم للطعام، وتستمر هذه السلوكيات رغم الأضرار النفسية والاجتماعية الضارة».

ولكن جمع مفهوم إدمان الطعام، ومفهوم الأطعمة فائقة المعالجة، من الممكن أن يتسببا في الكثير من المشاكل؛ لأن وصف «الأطعمة فائقة المعالجة» بأنها أطعمة غير صحية وضارة يعد وصفًا مثيرًا للخلاف كذلك.

بالرغم من أن هناك إجماعًا على أن بعض أنواع الأطعمة المصنعة مثل: «رقائق البطاطس» و«الكعك» تسهم في زيادة الوزن، يبقى السؤال الجوهري، ما إذا كانت تفعل ذلك لأنها تُصنع في المصانع «مصنعة» أو بسبب احتوائها على نسب عالية من الدهون والملح والسكر. هذه النقطة مهمة؛ لأنه إذا حاول الناس تجنب جميع الأطعمة المصنعة، فإن ذلك سيشمل أيضًا الأطعمة التي ينصح معظم الأطباء بتناولها، مثل: «الخبز بالحبوب الكاملة» أو «المعكرونة العضوية» و«الفاصوليا المطبوخة» والعديد من أنواع «الصلصات» و«الوجبات المعدة مسبقًا».

كما يشكل هذا تحديًا لأخصائيي الحميات؛ نظرًا لأن العديد من الأطعمة الخاصة بالحميات التجارية تصنف كأطعمة «مصنعة»، وفقًا لما يقوله «ديفيد ويس» اختصاصي تغذية في لوس أنجلوس الذي ساعد في إعداد بيان الإجماع «أعتقد أننا سنواجه بعض التحديات في هذا المجال».

وبعيدًا عن مسألة الأطعمة فائقة المعالجة، إذا كان هناك إدمان على الطعام، فإن لذلك تأثيرات على كيفية محاولة المتضررين التحكم في الإفراط في تناول الطعام. وهذا يعني أنهم قد يستفيدون من الامتناع التام عن الأطعمة التي يعتبرونها «محفزة»، على غرار ما يُنصح به الأشخاص المدمنون على الكحول بالتوقف عنها تمامًا، كما تقول «جين أونوين».

ومن جهته، يقول «دوان ميلور» الناطق باسم جمعية الحمية البريطانية: إن هذا يتعارض مع نصائح الأكل الصحي المعتادة، التي تشير إلى أن حظر الأطعمة يمكن أن يزيد من جاذبيتها. ويضيف: «في هذا النموذج، من الأفضل أن تسمح لنفسك بتناول الأطعمة اللذيذة من حين لآخر، ولكن تتوقف عن تناولها بمجرد شعورك بالشبع»، «الامتناع هو عكس الأكل البديهي».

الامتناع خيار أفضل

بينما لا توجد أدلة قاطعة حول ما إذا كان الامتناع التام أو الاعتدال هو الخيار الأفضل، تدعم دراسة حديثة قام بها «ديفيد ويس» و«جين أونوين» وزملاؤهما بعض الأدلة لصالح الامتناع، فقد تابعت هذه الدراسة أشخاصًا يحضرون عيادات لعلاج إدمان الطعام، حيث قدمت لهم جلسات علاج جماعية وفردية، بالإضافة إلى نصائح للتخلص من جميع الأطعمة المحفزة واتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات ومكون من أطعمة كاملة، وأفاد تقرير من عام 2022 بأنه بعد مرور ثلاثة أشهر، ساعد هذا النهج الأفراد على تقليل نوبات الشراهة في الأكل وفقدان الوزن.

وتم الإعلان عن النتائج طويلة الأمد في المؤتمر في 17 مايو، حيث تبين أن المشاركين استمروا في تقليل درجات إدمان الطعام، كما تم قياسها باستخدام «مقياس ييل»، بعد مرور عام.

يقول «ديفيد ويس»: إن الخطوة التالية يجب أن تكون إجراء تجربة عشوائية تقارن بين الامتناع التام ونظام الاعتدال التقليدي.

حتى الآن، يبقى أن نرى ما إذا كان دعاة إدمان الطعام سيتمكنون من إقناع بقية المجتمع الطبي بوجهة نظرهم.

يقول «دوان ميلور»: إن فكرة إدمان الطعام قد تكون مفيدة لبعض الأشخاص. «إذا أدركت أنك تعاني من مشكلة مع بعض الأطعمة في نظامك الغذائي وتشعر بأنك مضطر لتناولها، فإن الامتناع هو وسيلة للتحكم في ذلك»، ويضيف: «لكنني لست متأكدًا من أن الدعوة إلى التخلص من كل السكر أو جميع الكربوهيدرات هي الحل المناسب للجميع».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأطعمة فائقة المعالجة أطباء التغذیة الأطعمة التی على الطعام إدمان على إدمان ا إذا کان جمیع ا

إقرأ أيضاً:

احذر.. تناول هذه الأطعمة يضر بصحة الكلى

أمراض الكلى من الأمراض التي تصيب الشخص بسبب نمط حياته الخاطئ  وذلك لكون الكلى أحد أنظمة التصفية الطبيعية في الجسم، لذلك تتأثر جدا عند تناول منتجات ضارة حسبما أشار أخصائي أمراض الكلى،الدكتور ميخائيل يليسييف.

ووفقا له، تشمل الأطعمة الضارة، الإفراط في تناول الأطعمة المالحة لأن الإكثار من الملح، يجبر الكلى على العمل بجهد أكبر لإزالة الصوديوم الزائد من الجسم، ويمكن أن يؤدي هذا إلى احتباس السوائل في الجسم، ونتيجة لذلك، إلى الوذمة وارتفاع ضغط الدم، والملح موجود بكثرة في المخللات والأطعمة المصنعة والوجبات السريعة.

ويقول: "المنتج الآخر الضار بالكلى هو الكحول يزيل الجهاز البولي المواد السامة المرتبطة به من الجسم. ويزيد هذا بالطبع الحمل على الكلى، والأسيتالديهيد (منتج تحلل الإيثانول) ضار بشكل خاص للخلايا الأنبوبية الكلوية. ومع مرور الوقت، تتضرر هياكل الكلى، ويصبح الترشيح الكبيبي صعبا، ويتطور القصور الكلوي المزمن".

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الإكثار من تناول اللحوم إلى مشكلات في الكلى لأن البروتينات الحيوانية أكثر صعوبة في الهضم، ما يعقد عملية إزالة النفايات. كما أن اتباع نظام غذائي غني بالبروتينات الحيوانية يزيد من احتمال تكوين الحصى في الكلى. وبالإضافة إلى ذلك تحتوي اللحوم على كمية كبيرة من البيورينات التي تحفز إنتاج حمض البوليك.

ويقول: "كما هو معروف تعتبر منتجات الألبان من مصادر الكالسيوم ولكن، عند الإفراط في تناولها، يظهر الكالسيوم بتركيزات عالية في البول، ما يزيد من احتمال تكون الحصى في الكلى".

ويشير الأخصائي، إلى الأضرار التي يمكن أن يسببها الإفراط في تناول أنواع الزيوت المختلفة، التي تعتبر مصدرا لكميات كبيرة من الكولسترول والدهون، على الكلى. يؤثر استخدام هذه الزيوت بكثرة مع مرور الوقت على عمل القلب والأوعية الدموية، ما قد يؤدي إلى تطور أمراض الكلى (تصلب الأوعية الدموية الكلوية الناتج عن ارتفاع ضغط الدم).

ووفقا له، يجب ألا ننسى أن الموز والأفوكادو يحتويان على نسبة عالية من البوتاسيوم. لذلك فإن الإكثار منهما يسبب صعوبة في إزالته من الجسم، ما يؤدي بدوره إلى مشكلات في عمل الكلى وتشنجات عضلية ومشكلات في عمل القلب، مثل عدم انتظام النبض.

مقالات مشابهة

  • «إيجار»: عند الامتناع عن توثيق العقد إلكترونياً.. يمكن تسجيل «حالة تعاقدية» عبر الشبكة
  • استشاري نفسي يحذر: لا تمنعوا أطفالكم من التعبير عن مشاعرهم
  • شمع العسل يُطيل عمر الأطعمة
  • تنفيذ أنشطة توعوية في 780 قرية تابعة لـ«حياة كريمة» للتوعية بأضرار المخدرات
  • بكتيريا الليستيريا القاتلة تتفشى في بريطانيا.. طرق العدوى والوقاية
  • تحذير من تناول الطعام قبل السباحة مباشرة.. ماذا يحدث للجسم؟
  • احذر.. تناول هذه الأطعمة يضر بصحة الكلى
  • النائبة غادة علي: مطلوب من الحكومة الجديدة تحقيق الإصلاح الهيكلي بشكل واقعي
  • احذروها.. هذه الأطعمة تسبب رائحة جسم كريهة ومحرجة
  • «الثقافة»: نعمل على إدراج الأطعمة الشعبية في قائمة التراث العالمي