مع استمرار الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وتوسيع خطوط الصدع بين تل أبيب والعالم العربي، فإن التأثيرات كبيرة بشأن احتمالات نجاح مشروع الممر الاقتصادي للربط بين الهند وأوروبا، عبر دول بينها السعودية والإمارات وإسرائيل، بحيث سيتأخر تنفيذ المشروع، وربما لا يرى النور أبدا.

ذلك ما خلص إليه بيبو براساد روتراي، في تحليل بمركز "أوراسيا ريفيو" للأبحاث (Eurasia review) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أنه تم إطلاق المشروع على هامش قمة مجموعة العشرين بنيودلهي في سبتمبر/ أيلول الماضي.

وآنذاك وقَّعت الهند والولايات المتحدة والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم بشأن مشروع الممر، الذي يرتبط  بشكل حاسم بـ"اتفاقيات إبراهيم" لتطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل، وكذلك بترقية العلاقة الفاترة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كما أضاف روتراي.

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تحتل أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ عقود.

ويقترح المشروع  تعزيز روابط النقل والاتصالات بين أوروبا وآسيا عبر شبكات السكك الحديدية والشحن، ويتجاوز النطاق الضيق للتجارة والاقتصاد ليشمل كل شيء بدءًا من شبكات الكهرباء وحتى الأمن السيبراني.

والمشروع يهدف إلى ربط الهند بأوروبا من خلال طريق يمر عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل واليونان، ويُنظر إليه على أنه منافس أمريكي لمبادرة الحزام والطريق الصينية، بحسب روتراي.

اقرأ أيضاً

تركيا وطريق التنمية.. حرب غزة تعزز دعم أنقرة لمنافس الممر الهندي الأوروبي

صراع أوسع

رورتاي قال إن "الحرب في غزة هددت بإثارة صراع أوسع نطاقا يجذب دول الخليج، التي كانت تأمل في وقف التصعيد في المنطقة، مما يسمح لها بالتركيز على خطط طموحة لتنويع اقتصاداتها".

وتابع: "من المؤكد أن للحرب تأثير كبير على تطبيع إسرائيل للعلاقات مع الدول العربية، وفي أعقاب حادثة 7 أكتوبر/تشرين الأول (الماضي) مباشرة، انتقدت الإمارات والبحرين هجوم (حركة) حماس، لكن مع مرور الأيام واستمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة في إزهاق أرواح المدنيين، تغير الموقف".

وفي 7 أكتوبر الماضي، أطلقت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات محيط غزة؛ ردا على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما السمجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة.

ولفت روتراي إلى أن "البحرين استدعت سفيرها من إسرائيل، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني الجاريي، وعلقت علاقاتها التجارية مع تل أبيب، كما غادر السفير الإسرائيلي المنامة، وجدد البرلمان البحريني، في بيان، موقفه التاريخي والثابت الداعم للقضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق".

وبالنسبة للإمارات، قال روتراي إنها "أحد أقرب شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتستضيف قوات أمريكية، وتريد إضعاف حماس".

وأردف: "وعلى الرغم من أن المسؤولين الإماراتيين أكدوا إيمانهم باتفاقيات إبراهيم، إلا أن الإمارات وصفت رد إسرائيل بأنه "غير متناسب" وفشل في سياسة الاحتواء التي تنتهجها تل أبيب منذ عقدين بشأن القضية الفلسطينية".

كما انتقدت دول مثل الكويت وسلطنة عمان وقطر إسرائيل، وتضع الحرب في غزة ضغطا هائلا على احتمالات التقارب السعودي الإيراني، كما زاد روتراي.

وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، فيما استأنفت الرياض وطهران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق توسطت فيها الصين في مارس/ آذار الماضي؛ ما أنهى قطيعة استمرت نحو 7 سنوات.

اقرأ أيضاً

غزة تعيق تطبيع السعودية.. فهل تحرم إسرائيل من الممر الاقتصادي؟

الرياض وتل أبيب

ورأى الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤامرة أوسع في هجوم "حماس" على إسرائيل، أي أنه هدف إلى منع التوصل إلى اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل. وقال: "كنت على وشك الجلوس مع السعوديين. أراد السعوديون الاعتراف بإسرائيل"، بحسب روتراي.

وأضاف روتراي أن "الولايات المتحدة أنفقت الكثير من طاقتها على انطلاق الصفقة بين الرياض وتل أبيب، مقابل اتفاقية دفاع بين الرياض وواشنطن".

ورأى أنه "لدى الولايات المتحدة أسباب تجعلها تشعر بأن الحرب الإسرائيلية واضطرارها إلى دعمها وتمويلها، تجعل طريق مشروع الممر الاقتصادي أكثر وعورة من المعتاد، وفي ظل احتمال تصاعد الحرب إلى صراع إقليمي، يمكن أن يتوقف المشروع بشكل كبير".

ومشيرا إلى التداعيات المحتملة للحرب الراهنة، قال روتراي إنه "في أي مشروع اتصال يتضمن شركاء متعددين، تلعب كل دولة عضو دورا حاسما في تنفيذ المشروع وتشغيله، ولا يمكن للهند ولا الولايات المتحدة ولا المصلحة الأوروبية في المشروع أن تضمن البدء فيه".

وزاد بأن "الحرب في غزة لا تمثل بالضرورة نهاية الطريق للمشروع. لكن من المؤكد أن هذا ينطوي على إمكانية تأخير المشروع بشكل مفرط أو حتى إخراجه عن مساره. ويجب استيفاء شرطين لإحياء المشروع، هما أن تتوقف الحرب في غزة بشكل عاجل واتباع دبلوماسية هادئة".

اقرأ أيضاً

الممر التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.. خارطة معقدة لتحديات المشروع

 

المصدر | بيبو براساد روتراي/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة حرب مشروع الممر الاقتصادي إسرائيل الولایات المتحدة الممر الاقتصادی الحرب فی غزة مشروع الممر

إقرأ أيضاً:

إيكونوميست: إسرائيل أفشلت كل اتفاقيات الهدنة وتواصل قضم أراضي الدول العربية

شددت مجلة "إيكونوميست" على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تبنى استراتيجية محفوفة بالمخاطر، وهي التوسع الجغرافي، وهذه حاضرة في سوريا ولبنان وقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.  

وقالت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة والذي اتفقت فيه إسرائيل وحماس لإنهاء الحرب بشكل رسمي، كان من المقرر أن تبدأ في 2 آذار/ مارس.

لكن إسرائيل رفضت البدء في المحادثات التي التزمت بها في اتفاقية كانون الثاني/يناير. وبدلا من ذلك تطالب إسرائيل بتمديد المرحلة الأولى من الهدنة والتي تريد فيها من حماس أن تطلق سراح ما تبقى لديها من أسرى وعددهم 59 أسيرا. ولكي تزيد من الضغط على حماس والقبول بتعديل الاتفاق، قامت دولة الاحتلال بمنع المساعدات الإنسانية دخول القطاع الذي مزقته الحرب. 

وترى المجلة أن تعطيل الاتفاق هو جزء من تحول استراتيجي أوسع، يحاول فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي الحفاظ على وجود جغرافي واسع، بما في ذلك المناطق غير الخاضعة لإسرائيل. وقد بدأت في إنشاء ما تعتزم أن تكون "مناطق عازلة" غير محددة على أربع جبهات: في غزة وعلى الحدود مع لبنان وسوريا، وفي الضفة الغربية.  


وتعلق المجلة أن هذه الخطوة مدفوعة بالفوضى في هذه الأماكن والصدمة المستمرة لهجوم حماس في  تشرين الأول/أكتوبر 2023، وكذا  الضغوط من الأحزاب اليمينية في الائتلاف الحاكم لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء. وتدفعها الثقة التي يعتقد نتنياهو أنها قادمة من الإدارة الأمريكية لدونالد ترامب التي لم تظهر حتى الآن أية علامات لكبح جماح التوسع الذي يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي.  

وتلفت المجلة إلى أن هدنة غزة ليست الاتفاق الوحيد مع إسرائيل الذي ينهار، فبناء على شروط وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة، بين إسرائيل وحزب الله، اللبناني الذي سيطر على أجزاء من لبنان حتى حربه مع إسرائيل في العام الماضي، كان من المفترض أن تغادر قوات الاحتلال الإسرائيلي الأراضي اللبنانية نهاية كانون الثاني/يناير.

وطالبت دولة الاحتلال بتمديد المهلة إلى أن يستكمل الجيش اللبناني سيطرته على المنطقة. ولكن حتى بعد انقضاء هذا الموعد النهائي في 18 شباط/فبراير ظلت إسرائيل متمركزة في خمسة مواقع محصنة في جنوب لبنان.

وتبرر إسرائيل هذا التأخير بزعم الحاجة إلى حماية التجمعات الإسرائيلية القريبة من الحدود مع لبنان. ومن المؤكد أن عودة مقاتلي حزب الله إلى الجنوب قد يعرضها بسهولة للخطر مرة أخرى. وتقول حكومة الاحتلال الإسرائيلي إن الجيش سيخلي هذه المواقع بمجرد تأكده من قدرة الجيش اللبناني على تأمين الحدود ومنع حزب الله من دخولها، ولم يتضح بعد ما إذا كانت هذه القوات قادرة على القيام بهذه المهمة.

كما ولم تحدد دولة الاحتلال الإسرائيلي موعدا أو شروطا تتعلق بثقتها بجيش لبنان.  

وبعيدا إلى الشرق في مرتفعات الجولان السوري المحتل انهار اتفاق وقف إطلاق النار مع سوريا أيضا. وقد وقع الاتفاق مع نظام حافظ الأسد في عام 1974.

وعندما قامت قوات المعارضة بإخراج ابنه بشار الأسد من السلطة في كانون الأول/ديسمبر 2024، اجتازت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحدود إلى الجولان واحتلت أراض سورية. وكان المبرر الأصلي لهذا التصرف، عدم وجود قوات معترف بها على الحدود. 

 وبحسب الصحيفة، فقد أنشأت هيئة تحرير الشام حكومة في دمشق لكنها لم تحكم سيطرتها على كل سوريا التي لا تزال جماعات منافسة ناشطة فيها. وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي ببناء مواقع دائمة في سوريا.



وفي 23 شباط /فبراير قال نتنياهو إن إسرائيل "لن تسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول المنطقة في جنوب دمشق".

وطالب بـ"نزع السلاح الكامل في جنوب سوريا بمحافظات القنيطرة ودرعا والسويداء من قوات النظام الجديد".  
وأخيرا، تحايلت قوات الاحتلال الإسرائيلي على الاتفاقات السابقة في مدينتي جنين وطولكرم الفلسطينيتين في الضفة الغربية المحتلة، حيث أُجبر ما يقدر بنحو 40,000  مدنيا على مغادرة منازلهم بسبب العمليات الإسرائيلية المستمرة هناك.

وتشكل المدينتان جزءا من "المنطقة أ"، التي تم تخصيص السيطرة عليها للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية أوسلو الثانية الموقعة في عام 1995. وفي 29 كانون الثاني/يناير، قال وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه "بعد اكتمال العملية، ستبقى قوات الجيش الإسرائيلي في المخيم لضمان عدم عودة الإرهاب". 

 ويقول مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن أحداث الأشهر الـ 17 الماضية تعني أن إسرائيل  مضطرة إلى تبني ما يسمى "استراتيجية مختلفة لإدارة المخاطر"، وهذا يعني أن أنها ستتصرف ليس على أساس ما تقدره أجهزة استخباراتها بشأن ما يخطط له أعداؤها في الأمد القريب، بل على أساس قدراتهم المحتملة.  

وفي الوقت الحالي، قد يكون توسيع حضور جيش الاحتلال الإسرائيلي مستداما وبدون رد فعل عنيف. فحزب الله وحماس في حالة من الركود بعد الحملات المدمرة التي شنتها إسرائيل في غزة ولبنان.

ولدى حكومة دمشق أولويات أخرى في محاولتها تجنب انهيار الاقتصاد السوري وانزلاق البلاد إلى الفوضى أو الحرب الأهلية. وتظل غزة هي مصدر القلق الأكبر، فقد لا تكون حماس قلقة من استئناف الحرب، وهي تستعيد السيطرة المدنية على القطاع وتقوم بإعادة بناء قواتها التي أضعفتها الحرب، حسب التقرير.

لكن إن استمرت الجماعة برفض تغيير شروط الأتفاق، فإن دولة الاحتلال تستعد لشن هجوم جديد ضخم في غزة. ويقول ضباط إسرائيليون، وفقا للمجلة، إن هذا قد يمهد الطريق للخطة، التي أعلن عنها دونالد ترامب أولا، لإزالة سكان غزة وبناء "ريفييرا" الشرق الأوسط.  

وبحسب التقرير، لا يتوقع صدور أي قرار حتى يعود مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، إلى المنطقة سعيا إلى التوصل إلى اتفاق جديد. ومع ذلك فإن مخاطر اشتعال الحرب تبدو حقيقية.  

وتعلق المجلة أن توسع الوجود الإسرائيلي على هذه الجبهات سيكون باهظ الكلفة وعلى المدى البعيد. فمن جهة، يمنح استمرار الوجود الإسرائيلي حزب الله ذريعة للاحتفاظ بقدراته العسكرية على الرغم من الضغوط من جانب الحكومة اللبنانية الجديدة لنزع سلاحه.


وبالنسبة لإسرائيل، فإن عبء الحفاظ على هذا الوجود الأكثر اتساعا سيكون مرتفعا، سواء من الناحية المالية أو في الحفاظ على مستويات التعبئة بين جنود الاحتياط، الذين دخل العديد منهم فترة خدمتهم الرابعة منذ بدء الحرب في غزة.

كما يتوقف الأمر أيضا على الدعم المستمر من إدارة ترامب ذات السمعة السيئة بالتقلب. وبنفس السياق، يعرض توسيع البصمة لجيش الاحتلال واحتلاله أراض عربية جديدة، مجموعة استثنائية من الفرص المفتوحة أمام إسرائيل للخطر.  

فمنذ توقيع أول معاهدة لها مع دولة عربية، مصر، في عام 1978، عملت إسرائيل على بناء التوازن بين الردع العسكري والمناورات الدبلوماسية. وقد نجحت هذه المعاهدة، وأخرى مع الأردن، في الصمود في وجه الأحداث التي شهدتها المنطقة.

والحكومتان الجديدتان في سوريا ولبنان حريصتان على التعامل مع الغرب وإثبات أنهما لم تعدا ملاذا آمنا للجماعات الوكيلة الموالية لإيران. وعليه فإن استمرار احتلال أراضيهما قد لا يكون بداية جيدة لتحسين هذه العلاقات، وفقا للمجلة.

مقالات مشابهة

  • عودة إلى المربع الأول.. إسرائيل تحاصر غزة.. وتنتظر استسلامها
  • اليونيسيف: منع إسرائيل للمساعدات له عواقب "مدمرة" على أطفال غزة
  • وسط استمرار المرتزقة في تهريبه.. أزمة الغاز المنزلي تعصف بالمحافظات المحتلة 
  • رجل إسرائيل القوي.. إيال زمير رئيسًا جديدًا لأركان جيش الاحتلال
  • إيكونوميست: إسرائيل أفشلت كل اتفاقيات الهدنة وتواصل قضم أراضي الدول العربية
  • تحديات جسيمة تعصف بالأمن والاستقرار في المنطقة.. كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية الطارئة
  • هل احتمال عودة إسرائيل للحرب على غزة وارد؟ محللان يجيبان
  • الحوثي: مستعدون لاستئناف عملياتنا لمواجهة خروقات إسرائيل بغزة
  • باحث: تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في مصلحة إسرائيل
  • الدمار في غزة.. ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد البيئة