أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عدد جديد من سلسلة "مستقبليات"، وهي إصدارة غير دورية تصدر عن المركز، تهدف إلى تقديم رؤى مستقبلية حول أحد الموضوعات ذات البعد المستقبلي، كمحاولة لاستشراف المستقبل وتحليل أبعاده وانعكاساته محليًا وعالميًا.

أشار المركز إلى أن استقراء الاتجاهات المستقبلية أصبح من الضرورات التي لا غنى عنها للدول والمجتمعات، وتستوي في ذلك الدول المتقدمة والنامية، في ضوء ما يحمله القرن الحادي والعشرون من عواصف تغيير، وعلى البشرية الاستعداد لها، والأخذ بأسباب مواجهتها بجهد جماعي علمي يستشرف هذه التغيُّرات، عبر أدوات الاستشراف المستقبلية وما تنذر به من تحديات، وما تُنبئ عنه من فرص، وقد جاء العدد بعنوان "مستقبل النظام العالمي الجديد" ويضم مجموعة من المقالات لنخبة من الكتَّاب والمتخصصين.

اشتمل العدد على مقدمة استعرض فيها المركز رؤية الذكاء الاصطناعي لمستقبل النظام العالمي والتي أشارت إلى أن هناك عدد من العوامل التي تُسهم في ظهور نظام عالمي جديد، منها العولمة؛ حيث أصبح الاقتصاد العالمي مترابطًا بشكل متزايد، وهذا يمنح الدول الصغرى قوة كبرى.

فلم يَعُد من الممكن عزلها عن الاقتصاد العالمي، ويجب أن تضع القوى الكبرى تلك الدول في الاعتبار، والتقنيات الجديدة؛ حيث تمنح هذه التقنيات الدول الصغرى قوة كبرى، ويمكن استخدامها لتطوير أسلحة جديدة وتعطيل الاقتصاد العالمي، على سبيل المثال، تُعَد الحرب الإلكترونية تهديدًا جديدًا يمكن لأي دولة استخدامه بغض النظر عن حجمها.

وفيما يتعلق بمستقبل النظام الاقتصادي والثقافي والسياسي، فمن المرجح أن يكون النظام الاقتصادي للنظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب وسوف تتنافس البلدان على الاستثمار والأسواق، وستكون هناك مخاطر كبرى لصدمات اقتصادية، ومع ذلك، يمكنه أن يؤدي أيضًا إلى اقتصاد أكثر ديناميكية وابتكارًا وستضطر البلدان إلى إيجاد طرق جديدة للمنافسة؛ مما يؤدي إلى تقنيات جديدة وصناعات جديدة، ويتوقع أن يكون مستقبل النظام الثقافي للنظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب أيضًا، وهذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى بيئة ثقافية أكثر تنوعًا وتعددية، وسيتعرض المواطنون لمجموعة واسعة من الثقافات؛ مما يؤدي إلى فهم وتقدير كبيرين للثقافات المختلفة، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى الصراع والتوتر مع تصادم الثقافات المختلفة، أما بشأن مستقبل النظام السياسي العالمي فمن المرجح أن يكون هناك بيئة سياسية أكثر مرونة، وسوف تتنافس البلدان على النفوذ، وستكون هناك مخاطر أكبر للصراع، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى نظام سياسي أكثر تشاركية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى مزيد من العدالة الاجتماعية.

وأشارت المقدمة إلى السيناريوهات المحتملة لمستقبل النظام العالمي الجديد والتي جاء من أبرزها:

- "عالم متعدد الأقطاب": وقد يؤدي هذا إلى نظام عالمي أكثر تنافسية وتقلبًا، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى نظام عالمي أكثر ديناميكية وابتكارًا.

- عالم ثنائي القطب: وفي هذا السيناريو تصبح قوتين فقط هما المهيمنتين في العالم.

- "عالم مجزأ": في هذا السيناريو، يصبح العالم أكثر انقسامًا، مع عدم وجود قوى مهيمنة واضحة وقد يؤدي هذا إلى نظام عالمي أكثر فوضوية وعدم استقرار، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى نظام عالمي أكثر تنوعًا وتعددية.

- "عالم معولم": وفي هذا السيناريو يصبح العالم أكثر ترابطًا، باقتصاد عالمي واحد وثقافة عالمية واحدة. قد يؤدي هذا إلى نظام عالمي أكثر سامًا وازدهارًا.

- "عالم ما بعد الوطنية" وفي هذا السيناريو تصبح الدول القومية أقل أهمية، وتصبح المؤسسات العالمية أكثر قوة، قد يؤدي هذا إلى نظام عالمي أكثر ديمقراطية وإنصافًا، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى نظام عالمي أكثر بيروقراطية وغير فعال.

كما أشارت المقدمة إلى التحديات التي ستواجه النظام العالمي الجديد والتي جاء من أبرزها:

- صعود قوى جديدة: تؤدي إلى تغيير ميزان القوى في العالم وهذا يؤدي إلى توترات وصراعات جديدة؛ حيث تتنافس هذه الدول على النفوذ.

- انتشار التقنيات الجديدة: مثل الذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية، يغير أيضًا مشهد العلاقات الدولية؛ حيث يمكن استخدام هذه التقنيات لكل من الخير والشر، ومن المهم التأكد من استخدامها بشكل مسؤول.

- يشكل الإرهاب أيضًا تحديًا رئيسًا في النظام العالمي الجديد: حيث أصبحت الجماعات الإرهابية متطورة بشكل متزايد"

- تغير المناخ تحديًا رئيسًا آخر: سيتعين معالجته في النظام العالمي الجديد؛ حيث يؤثر بالفعل بشكل كبير على العالم وسيزداد سوءًا إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء".

واستعرضت المقدمة أبرز الفرص التي يمكن أن يوفرها النظام العالمي الجديد لعالم أكثر عدلاً وإنصافًا ومن أبرزها إمكانية زيادة التعاون بين البلدان حيث يؤدي ظهور قوى جديدة وانتشار التكنولوجيا إلى خلق فرص جديدة للتعاون، فعلى سبيل المثال يمكن للبلدان أن تتعاون للتصدي لتغير المناخ أو لتطوير تقنيات جديدة.

وقد ناقش العدد الجديد في قسمه الأول النظام العالمي في ظل التحولات العالمية وتضمن القسم مقالًا للأستاذ الدكتور علي الدين هلال حول "دور الأزمات المتصاعدة في تغيير النظام الدولي" أشار خلالها إلى أن الأزمات المُرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية والعلاقات الصينية الأمريكية وسياسات بعض الدول -مثل كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا- هي أزمات مُترابطة يتأثر بعضها ببعض، وتؤثر في مُجملها على توازن القوى في العالم، الذي يبدو بجلاء أنه يتجه إلى توزيع مصادر القوة العالمية على عدد من الدول ويُنهي امتاك دولة واحدة على الجزء الأكبر منها. ويترتب على ذلك بعث الحيوية في نظام الأمم المُتحدة الذي أُسِّس على تعدُّد القوى الكبرى ووجود نظام دولي تعدُّدي.

وتناول العدد في القسم الثاني مستقبل المنظمات والتحالفات الدولية والإقليمية واستعرض القسم مقالًا للأستاذ الدكتور عبد المنعم سعيد حول "التحالفات والتوازنات الإقليمية والمصالح المصرية في ضوء النظام العالمي الجديد" والذي أوضح أن التاريخ لم يكن ساكنًا خلال السنوات القليلة الماضية رغم الأزمات العالمية العديدة، من "كوفيد- ١٩" إلى الحرب الأوكرانية والأزمات الاقتصادية التي ولَّدتها، مضيفاً أن الأزمات -كما يقال- مخاطر وفرصًا معًا، فإن التجارب المنوه بها يمكن التوسع فيها، حيث يبدو إقليم شمال البحر الأحمر بل البحر الأحمر كله أو معظمه قابلًا لمشروعات أمنية واقتصادية متنوعة؛ فهو يفتح الأبواب في اتجاه إفريقيا في الجنوب وأوروبا في الشمال، وكلتاهما تشكل عمقًا استراتيجيًا للدول العربية المعنية التي باتت الآن مختلفة كثيرًا عما كانت عليه من قبل، الفرص هكذا كبيرة وتنتظر مَن يستغلها من خلال عمليات تشاور واسعة النطاق تضع العمل والزمن في حساباتها.كما اشتمل القسم الثاني من العدد على مقالًا للسفير الدكتور عزت سعد يركز على بعض الجوانب الجيوسياسية والجيواقتصادية المُرتبطة بتجمُّع بريكس والنظرة إليه، حيث أوضح أنه يُنظر إلى مجموعة "بريكس" على أنها بديل لمجموعة السبع الصناعية الكبرى لأنها تجمع بين خمسة من أكثر الاقتصادات الناشئة ديناميكية والتي تقدم نفسها كعامل حاسم في هيكل الحوكمة العالمية وكصوت لما يُسمى "الجنوب العالمي" الذي يدعو إلى بديل اقتصادي وسياسي للهيمنة الغربية على النظام الحالي، وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن الأعضاء الخمسة في "بريكس" وهم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، يمثلون 42% من سكان كوكب الأرض، و24% من الناتج الإجمالي العالمي، وأكثر من 16% من النمو العالمي، و11% من حجم الإنفاق العسكري العالمي، وأكثر من 20% من حجم التجارة العالمية، ولا يمكن تجاهل واقع أن هذه الدول تزخر بالموارد الطبيعية الاستراتيجية، وتتمتع بأكبر تنوع بيولوجي على هذا الكوكب، في المقابل، عادة ما يتهم المحللون الغربيون المجموعة بعدم التجانس، والسعي إلى تقويض النظام الليبرالي الدولي.

وأضاف السفير الدكتور عزت سعد في مقاله أن هناك ثلاثة عوامل جددت الزخم حول تجمُّع "بريكس"، الأول هو السياسات الحمائية والانعزالية السياسية والهجوم على تعددية الأطراف خاصة في عهد الإدارة الأمريكية السابقة ما أدى إلى تآكل شرعية المؤسسات الدولية، والثاني هو ما سُمي بالفصل العنصري للقاحات الذي استهدف كوريا الشمالية في أثناء جائحة "كوفيد- 19"، والثالث يتمثل في تداعيات التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا الذي أدى إلى تقسيم العالم.

أما القسم الثالث من الاصدارة فتناول القوى الصاعدة في النظام العالمي وتضمن مقالًا للدكتور نصر عارف حول دور القوى الدولية الصاعدة في صياغة السيناريوهات المستقبلية للنظام العالمي الجديد، وأوضح من خلاله أن القوى الدولية الصاعدة تعتمد على الاقتصاد قبل السياسة، وهذه المعادلة الجديدة هي التي تتبعها الاقتصادات الناشئة في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية ، وهذا التحول الكبير في جوهر فكرة السياسة وموضوعها ومحور ارتكازها سوف يقود إلى تغيرات وتحولات كبرى على مستوى السياسة الداخلية في الدول، وعلى مستوى التفاعلات الدولية بين الدول، بحيث يكون موضوع التدافع السياسي داخل الدول هو المخرجات الاقتصادية للقرارات السياسية، أو هو بعبارة أدق: الفرص الاقتصادية التي تخلقها الدولة أو تدفع لخلقها لصالح مواطنيها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: النظام العالمي الجديد الذكاء الاصطناعي مجلس الوزراء معلومات مجلس الوزراء النظام العالمی الجدید فی هذا السیناریو مستقبل النظام یمکن أن یؤدی یؤدی إلى إلى أن مقال ا ا یمکن

إقرأ أيضاً:

شادي زلطة: نظام البكالوريا الجديد نقلة نوعية في التعليم الثانوي

صرّح شادي زلطة، المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بأن نظام البكالوريا المصرية الجديد يهدف إلى تطوير التعليم الثانوي في مصر، ويقدم نموذجًا تعليميًا شاملًا ومبسطًا، حيث يركز على بناء قدرات الطلاب وإعدادهم لمستقبل تعليمي ومهني أفضل.

تفاصيل المواد الدراسية لكل مرحلة

وقال زلطة، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى ببرنامج "على مسئوليتي" المذاع على قناة صدى البلد:
"النظام الجديد سيُطبق على طلاب الصف الأول الثانوي، ويشمل دراسة مواد أساسية تدخل في المجموع الكلي، مثل التربية الدينية، اللغة العربية، التاريخ، الرياضيات، العلوم المتكاملة، الفلسفة والمنطق، واللغة الأجنبية الأولى، كما سيدرس الطلاب مواد إضافية خارج المجموع، منها اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب."

وأضاف: "بالنسبة للصف الثاني الثانوي، سيدرس الطلاب مواد أساسية مثل اللغة العربية، التاريخ، واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى اختيار مادة تخصصية واحدة من بين أربعة تخصصات: الطب وعلوم الحياة، الهندسة وعلوم الحساب، الأعمال، أو الآداب والفنون."

وأشار إلى أن طلاب الصف الثالث الثانوي سيستمرون في دراسة المواد الأساسية مثل التربية الدينية، مع اختيار مادة تخصصية واحدة من نفس التخصصات المذكورة في الصف الثاني الثانوي.

إعداد وتطبيق النظام الجديد

وأوضح زلطة: "نظام البكالوريا الجديد جاء بمبادرة من وزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، فور توليه منصبه في أغسطس 2024. تم العمل على النظام بالتعاون مع خبراء في التعليم واعتمادًا على أبحاث علمية ودراسات مطولة مع التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات."

وأضاف: "النظام الجديد سيتم طرحه في حوار مجتمعي موسع، وبعد الموافقة عليه سيتم تطبيقه بداية من العام الدراسي المقبل على الطلاب المنتقلين من الصف الثالث الإعدادي إلى الصف الأول الثانوي، بينما سيستكمل باقي الطلاب في الصفين الثاني والثالث الثانوي دراستهم وفق النظام الحالي للثانوية العامة."

رؤية شاملة لتطوير التعليم

واختتم زلطة حديثه مؤكدًا: “هذا النظام يعكس رؤية الوزارة في تحديث التعليم المصري بما يتماشى مع المعايير العالمية، مع الحفاظ على التدرج في التطبيق لتجنب أي أعباء إضافية على الطلاب وأولياء الأمور.”

مقالات مشابهة

  • 7 معلومات مهمة عن البكالوريا .. اعرف النظام الجديد
  • تحديات تواجه نظام البكالوريا المصرية بديل الثانوية العامة
  • حزب الله والاقتصاد.. تحديات كبرى تواجه الرئيس اللبناني الجديد
  • بينها المصارف والتضخم.. تحديات اقتصادية أمام رئيس لبنان الجديد
  • تعليم النواب تكشف تفاصيل جديدة عن نظام البكالوريا الجديد
  • خبير تربوي: نظام البكالوريا الجديد تطور تعليمي بخطوات تحتاج إلى ضبط
  • أكثر من مجرد شاشات.. هكذا يطور الذكاء الاصطناعي أجهزة التلفاز
  • التعليم تكشف تفاصيل نظام البكالوريا الجديد بديل الثانوية العامة
  • شادي زلطة: نظام البكالوريا الجديد نقلة نوعية في التعليم الثانوي
  • هل يكون الجنوب العالمي بوابة الصين لبناء نظام عالمي جديد؟