«معلومات الوزراء» يستعرض سيناريوهات مستقبل النظام العالمي الجديد
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عدد جديد من سلسلة "مستقبليات"، وهي إصدارة غير دورية تصدر عن المركز، تهدف إلى تقديم رؤى مستقبلية حول أحد الموضوعات ذات البعد المستقبلي، كمحاولة لاستشراف المستقبل وتحليل أبعاده وانعكاساته محليًا وعالميًا.
أشار المركز إلى أن استقراء الاتجاهات المستقبلية أصبح من الضرورات التي لا غنى عنها للدول والمجتمعات، وتستوي في ذلك الدول المتقدمة والنامية، في ضوء ما يحمله القرن الحادي والعشرون من عواصف تغيير، وعلى البشرية الاستعداد لها، والأخذ بأسباب مواجهتها بجهد جماعي علمي يستشرف هذه التغيُّرات، عبر أدوات الاستشراف المستقبلية وما تنذر به من تحديات، وما تُنبئ عنه من فرص، وقد جاء العدد بعنوان "مستقبل النظام العالمي الجديد" ويضم مجموعة من المقالات لنخبة من الكتَّاب والمتخصصين.
اشتمل العدد على مقدمة استعرض فيها المركز رؤية الذكاء الاصطناعي لمستقبل النظام العالمي والتي أشارت إلى أن هناك عدد من العوامل التي تُسهم في ظهور نظام عالمي جديد، منها العولمة، حيث أصبح الاقتصاد العالمي مترابطًا بشكل متزايد، وهذا يمنح الدول الصغرى قوة كبرى. فلم يَعُد من الممكن عزلها عن الاقتصاد العالمي، ويجب أن تضع القوى الكبرى تلك الدول في الاعتبار، والتقنيات الجديدة، حيث تمنح هذه التقنيات الدول الصغرى قوة كبرى، ويمكن استخدامها لتطوير أسلحة جديدة وتعطيل الاقتصاد العالمي، على سبيل المثال، تُعَد الحرب الإلكترونية تهديدًا جديدًا يمكن لأي دولة استخدامه بغض النظر عن حجمها.
وفيما يتعلق بمستقبل النظام الاقتصادي والثقافي والسياسي، فمن المرجح أن يكون النظام الاقتصادي للنظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب وسوف تتنافس البلدان على الاستثمار والأسواق، وستكون هناك مخاطر كبرى لصدمات اقتصادية، ومع ذلك، يمكنه أن يؤدي أيضًا إلى اقتصاد أكثر ديناميكية وابتكارًا وستضطر البلدان إلى إيجاد طرق جديدة للمنافسة، مما يؤدي إلى تقنيات جديدة وصناعات جديدة، ويتوقع أن يكون مستقبل النظام الثقافي للنظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب أيضًا، وهذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى بيئة ثقافية أكثر تنوعًا وتعددية، وسيتعرض المواطنون لمجموعة واسعة من الثقافات، مما يؤدي إلى فهم وتقدير كبيرين للثقافات المختلفة، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى الصراع والتوتر مع تصادم الثقافات المختلفة، أما بشأن مستقبل النظام السياسي العالمي فمن المرجح أن يكون هناك بيئة سياسية أكثر مرونة، وسوف تتنافس البلدان على النفوذ، وستكون هناك مخاطر أكبر للصراع، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى نظام سياسي أكثر تشاركية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى مزيد من العدالة الاجتماعية.
وأشارت المقدمة إلى السيناريوهات المحتملة لمستقبل النظام العالمي الجديد والتي جاء من أبرزها:
- "عالم متعدد الأقطاب": وقد يؤدي هذا إلى نظام عالمي أكثر تنافسية وتقلبًا، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى نظام عالمي أكثر ديناميكية وابتكارًا.
- عالم ثنائي القطب: وفي هذا السيناريو تصبح قوتين فقط هما المهيمنتين في العالم.
- "عالم مجزأ": في هذا السيناريو، يصبح العالم أكثر انقسامًا، مع عدم وجود قوى مهيمنة واضحة وقد يؤدي هذا إلى نظام عالمي أكثر فوضوية وعدم استقرار، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى نظام عالمي أكثر تنوعًا وتعددية.
- "عالم معولم": وفي هذا السيناريو يصبح العالم أكثر ترابطًا، باقتصاد عالمي واحد وثقافة عالمية واحدة. قد يؤدي هذا إلى نظام عالمي أكثر سامًا وازدهارًا.
- "عالم ما بعد الوطنية" وفي هذا السيناريو تصبح الدول القومية أقل أهمية، وتصبح المؤسسات العالمية أكثر قوة، قد يؤدي هذا إلى نظام عالمي أكثر ديمقراطية وإنصافًا، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى نظام عالمي أكثر بيروقراطية وغير فعال.
كما أشارت المقدمة إلى التحديات التي ستواجه النظام العالمي الجديد والتي جاء من أبرزها:
- صعود قوى جديدة: تؤدي إلى تغيير ميزان القوى في العالم وهذا يؤدي إلى توترات وصراعات جديدة، حيث تتنافس هذه الدول على النفوذ.
- انتشار التقنيات الجديدة: مثل الذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية، يغير أيضًا مشهد العلاقات الدولية، حيث يمكن استخدام هذه التقنيات لكل من الخير والشر، ومن المهم التأكد من استخدامها بشكل مسؤول.
- يشكل الإرهاب أيضًا تحديًا رئيسًا في النظام العالمي الجديد: حيث أصبحت الجماعات الإرهابية متطورة بشكل متزايد"
- تغير المناخ تحديًا رئيسًا آخر: سيتعين معالجته في النظام العالمي الجديد، حيث يؤثر بالفعل بشكل كبير على العالم وسيزداد سوءًا إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء".
واستعرضت المقدمة أبرز الفرص التي يمكن أن يوفرها النظام العالمي الجديد لعالم أكثر عدلاً وإنصافًا ومن أبرزها إمكانية زيادة التعاون بين البلدان حيث يؤدي ظهور قوى جديدة وانتشار التكنولوجيا إلى خلق فرص جديدة للتعاون، فعلى سبيل المثال يمكن للبلدان أن تتعاون للتصدي لتغير المناخ أو لتطوير تقنيات جديدة.
وقد ناقش العدد الجديد في قسمه الأول النظام العالمي في ظل التحولات العالمية وتضمن القسم مقالًا للأستاذ الدكتور علي الدين هلال حول "دور الأزمات المتصاعدة في تغيير النظام الدولي" أشار خلالها إلى أن الأزمات المُرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية والعلاقات الصينية الأمريكية وسياسات بعض الدول -مثل كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا- هي أزمات مُترابطة يتأثر بعضها ببعض، وتؤثر في مُجملها على توازن القوى في العالم، الذي يبدو بجلاء أنه يتجه إلى توزيع مصادر القوة العالمية على عدد من الدول ويُنهي امتاك دولة واحدة على الجزء الأكبر منها. ويترتب على ذلك بعث الحيوية في نظام الأمم المُتحدة الذي أُسِّس على تعدُّد القوى الكبرى ووجود نظام دولي تعدُّدي.
وتناول العدد في القسم الثاني مستقبل المنظمات والتحالفات الدولية والإقليمية واستعرض القسم مقالًا للأستاذ الدكتور عبد المنعم سعيد حول "التحالفات والتوازنات الإقليمية والمصالح المصرية في ضوء النظام العالمي الجديد" والذي أوضح أن التاريخ لم يكن ساكنًا خلال السنوات القليلة الماضية رغم الأزمات العالمية العديدة، من "كوفيد- ١٩" إلى الحرب الأوكرانية والأزمات الاقتصادية التي ولَّدتها، مضيفاً أن الأزمات -كما يقال- مخاطر وفرصًا معًا، فإن التجارب المنوه بها يمكن التوسع فيها، حيث يبدو إقليم شمال البحر الأحمر بل البحر الأحمر كله أو معظمه قابلًا لمشروعات أمنية واقتصادية متنوعة، فهو يفتح الأبواب في اتجاه إفريقيا في الجنوب وأوروبا في الشمال، وكلتاهما تشكل عمقًا استراتيجيًا للدول العربية المعنية التي باتت الآن مختلفة كثيرًا عما كانت عليه من قبل، الفرص هكذا كبيرة وتنتظر مَن يستغلها من خلال عمليات تشاور واسعة النطاق تضع العمل والزمن في حساباتها.
كما اشتمل القسم الثاني من العدد على مقالًا للسفير الدكتور عزت سعد يركز على بعض الجوانب الجيوسياسية والجيواقتصادية المُرتبطة بتجمُّع بريكس والنظرة إليه، حيث أوضح أنه يُنظر إلى مجموعة "بريكس" على أنها بديل لمجموعة السبع الصناعية الكبرى لأنها تجمع بين خمسة من أكثر الاقتصادات الناشئة ديناميكية والتي تقدم نفسها كعامل حاسم في هيكل الحوكمة العالمية وكصوت لما يُسمى "الجنوب العالمي" الذي يدعو إلى بديل اقتصادي وسياسي للهيمنة الغربية على النظام الحالي، وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن الأعضاء الخمسة في "بريكس" وهم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، يمثلون 42% من سكان كوكب الأرض، و24% من الناتج الإجمالي العالمي، وأكثر من 16% من النمو العالمي، و11% من حجم الإنفاق العسكري العالمي، وأكثر من 20% من حجم التجارة العالمية، ولا يمكن تجاهل واقع أن هذه الدول تزخر بالموارد الطبيعية الاستراتيجية، وتتمتع بأكبر تنوع بيولوجي على هذا الكوكب، في المقابل، عادة ما يتهم المحللون الغربيون المجموعة بعدم التجانس، والسعي إلى تقويض النظام الليبرالي الدولي.
وأضاف السفير الدكتور عزت سعد في مقاله أن هناك ثلاثة عوامل جددت الزخم حول تجمُّع "بريكس"، الأول هو السياسات الحمائية والانعزالية السياسية والهجوم على تعددية الأطراف خاصة في عهد الإدارة الأمريكية السابقة ما أدى إلى تآكل شرعية المؤسسات الدولية، والثاني هو ما سُمي بالفصل العنصري للقاحات الذي استهدف كوريا الشمالية في أثناء جائحة "كوفيد- 19"، والثالث يتمثل في تداعيات التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا الذي أدى إلى تقسيم العالم.
أما القسم الثالث من الاصدارة فتناول القوى الصاعدة في النظام العالمي وتضمن مقالًا للأستاذ الدكتور نصر عارف حول دور القوى الدولية الصاعدة في صياغة السيناريوهات المستقبلية للنظام العالمي الجديد، وأوضح من خلاله أن القوى الدولية الصاعدة تعتمد على الاقتصاد قبل السياسة، وهذه المعادلة الجديدة هي التي تتبعها الاقتصادات الناشئة في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، وهذا التحول الكبير في جوهر فكرة السياسة وموضوعها ومحور ارتكازها سوف يقود إلى تغيرات وتحولات كبرى على مستوى السياسة الداخلية في الدول، وعلى مستوى التفاعلات الدولية بين الدول، بحيث يكون موضوع التدافع السياسي داخل الدول هو المخرجات الاقتصادية للقرارات السياسية، أو هو بعبارة أدق: الفرص الاقتصادية التي تخلقها الدولة أو تدفع لخلقها لصالح مواطنيها.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مجلس الوزراء مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار النظام العالمی الجدید فی هذا السیناریو یمکن أن یؤدی یؤدی إلى مقال ا ا یمکن إلى أن
إقرأ أيضاً:
العالم يتعرف إلى السلطة الجديدة في دمشق
كان رئيس جهاز الاستخبارات القومي في تركيا أول الواصلين الأجانب إلى دمشق واللقاء بأحمد الشرع قائد هيئة تحرير الشام. ثم جاء الأوروبيون والأمريكيون والأمميون والقطريون والأردنيون والسعوديون، في حين كانت روسيا حريصة على إعلان أنها “على تواصل” مع السلطة الجديدة، وكذا فعلت إيران التي لم تكتم شعورها بالهزيمة الكبرى التي منيت بها في سوريا. أما إسرائيل ففضلت “اختبارها” باحتلال أراض سورية جديدة وقصف ما تبقى من إمكانات سوريا العسكرية وإطلاق تصريحات عدائية بحق السلطة الجديدة في دمشق.
وقررت الولايات المتحدة إزالة المكافأة الموضوعة على رأس أبي محمد الجولاني، مع “دراسة” إزالة اسم الهيئة التي يقودها من قائمة المنظمات الإرهابية والعقوبات المفروضة على سوريا في عهد النظام الهارب.
هذه إجراءات سالبة وحسب لا تعني إقامة علاقات طبيعية مع سوريا الجديدة، ناهيكم عن مساعدتها على تضميد الجراح والشروع في بناء دولة منهارة أو محاولة لجم حليفها الإسرائيلي، إضافة إلى دور واشنطن في المرحلة الانتقالية بحكم وجود قواتها على جزء من الأراضي السورية يصادف أنها تشتمل مصادر النفط والغاز.
الدول الأوروبية المعنية بسوريا من زاوية موضوع اللاجئين على الأقل ما زالت تتعامل بحذر مع السلطة الجديدة، ولم تطلق وعوداً بشأن المساهمة في إعادة الإعمار، لعلها تنتظر أن تسبقها الدول العربية الغنية المنتجة للنفط. تركيا المزهوة بإنجاز تكاد تنسبه إلى نفسها، أعني إسقاط نظام الأسد، عينها على فرص الاستثمار لشركاتها قبل كل شيء، والعين الأخرى على شمال شرق سوريا حيث تجد أن الفرصة سانحة للتخلص من قوات سوريا الديمقراطية وإدارتها الذاتية في مناطق سيطرتها قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض بعد أسابيع قليلة. ولعل طموحها يصل إلى درجة لعب دور “الأخ الأكبر” للسلطة الجديدة.
ربما كان أبرز المتوجسين بين الدول من سقوط نظام الأسد، مصر والإمارات العربية المتحدة، وسيكون عليهما التأقلم مع الوضع الجديد ولو على مضض. ربما ينطبق ذلك على الصين أيضاً التي ترى في سقوط النظام الذي واظبت على تأييده في مجلس الأمن منذ بداية الثورة مكسباً صافياً للتحالف الغربي الذي يسعى لتطويق طموحاتها.
أحمد الشرع المعروف بقدرته على الاقناع ولا يخفى طموحه السياسي على أحد، حذِرُ في تصريحاته، يتجنب الشراك التي تنصب له، ويقول ما هو مقبول في الداخل كما مع مندوبي الدول الذين يلتقي بهم أو وسائل الإعلام التي تلاحقه. أما في الإجراءات، كتشكيل حكومة تصريف الأعمال أو إعادة العمل في دوائر الإدارة العامة أو تعيين محافظين أو تنظيم العلاقة مع السكان في شؤون الأمن وغيرها، فهو يتصرف بصورة أحادية، ويبدو أنه حاسم في رفضه اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2254 أو التعاون مع أطر المعارضة المعترف بها دولياً في المهجر.
لعل أكثر ما يلفت النظر في “براغماتية” أحمد الشرع هو تعاطيه العاقل مع الاستفزازات الإسرائيلية، وانفتاحه على علاقة طبيعية مع موسكو، وتجنب إطلاق تصريحات استفزازية ضد طهران. هذه من علامات نضج سياسي بعد عمر أمضى الرجل جله في العمل الميداني الجهادي في العراق وسوريا، وفي حكم منطقة إدلب طوال السنوات السابقة والتعامل مع الفصائل الأخرى.
ويكاد يكون الشخص الوحيد الذي يمارس السياسة بمعناها الحقيقي في سوريا اليوم. هذا ما يجعل أكثر التساؤلات يدور حول مقدار سيطرته على هيئة تحرير الشام ومداها الزمني المحتمل، وعن مدى قدرته على ضبط الوضع الأمني بالعديد المحدود لقوات التحالف الذي يقوده، ومدى قدرته في الحفاظ على استقلالية القرار الوطني وسط قوى دولية عاتية تمارس على السلطة الجديدة ضغوطاً متفاوتة تحرّكها روائز مصالحها الخاصة في “الكعكة السورية”، ومدى استمرار حيازته على قبول شعبي يحتاجه في تعزيز شرعيته الثورية. وبقدر ما تتوقف هذه العناصر على استمرار أدائه الحالي، فهي ستتأثر أيضاً بمدى التجاوب المحلي والدولي مع المتطلبات العاجلة لبناء دولة جديدة من الصفر تقريباً تمثل جميع السوريين وتحظى بدعم من دول صديقة.
من مفارقات الأسبوعين الفائتين أن البيئة الموالية لنظام الأسد كانت، لأسباب مفهومة، الأكثر تجاوباً مع سياسة الهيئة تجاهها، وحين تتعرض مناطقهم لانتهاكات فهم ينسبونها إلى فصائل أخرى ويستنجدون بهيئة تحرير الشام لحمايتهم منها، بعد سنوات من شيطنتها والمساهمة الفعالة في الصراع ضدها. هذه أيضاً براغماتية مقابلة أو واقعية سياسية مطلوبة. بالمقابل ثمة أوساط تسعى ما وسعها ذلك إلى التخريب على هذا الوضع، سواء من فلول النظام المخلوع أو من أفراد من الفصائل “المنتصرة”.
وثمة أيضاً من يخلطون بين المتطلبات السياسية العاجلة ومسبقاتهم الإيديولوجية على ما شهدنا في مظاهرة ساحة الأمويين الأسبوع الماضي حين رأينا أصواتاً تنادي “علمانية! علمانية!” وكأنهم يحتجون على إقرار دستور ينص على إسلامية الدولة السورية وتطبيق الشريعة فيها. في السياق الذي ارتفع فيه هذا الشعار لا يمكن أن يعني غير “النضال” ضد السلطة الجديدة ولم يمض عليها أكثر من عشرة أيام، في الوقت الذي تحتاج سوريا فيه إلى كل شيء باستثناء الاستقطابات الداخلية الحادة.
المعارضة السياسية الموجودة خارج سوريا مرتبكة لا تجد لنفسها موقعاً في المشهد السياسي، كما لو أنها مستسلمة لانتهاء دورها بنهاية نظام الأسد. فهي تجني الحصيلة الهزيلة لعملها طوال العقد الماضي، ربما تنتظر أن تمنحها الدول الفاعلة في سوريا اليوم دوراً من خلال القرار 2254، بعدما فشلت في الحصول على أي نفوذ اجتماعي بين السوريين.
يجتهد المحللون في تحديد أبرز الرابحين والخاسرين في سوريا بعد الثامن من الشهر الجاري، فيعدّون تركيا وإسرائيل بين الأوّلين، وإيران وروسيا بين الأخيرين. ولا أحد يذكر النظام المخلوع كخاسر، فهو قد خسر مسبقاً منذ سنوات طويلة، وسقط كثمرة معفنة من تلقاء ذاته. وكذا قلما ينظر أحد إلى سوريا كدولة خسرت كل شيء لتفوز فقط بجائزة ترضية هي نافذة أمل مفتوحة على المستقبل، ويتوقف على السوريين أنفسهم أن يحولوها إلى مستقبل يستحقونه.
القدس العربي