الذكاء الاصطناعي يساعد على إطالة عمر المنتجات الغذائية
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
هل سبق أن قضمت قطعة من الشوكولاتة، متوقعا مذاقا سلسا وغنيا، لكنك واجهت نكهة حامضية غير متوقعة وغير سارة؟
هذا المذاق هو "التزنخ"، الناتج عن فساد الأطعمة، وهي مشكلة يمكن أن يساعد "الذكاء الاصطناعي" على حلها، عن طريق توجيه الباحثين إلى بعض الخلطات الجديدة من مضادات الأكسدة، التي تساعد على إطالة عمر المنتجات الغذائية، وذلك وفق دراسة جديدة لباحثين من قسم الكيمياء بجامعة كليمسون الأميركية، تم نشرها في العدد الأخير من دورية "جورنال أوف أجريكلشر آند فود كيمستري".
يفسد الطعام عندما يتعرض للهواء لفترة من الوقت، وهي عملية تسمى الأكسدة، حيث تتفاعل العديد من المكونات الشائعة، وخاصة الدهون والزيوت، مع الأكسجين، ويمكن أن يؤدي وجود الحرارة أو الأشعة فوق البنفسجية إلى تسريع هذه العملية.
وتؤدي الأكسدة إلى تكوين جزيئات أصغر مثل الكيتونات والألدهيدات والأحماض الدهنية التي تعطي الأطعمة الفاسدة نكهة مميزة ورائحة معدنية قوية، ويؤدي تناولها بشكل متكرر إلى تهديد الصحة.
والدرع الواقي من هذه العملية سواء في الأطعمة الطبيعية أو المصنعة، هو مضادات الأكسدة، والتي تشمل مجموعة واسعة من الجزيئات الطبيعية، مثل فيتامين "سي"، والجزيئات الاصطناعية القادرة على حماية الطعام من الأكسدة.
ولكن عملية استخدام مضادات الأكسدة أعقد بكثير من مجرد رش قليل من فيتامين "سي" على الطعام، وتوقع حدوث التأثير الواقي، إذ يجب على الباحثين اختيار مجموعة من خلطات مضادات الأكسدة، وحساب كمية كل منها بدقة، غير أن الجمع بينها لا يؤدي دائما إلى تعزيز تأثيرها، حيث توجد حالات يمكن أن يؤدي فيها استخدام مضادات الأكسدة الخاطئة، أو خلطها بنسب خاطئة، إلى تقليل تأثيرها الوقائي، وهذا ما يسمى "التضاد".
البحث عن مجموعات جديدةويتطلب اكتشاف مجموعات مضادات الأكسدة المناسبة لأي نوع من أنواع الطعام العديد من التجارب، التي تستغرق وقتا طويلا وتتطلب موظفين متخصصين وتزيد من التكلفة الإجمالية للطعام، لذلك فإن الباحثين عالقون في عدد قليل من الخلطات التي توفر مستوى معينا فقط من الحماية ضد التزنخ، وهنا يأتي دور أدوات الذكاء الاصطناعي.
يقول لوكاس إيريس وكارلوس دي غارسيا، الأستاذان بقسم الكيمياء بجامعة كليمسون، والباحثان الرئيسيان بالدراسة في مقال مشترك نشراه في موقع "ذا كونفرسيشن"، "أردنا ككيميائيين تعليم الذكاء الاصطناعي كيفية البحث عن مجموعات جديدة من مضادات الأكسدة، لذلك اخترنا نوعا منه قادرا على العمل مع تمثيلات نصية، وهي رموز مكتوبة تصف الهيكل الكيميائي لكل مضادات الأكسدة"
ويضيفان "قمنا بتغذية برنامج الذكاء الاصطناعي بقائمة تضم حوالي مليون تفاعل كيميائي، وعلمنا البرنامج بعض مفاهيم الكيمياء البسيطة، مثل كيفية تحديد الميزات المهمة للجزيئات، وبمجرد أن يتمكن البرنامج من التعرف على الأنماط الكيميائية العامة، مثل كيفية تفاعل بعض الجزيئات مع بعضها، قمنا بتنشيطه من خلال تعليمه بعض الكيمياء المتقدمة، وفي هذه الخطوة استخدمنا قاعدة بيانات تضم حوالي 1100 خليط موصوف سابقا في الأدبيات البحثية".
ويوضح الباحثان أنه "في هذه المرحلة، يمكن أن يتنبأ الذكاء الاصطناعي بتأثير الجمع بين أي مجموعتين من مضادات الأكسدة أو ثلاثة في أقل من ثانية، لكن هذه التنبؤات لم تتماشَ تماما مع التجارب التي أجراها فريقنا في المختبر، حيث وجدنا أن الذكاء الاصطناعي كان قادرا على التنبؤ بشكل صحيح فقط ببعض تجارب الأكسدة التي أجريناها باستخدام دهون حقيقية، مما يدل على تعقيدات نقل النتائج من جهاز حاسوب إلى المختبر".
تحسين البرنامجولأن برامج الذكاء الاصطناعي ليست أدوات ثابتة، بل إنها ديناميكية، فقد واصل الفريق البحثي بعد ذلك تغذية البرنامج ببيانات جديدة حتى يحسّن من قدراته التنبؤية، بحيث يتنبأ بدقة بتأثير كل مجموعة من مضادات الأكسدة، فكلما زاد عدد البيانات التي يحصل عليها النموذج، أصبح أكثر دقة، ويشبه ذلك إلى حد كبير كيفية تطور أداء البشر من خلال التعلم.
يقول الباحثان "وجدنا أن إضافة حوالي 200 مثال من المختبر مكّن الذكاء الاصطناعي من تعلُّم ما يكفي من الكيمياء للتنبؤ بنتائج التجارب التي يؤديها فريقنا، وهو ما يعني أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتحول لمساعد ذكي للغاية، ويزيد من قدرة العلماء على تطوير طرق أفضل للحفاظ على الطعام من خلال التوصل إلى أفضل مجموعات مضادة للأكسدة".
والميزة الأهم، في النهج الذي استخدمه الباحثون، كما يوضح لوكاس إيريس في تصريحات خاصة عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت أن "الباحثين جمعوا بين استخدام مجموعة بيانات تدريبية، وبيانات جديدة من تجارب المختبر، ومكّنت هذه الإستراتيجية البرنامج من معرفة المزيد عن مضادات الأكسدة، وإجراء تنبؤات أكثر دقة".
ويضيف أنه "مقارنة بالطرق التقليدية للتوصل إلى مجموعات جديدة من مضادات الأكسدة، فإن البرنامج يتيح عامل السرعة، حيث يمكننا فحص الملايين من مجموعات مضادات الأكسدة ثم إجراء تجارب (حقيقية) مع الواعد منها، وهذا يوفر الكثير من الوقت والكثير من المال، وأحد العوامل الأخرى التي يجب أخذها في الاعتبار هو أنه بدلا من مجرد معرفة ما إذا كان الخليط من المضادات متآزرا (أم لا)، يتيح لنا البرنامج العمل مع المجموعة التي تظهر أعلى احتمالية لأن يكونوا متآزرين، بدلا من العمل مع كل مجموعة بمفردها".
والخطوة التالية التي سيعمل عليها الفريق البحثي، هي تحسين البرنامج من خلال تنفيذ طرق بديلة لتدريبه، حتى نتمكن من إجراء تنبؤات تتعلق بالمتغيرات الأخرى، بما في ذلك الوقت درجة الحرارة والمكونات الأخرى في عينة الدهون.
مزايا تسخير الذكاء الاصطناعيويشيد بيتر مودياجا إيتاوير، الأستاذ بكلية العلوم بجامعة إبادان بولاية أويو بنيجيريا، بالآلية التي استخدمها الباحثون هذه الدراسة لتسخير الذكاء الاصطناعي في مجال التوصل لخليط أفضل من مضادات الأكسدة، قائلا في تصريحات عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت "سيتم إنقاذ المزيد من الأرواح إذا نفذنا استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل عقلاني في دراسات الحياة البشرية وغيرها".
ويضيف إيتاوير، الذي نشر قبل عامين دراسة في دورية " فوود كيمستري"، حول تأثيرات الكيمياء النباتية للكاكاو على الكيمياء الغذائية للشوكولاتة، "قد تعتقد أنه من السهل الجمع بين اثنين من مضادات الأكسدة القوية بغرض حفظ الطعام، ولا أحتاج أن أذكرك أنه إذا قمت بدمج حمض وقاعدة قوية، ستكون النتيجة ملح + ماء، وهو رد فعل مضاد".
ويتابع "لذلك، إذا لم تكن هناك اختبارات كافية لإظهار ما إذا كان الجمع بين اثنين أو أكثر من مضادات الأكسدة سيؤدي إلى نتيجة تآزرية أو معادية، فإن صناعة الأغذية العالمية ستفشل في إطالة العمر الافتراضي لمنتجاتها، والاستخدام المنسق للذكاء الاصطناعي في هذه التجارب سيفيد بشكل أفضل الأعداد المتزايدة من البشر الذين هم في حاجة ماسة إلى الأغذية المصنعة".
ويرى أن "ذلك سيؤدي إلى تقليل احتمالية الإصابة بالأمراض المتعلقة بمضادات الأكسدة (أنشطة الجذور الحرة) مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، وما إلى ذلك".
ويشدد على 5 شروط يجب مراعاتها عند توظيف الذكاء الاصطناعي في هذا المجال أو أي مجال له علاقة بصحة الإنسان، وهي:
يجب أن يكون استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل هيئة عالمية من العلماء المشهورين أو المتمرسين. يجب أن تكون هناك حدود آمنة لاستخدام أو تطبيق الذكاء الاصطناعي في الدراسات المتعلقة بالإنسان. ينبغي اعتماد شروط وأحكام الاستخدام من قِبَل هيئة عالمية. ينبغي للهيئة العالمية تقييم أي برنامج للذكاء الاصطناعي قبل إصدار إشارة الضوء الأخضر لاستخدامه. ينبغي إجراء تقييم الجودة بشكل دائم لجميع روبوتات أو برامج الذكاء الاصطناعي بشكل ممنهج.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من مضادات الأکسدة الذکاء الاصطناعی الاصطناعی فی الجمع بین جدیدة من یمکن أن من خلال
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي.. قفزة تقنية في العمليات الدفاعية
يوسف العربي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةأظهرت فعاليات معرض الدفاع الدولي «آيدكس 2025» ريادة الإمارات في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأهمية تلك التقنيات في تحقيق قفزة تقنية للعمليات الدفاعية، حيث يتم تسخير هذه التقنيات في مختلف المنتجات والأقسام الدفاعية، وفي مقدمتها أنظمة الرادار والقيادة والتحكم، لتعزز هذه التقنيات المتقدمة عمليات اتخاذ القرار، والخدمات اللوجستية.
ويمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التنبؤ بأفعال الخصم، وتحسين تخصيص الموارد، واختصار أوقات تحليل البيانات، كما سيتم فحص إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحويل الحرب في المجالات التكتيكية والاستراتيجية بشكل شامل.
ومع التهديدات المتزايدة للأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية والمتفجرة حول العالم (CBRNE)، خصص معرض «آيدكس» هذا العام، جلسة يومياً لاستكشاف طرق عمل الذكاء الاصطناعي والرجال الآليين في التخفيف من أخطار هذه التهديدات، كما تمت مناقشة أنظمة الرصد والنمذجة التنبؤية ودعم القرار، إلى جانب التحديات في موثوقية الذكاء الاصطناعي، والمخاوف الأخلاقية، والحاجة إلى التعاون العالمي لتعزيز الدفاع ضد تهديدات الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، والإشعاعية، والنووية، والمتفجرة.
دمج الذكاء الاصطناعي
قال حسن الحوسني، الرئيس التنفيذي لـ«بيانات للحلول الذكية» التابعة لشركة «سبيس 42»: «إن (سبيس 42) تكشف خلال مشاركتها في معرض الدفاع الدولي (آيدكس 2025) عن الحلول التي تدمج بين الاتصال الفضائي والذكاء الاصطناعي والأنظمة الجيومكانية، كحل متكامل يعرض للمرة الأولى».
وقال: «إن الأنظمة الجيومكانية والذكاء الاصطناعي وأنظمة الفضاء لها استخدامات متعددة مثل الاتصال الفضائي، ورصد الأرض من الفضاء، وهذا الأمر يحتاج إلى دمج القدرات بشكل متناسق لإتاحتها لتقنيات الذكاء الاصطناعي القادرة على استخلاص مجموعة من البيانات التي تدعم متخذي القرار في العديد من المجالات».
ونوّه بأن الذكاء الاصطناعي يستخدم في مجالات الأمن الوطني، وإدارة الأزمات والكوارث، مثل رصد الكرة الأرضية من الفضاء، عبر مجموعة من المستشعرات تشمل التصوير الضوئي والراداري والحراري، ويتم استقطاب هذه البيانات تحت مظلة واحدة، ومن ثم استخدام الذكاء الاصطناعي لربط هذه البيانات وتحليلها لتعطي بيانات تنبؤية تدعم صانعي القرار.
وأوضح أنه في مثال لذلك، تشارك «سبيس 42» في منظومة إدارة الأزمات والكوارث قبل وأثناء وبعد الحدث، حيث تقوم أنظمة الرصد بالحصول على صورة كاملة للمنطقة المنكوبة ليبدأ الذكاء الاصطناعي استخلاص هذه البيانات لتحديد سياق تحركات الأشخاص والطاقم الطبي، ومن ثم أثناء الحدث تقدم صور المراقبة الفضائية صورة بانورامية لصانع القرار من الحدث، وأخيراً يتم تحليل تأثير الحدث على المديين القصير والطويل.
الممارسات الأخلاقية
قال باتريس كين، الرئيس التنفيذي لمجموعة «تاليس»: «علينا أن نفرق بين استخدامات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، والتطبيقات الصناعية، ومن جانبنا نهتم بالجزء الثاني الخاص بالأنظمة الصناعية والدفاعية».
وأضاف: «الشركة طرحت مبادرة CortAIx والتي تضم 600 مهندس وأكثر من 100 طالب»، لافتاً إلى أنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في أكثر من 100 منتج دفاعي.
وأشار إلى أنه يمكن تقسيم هذه المنتجات على أربع فئات، أولها الرادارات، حيث تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقوية الأداء، حيث يستطيع الرادار التركيز على اتجاه قدوم الطائرة، كما تستخدم في أنظمة القيادة والتحكم لحماية أرواح العسكريين والمدنيين.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي يستخدم في أبراج المراقبة، حيث يمكن تحديد مسارات معينة للطائرة لتقليص الانبعاثات البيئية، وأخيراً يتم تسخيره في التحكم بسرب الطائرات من دون طيار، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي في التحكم في نمط سير هذه المسيّرات.
وقال: «إننا نحرص على ترسيخ الذكاء الاصطناعي الأخلاقي في قطاع الدفاع، بحيث يكون الإنسان هو المتحكم في الذكاء الاصطناعي وليس العكس».
طبقات جديدة
قال آميت كالياني، نائب رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب المشارك لمجموعة «بهارات فورج»: «إن الإمارات اتخذت خطوات مهمة في مجال الدفاع، حيث تقود العديد من الشركات الإماراتية التقدم في هذه الصناعة، لا سيما في مجال التقنيات الجديدة والذكاء الاصطناعي».
وأضاف أن جودة وتقدم المنتجات المعروضة في «آيدكس 2025» تعكس تركيز الإمارات القوي على نمو قطاع الدفاع، كاشفاً عن أن الشركة تخطط إلى تأسيس منشأة صيانة في دولة الإمارات لدعم إمداداتها من المعدات الدفاعية بشكل أفضل إلى أسواق أفريقيا والشرق الأوسط.
وقال: «إن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسهم في إضافة طبقات جديدة من الذكاء، وجعل المنتجات العسكرية أكثر قدرة، مما سيؤدي إلى تقليل الأضرار الجانبية، وتعزيز الفعالية والكفاءة، وربما في نهاية المطاف تقليل الحاجة للقتال الجسدي».
وذكر أن الذكاء الاصطناعي هو أداة قوية تستخدم عبر منصات مختلفة في القطاع الدفاعي، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين سهولة التنقل عبر ميدان المعركة والكفاءة التشغيلية، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض عسكرية تتضمن ترجمة اللغات، وتحويل لغات متعددة إلى اللغة المطلوبة، بالإضافة إلى ذلك، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً رئيساً في تعزيز فاعلية أنظمة القيادة والتحكم العسكرية. ويؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً فعالاً في أنظمة التحكم في الحرائق للمركبات القتالية مثل الدبابات وبشكل عام، يوفر الذكاء الاصطناعي ميزة إضافية على الصعيد العسكري، مما يساعد على تطوير حلول دفاعية أكثر ذكاء وفعالية.