صراع إسرائيل وحماس .. الشظايا طالت معرض فرانكفورت للكتاب
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي
أثار تأجيل حفل تكريم كاتبة فلسطينية في معرض فرانكفورت للكتاب بسبب الصراع بين إسرائيل و حماس، إدانات من مؤلّفين بارزين، بينما انسحب العديد من دور النشر العربية من المعرض. ويعدّ المعرض السنوي أكبر حدث تجاري للنشر في العالم، حيث يجمع الآلاف من دور النشر والمؤلّفين.
وبعدما شنّت حركة حماس الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أدان المنظّمون الهجوم "الهمجي"، وقالوا إنّ الأصوات الإسرائيلية ستُعطى أهمية كبيرة في معرض الكتاب هذا العام.
منحت الأكاديمية السويدية لجوائز نوبل الروائي التنزاني عبد الرزاق غورنا جائزة نوبل للأدب لعام 2021 "عن تبَّحره الثاقب والحساس في آثار الاستعمار ومصير اللاجئين" في كتاباته. نبذة عن الأديب المقيم في بريطانيا.
المعرض في موقف حرج؟
مدير معرض فرانكفورت للكتاب ، يورغن بوس وهو نفسه مدير مجموعة "ليبتروم" (Liptrom) أعرب أيضاً عن "التعاطف مع الأشخاص الذين وقع أحباؤهم ضحايا لهذا العنف المفرط ومع جميع الأشخاص في إسرائيل وفلسطين الذين يعانون من الحرب". وكان قد قال يوم الجمعة (13 تشرين الأول/ أكتوبر): "يتم اختيار الفائز من قبل لجنة تحكيم مستقلة. وإن جمعية ليبتروم هي المنظمة المنفذة والمسؤولة مسؤولية كاملة عن محتوى حفل توزيع الجوائز. وفي ضوء الهجوم الإرهابي على إسرائيل، ستبحث ليبتروم عن مكان مناسب لتلك الفعالية في وقت ما بعد معرض الكتاب".
وأضاف: "ندين بشدة الإرهاب الهمجي لحماس ضد إسرائيل"، مشددا في الوقت نفسه على أن المعرض يقف "إلى جانب إسرائيل بتضامن كامل". وقال بوس إن المعرض يعتزم "جعل الأصوات اليهودية والإسرائيلية مرئية بشكل خاص في معرض الكتاب". وعلى سبيل المثال، ستتحدث الكاتبة والناشطة ليزي دورون، التي تعيش في تل أبيب وبرلين، عن الأحداث الجارية في إسرائيل في حفل الأدب يوم السبت المقبل.
لكنّ المجموعة أعلنت أنّها قررت عدم المضي قدماً في حفل التكريم "بسبب الحرب التي بدأتها حماس". وقالت في بيان إنها تبحث عن "شكل وإعدادٍ مناسبَين للحدث في وقت لاحق"، مضيفة أنّ "منح الجائزة لعدنية شبلي لم يكن موضع شك على الإطلاق"، أي أن قرار منح الجائزة للكاتبة الفلسطينية لم يتغير، بل جرى تأجيل الفعالية. غير أن الانتقادات التي وجهتها وسائل إعلام ألمانية إلى مجموعة "ليبتروم" يتعلق بالأساس باتهامات تقول إن الرواية معادية للسامية.
وانتقادات وانسحابات عربية
قرار التأجيل قوبل بإدانات واسعة في رسالة مفتوحة وقّع عليها أكثر من 600 شخص من بينهم عبد الرزاق غورنا وأولغا توكارتشوك الحائزان على جائزة نوبل للآداب، وكتّاب آخرون من بينهم بانكاج ميشرا ووليام دالريمبل وكولم توبين. وجاء في الرسالة التي نُشرت الاثنين أنّ المنظّمين "يغلقون المجال أمام الصوت الفلسطيني".
كما أعلنت بعض دور النشر العربية في نهاية الأسبوع، أنها ستنسحب من المعرض الذي يستمرّ من الأربعاء إلى الأحد. وقالت "هيئة الشارقة للكتاب" من دولة الإمارات، في إعلان انسحابها، "الثقافة والكتب تقف دائماً مساندة لتعزيز الحوار والتفاهم بين المجتمعات". وأضافت "نؤمن أنّ هذا الدور أصبح الآن أكثر أهمية من أيّ وقت مضى". وأصدرت "جمعية الناشرين الإماراتيين" بياناً مماثلاً، في حين ذكرت صحيفة "ناشيونال" ومقرّها الإمارات أن "جمعية الناشرين العرب" في مصر انسحبت أيضاً.
غلاف الرواية
وانسحبت وزارة التعليم الماليزية من المشاركة متهمة المنظمين باتخاذ موقف مؤيد لإسرائيل وسط تزايد الانقسامات العالمية حول الصراع الدائر بين إٍسرائيل والفلسطينيين. وأعلنت جمعية الناشرين الإندونيسيين أيضاً انسحابها لأن قرار المنظمين "الانحياز إلى إسرائيل (...) قوّض مُثُل الحوار والجهود الرامية إلى بناء تفاهم مشترك".
ولوحظ أن بعض الهيئات التي أعلنت انسحابها من المعرض عللت قرارها بـ"إلغاء تسليم الجائزة للكاتبة الفلسطنيية" رغم أن إدارة المعرض لم تتحدث عن "إلغاء" بل أعلنت فقط عن قرار بتأجيل موعد التسليم في انتظار اختيار "وقت مناسب" كما قال بيان لادارة المعرض. ووصف مدير المعرض يورغن بوس هذه المقاطعات بأنها "كارثة"، مشدداً على أهمية "أن يكون الناس هناك لإجراء مناقشات صريحة". (...) حتى لو كانت مثيرة للجدل".
"دور الأدب في هذا الوقت المروع والمؤلم"
الرسالة المفتوحة التي وقّع عليها أكثر من 600 كاتب أشارت إلى أن "يتحمّل معرض فرانكفورت، باعتباره معرضاً دولياً كبيراً للكتاب، مسؤولية خلق مساحات للكتّاب الفلسطينيين لمشاركة أفكارهم ومشاعرهم وتأمّلاتهم بشأن الأدب خلال هذه الأوقات المريعة والقاسية، وليس إغلاقها". وإضافة إلى المؤلّفين، وقّع ناشرون ووكلاء أدبيون على الرسالة.
في الرسالة المفتوحة، يُشير الموقعون عليها، إلى أن القرار بتأجيل تقديم الجائزة، على عكس ما زعمته جمعية Litprom في البداية، إذ لم يتم اتخاذه بموافقة الكاتبة، بل يقولون إن الكاتبة عدنية شبلي كانت ستحضر بسرور لاستلام الجائزة، وذلك للاستفادة من الفرصة "للتفكير في دور الأدب في هذا الوقت المروع والمؤلم"، بحسب ما نقل موقع "شبيغل أونلاين".
ونقل الموقع أيضا عن الناشر الإنجليزي لشبلي، جاك تيستارد من دار النشر فيتزكارالدو قوله: "من أهداف الأدب هو تعزيز التواصل والحوار بين الثقافات. في وقت يظهر فيه العنف الرهيب والمعاناة المروعة، يجب على أكبر معرض للكتب في العالم أن يؤيد الأصوات الأدبية من فلسطين وإسرائيل".
رواية معادية للسامية؟
النقاش حول الرواية بحد ذاتها لم يكن جديدا، إذ كتبت صحيفة "taz" البرلينية "أن الصحفي في قناة (WDR) الألمانية أولريش نولر قد ترك اللجنة المشتركة الصيف الماضي احتجاجًا على قرار منح الكاتبة الفلسطينية الجائزة على روايتها "تفصيل ثانوي".
وكانت حيثيات منح الجائزة لرواية شبلي أنها "عمل فني مصمم بعناية يتحدث عن الحدود وعما تفعله الصراعات العنيفة بالبشر". و"مع ذلك، هذه ليست سوى نصف الحقيقة"، بحسب الصحيفة.
وكتبت صحيفة "taz" أن "هذا النص مقسم إلى جزئين. يحكي الجزء الأول عن جريمة تاريخية حدثت صيف عام 1949. تعرض فتاة فلسطينية للاعتداء والقتل من قبل جنود إسرائيليين. القصة التي تمت معالجتها في وسائل الإعلام الإسرائيلية قبل 20 عامًا مكتوبة أولاً بأسلوب الأدب الوجودي الفرنسي بمنظور سردي". وفيه أن "جنودأ شبانا متمركزين في صحراء النقب يعانون من الملل ويعانون من حرارة الشمس الحارقة. يعاني القائد من هلوسات. أثناء جولة دورية، يصادف فجأة مجموعة من البدو، ويأمر بإطلاق النار عليهم على الفور. يتم خطف الناجين من هذه المذبحة؛ كلب وفتاة، إلى المعسكر".
الجزء الثاني تدور تفاصيله بعد عقود، حين ترغب صحفية من رام الله في معرفة المزيد عن هذه الجريمة. "يتطور السرد بسرعة في هذا الجزء، حيث تكافح البطلة المدفوعة لمعرفة المزيد حول الجريمة ومعنى الحدود وكيفية تقييم المواقف بشكل منطقي وعقلاني. هذا يمكن أن يكون قاتلاً عند نقاط التفتيش التي تقيمها الجيش الإسرائيلي"، بحسب ما نقلت صحيفة "taz".
غلاف الرواية
وتكتب صحيفة "taz": "بناءً على رأي أولريش نولر، تستخدم الرواية "سردا معاديا لإسرائيل ومعاديا للسامية ، وهي لا تقتصر فقط على هذه القراءات، ولكن تمنح لها مساحات". وتنقل الصحيفة عن ماكسيم بيلر الصحفي في صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" أن "الرواية تنتهي بطريقة غير أدبية عندما تروي مقتل الراوية (الصحفية) الفلسطينية المرعوبة على يد جنود إسرائيليين بلا وجوه أو أسماء، مما يجعل الرواية في النهاية قطعة دعائية غير أدبية".
رواية غير معادية للسامية؟
بعكس ذلك كانت هناك آراء لا تجد في الرواية عناصر معادية للسامية. موقع "هيسنشاو" كتب التالي: "كما يبدو أن "التأثيرات المرآية" في الرواية مخططة عن عمد، وفي النهاية يشعر القارئ بالتساؤل حول هوية الأنا الأدبية في القصة. شبلي لا تذكر في الرواية أيضا أن الجنود الحقيقيين جرى محاكمتهم أمام محكمة عسكرية وادينوا فعلا بعقوبات سجن متفاوتة. ومع ذلك، تخلو الرواية من تصوير للعنف أو أفكار استعادة الأرض".
ويضيف مقال الموقع المنشور في (13 تشرين الأول/ أكتوبر 2023) : "لذا، من الممكن أن يكون من المعقول أن نوافق لجنة جائزة LiBeratur عندما تقول إن شبلي "توجِّه نظرتها بحساسية وبلا هوادة إلى الأشخاص الذين يمارسون العنف ويتعرضون للعنف. وتظهر الرواية كيف يؤثر الشعور المستمر بعدم وجود مخرج للأشخاص وتوضح بشكل واضح لاعقلانية الصراعات المسلحة المستمرة وإمكانيات تدميرها، دون أن تلجأ الكاتبة إلى لغة اتهام أو عرض تفاصيل مرعبة".
المتحدثة باسم جمعية كتّاب برلين PEN إيفا ميناسه
بالإضافة إلى ذلك، انضمت جمعية كتّاب برلين"القلم" PEN إلى الجدل وأعربت عن دعمها لحفل توزيع الجائزة المقرر. المتحدثة باسم الجمعية إيفا ميناسه قالت: "إما أن يكون الكتاب جديرا بالجائزة أو لا". "قرار لجنة التحكيم الذي تم اتخاذه لصالح شبلي منذ أسابيع كان، في رأيي، قرارا جيدا للغاية. سحب الجائزة منها سيكون خطأ سياسيا وأدبيا."
أما المتحدث الثاني دنيز يوسيل، فأضاف بالقول: "يمكن للقارئ أن يعتبر تصويرات الرواية دقيقة أو محايدة للغاية. على أي حال، فإن الرواية بعيدة كل البعد عن الإشارات المعادية للسامية."
من ناحيته، قال مدير معرض الكتاب يورغن بوس أنه كان على اتصال بالناشر الذي أخبره أن "الكاتبة تعاني بشدة بسبب الوضع الحالي".
ع.خ/ع.ج.م/م.س. (DW، د ب ا ، ا ف ب)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: معرض فرانكفورت للكتاب دور الادب حماس وإسرائيل دويتشه فيله معرض فرانكفورت للكتاب دور الادب حماس وإسرائيل دويتشه فيله معرض فرانکفورت معرض الکتاب أن یکون
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تطرح مقترح هدنة جديدة في غزة وحماس تطالب بالضغط عليها
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن حكومة بنيامين نتنياهو قدمت مقترح هدنة جديدة في قطاع غزة مقابل الإفراج عن أسرى إسرائيليين، في حين طالبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف العدوان والعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
واليوم الأربعاء، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي توسيع عدوانه العسكري على غزة، بهدف "الاستيلاء على مناطق واسعة سيتم ضمها إلى المناطق الأمنية"، بالتزامن مع استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بما فيها الأدوية والمعدات الطبية، مما يُفاقم من الأزمة الإنسانية.
ونقلت القناة 14 الإسرائيلية -عن مصدر سياسي إسرائيلي تعليقا على المفاوضات- أن إسرائيل تطالب بإطلاق 11 أسيرا إسرائيليا على قيد الحياة مقابل وقف إطلاق النار لمدة 40 يوما.
وبحسب القناة، فإن تل أبيب تعتقد أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق، لكن هذا سيتطلب تصعيدا إضافيا للضغط العسكري على حماس.
وأضافت القناة 14 الإسرائيلية أن تكتيك الجيش الإسرائيلي في غزة هو محاصرة حماس من جميع الجهات وتقليص المنطقة الخاضعة لسيطرتها وممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط العسكري عليها.
وكانت وكالة رويترز نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن هناك مقترح هدنة طويلة الأمد في غزة مقابل إعادة نحو نصف المحتجزين الإسرائيليين الذين يُعتقد أنهم ما زالوا أحياء، وعددهم 24، وجثث نحو نصف المحتجزين الذين يُعتقد أنهم لاقوا حتفهم، وعددهم 35، خلال هدنة تستمر ما بين 40 و50 يوما.
إعلان موقف حماسفي المقابل، دعت حركة المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لوقف العدوان والعودة إلى الاتفاق وتمكين عمليات تبادل الأسرى، قائلة إن "على من يراهنون على انكسار شعبنا التوقف مليا أمام عظمة وإصرار هذا الشعب وأبنائه في المقاومة".
وأضاف بيان للحركة أن "الشعب الفلسطيني يؤكد رفضه لكل محاولات إخضاعه وتصفية حقوقه، وإصراره على التمسّك بالأرض والثوابت، وحقوقه بالحرية وإنهاء الاحتلال وتقرير المصير".
ووصفت حماس رئيس الوزراء الإٍسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"مجرم الحرب"، وأكدت أن ما يشجعه على مواصلة الاستهتار بالقوانين الدولية هو غياب المحاسبة وعجز المجتمع الدولي.
وقال نتنياهو إن إسرائيل مستعدة للحديث عن المرحلة النهائية في الحرب، لكنه اشترط أن تشمل تلك المفاوضات إلقاء حركة حماس سلاحها والسماح لقادتها بالخروج من القطاع.
ومطلع مارس/آذار المنقضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل للأسرى بين حركة حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أميركي.
وبينما التزمت حماس ببنود المرحلة الأولى، تنصل نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية من بدء مرحلته الثانية استجابة للمتطرفين في ائتلافه الحاكم.
وفي 18 مارس/آذار، استأنفت إسرائيل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 164 ألفا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.