أضواء كاشفة : المدينة الرياضية المتكاملة.. حلم الرياضيين يتحقق
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
المدينة الرياضيَّة المتكاملة الجديدة المزمع إنشاؤها بتوجيهات كريمة من لدُن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ تُعدُّ صرحًا نهضويًّا حضاريًّا يجسِّد التقدُّم الذي تشهده مَسيرة التنمية الشاملة وإنجازًا جديدًا يضاف بأحرُف من نور في سجلِّ الإنجازات الحافل، ودليلًا دامغًا على الاهتمام السَّامي بالقِطاع الشَّبابي والرياضي.
لَمْ يَعُدْ يخفى على أحَد أنَّ الرياضة أصبحت جزءًا مُهمًّا من اقتصاد أيِّ دَولة، وأنَّ الاستثمار فيها صناعة لا بُدَّ من إتقانها حتَّى للحصول على مردود مالي كبير.. فعلى سبيل المثال، لو نظرنا للدوَل التي استضافت كأس العالَم لكرة القدم وآخرها الشقيقة قطر نجد أنَّها جنت مليارات الدولارات من جرَّاء هذه الاستضافة.. لذلك فإنَّ توجيه الاستثمارات لهذا المجال سيكُونُ له مردود كبير لو أُحسن استغلاله وتوظيفه بما يَعُودُ على البلاد بالخير.
إنَّ الصرح الرياضي الجديد من المنتظر أن يكُونَ مؤهلًا لاستضافة البطولات والمسابقات الدوليَّة والإقليميَّة، وهو ما يضع اسم سلطنة عُمان على خريطة الدوَل الرَّاعية للفعاليَّات الضخمة، خصوصًا أنَّنا نمتلك خبرة معقولة في تنظيم مِثل هذه الفعاليَّات ممَّا يجعل اسمنا حاضرًا بما يُسهم في استقطاب مِثل هذه البطولات العالَميَّة. إنَّ الرياضة العُمانيَّة بجميع أنشطتها حاضرة بقوَّة في التخطيط المستقبلي للبلاد.. وقَدْ ورَدَ ذِكْرها في بند «الرفاه والحماية الاجتماعيَّة» في رؤية «عُمان 2040» من خلال التوجُّه الاستراتيجي لتحقيق حياة كريمة مستدامة للجميع «بيئة وأنظمة محفِّزة لرياضة مساهمة اقتصاديًّا ومنافسة عالَميًّا».. وهذا يعني أنَّ تطوير الرياضة يجِبُ أن يصبَّ في خانتَيْنِ الأولى أن يكُونَ هذا القِطاع الحيوي رقمًا في الدخل الوطني، والثانية أن نحقِّقَ طفرة تقدُّميَّة تضع اسم أبناء السَّلطنة وسط المنافسين الأقوياء ليس على المستوى العربي أو الإقليمي فقط، بل العالَمي أيضًا. إنَّ تطوير القِطاع الرياضي لَمْ ينقطع منذ بداية مُسيرة النهضة العُمانيَّة.. ومولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ أوْلَى اهتمامًا كبيرًا بالشَّباب والرياضة، ويسعى للنهوض بمستقبل الرياضة العُمانيَّة لِتكُونَ في مصاف الدوَل المتقدِّمة وفق رؤية «عُمان 2040» لذلك تمَّ ضمُّ شؤون الرياضة والشَّباب في وزارة الثقافة والرياضة والتراث لِيتمَّ التركيز على الارتقاء بالشَّباب من كافَّة الجوانب ثقافيًّا واجتماعيًّا ورياضيًّا وفنيًّا؛ باعتبارهم أمل المستقبل، وتمكين المسؤولين من رعايتهم حقَّ رعاية.. والتوجيهات السَّامية الأخيرة جاءت كخطوة على طريق الإصلاح، حيث إنَّها ستُسهم في تصحيح المَسيرة الرياضيَّة والاجتماعيَّة بمساعدة الشَّباب على الاستفادة من طاقاتهم بما يفيدهم صحيًّا وفكريًّا واجتماعيًّا ونَفْسيًّا. نتمنَّى للمَسيرة الرياضيَّة العُمانيَّة المزيد من التقدُّم وتحقيق خطوات ملموسة على طريق التقدُّم والاحتراف الذي يضع اسم عُماننا في مصاف الدوَل المتقدِّمة رياضيًّا وعلميًّا وتنمويًّا.. فكُلُّ عُماني يحلم أن تتمكَّنَ الرياضة العُمانيَّة من الوصول للعالَميَّة وتحقيق الريادة على كافَّة المستويات.
**********
«المرأة نصف المُجتمع الحلو» هكذا يقال.. وهذا يعني أنَّ المرأة تتقاسم المُجتمع بالنصف مع الرجُل لهَا ما لَهُ من حقوق، وعَلَيْها ما عَلَيْه من واجبات.. وقَدْ كانت المرأة العُمانيَّة طوال مَسيرة النهضة المباركة على قدر المسؤوليَّة الملقاة على عاتقها وأثبتت جدارتها وقدراتها العلميَّة وكفاءتها العمليَّة، فوصلت لأرفع المستويات العلميَّة، وتقلَّدت أرقى المناصب العمليَّة فأصبحنا نراها طبيبة ومهندسة ومدرسة ووزيرة، ولعلَّ عملها بجمعيَّات المرأة خير دليل على عطائها المستمر وإرادتها القويَّة.. كما أنَّ دَوْرها الفاعل في إعداد الأجيال العُمانيَّة وزرع القِيَم والتقاليد الأصيلة فيها يُعدُّ من أهمِّ ما تُسهم به المرأة العُمانيَّة في مَسيرة النهضة فهي «شريكة في التنمية» سواء على المستوى الشخصي أو المستوى العامِّ. لقَدْ حظيت المرأة العُمانيَّة باهتمام ورعاية القيادة الحكيمة إيمانًا من جلالته بدَوْرها الريادي في النهوض بالمُجتمع وما تمتلك من قدرات تخدم الوطن بشكلٍ فاعل ومؤثِّر، فهي نصف المُجتمع.. وقَدْ رفعت راية بلادها عالية خفَّاقة في العديد من المحافل الدوليَّة بما قدَّمته من إسهامات عظيمة في المَسيرة المظفرة. لا شكَّ أنَّ مشاركة المرأة في نهضة المُجتمع تفسح المجال لهَا لكَيْ تردَّ الجميل للوطن الغالي ولقائده المُفدَّى. فعمليَّة النهوض بالمرأة وتوعيتها هي اللبنة الأولى التي يُبنى بها صرح تنمية أي مُجتمع.. وهذا ما عملت به حكومتنا الرشيدة ابتداء من دخول الفتاة مراحل التعليم المختلفة حتَّى فتح مجال العمل لها في مختلف المجالات لكَيْ تُسهمَ في بناء الوطن العزيز دُونَ تفرقة بَيْنَها وبَيْنَ أخيها الرجُل، فالكُلُّ أمام القانون سواسية، والوطن في مَسيرته يحتاج لكُلِّ ساعدٍ يبني ويعمِّر بغَضِّ النظر عن نَوْعه. لقد أصبح جليا أن المرأة تشكل قوة اقتصادية يعتد بها خاصَّة بعد التحول في نوعية الوظائف التي كانت تتوافر لها من عمل يدوي بحت إلى وظائف ذات طبيعة فكرية أو دبلوماسية أو غيرها ونجحت في كسر أسوار الحرملك وتقلدت أعلى المناصب خاصَّة بعد الانفتاح الإعلامي والتوعية بقِيَمة المرأة وأهمِّية مشاركتها في المُجتمع. إنَّ المتتبع لحال المرأة في السَّلطنة يجد أنَّه كما أفسحت لها قيادتنا الحكيمة المجال لِتبدعَ وتثبتَ قدراتها، فإنَّ العُمانيَّة استطاعت عن جدارة أن تنخرطَ في المُجتمع وتقومَ بدَوْرها الريادي في النهوض به وتنميته، وأن تخدمَ الوطن بشكل فاعل ومؤثِّر.. وصارت نموذجًا مُشرِّفًا بعد أن أثبتت جدارتها في تحمُّل المسؤولية الملقاة على عاتقها وكفاءتها في التعامل مع القضايا المختلفة.
كُلُّ التحيَّة للمرأة العُمانيَّة وكُلُّ الشكر على مجهوداتها وإسهاماتها في خدمة الوطن والدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، ونتمنَّى لها المزيد من التقدُّم والازدهار.
ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الع مانی الم جتمع م جتمع ع مانی م سیرة
إقرأ أيضاً:
جهاز الاستثمار العُماني من الأرقام إلى خلق الأنماط
لا يقتصر الدور الذي تلعبه صناديق الثروة السيادية - باختلاف تسمياتها - على تحريك واستدامة العجلة الاقتصادية؛ بل تتعدى أدوارها اليوم إلى أن تكون الأداة الأولى في دعم الأجندة الوطنية، وتعزيز قوة التأثير والسمعة الوطنية خارج البلد (القوة الناعمة)، وتمكين منظومة متكاملة تضمن استفادة المجتمع من عوائد النمو الاقتصادي من خلال آليات وأدوات وبرامج المحتوى المحلي، بل وأصبحت تتعدى ذلك إلى أدوار (اجتماعية - اقتصادية Socio-economic roles) في أوقات الأزمات والتحولات ومثال ذلك قيام بعض هذه الصناديق بعملية ضخ السيولة في الموازنات العامة أو في الاقتصاد بشكل مباشر للحفاظ على الخدمات الاجتماعية وبرامج التوظيف والدعم في أوقات التقلبات الاقتصادية مثل حالة انهيار أسعار الطاقة.
ومن الأدوار المهمة لهذه الصناديق حسب تقديرنا هو عملية (خلق الأنماط Create patterns) – أي أن تكون مؤسسات نموذجية تستطيع من خلال عملياتها وأدوارها إيجاد ممارسات رائدة توفر التحول المنشود على المستويات الوطنية المختلفة -؛ سواء كان ذلك في عمليات حوكمة المؤسسة، أو الدور في تطوير وتأهيل الكوادر العاملة بها، أو نظم إدارة العمليات المؤسسية، أو التنبيه إلى تحولات الاقتصاد الجديد والقطاعات الواعدة، أو المساهمة في إيجاد نظام متكامل لنمو الشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتوجيهها إلى فرص النمو الأكثر استدامة ورهانًا مستقبليًا، أو إيجاد النماذج فيما يتعلق بالاستدامة وتحقيق الأهداف البيئية، وسواها من الممارسات.
والواقع أن عملية خلق الأنماط من خلال هذه الصناديق تتعاظم اليوم لثلاثة أسباب رئيسية: أولها قدرة هذه الصناديق على الاحتكاك المباشر بالاقتصاد العالمي وتعظيم عملية نقل المعرفة والابتكار والممارسات الرائدة، والثاني حاجتها إلى الاهتمام الدقيق بمنظومة المخاطرة وبالتالي اتخاذ قرارات حساسة تجاه الأدلة ومزدوجة التحقق، وثالثها قدراتها البشرية والمؤسسية على استكشاف الفرص والتحول إلى (رادارات) للاقتصاد الجديد بما يسهم في قيادة القطاعات الوطنية وتوفير المزايا التنافسية.
ما نود استكشافه في هذه المقالة هو دور جهاز الاستثمار العُماني في خلق هذه الأنماط استنادًا إلى البيانات المنشورة في تقاريره واللقاءات الإعلامية التي يدأب الجهاز على تنفيذها بشكل مستمر. والواقع أنه لابد من كلمة إشادة بمستوى الشفافية الجيدة في تعاطي الجهاز سواء مع وسائل الإعلام، أو في نشر الأرقام والمؤشرات المرتبطة بأعماله، أو في تبيان وتفصيل جهوده المؤسسية والاستثمارية عبر تقاريره السنوية؛ فكل ذلك يمكن المهتم والمتابع من تتبع واضح ودقيق لمسيرة عمل الجهاز والدور الذي يؤديه في حفظ واستدامة الأصول الوطنية وتنميتها للأجيال المقبلة.
ثلاثة ملفات أساسية تعكسها محافظ الجهاز تعكس الأدوار الأصيلة له: الحفاظ على الأصول والثروات واستدامتها عبر الأجيال، الإسهام في دعم التنمية الوطنية (الموجهة)، واستشراف المستقبل عبر الاستثمار في الجيل الناشئ من المشروعات والشركات والتركيز على القطاعات الأكثر تأثيرًا في الاقتصاد الجديد. وفي كل ملف من هذه الملفات قصة نجاح تحكيها المؤشرات التراكمية لعمل الجهاز خلال السنوات الفائتة. ما يعنينا هو أن جهاز الاستثمار تحول عبر السنوات الخمس الماضية إلى بوصلة رئيسية لتتبع مسارات الاقتصاد الجديد، فلو تتبعنا الصناديق الاستثمارية الـ13 التي تستثمر فيها محفظة الأجيال سنجد أنها تتركز في قطاعات: الصناعات المتقدمة والبنية الأساسية الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلوم الصحية والخدمات المالية. وهذه القطاعات في مجملها تشكل اليوم وجهة المستقبل، سواء كوجهة استثمار لمختلف المستثمرين وصناديق الاستثمار العالمية، أو مناطق تركيز للدول في سبيل الاهتمام بها كقطاعات قاطرة للتنمية الوطنية والمستقبل. وتتكامل هذه المحفظة مع ما يقوم به صندوق عُمان المستقبل من استثمارات، حيث وبحسب تقرير الجهاز لعام 2024 اعتمد الصندوق 44 عرض شراكة وبقيمة بلغت نحو 333.1 مليون ريال عُماني، حيث بلغ إجمالي المشروعات المستثمر فيها نحو 1.239 مليار ريال عُماني وتتقاطع تلك الاستثمارات مع القطاعات التي تركز عليها محفظة الأجيال في استثمارها عبر مجموعة من الصناديق، وهو ما يمثل فرصة (تعلم) في المقام الأساس، وفرصة (استكشاف) للمؤسسات النشطة في السوق المحلية للتوجه والتركيز نحو قطاعات المستقبل والاقتصاد الجديد.
أما فيما يتعلق بالمحتوى المحلي فيشكل الجهاز قصة ملهمة في سياق (حوكمة) عمليات المحتوى المحلي، فهناك إنفاق مباشر على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بلغ في الإجمالي نحو 265.5 مليون ريال عُماني، ونحو 311 منتجا وخدمة تحتويها قائمة الجهاز للسلع والخدمات الإلزامية من داخل السوق المحلي، كما استطاع الجهاز تطوير قدرات نحو 38 مؤسسة لدعم سلسلة التوريد لأعماله بقيمة بلغت نحو 11 مليون ريال عُماني، وكل ذلك يعكس التزامًا بالأجندة الوطنية وبشكل منهجي تقوده السياسات والمبادرات المحكومة بالأثر، سواء فيما يتعلق بدعم جهود المحتوى المحلي، أو تطوير الصناعات الوطنية، أو دعم المنتج العُماني، أو المساهمة في تهيئة بيئة نموذجية لنمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واستفادتها من فرص الأعمال والمشروعات الكبرى.
إذن يمكن القول: إن الجهاز أسهم عبر منظومة عمله في الموازنة بين أهداف الربحية الاقتصادية وتحقيق الاستدامة المالية لعملياته وشركاته، وبين تحقيق الأهداف والأجندة الوطنية الملحة خلال هذه المرحلة، وتبقى ثمة رهانات مهمة تفرضها المرحلة القادمة على منظومة الجهاز - خاصة في ظل حالة عدم اليقين العالمي ومنها: دعم أكبر لمنظومة التحول الوطنية نحو اللامركزية، بتوسيع نطاق الاستثمار في الميز التنافسية في المحافظات، وكذلك زيادة تشبيك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالاقتصاد العالمي الجديد وتبني جزء من مسؤولية توجيهها لفرصه الواعدة، والإسهام في تعزيز مبادئ الحوكمة عبر نقل الممارسات والتجارب إلى مختلف المؤسسات المحلية، عوضًا عن التركيز بشكل فاعل على تطوير منظومة نقل المعرفة والابتكار من خلال الاستثمارات ليس فقط في إيجاد فروع لها في سلطنة عُمان، بل التوسع لدمج المنظومة التعليمية والمعرفية للاستفادة من تلك الاستثمارات والعمليات.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان