لجريدة عمان:
2024-07-06@13:00:26 GMT

المرأة العمانية في يومها..

تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT

لا تقوم المجتمعات سوى بمشاركة فاعلة من كل أفرادها، والسعي المتواصل من الجميع من أجل تحقيق الأهداف التنموية؛ ولهذا فإن الدول تحرص على إشراك فئات المجتمع رجالا ونساء من أجل ضمان الاستفادة من الخبرات والكفاءات المتنوعة، ولقد كانت عُمان من بين أوائل الدول التي شجَّعت دخول المرأة إلى سوق العمل الحديث بل وحرصت على الاستفادة من إمكاناتها؛ فأخذت على عاتقها تأهيلها وتدريبها وتهيئتها لولوج كافة القطاعات التنموية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغيرها.

لذا فإن المتتبِّع لمسيرة المرأة العمانية في سوق العمل سيجد دورها البارز في التنمية منذ سبعينات القرن الماضي، فلقد قدَّمت عبر مسيرة النهضة الحديثة أدوارا عدة متكافئة مع ما يقدمه أخوها الرجل، ولعل ما تم من تغييرات أخيرة في القوانين والتشريعات الخاصة بالعمل وغيرها، كانت من بين تلك الإجراءات التي تسعى لها الدولة على الدوام من أجل تعزيز مكانة المرأة وصون حقوقها في بيئة العمل، وتسهيل قدرتها على المواءمة بين دورها الأساسي في أسرتها، وعملها في مختلف القطاعات.

ولأن العالم يسير نحو مجموعة من المتغيرات المتسارعة خاصة على المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، فإن الدور التنموي الذي تقدمه المرأة اليوم يجب أن يتغيَّر، وأن يتطلَّع نحو المزيد من التمكين، الذي تسهم هي نفسها فيه من خلال فهم هذه المتغيرات من ناحية، وإيجاد الطرق المناسبة للمشاركة التنموية الفاعلة والإيجابية من ناحية أخرى، ذلك لأن الأدوار التي تقدمها المرأة في مجتمعها مؤثرة وقادرة على إحداث التغيير الذي يدفع آفاق التنمية، ويُسهم في تحقيق الرؤى الوطنية.

يركز التقرير العالمي (المرأة ومنجم المستقبل)، الصادر عن المنتدى الحكومي الدولي للتعدين والمعادن والتنمية المستدامة (IGF)، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على دور المرأة في قطاع التعدين في ظل التغيرات الهيكلية في الاتجاهات العالمية، والتطورات التكنولوجية المتسارعة الداعمة لهذا القطاع، إضافة إلى الضغط المتزايد على هذا القطاع من قبل المستثمرين والمستهلكين، ولهذا فإن فهم الآثار والفرص التي يوفرها، والدور الذي يمكن أن تقدمه المرأة من خلال تحليل الحالة الراهنة لتمثيل المرأة في القوى العاملة في قطاع التعدين والقطاعات الصناعية الأخرى وسلاسل التوريد التي توفر السلع والخدمات، سيكون له انعكاس مباشر على إمكانات مشاركة المرأة في الفرص الوظيفية في هذه القطاعات، وكذلك فرص التعليم والتدريب والتأهيل.

ولأن المهارات المستقبلية أحد أهم الاحتياجات التي تتطلَّع إليها المجتمعات في تأهيل أبنائها وتدريبهم، فإن المهارات التي تحتاجها القطاعات الصناعية عامة وقطاع التعدين خاصة، تعد من بين تلك المهارات التي أصبحت مقلقة بالنسبة لواضعي السياسات ـ حسب تقرير (IGF) ـ، ولهذا فإن تهيئة الشباب عموما لمثل هذه القطاعات يحتاج إلى توفُّر البيانات والمؤشرات، إضافة إلى توفُّر البيئة الجاذبة للقوى العاملة خاصة من فئة النساء والفتيات، من أجل إيجاد بيئات عمل قادرة على تمكين المرأة وتفعيل دورها التنموي في كافة القطاعات.

إن مشاركة المرأة في القطاعات الصناعية بشكل خاص، يعتمد على قدرة تلك القطاعات على تهيئة بيئة العمل وسياساته بما يتوافق مع إمكانات القوى العاملة وقدراتها، ولهذا فإن التركيز على الفرص والتحديات التي تواجه المرأة في الكثير من تلك القطاعات الصناعية، سيُسهم في إيجاد الحلول وفتح فرص جديدة لمشاركتها، مما سيؤدي إلى تقليل الفجوة بينها وبين الرجل، خاصة في مجال الانخراط في سوق العمل وزيادة نسبة العاملات في القطاعات الصناعية والنفطية وغيرها، إضافة إلى ما سيقدمه من تغيير في مهارات تلك المهن والوظائف المرتبطة بها، وسيدفع شركات القطاعات الخاصة إلى تغيير الكثير من السياسات المنظمة لبيئة العمل، مما يمكِّن المرأة ويدعمها في مساراتها المهنية.

وعلى الرغم من أن المرأة في عُمان ولجت الكثير من تلك القطاعات، وأسهمت فيها بخبرتها وقدراتها ومهاراتها، إلاَّ أن الكثير من المهن الصناعية ما زالت مقلَّة في إشراكها للمرأة؛ إما بسبب الظروف الاجتماعية التي ما زالت تتحرَّج من وجود المرأة خاصة في بعض القطاعات الصناعية والنفطية وقطاعات الطاقة التي تحتاج إلى العمل في المناطق البعيدة، وإما بسبب بيئة العمل نفسها التي لم يتم تهيئتها وفقا لما تتطلبه خصوصية حياة المرأة في مجتمعنا المحافظ، ولهذا فإن مراجعة مثل هذه البيئات وإعادة النظر في تهيئتها بما يعزِّز مشاركة المرأة، سيكون له الأثر الفاعل في الارتقاء بتمكينها وتعزيز دورها.

فالمرأة في عُمان ممكَّنة وقادرة على المشاركة الفاعلة في القطاعات عموما والقطاعات الصناعية بشكل خاص، لذا فإن ما تحتاجه هو فتح فرص أكثر ملاءمة، وتهيئة بيئة جاذبة، وأكثر قدرة على تطوير المهارات بما يتوافق مع آفاق تلك القطاعات، ولعل الاحتفال بيوم المرأة العمانية يفتح أمامنا فرصة لمراجعة الدور الفاعل الذي تقدمه المرأة في قطاعات الإعلام والثقافة والابتكار والطب وغيرها الكثير، ودراسة التحديات من ناحية، والفرص من ناحية أخرى، وتقديم مبادرات وبرامج وطنية داعمة للأدوار التنموية التي تقدمها المرأة، وتتناسب مع أهداف الدولة في تمكين المرأة وتعزيز قدرتها على العطاء، بما لا يتعارض مع دورها في الأسرة والتنمية المجتمعية.

عليه فإننا بحاجة إلى الإعلان عن استراتيجية وطنية للمرأة العمانية، تسهم في تطوير دورها في المجتمع وتعزِّز نموها المعرفي والمهاري، وهو أمل ما زال الكثير منا ينتظره منذ سنوات عدة، وتزداد تلك الحاجة في ظل المتغيرات الحالية، التي تؤكد أهمية دعم دور المرأة الفاعل خاصة في بعض القطاعات الصناعية والاقتصادية والمالية، إضافة إلى ضرورة تمكينها بالمهارات المستقبلية، وتعزيز استقلاليتها المالية وقدرتها على ولوج سوق العمل، وغيرها من الإشكالات التي يمكن أن تُسهم الاستراتيجية في توجيه التركيز عليها لإيجاد الحلول وفتح فرص للمرأة العمانية من أجل التأهيل والتمكين.

ولعل ما نتج عن مختبر تطوير جمعيات المرأة العمانية من مبادرات جديرة بالاهتمام، تُعد انطلاقة مهمة لمراجعة دور المرأة في المجتمع وفتح آفاق جديدة للتمكين والدعم وفقا لمتطلبات المرحلة التنموية المقبلة، وما تحتاجه من مبادرات وبرامج تتناسب مع الرؤى الوطنية، الداعمة للمرأة والمتطلعة نحو مزيد من الإشراك؛ ولربما ستمثِّل تلك المبادرات أساسا لتغيير أدوار جمعيات المرأة وتطوير أثرها في المجتمع، فالمرأة العمانية اليوم تحتاج إلى خطاب مختلف ورؤية ذات أبعاد أكثر انفتاحا.

إن الاحتفال بيوم المرأة العمانية فرصة لطرح البرامج والمبادرات الوطنية الداعمة لدورها التنموي، وتطوير أنماط مشاركاتها في المجتمع، فالاحتفال رمز مهم لهذا الدور الفاعل الذي يحتاج إلى تطوير أنماطه، من خلال إيجاد الحلول الفاعلة للتحديات التي تواجه المرأة، ولهذا فإن التركيز على تنمية دورها وقدراتها ومراجعة السياسات الداعمة لتعزيزه لهو أجدى وأعمق أثرا.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة في مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القطاعات الصناعیة المرأة العمانیة تلک القطاعات فی المجتمع بیئة العمل المرأة فی سوق العمل الکثیر من إضافة إلى من ناحیة من أجل

إقرأ أيضاً:

رواد أعمال يشقون طريق النجاح ويسعون للتطوير والتوسع

تُعد ريادة الأعمال من أبرز القطاعات التي تسهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد وتنمية المجتمعات من خلال إيجاد فرص عمل جديدة وابتكار حلول إبداعية للتحديات القائمة، ورغم هذه الحلول والأفكار الإبداعية إلا أن رواد الأعمال يواجهون العديد من الصعوبات والتحديات التي قد تعيق مسيرتهم نحو النجاح.

يسلط الاستطلاع الصحفي التالي الضوء على أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه رواد الأعمال في مختلف المجالات، وسرد بعض تجارب النجاح، حيث تعددت قصص المثابرة التي أدت في نهاية الأمر إلى صقل مهاراتهم ووصولهم إلى طريق النجاح والعالمية.

وقالت زوينة الراشدية صاحبة شركة دار الحرفية: "الشركة عبارة عن مشروع استثماري تسويقي يسهم في تحسين جودة المنتجات العمانية، ويعمل على الاهتمام بالأسر المنتجة والحرفيين، حيث تقوم المؤسسة بالإشراف على هؤلاء الحرفيين من ناحية الجودة والألوان والمقاسات، كما تقيم ورش تدريبية لتطوير هذه المنتجات المصنوعة بشكل يدوي من حرفيين عمانيين بارعين وذات جودة عالية".

وأوضحت الراشدية، أن دورهم يقوم على تحسين جودة المنتجات. وتغليفها بتغليف ممتاز كي تظهر المنتجات العمانية في الخارج بمظهر نفتخر به وذي جودة عالية وإتقان متميز، كما أوضحت، أن الشغف والصبر والمعرفة ودراسة القطاع المستهدف ومعرفة الإجراءات الصحيحة والمشاركة في الفعاليات الحرفية المختلفة من أهم مقومات نجاح المشاريع، كما أشارت إلى أنهم يمتلكون حاليًا ثمانية منافذ بيع وسيتم زيادتها إلى عشرة منافذ بنهاية هذا العام.

من جانبها، قالت صفاء البريكي، صاحبة مؤسسة مجوهرات طور: "أن فكرة عمل المؤسسة تقوم على الاستدامة والتعريف بالمجوهرات العمانية الحرفية ذات الجودة العالية، وإيصال قصص مستوحاة من التراث العماني العريق".

وأكدت البريكية على تقديرها لجميع الجهات الحكومية الداعمة، وأبرزها هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغرفة تجارة وصناعة عمان والبنك المركزي، على دعمهم المتواصل في بدء مشروعهم، وقالت: "أشجع الشباب العماني للدخول في مجال ريادة الأعمال، حيث إنها صناعة حرة وتسمح بإنتاج وإضفاء مشاريع وأفكار جديدة وإبداعية، حيث نشهد في الآونة الأخيرة تطورا كبيرا في استقطاب الكفاءات والشباب العماني.

وأوضحت البريكية، أن التوسع في مجال عملها كان من خلال المشاركة في المعارض الخارجية، حيث تهدف هذه المشاركات إلى التعريف بالمجوهرات العمانية وقصتها المستلهمة من التراث.

أما سمية السيابية صاحبة مشروع إيكوسفير المشارك في برنامج نجوم العلوم والحاصل على المركز الأول فقالت: "في بداية الأمر كان عملي في المشروع في جامعة السلطان قابوس وشاركت في مسابقة نجوم العلوم وبعد ذلك تم التسويق لهذه المشاركة، كما أسهمت معي العديد من الوزارات والجامعات والشركات الخاصة والحكومية، وبعد الفوز احتضنتنا شركة بيئة لمدة عام ونصف لتكملة المشروع".

كما أشارت السيابية إلى أن البيئة الريادية في سلطنة عمان متقدمة وأنها في تطور مطرد وعلى علاقة مع بقية دول العالم، وهو ما من شأنه أن يسهم بتطوير وتوسيع الأفكار والبيئة الريادية في سلطنة عمان ووصولها إلى جهات أكبر.

وأوضحت أنها تحث الشباب المقبلين على الدخول في التجارب الريادية على البحث عن أفكار جديدة في سوق العمل والعمل بجد وصبر لأن هناك تحديات كبيرة تواجههم.

يواجه رائد الأعمال في مسيرة عمله لابد أن يواجهها ويعدها سلمًا للوصول إلى أهدافه وطموحاته.

من جانب آخر، قال معاذ بن ماجد السناوي من شركة الفخامة العمانية للعطور: "هناك تحسن كبير في البيئة الريادية، خصوصا من الفترة في عام 2014 إلى العام الحالي 2024، حيث شهدت هذه الفترة تطورا كبيرا في هذا المجال، كما ارتفعت الدورات التدريبية التي تنفذها هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغرفة تجارة وصناعة عُمان في تدريب رواد الأعمال وإقامة الورشات التدريبية، وهو ما أسهم في رفع إنتاجية المنتفعين من هذا التدريب".

وأشار السناوي إلى أنه ينصح جميع رواد الأعمال بدراسة التجارة أو المشروع الذي ينوون البدء فيه بتمعن وعمل دراسة جدوى والصبر عند بدء المشروع لفترة جني الأرباح، وأوضح أنهم في الفخامة العمانية للعطور يسعون إلى إضفاء الطابع العماني على المنتج والتعريف والترويج للمنتج خارج سلطنة عُمان.

كما أكد كليم بن محمد اليعقوبي، المدير التنفيذي لشركة هرويل المتكاملة لإدارة المباني والمؤسسات، أن تأخير دفع المبالغ والمستحقات من المؤسسات التي تطرح المناقصات والعقود أهم التحديات التي تواجهها. قائلا: تتأخر بعض المؤسسات في دفع المستحقات لأكثر من 90 يوما، وبالتالي تتسبب لنا ببعض المعوقات في سير العمل.

من جانبه، بيّن محمد البحراني، رائد عمل في مجال تصدير واستيراد المواد الغذائية والطبية والصحية ومواد البناء، أن أبرز التحديات التي يواجهها هي ضعف القوة الشرائية.

وأوضح عبد الله العبري، شريك في مؤسسة عسل الحمراء، أن من أهم التحديات التي يواجهها هي تأخير شحن العسل ومنتجاته إلى الخارج، بالإضافة إلى التكلفة العالية لشحن المنتجات.

من جهتها، أشارت عالية الفارسية، صاحبة مؤسسة "رواق عالية"، إلى وجود تحديات لوجستية تتمثل في صعوبة الشحن، وإيجاد شركات تعمل على تغليف وشحن اللوحات الفنية، بالإضافة إلى عدم وجود شركات تأمين للوحات مما يجعلنا نتواصل مع شركة بريطانية لتأمينها.

وفي ذات السياق، قال حسن بن علي اللواتي، مدير مؤسسة "رواق عالية": إن القطاع الفني في سلطنة عمان لا يزال في طور النمو وليس مستقلا بذاته ماديًا، مشيرًا إلى أن المجتمع ينظر إلى القطاع الفني بمختلف مجالاته من موسيقى ومسرح ورسم على أنها قطاعات ضعيفة وليست ذات جدوى اقتصادية.

وأضاف: رغم وجود هذه الصورة النمطية لدى المجتمع عن القطاع الفني، إلا أن هناك الكثير من الأسماء الكبيرة التي ظهرت بمشاريع ناجحة تخدم القطاع الثقافي وتكون مستقلة ماديا.

ونوه اللواتي، أنه يجب على رواد الأعمال، قبل الدخول في ريادة الأعمال والعمل الحر، التركيز على دراسة الجدوى الاقتصادية، وتوفير رأس المال الكبير، وفهم السوق، وأن تكون لديهم الجاهزية والاستعداد لمختلف التغييرات الاقتصادية التي تطرأ على السوق.

وأفاد فارس بن علي الجابري، رائد أعمال في مجال مقاولات البناء وخدمات النظافة والخدمات اللوجستية، أن سوق سلطنة عُمان متذبذب في مجال الأنشطة الإنشائية. وينصح رواد الأعمال بالصبر وعدم استعجال النجاح.

مقالات مشابهة

  • زيادة يوم عمل أسبوعيًا.. أول قرار من كامل الوزير يخص الصناعة - 15 صورة
  • كامل الوزير: خطة شاملة للنهوض بالصناعة المصرية خلال الفترة القادمة
  • أول قرارات وزير النقل والصناعة: السبت يوم عمل بالتنمية الصناعية
  • كامل الوزير: لدينا خطة شاملة تعتمد على 5 محاور للنهوض بالصناعة المصرية
  • عاجل| الفريق كامل الوزير: خطة من 5 محاور للنهوض بالصناعة المصرية
  • وزيرة التنمية تتفقد القطاعات وتلتقي العاملين والقيادات المحلية في أولى أيام عملها
  • رزان جمّال تواصل تصوير دورها بالجزء الثاني من مسلسل The Sandman
  • ملاذات السياحة العمانية
  • رواد أعمال يشقون طريق النجاح ويسعون للتطوير والتوسع
  • لجنة البادل تناقش تحديات المرأة في اللعبة.. وتبحث عن مقترحات للتطوير