أطلقت أذربيجان قبل حوالي أسبوع عملية عسكرية لتحرير ما تبقى من إقليم ناغورني قره باغ من العصابات الأرمنية الانفصالية، على وقع إعلان انتخاب رئيس جمهورية جديد للأرمن في الإقليم، وبعد أن ضاقت أذربيجان ذرعا بالهجمات التي تستهدف الجيش وقوات الأمن والمدنيين. وانتهت العملية بعد يوم واحد بانتصار الجيش الأذربيجاني وقبول العصابات الأرمنية إلقاء السلاح وفق شروط باكو لوقف إطلاق النار.
الحرب الأولى في الإقليم كانت ما بين عامي 1988 و1994، وانتهت لصالح الأرمن، إلا أن أذربيجان نجحت في استعادة معظم أراضي الإقليم المحتل في الحرب الثانية التي بدأت في 27 أيلول/ سبتمبر 2020 واستمرت 44 يوما. ويمكن القول بأنها قامت في الحرب الأخيرة بتتويج الانتصار الكبير الذي حققته قبل ثلاث سنوات. ومن المؤكد أن الظروف الدولية والإقليمية، والتدافع الروسي الغربي، واعتراف يريفان بسيادة أذربيجان على كامل ترابها بما فيه إقليم قره باغ، وعدم تدخل الجيش الأرمني في الحرب الأخيرة لحماية العصابات الأرمنية؛ عوامل سهلت مهمة الجيش الأذربيجاني، وأدت إلى هذا الانتصار السريع.
العصابات الأرمنية الانفصالية في إقليم قره باغ كانت بمثابة خنجر في ظهر أذربيجان، وبالتالي، يشكل الانتصار الأخير الذي حققته أذربيجان فرصة التخلص من ذاك الخنجر المسموم الذي كان يضعف قوتها، لتبدأ مباشرة في عملية بسط سيطرتها على كافة الإقليم ومعالجة الآثار السلبية التي خلّفها الاحتلال الأرمني
العصابات الأرمنية الانفصالية في إقليم قره باغ كانت بمثابة خنجر في ظهر أذربيجان، وبالتالي، يشكل الانتصار الأخير الذي حققته أذربيجان فرصة التخلص من ذاك الخنجر المسموم الذي كان يضعف قوتها، لتبدأ مباشرة في عملية بسط سيطرتها على كافة الإقليم ومعالجة الآثار السلبية التي خلّفها الاحتلال الأرمني.
الخاسر الآخر في حرب قره باغ الثالثة هو اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة وأوروبا، وفقدت الجماعات الأرمنية التي كانت تدعم العصابات الأرمنية الانفصالية وتتاجر بمعاناة الأرمن في إقليم قره باغ، إحدى أهم أوراقها. ولذلك، تتهم أذربيجان زورا وبهتانا بارتكاب المجازر والإبادة والتهجير في الإقليم، بل يذهب بعض قادتها إلى أبعد من ذلك، فيتهمون رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان بالخيانة لعدم وقوفه إلى جانب العصابات الأرمنية الانفصالية في قره باغ، ويحثون حراسه على اغتياله "خدمة لقضيتهم الوطنية".
هناك حركة نزوح من إقليم قره باغ، ويعود الآلاف من الأرمن إلى أرمينيا، ومعظم هؤلاء من الذين استوطنوا الإقليم بعد احتلاله. ولا تجبر أذربيجان سكان قره باغ على البقاء أو الرحيل، بل توزع مساعدات على النازحين ليغادروا الإقليم في ظروف إنسانية. كما أنها ستمنح الباقين من الأرمن مواطنتها، وستقدم إلى الإقليم جميع الخدمات التي يحتاج إليها.
باشينيان يسعى إلى الابتعاد عن النفوذ الروسي، والتقارب مع الغرب، وإخراج أرمينيا من العزلة السياسية والاقتصادية. ويدرك جيدا أن طريق تنشيط الاقتصاد في بلاده، وتحسين الظروف المعيشية لمواطنيها، يمر عبر تطبيع علاقات أرمينيا مع أذربيجان وتركيا، ومن المؤكد أن انتهاء أزمة قره باغ سيساعده في الوصول إلى أهدافه.
الحرب الثانية في إقليم قره باغ غيّرت التوازنات في منطقة القوقاز، ثم جاءت الحرب الثالثة لتثبت المعادلة الجديدة التي يُتوقع أن تسهم في تطبيع العلاقات الأذربيجانية الأرمينية من جهة والعلاقات التركية الأرمينية من جهة أخرى، بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي بين بلاد المنطقة، وتعزيز السلام فيها، كما منحت باكو فرصة التركيز على إنشاء ممر زنغزور وفقا للاتفاقية الموقعة مع يريفان لإنهاء الحرب الثانية.
أذربيجان قطعت شوطا كبيرا في إنشاء الطرق والسكك الحديدية ضمن مشروع ممر زنغزور الذي سيربط منطقة نخجوان بأذربيجان عبر الأراضي الأرمنية، إلا أن أرمينيا لم تحرك ساكنا حتى الآن للالتزام بالاتفاقية الموقعة قبل ثلاث سنوات. وبعد الحرب الأخيرة وانتهاء مشكلة العصابات الأرمنية الانفصالية في إقليم قره باغ، ستواجه أرمينيا ضغوطا أكبر كي تقوم بما يقع عليها من أعمال لاستكمال مشروع الممر، ولن تجد مساحة مناورة للمماطلة، في ظل رغبة الحكومة الأرمينية الحالية بتطبيع علاقات يريفان مع باكو وأنقرة.
رسالة إلى كافة المعنيين بممر زنغزور مفادها أن باكو وأنقرة عازمتان في المضي قدما لاستكمال مشروع الممر الذي سيربط أذربيجان جغرافيا بمنطقة نخجوان التابعة لها، كما سيربط تركيا بالجمهوريات التركية في آسيا الوسطى
رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان زار الاثنين منطقة نخجوان، وشارك مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف في وضع حجر الأساس لخط نقل الغاز من مدينة إغدير التركية إلى نخجوان، وتدشين مجمع عسكري في المنطقة. ومن المؤكد أن هذه الزيارة رسالة إلى كافة المعنيين بممر زنغزور مفادها أن باكو وأنقرة عازمتان في المضي قدما لاستكمال مشروع الممر الذي سيربط أذربيجان جغرافيا بمنطقة نخجوان التابعة لها، كما سيربط تركيا بالجمهوريات التركية في آسيا الوسطى.
أردوغان أثناء حديثه للصحفيين في طريق عودته إلى تركيا تطرق إلى ملف ممر زنغزور، وذكر أن هناك إشارات إيجابية تأتي من إيران. ولعل ما يقصده رئيس الجمهورية التركي هو اقتراح طهران أن يعبر الممر من الجانب الإيراني للحدود، بدلا من الأراضي الأرمنية، كما أن تصريحات أردوغان هذه رسالة تحذير إلى أرمينيا ليلفت فيها انتباه يريفان إلى أن إيران تنافس أرمينيا في مشروع الممر الرابط بين أذربيجان ونخجوان، وتسعى إلى الظفر بعبوره من أراضيها، كخطة بديلة في حال فشل جهودها الرامية إلى عرقلته تماما، وأن أرمينيا هي ستكون الخاسر الأكبر إن لم تلتزم بالاتفاقية التي وقعتها مع أذربيجان وبقيت خارج هذا المشروع الاقتصادي الكبير.
twitter.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أرمينيا تركيا تركيا أرمينيا اذربيجان صراع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی إقلیم قره باغ مشروع الممر
إقرأ أيضاً:
عقدة تشكيل حكومة الإقليم تتفاقم بسبب التمسك بـالوجوه القديمة - عاجل
بغداد اليوم- السليمانية
كشف الباحث في الشأن السياسي حكيم عبد الكريم، اليوم الجمعة (22 تشرين الثاني 2024)، عن السبب الرئيسي لتأخر تشكيل حكومة إقليم كردستان.
وقال عبد الكريم في حديث لـ"بغداد اليوم" إن "السبب المباشر وراء عقدة الإقليم يعود لتمسك الحزبين الحاكمين بمطالبهم وشروطهم التعجيزية".
وأضاف أن "كل حزب متمسك بمرشحيه للمناصب السيادية، خاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يصر على عودة ذات الأسماء لشغل مناصب رئاستي الإقليم والحكومة، في حين يرفض الاتحاد الوطني هذه الأسماء".
وأشار عبد الكريم إلى أنه "بدون تنازلات حقيقية من الحزبين، لن تتشكل الحكومة وستطول المدة، لأكثر من خمسة إلى ستة أشهر، بسبب الرفض للأسماء المرشحة".
ووفقا للنتائج التي أعلنتها مفوضية الانتخابات فقد توزعت المقاعد بواقع 39 مقعدا للحزب الديمقراطي الكردستاني، و23 آخر لحليفه التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني وصعود حراك الجيل الجديد إلى المرتبة الثالثة بـ15 مقعدا، وخسارة حركة التغيير.