دبي في 27 سبتمبر/وام/ ناقشت جلسة "الإعلام العربي في عصر الذكاء الاصطناعي" ضمن فعاليات اليوم الأول من منتدى الإعلام العربي في دورته الـ21 تحت شعار "مستقبل الإعلام العربي"، تأثير التسارع التقني الكبير على القطاع والتحديات التي تواجهه، وصولاً إلى الخطوات الاستشرافية، التي يجب على المؤسسات الإعلامية في العالم العربي اتباعها، وذلك لمواكبة المتغيرات السريعة التي تحدث، وتؤثر على المحتوى الذي يتم تقديمه، خاصة من ناحية الجودة والجاذبية، التي أصبح يفضلها القراء والمتابعون وفي ضوء التقارير العالمية التي تقدر أن نحو 60% من المنتج الإعلامي العالمي، سيستعين بهذه التقنيات، التي ستعزز من القدرات الإبداعية وتوفر الوقت والأموال.

واستضافت الجلسة منى بوسمرة رئيس تحرير صحيفة "الإمارات اليوم"، والدكتورة ابتسام المزروعي المدير التنفيذي في "معهد الابتكار التكنولوجي" في أبوظبي، والدكتور نزار حبش خبير علوم الحاسوب بـ"جامعة نيويورك أبوظبي"، وأدارها سامي قاسمي الإعلامي في قناة سكاي نيوز عربية.
وأوضحت منى بوسمرة أن ثورة استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام أصبحت أمراً واقعاً، لا يمكن تجاهله أو حتى التباطؤ في استخدام تقنياته ومفرداته الذكية من مختلف المؤسسات الإعلامية، وأن هناك استنفاراً عالمياً لتعزيز الاستفادة منه في كافة المجالات والقطاعات، مشيرة إلى أن الإعلام العربي انتقل من المرحلة الرقمية ليصل إلى استخدام الخوارزميات حالياً في انتاج المحتوى النوعي الذي يتطلع إليه القراء.
وذكرت أنه لاتزال هناك مؤسسات إعلامية عربية لم تتقدم خطوات نوعية في تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتواها موضحة أن ذلك يبعث على القلق بشأن أهمية متابعة التطورات التقنية الحديثة، والتي تنعكس إيجاباً على المحتوى.

وتطرقت بوسمرة إلى تجربة صحيفة "الإمارات اليوم" لتعزيز تأثير الذكاء الاصطناعي بما يعود إيجاباً على تطوير المحتوى، وأنها "نفذت خطوات ناجحة في هذا الشأن، لترسيخ نهج واستخدامات الذكاء الاصطناعي لديها، حيث تم تطوير أدوات لتحليل البيانات الخاصة بمعرفة توجهات القراء، وفهم سلوكياتهم ومتطلباتهم في المحتوى الذي يرغبون به، ومن ثمّ توفيره لهم"، بالإضافة إلى استخدام تقنية تنبيه القراء لأهم وأبرز الأخبار المهمة، وصولاً إلى جدولة بعض الأخبار لنشرها في توقيتات محددة، فيما ينعكس ذلك على تجربة القراء وجعلها ثرية ومفيدة وسهلة.
وأكدت "أن الذكاء الاصطناعي له تأثير كبير على قطاع الإعلام من خلال تطوير النماذج اللغوية والصور التي يتم استخدامها لتوليد المحتوى بشكل آلي ورأت أنه مع التوسع في استخدام هذه التقنيات، فإن هناك تحديات يجب الانتباه إليه ومعالجتها بشكل سريع"، وفي مقدمتها "عدم موثوقية بعض الأخبار خاصة تلك التي تفتقد إلى مصدر، فضلاً عن أن هذه التكنولوجيا الجديدة تجعل من التحيز لموضوعات وأراء واتجاهات بعينها أمراً واقعاً يفيد توجه بعض الجهات والمؤسسات الإعلامية"، وهو أمر يجب الانتباه إليه جيداً، لافتة إلى "أهمية تطوير المؤسسات الإعلامية والصحفيين من قدراتهم بشكل سريع لمواكبة هذا الزخم التقني المتصاعد لحظياً".
من ناحيتها قالت ابتسام المزروعي “إن معهد الابتكار التكنولوجي يبذل جهوداً كبيرة للمساهمة في تعزيز استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال دعم عملية دمجه في مختلف القطاعات” ومن بينها إطلاق تطبيق "نور"، أكبر نموذج معالجة طبيعية للغة العربية في العالم، ويشمل 10 مليارات عامل متغيّر، والتي تجمع بين بيانات الويب والكتب، والشعر والمواد الإخبارية والمعلومات التقنية، بالإضافة إلى نجاحهم في تدريب النموذج اللغوي للذكاء الاصطناعي "فالكون 40 بي" الذي يضم 40 مليار عامل متغير ومتاح، حيث تم تدريبه على تريليون رمز على منصة "أمازون سيجاميكر".
وقالت المزروعي إن الإمارات أصبحت سباقة في تعزيز استخدامات الذكاء الاصطناعي، ومواكبة المستجدات العالمية في هذا الشأن لإفادة كافة القطاعات ومن بينها الإعلام وتطوير محتواه بما يتناسب مع متطلبات المتابعين"، خاصة أننا مقبلون خلال سنوات قليلة على ثورة إعلامية جديدة تتوافق مع التقنيات التي ستوفرها الثورة المعلوماتية وعلم البيانات.

وأوضحت أنه يجب على المؤسسات الإعلامية أن توفر لمحتواها بصمته وهويته الخاصة، التي تعتمد الذكاء الاصطناعي نهجاً له، حتى تنال ثقة جمهور القراء والمتابعين"، خاصة أن هذا التطور لن يقف عند مرحلة انتاج و كتابة الأخبار والمقالات فقط، بل سيتعداها ليصل إلى توفير محتوى إعلامي يناسب اهتمامات كل شخص وحسب ما يرغب به ويريده، لافتة في الوقت ذاته "إلى أنه وفي ظل هذه الثورة الرقمية، فإنه لا توجد ضمانات على حماية البيانات والمعلومات، حيث دائماً هناك مخاطر محتملة، فيما يجب على المؤسسات المعنية وضع أطرها الحمائية اللازمة والتي تحافظ على محتواها من التشويه والقرصنة".
وذكر الدكتور نزار حبش “أن ديناميكية البيانات التي يمتلكها الذكاء الاصطناعي، استطاعت أن تفيد كثيراً في انتاج محتوى صحفي خالٍ من الأخطاء اللغوية عند الصياغة باللغة العربية” حيث أن 80% منها تم تجنبها باستخدام التقنيات الذكية الجديدة، ما ينعكس على جودة المحتوى، خاصة وكما هو معروف أن اللغة العربية، ثرية وتحمل من الصعوبة في الصياغة التي ترتبط بقواعد النحو والصرف الكثير، ولذلك فإن الوصول إلى هذه النسب المتحققة يعد إنجازا مهما.
وأضاف "أن هناك العديد من المشاريع التقنية المشابهة التي يتم العمل عليها خلال الفترة المقبلة، والتي تحتاج إلى الدعم والتدريب، وتطوير الكوادر والكفاءات للقيام عليها وإنجازها بالشكل اللائق والمفيد للعاملين في قطاع الإعلام"، معتبراً أن مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا الشأن، جيد ومبشر بكثير من الإنجازات خلال السنوات القليلة المقبلة.
وتطرق حبش إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يتباين تهديدها لدور وأهمية الصحفيين والإعلاميين، وأنه يجب عليهم الاستفادة من مهاراتهم لزيادة مردود هذه التكنولوجيا على منتجهم ومحتواهم المعرفي، معتبراً "أن أدوات الذكاء الاصطناعي تكون غبية وذكية حسب الشخص التي يستخدمها ويضيف إليها، ولذلك فإن لها سلاحاً ذو حدين، يجب على الإعلاميين الانتباه إليه".

ويُسلط منتدى الإعلام العربي في دورته الحادية والعشرين، المقام تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ويحمل شعار "مستقبل الإعلام العربي"، الضوء على واقع الإعلام العربي ومدى تأثره بالاتجاهات الإعلامية الحديثة لا سيما تلك المتعلقة بظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي ودخولها في صلب العمل الإعلامي العربي، وكيفية تعزيز الإسهام الإيجابي للإعلام العربي في صنع مستقبل أفضل لعالمنا العربي.
يضم منتدى الإعلام العربي هذا العام أكثر من 75 جلسة وبمشاركة 130 متحدثاً و160 مؤسسة إعلامية لرسم مستقبل الإعلام العربي، بهدف عرض التجارب الملهمة وطرح الرؤى حول مستقبل الإعلام وتبادل الخبرات والأفكار والتجارب التي تسهم في استشراف مستقبل الإعلام العربي، وذلك من خلال مجموعة كبيرة ومتنوعة من ورش العمل والجلسات النقاشية والفعاليات التي تركز على أحدث الاتجاهات الإعلامية، من أجل تقديم حلول مبتكرة لمواكبة المتغيرات العالمية.. فيما يرحب المنتدى هذا العام بما يزيد على 200 من شخصية إعلامية من 16 دولة من مختلف أنحاء المنطقة والعالم.

عاصم الخولي

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

كلمات دلالية: مستقبل الإعلام العربی المؤسسات الإعلامیة الإعلام العربی فی الذکاء الاصطناعی یجب على

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي جريمة معلوماتية!

مع بداية ثورة الذكاء الاصطناعي، ظهرت مخاوف أن يؤثر على جودة البحث الأكاديمي؛ بأن يستغله الطلاب والباحثون لسهولة الوصول للمعلومة، دون تدقيق أو تمحيص، وأن تفقد الدراسات الأكاديمية رصانتها ومرجعيتها. كان هذا أكبر المخاوف، تبعه الخوف من ظهور مؤلفات وروايات، وحتى مقالات يحل فيها (شات جي بي تي) محل المؤلف، أو الروائي أو الكاتب!.
ولكن مع التسارع المذهل لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه المخاوف صغيرة، أو بسيطة؛ مقارنة بما وصل إليه من قدرة مذهلة على تغيير صور الأشخاص، وإنتاج مقاطع مصورة متحركة وصلت إلى تجسيد شخصيات سياسية لا تكاد تفرقها عن الحقيقة؛ مثل قادة دول وزعماء يرقصون مع بعضهم بشكل مقزز، أو يؤدون حركات مستهجنة؛ مثل ركوع قادة دول أمام قادة آخرين، كما حدث مع الرئيس الأوكراني- على سبيل المثال- أو تمثيل نجوم الفن والرياضة في مقاطع مصطنعة، كما حدث في العيد الماضي قبل أيام من تصوير كريستيانو رونالدو وأم كلثوم وآخرين، وهم يخبزون كعك العيد، الأمر الذي قد يصل إلى استغلال ضعاف النفوس لهذه التقنيات في تصوير أشخاص في أوضاع مخلة وإباحية؛ بغرض الابتزاز، أو في أوضاع جرمية؛ بغرض الانتقام أو إلحاق الضرر بآخرين، وهذا أمر وارد جدًا في الفضاء الإلكتروني المفتوح، الذي يستخدمه الصالح والطالح والمجرم والسوي والعارف والجاهل، وهو ما يعد جريمة إلكترونية واضحة المعالم؛ تجرمها الأنظمة والأخلاق الإنسانية والتعاليم الدينية والأعراف والتقاليد، ما يوجب ضرورة التوعية بها، وإيضاح الأنظمة والعقوبات التي تحرمها وتجرمها، ولا بد أن يعي كل من يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، أن من ينتج مثل هذه المقاطع والصور فقط، أو يخزنها فقط، وليس أن ينشرها فقط، سيقع تحت طائلة القانون والنظام، وأن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية يؤكد على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كلُّ شخص يرتكب أيًّا من الجرائم المعلوماتية الآتية: “إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي”.
الأمر خطير وليس مزحة.

Dr.m@u-steps.com

مقالات مشابهة

  • الإعلام تنظم برنامجا تدريبيا حول إدارة المخاطر
  • الذكاء الاصطناعي العام (AGI) الخطوة التالية لقطاع التكنولوجيا..ما المخاطر؟!
  • قمة AIM للاستثمار 2025 تناقش مستقبل الاستثمار والابتكار والذكاء الاصطناعي
  • خدعة أبريل التي صدّقها الذكاء الاصطناعي
  • من هي ابتهال أبو السعد التي فضحت عملاق التكنولوجيا في العالم؟
  • بيل غيتس يكشف عن 3 مهن ستصمد في وجه الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي جريمة معلوماتية!
  • الذكاء الاصطناعي يتفوق في إعداد جداول المستشفيات
  • بيل غيتس يحدد 3 وظائف ستنجو من سطوة “الذكاء الاصطناعي”
  • غيتس يحدد المهن التي ستبقى خارج سيطرة الذكاء الاصطناعي