في اللقاء السنوي للأمم المُتَّحدة في نيويورك تتجدَّد المطالبات من قادة الدوَل وممثِّلي الحكومات في العالَم المُجتمعين حاليًّا هناك، بإصلاح المنظَّمة الدوليَّة التي شاخت والتحديث والتجديد في أنظمتها وهيئاتها. وفي الدَّوْرة السنويَّة الـ78 طالبت العديد من الدوَل بإصلاحات تُحقِّق السَّلام والأمان والاستقرار لجميع الدوَل ودخول أعضاء جُدد لمجلس الأمن الدولي وتعديل حقِّ النقض «الفيتو».


ولعلَّ وجود منظَّمات وتكتُّلات جديدة سيُسهم مستقبلًا في إيجاد صيغة تحثُّ الدوَل الكبرى على الموافقة على المقترحات في توسعة مجلس الأمن الدولي بدلًا من البقاء على الوضع السَّابق، وهو هيمنة الخمسة الكبار فقط؛ الولايات المُتَّحدة، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا.
وتأتي هذه المطالب ليس فقط من باب تحقيق العدالة الدوليَّة فقط، بل لأنَّ العالَم تغيَّر منذ الحرب العالَميَّة الثانية، وأصبح التنافس بَيْنَ القوى الجديدة والمؤثِّرة اقتصاديًّا وماليًّا ظاهرًا، وأصبحت المنظَّمة غير قادرة على حلِّ الأزمات. فاليوم أصبح التغيير مطلبًا أساسيًّا لِيكُونَ العالَم متساويًا ومشاركًا في الإصلاح الجديد، وهو ما يعكس حالة التغيير الكبير الحاصل في العالَم حاليًّا وظهور منظَّمات كبرى مِثل مجموعة دوَل «بريكس» ومجموعة العشرين والآسيان وغيرها. وبروز دوَل صناعيَّة ظهرت الآن، وأنَّ عدم إصلاح المنظَّمة في حال أصرَّت الدوَل الكبرى على التمسُّك بموقفها سيؤدِّي إلى إضعافها تدريجيًّا، وسيتمُّ التركيز على المنظَّمات القويَّة الصَّاعدة، والدليل على ضعف الأُمم المُتَّحدة عدم قدرتها على حلِّ الأزمات المتتالية والمتلاحقة في المنطقة والعالَم بدءًا من اليمن وليبيا وصراع أوكرانيا وروسيا وحتَّى السودان، والتقاعس الكبير في عدم التفاعل مع المُهدِّدات الجديدة مِثل الفيروسات والغذاء وغيرها. حقيقة نحن أمام مشهد سياسي يتشكَّل رضينا أم أبَيْنَا، لذا عَلَيْنا كمجموعة عربيَّة أن نشاركَ في التغيير والمطالبة بإصلاح الأُمم المُتَّحدة التي وضحت معالمها وفضحت أهدافها الحقيقيَّة، والدوَل الصَّاعدة اقتصاديًّا لَنْ ترضى أن تكُونَ متفرِّجة فقط، بل يجِبُ عَلَيْها أن يكُونَ لها دَوْر حيوي واستراتيجي بعد ضعف بعض الدوَل الكبرى من الناحيتيْنِ الاقتصاديَّة والسِّياسيَّة.
لذا أضمُّ صوتي للدوَل التي طالبت في الدَّوْرة الحاليَّة للمنظَّمة العالَميَّة وفي الدَّوْرات السَّابقة بإصلاح المنظَّمة التي اشتدَّت علَّتها وضعفت قوَّتها، وأصبحت مصالح الدوَل الكبرى هي المعيار لدَيْها وليس استقرار العالَم وأمْنه. لذا ظهرت التعدديَّة القطبيَّة بشكلٍ أكبر، وأنشئت تحالفات ومنظَّمات متماسكة لمواجهة هذه العنتريَّة من قِبل الدوَل الكبرى.
إنَّ من المُهمِّ والضروري كدوَل عربيَّة دعم التوجُّه بإصلاح المنظَّمة الدوَليَّة، وأن نعيَ أهمِّية هذا التغيير الذي سيُسهم في تغيير قواعد اللعبة ويعمّ السَّلام والأمان والرخاء الجميع؛ لأنَّ التطوُّرات التي طرأت على النظام العالَمي بدءًا من عام 2007م؛ أي بعد الأزمة الماليَّة، خلقت توازنات اقتصاديَّة جديدة، وأصبح التغيير مطلبًا ملحًّا، فهل يُمكِن تحقيق هذا الهدف من خلال السَّعي لتوسيع مجلس الأمن الدولي وتعديل حقِّ النقض الفيتو؟
أعتقد يُمكِن ذلك من خلال تنسيق الإجراءات مع دوَل مؤثِّرة على المستوى العالَمي والتي ترغب بأن يكُونَ لها مقعد دائم في الأُمم المُتَّحدة، واستغلال التباعد والتنافر بَيْنَ الدوَل الكبرى.. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا
batamira@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العال م ن الدو

إقرأ أيضاً:

بعد قرار الجنائية الدولية.. ما الدول التي ستنفذ قرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟

نقلت وكالة الأنباء الهولندية (إيه إن بي)، اليوم (الخميس)، عن وزير الخارجية، كاسبار فيلدكامب، قوله إن هولندا مستعدة للتحرّك بناءً على أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحقّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذا لزم الأمر، في حين قال مسؤول السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في عمان، إن جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها دول أعضاء في الاتحاد، ملزَمة بتنفيذ قرارات المحكمة.

اقرأ ايضاًردود فعل دولية حول مذكرة الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت

وأضاف بوريل: «هذا ليس قراراً سياسياً، بل قرار محكمة. وقرار المحكمة يجب أن يُحترم ويُنفّذ».

وكتب بوريل، في وقت لاحق على منصة «إكس»: «هذه القرارات ملزمة لجميع الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي (للمحكمة الجنائية الدولية) الذي يضم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».


كذلك قال رئيس الوزراء الآيرلندي، سيمون هاريس، في بيان: «القرار... خطوة بالغة الأهمية. هذه الاتهامات على أقصى درجة من الخطورة». وأضاف: «آيرلندا تحترم دور المحكمة الجنائية الدولية. ويجب على أي شخص في وضع يسمح له بمساعدتها في أداء عملها الحيوي أن يفعل ذلك الآن على وجه السرعة».

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن ردّ فعل باريس على أمر المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو سيكون متوافقاً مع مبادئ المحكمة، لكنه رفض الإدلاء بتعليق حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو إذا وصل إليها.

ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو، قال كريستوف لوموان إن السؤال معقد من الناحية القانونية، مضيفاً: «إنها نقطة معقّدة من الناحية القانونية، لذا لن أعلّق بشأنها اليوم».

بدوره، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إن بريطانيا «تحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية».

 

وقال أنطونيو تاياني، وزير الخارجية الإيطالي، إن روما ستدرس مع حلفاء كيفية تفسير القرار واتخاذ إجراء مشترك. وأضاف: «ندعم المحكمة الجنائية الدولية... لا بد أن تؤدي المحكمة دوراً قانونياً، لا دوراً سياسياً».

أما وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارت أيدي، فقال إنه «من المهم أن تنفذ المحكمة الجنائية الدولية تفويضها بطريقة حكيمة. لديّ ثقة في أن المحكمة ستمضي قدماً في القضية على أساس أعلى معايير المحاكمة العادلة».

وقالت وزيرة الخارجية السويدية، ماريا مالمر ستينرغارد، إن استوكهولم تدعم «عمل المحكمة» وتحمي «استقلالها ونزاهتها». وأضافت أن سلطات إنفاذ القانون السويدية هي التي تبتّ في أمر اعتقال الأشخاص الذين أصدرت المحكمة بحقّهم مذكرات اعتقال على أراضٍ سويدية.

بدوره، قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، إن بلاده ستلتزم بكل أحكام المحاكم الدولية، وذلك رداً على سؤال عن أمري الاعتقال بحقّ نتنياهو وغالانت. وأضاف، في مؤتمر صحافي، بثّه التلفزيون: «من المهم حقاً أن يلتزم الجميع بالقانون الدولي... نحن ندافع عن القانون الدولي، وسنلتزم بكل لوائح وأحكام المحاكم الدولية».

ووصف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي التوقيف بأنه «مرحلة بالغة الأهمية».

وكتب فيدان على منصة «إكس»: «هذا القرار هو مرحلة بالغة الأهمية بهدف إحالة المسؤولين الإسرائيليين الذين ارتكبوا إبادة بحق الفلسطينيين أمام القضاء».


أمل فلسطيني

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية (وفا) بأن السلطة الفلسطينية أصدرت بياناً ترحب فيه بقرار المحكمة الجنائية الدولية. وطالبت السلطة جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وفي الأمم المتحدة بتنفيذ قرار المحكمة. ووصفت القرار بأنه «يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته».

اقرأ ايضاًالجنائية الدولية تلاحق نتنياهو وغالانت..نظرة قانونية

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم (الخميس)، أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بخصوص «جرائم حرب في غزة»، وكذلك القيادي في حركة «حماس» محمد الضيف.

وقالت المحكمة، في بيان، إن هناك «أسباباً منطقية» لاعتقاد أن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم، موضحة أن «الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصبّ في مصلحة الضحايا».

وأضاف بيان المحكمة الجنائية الدولية أن «قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري». وأشارت المحكمة الجنائية الدولية إلى أن «جرائم الحرب ضد نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب... وكذلك تشمل القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية».

Via SyndiGate.info


Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند بعد قرار الجنائية الدولية.. ما الدول التي ستنفذ قرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟ تايلور سويفت تثير الجدل بساعتها الباهظة الثمن.. تفاصيل الساعة وسعرها شهداء وجرحى بقصف إسرائيلي على منطقة المواصي جنوب غزة تغريدة قديمة لـ ليام باين تعود للواجهة.. تحدث بها عن جنازته ارتفاع قتلى الغارات الإسرائيلية على مدينة تدمر السورية إلى 79 قتيلا Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • TOD تستحوذ على الحقوق الحصرية لإذاعة مباريات المسابقات الدولية الكبرى للرجبي
  • برلماني: قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو تاريخي
  • الفن المصري بين التقليد والتجديد: هل نستطيع كسر دائرة النمطية؟
  • التعاون الإسلامي تُرحب بقرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو وجالانت
  • بعد قرار الجنائية الدولية.. ما الدول التي ستنفذ قرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟
  • قيادي بـ«الشعب الجمهوري»: الإصلاح الاقتصادي أدى لحماية مصر من الأزمات الدولية
  • "الإصلاح والنهضة": إصدار أمر اعتقال لنتنياهو يمثل تحولًا هامًا في مسار العدالة الدولية
  • الإصلاح والنهضة: إصدار أمر اعتقال لنتنياهو تحول هام بمسار العدالة الدولية
  • المنظمة العربية للتنمية الصناعية تفتتح الملتقى الدولي للصناعات الصغيرة والمتوسطة بالمغرب
  • «الدولية للهجرة»: رصدنا نحو مليون مهاجر في ليبيا و‎%‎66 منهم ينوون البقاء