إغلاق الحكومة الأميركية.. ماذا نعرف عن الإجراء الصعب؟
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
تتجه الولايات المتحدة نحو إغلاق من شأنه أن يعطل العديد من الخدمات ويضغط على سوق العمل والعمال ويعكر الأجواء السياسية.
ويساهم التوتر بين الديمقراطيين والجمهوريين المدفوع بمطالب اليمين بإجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق بزيادة التعقيد في محادثات تحديد الموازنة، مما يعمق المخاوف من الاتجاه نحو الإغلاق.
متى يحدث الإغلاق؟يحدث الإغلاق عندما يفشل الكونغرس في تمرير نوع من تشريعات التمويل التي وقعها الرئيس لتصبح قانونا.
في حين أن بعض الكيانات الحكومية ستكون معفاة، مثل شيكات الضمان الاجتماعي التي ستظل خارج الإغلاق، فإن الوظائف الأخرى ستتأثر بشدة.
وستوقف الوكالات الفيدرالية جميع الإجراءات التي تعتبر غير ضرورية، ولن يتلقى ملايين الموظفين الفيدراليين، بمن فيهم أفراد الجيش، رواتبهم.
ولا يزال يتعين على الموظفين الذين يعتبرون ضروريين مثل مراقبي الحركة الجوية وضباط إنفاذ القانون "الحضور للعمل"، لكن الموظفين الفيدراليين الآخرين يحصلون على إجازة.
وبموجب قانون صدر عام 2019، فمن المقرر أن يحصل هؤلاء العمال على رواتب متأخرة بمجرد حل مأزق التمويل.
ومن المفترض أن يمرر المشرعون 12 مشروع قانون إنفاق مختلف لتمويل الوكالات، لكن العملية تستغرق وقتا طويلا.
وغالبا ما يلجأ السياسيون إلى تمرير تمديد مؤقت، فيما يسمى بـ"القرار المستمر"، للسماح للحكومة بمواصلة العمل.
ومن المتوقع أن يشعر مئات الآلاف من العمال الفيدراليين بآثار الإغلاق إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق هذه المرة كما تقول شبكة CBS News الإخبارية.
وفي مواجهة مؤتمر جمهوري متصدع، أجرى رئيس مجلس النواب، كيفن مكارثي، محادثات مع زملائه المشرعين الجمهوريين خلال عطلة نهاية الأسبوع على أمل إيجاد طريقة لتجنب انقطاع التمويل الفيدرالي.
لكن يبدو أنه لم يتم إحراز تقدم يذكر نحو التوصل إلى توافق في الآراء بشأن إجراء مؤقت للحفاظ على عمل الحكومة.
بدلا من ذلك، يتحرك مكارثي نحو التصويت هذا الأسبوع على أربعة مشاريع قوانين مخصصات لمدة عام كامل، والتي من غير المرجح أن تذهب إلى التصويت في مجلس الشيوخ، حيث يتخذ زعيم الأغلبية، تشاك شومر، خطواته الخاصة لدفع ما يمكن أن يكون الأداة التشريعية لإجراء تمويل قصير الأجل.
متى سيبدأ الإغلاق وكم من الوقت سيستمر؟ينتهي التمويل الحكومي مع بداية السنة المالية الفيدرالية في 1 أكتوبر.
وسيبدأ الإغلاق فعليا في الساعة 12:01 صباحا إذا لم يتمكن الكونغرس من تمرير خطة تمويل يوقعها الرئيس لتصبح قانونا.
ومن المستحيل التنبؤ بالمدة التي سيستغرقها الإغلاق، مع انقسام الكونغرس بين مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون ومجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون.
ويتطلع المحافظون اليمينيون المتشددون بزعامة رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي إلى استخدام الإغلاق كوسيلة ضغط لخفض الإنفاق، يستعد الكثيرون للتوقف الذي قد يستمر لأسابيع.
تاريخ الإغلاق في الولايات المتحدةأصبح خطر إغلاق الحكومة أكثر تواترا على مدى العقد الماضي، حيث وجد الكونغرس نفسه منخرطا في معارك التمويل التي يتم حلها في النهاية من خلال حزم إنفاق ضخمة لمدة عام.
تسبب الانقطاع الأخير في التمويل الحكومي، في أواخر عام 2018، في خسائر دائمة بقيمة 3 مليارات دولار، وفقا لمكتب الميزانية في الكونغرس.
قبل عام 1980، استمرت الوكالات إلى حد كبير في العمل خلال فترة انقطاع في التمويل مع افتراض أن الكونغرس سيتصرف بسرعة.
ولكن في عامي 1980 و1981، قام المدعي العام آنذاك، بنيامين سيفيليتي، بكتابة سلسلة من الآراء القانونية التي وجدت أن الوكالات الحكومية لا تملك سلطة الاستمرار في العمل خلال فجوة في التمويل.
حصلت ثمانية إغلاقات للحكومة في فترة الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، استمر أطولها ثلاثة أيام.
كما أغلقت الحكومة 3 مرات بين عام 1990 و 1995، ومرة في عام 2013، وأخرى في عام 2018.
حصلت أولى عمليات الإغلاق في عهد ريغان في نوفمبر عام 1981، واستمرت يومين في مجلس شيوخ يسيطر عليه الجمهوريون فيما كان الديمقراطيون يسيطرون على مجلس النواب.
وقتها وضع 250 ألف موظف فيدرالي في إجازة، وفي وقت لاحق من اليوم، أقر المشرعون مشروع قانون مؤقت للحفاظ على تمويل الحكومة وإتاحة مزيد من الوقت لإجراء محادثات بشأن اتفاق.
وعاد الموظفون إلى العمل في اليوم التالي.
وحتى عام 1987 حصلت سبعة إغلاقات أخرى في عهد ريغان في ظروف مشابهة وأدت إلى نتائج مماثلة.
5 أكتوبر، 1990وفي فترة رئاسة جورج بوش الأب، حصل إغلاق آخر، فيما كان الديمقراطيون يسيطرون على مجلسي الشيوخ والنواب بعد أن قال الرئيس إنه سيستخدم حق النقض ضد إجراء تمويل قصير الأجل لا يتضمن خطة لخفض العجز.
أقر الكونغرس في نهاية المطاف قرارا مشتركا للميزانية حدد خطة لخفض العجز، ووقع الرئيس على قرار أعاد فتح الحكومة.
13 نوفمبر، 1995وفي فترة الرئيس بيل كلينتون، كان الجمهوريون يسيطرون على المجلسين، واندلع النزاع بشأن تعهد الجمهوريين بموازنة الميزانية وإلغاء الزيادات الضريبية التي فرضها الرئيس عام 1993.
أقر الكونغرس الذي يقوده الحزب الجمهوري قرارا سعى إلى زيادة أقساط الرعاية الطبية وطلب من الرئيس موازنة الميزانية في غضون سبع سنوات، من بين تدابير أخرى.
لكن كلينتون استخدم حق النقض ضد التشريع، مما أدى إلى الإغلاق.
وتوصل كلينتون وزعماء الكونغرس الجمهوريون في نهاية المطاف إلى اتفاق لتمويل الحكومة لعدة أسابيع والسماح باستمرار المفاوضات.
وحدث الإغلاق الثاني في فترة كلينتون بعد نهاية هذه المدة، وانقطع التمويل مرة أخرى في منتصف ديسمبر، حتى أوائل يناير 1996.
وفي فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما، أغلقت الحكومة 16 يوما بسبب مشاكل حول قانون الرعاية الميسرة دفع الجمهوريين لتفكيك أجزاء رئيسية من قانون الرعاية الصحية الذي وقع عليه أوباما.
أقر مجلس النواب الذي يقوده الحزب الجمهوري مشروعي قانون للإنفاق، أحدهما كان سيؤخر تنفيذ أوباما كير، وكلاهما رفضهما مجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون.
ودعا أوباما إلى مشروع قانون للإنفاق دون شروط، لكن الجمهوريين اختاروا في نهاية المطاف إغلاق الحكومة بسبب معارضتهم لقانون الرعاية الصحية التاريخي.
وفي فترة رئاسة الرئيس السابق، دونالد ترامب، أغلقت الحكومة يومين بدآ رسميا في الذكرى السنوية الأولى لتنصيب ترامب بعد معركة حول الهجرة، وعلى وجه التحديد مطالب الديمقراطيين بحماية "الحالمين"، المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة عندما كانوا أطفالا.
وحدث الإغلاق الثاني في يناير 2019 بفترة الرئيس ترامب أيضا واستمر 34 يوما بعد أن أصبحت الهجرة مرة أخرى في قلب معركة التمويل الحكومي، على الرغم من أن هذا الإغلاق تضمن طلب ترامب 5.7 مليار دولار لدفع ثمن جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
مع امتداد الإغلاق ليصبح الأطول في التاريخ وسيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، انتهى الأمر بالرئيس السابق بالتوقيع على مشروع قانون لإعادة فتح الوكالات لمدة ثلاثة أسابيع ولم يتضمن أموالا للجدار الحدودي.
وبعد أسابيع، تجنب الكونغرس إغلاقا آخر من خلال تمرير إجراء تضمن 1.375 مليار دولار للجدار الحدودي، أي أقل بكثير من مبلغ 5.7 مليار دولار الذي طلبه ترامب.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة مشروع قانون مجلس النواب فترة الرئیس وفی فترة أخرى فی فی فترة
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان؟
في 4 شباط/ فبراير 2025، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في فترته الرئاسية الثانية، أمرا تنفيذيا بقطع أي تعاون مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مشيرا إلى "انحياز مزمن ضد إسرائيل" وفشل المجلس في معالجة انتهاكات حقوق الإنسان بشكل عادل. هذا القرار، الذي جاء بعد لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يعكس عودة إلى سياسة "أمريكا أولا"، رافضا المؤسسات الدولية التي لا تتماشى مع المصالح الأمريكية أو حلفائها. الانسحاب يعني قطع الدعم المالي والسياسي، مما يثير تساؤلات حول تأثيره على النظام العالمي لحقوق الإنسان.
أهمية مجلس حقوق الإنسان:
إن المجلس، الذي تأسس عام 2006 بقرار الجمعية العامة 60/251، يضم 47 دولة منتخبة ويعمل كمنصة أممية لتعزيز حقوق الإنسان عبر مراقبة الانتهاكات، ومناقشة قضايا مثل حرية التعبير وحقوق اللاجئين وقضايا حقوقية أخرى، وتقديم توصيات كأداة رئيسية للضغط على الدول للامتثال للمعايير الدولية، موفرا حوارا بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية.
لكن من الواضح أن فعالية المجلس تثير جدلا واسعا بسبب طبيعته غير الملزمة قانونيا واعتماده على الإرادة السياسية بدلا من الإلزام، إذ يقتصر دوره على "تقديم المشورة" دون سلطة تنفيذية. فعلى سبيل المثال، دعا قرار المجلس (A/HRC/RES/46/1، 2021) إسرائيل لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة كانتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة (المادة 49)، لكن إسرائيل رفضته ووصفت المجلس بـ"التحيز" دون تبعات. كذلك، وثّق تحقيق أحداث غزة في 2014 (A/HRC/29/52) انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي، مما أنتج ضغطا دوليا رمزيا لم يغير السياسات الإسرائيلية.
تكشف ردود الفعل هذه عن انقسام عالمي حاد، حيث عبرت الأمم المتحدة وأوروبا عن قلقهما من تداعياته على النظام الحقوقي الدولي، بينما رحبت الصين وروسيا وإسرائيل بالخطوة لأسباب تتعلق بنفوذهما داخل المجلس. المواقف العربية تباينت بين رفض مباشر من الأردن وفلسطين، وتحفظ حذر من مصر والسعودية، ما يعكس الحسابات السياسية لكل طرف. في المقابل، حذرت المنظمات الحقوقية من أن الانسحاب قد يشجع دولا أخرى على تقليص التزاماتها
قانونيا، لا تُعادل توصيات المجلس الالتزامات الملزمة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، لكنها تكمله كأداة رقابية. إجمالا، يساعد المجلس على احترام حقوق الإنسان بقدر ما تسمح ديناميكيات القوة الدولية، لكنه يظل محدودا بدون عقوبات فعلية، مما يجعل تعاون الدول الكبرى حاسما، وانسحاب دولة كالولايات المتحدة حدثا مؤثرا.
انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان: انقسامات دولية وردود فعل متباينة
كشف خروج الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان عن انقسامات حادة في المشهد الدولي، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن أسفه في بيان رسمي، مشددا على أهمية الدور الأمريكي في تعزيز حقوق الإنسان، ومحذرا من أن الانسحاب قد يؤدي إلى تراجع التقدم الدولي في مواجهة الأزمات العالمية، مثل تغير المناخ والصراعات المسلحة. كما ذكّر بموقفه في 2018 عندما وصف المجلس بأنه "هيكل حيوي" لحماية الحقوق الأساسية.
ومن جهته، أكد رئيس مجلس حقوق الإنسان، فيديريكو فيليغاس، استمرار المجلس كمنصة رئيسية للدفاع عن القضايا الحقوقية، ودعا إلى تعزيز التعاون الدولي للحفاظ على مصداقية المجلس، مستندا إلى تصريحات سابقة لـفويسلاف سوك في 2018 حول أن المجلس يبقى "المكان الأمثل" لمعالجة انتهاكات الحقوق، رغم الإقرار بتحديات متزايدة مثل تنامي نفوذ الصين في المجلس بعد الانسحاب الأمريكي.
تباينت ردود الفعل العربية، حيث أعربت مصر عن قلقها إزاء تأثير الانفصال عن المجلس على قضايا حساسة مثل فلسطين، لكنها حافظت على نهج حذر نظرا لاعتمادها السياسي والعسكري على الولايات المتحدة، بينما وصف الأردن القرار بـ"ضربة للقضية الفلسطينية"، وفق ما أعلنه وزير الخارجية أيمن الصفدي، مشيرا إلى أن الانسحاب يضعف آليات محاسبة الاحتلال الإسرائيلي. أما السعودية فاتخذت موقفا حياديا، داعية إلى "إصلاح المجلس"، في إشارة ضمنية إلى تحفظاتها القديمة حول تسييس بعض قراراته، فيما نددت فلسطين بالقرار، معتبرة أنه "تخلٍ عن الضحايا"، مستندة إلى القرار الأممي (A/HRC/RES/46/1) الذي يعترف بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، في حين أعربت جامعة الدول العربية عن أسفها للقرار، داعية إلى تعزيز دور المجلس لمواجهة التحديات الحقوقية في المنطقة والعالم.
وعلى الصعيد الدولي، عبرت ألمانيا عن أسفها العميق، محذرة من أن الانسحاب سيفتح المجال أمام تزايد نفوذ الصين وروسيا داخل المجلس، مما قد يؤدي إلى إضعاف التركيز على قضايا الحريات الأساسية والديمقراطية، بينما رحبت الصين ضمنيا يوم بالقرار، حيث صرّحت وزارة خارجيتها بأن الانسحاب سيسمح بـ"عمل أكثر فعالية دون تدخلات أحادية". من جانبها، دعمت إسرائيل القرار وأعلنت انسحابها أيضا من المجلس، حيث وصف جدعون ساعر المجلس بـ"المنحاز ضد إسرائيل". أما منظمة هيومن رايتس ووتش فحذرت من أن الانسحاب الأمريكي قد يشجع دولا أخرى على تقليص التزاماتها الحقوقية، خاصة في قضايا مثل فلسطين.
روسيا رحبت ضمنيا بالانسحاب الأمريكي، إذ أشارت موسكو إلى أن ذلك "يُقلل التدخل الأحادي"، مما يتماشى مع موقفها ضد هيمنة الغرب في المجلس، بينما اكتفت الهند بموقف حذر، داعية إلى "إصلاح شامل" دون إدانة مباشرة، مع تركيزها على دورها كوسيط في الجنوب العالمي.
سيناريو محتمل هو أن تستغل روسيا والصين الفراغ لتعزيز نفوذهما، ربما بتمويل مشروط يُركز على قضايا مثل "الحق في التنمية" (A/HRC/RES/37/23)، بينما قد تقود الهند تحالفا مع دول أفريقية لدعم المجلس، لكن بموارد محدودة (0.8 في المئة من الميزانية)، مما قد يُبطئ الاستجابة للأزمات الدولية.
تكشف ردود الفعل هذه عن انقسام عالمي حاد، حيث عبرت الأمم المتحدة وأوروبا عن قلقهما من تداعياته على النظام الحقوقي الدولي، بينما رحبت الصين وروسيا وإسرائيل بالخطوة لأسباب تتعلق بنفوذهما داخل المجلس. المواقف العربية تباينت بين رفض مباشر من الأردن وفلسطين، وتحفظ حذر من مصر والسعودية، ما يعكس الحسابات السياسية لكل طرف. في المقابل، حذرت المنظمات الحقوقية من أن الانسحاب قد يشجع دولا أخرى على تقليص التزاماتها الحقوقية، مما يضعف آليات المساءلة الدولية.
قطع التمويل يهدد موارد مجلس حقوق الإنسان:
تعتبر الولايات المتحدة، أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة، تقدم نحو 22 في المئة من الميزانية الأساسية للمنظمة (حوالي 3.4 مليار دولار سنويا في 2022) و27 في المئة من ميزانية عمليات حفظ السلام (تقارب 6.5 مليار دولار)، وفقا لتقارير الأمم المتحدة. بالنسبة لمجلس حقوق الإنسان، لا تُخصص له ميزانية مستقلة كبيرة، لكن موارده تعتمد على الميزانية العامة التي تشكل الولايات المتحدة جزءا رئيسا منها، إلى جانب تكاليف البرامج المرتبطة مثل الأونروا، التي تلقت 343 مليون دولار من الولايات المتحدة في 2022 قبل توقف التمويل.
والأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب في 4 شباط/ فبراير 2025 يوقف التمويل المباشر وغير المباشر للمجلس والأونروا، مما يهدد بتقليص الموارد المتاحة لعمليات مثل التحقيقات الميدانية ودعم المقررين الخاصين بنسبة قد تصل إلى 20-30 في المئة من إجمالي ميزانية المجلس المعتمدة على الدعم الغربي. هذا التخفيض يضع ضغطا كبيرا على الدول الأوروبية، مثل ألمانيا والسويد، لتعويض النقص، أو قد يتيح لدول مثل الصين وروسيا فرصة زيادة نفوذها عبر توجيه التمويل وفق أجنداتها، خاصة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية.
الآثار القانونية والسياسية
ابتعاد الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان، بقرار ترامب الثاني، يحمل آثارا قانونية وسياسية عميقة تهدد النظام الحقوقي العالمي
إن ابتعاد الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان، بقرار ترامب الثاني، يحمل آثارا قانونية وسياسية عميقة تهدد النظام الحقوقي العالمي. قانونيا، لا يُلغي التزاماتها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) لحماية الحريات (المادتان 19 و21) أو اتفاقية جنيف الرابعة (1949) بشأن المدنيين، لكنه يُقوّض دورها في صياغة قرارات مثل إدانة إسرائيل بالأراضي المحتلة (A/HRC/RES/46/1) 2021 أو دعم تحقيقات كميانمار (A/HRC/RES/34/22) 2017 التي وثّقت جرائم ضد الإنسانية، مُضعفا آليات الرقابة الدولية رغم رفضها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية (ICC).
سياسيا، تعكس "عقيدة ترامب" تفضيل العمل الأحادي أو تحالفات محدودة كالناتو وإسرائيل على المؤسسات متعددة الأطراف، مُفاقما التوترات مع حلفاء كفرنسا وألمانيا (اللتين دعتا للإصلاح في 2018)، ومُعقدا التعاون في مكافحة الإرهاب عبر "الائتلاف ضد داعش" أو دعم الأونروا للاجئين. هذا يُقلّص الضغط على المُنتهكين، خاصة مع صعود الصين وروسيا -اللتين عرقلتا قرارات غب سوريا (2011-2025) للهيمنة على المجلس بدعم قرارات تُبرر القمع كـ"الحق في التنمية" (A/HRC/RES/37/23) 2018، مُهددا مصداقيته كمنصة عالمية ومُشجعا دولا على التخلي عن التزاماتها منذ الإعلان العالمي (1948)
فبدون ثقل الولايات المتحدة (22 في المئة من ميزانية الأمم المتحدة)، تتراجع فعالية الاستعراض الدوري الشامل (UPR)، تاركة ضحايا كالروهينغا والفلسطينيين بلا صوت قوي. العالم قد يستجيب بقيادة أوروبية (ألمانيا 6.1 في المئة، فرنسا 4.4 في المئة من الميزانية) لسد الفراغ كما في أوكرانيا (2022)، أو تحالفات جنوبية (الهند 0.8 في المئة) لاستقلالية المجلس، أو إصلاحات تُقلّص عضوية المُنتهكين، لكن الانقسامات قد تُحيله إلى منصة رمزية ما لم تُوجد إرادة جماعية.