الممر الاقتصادي: خارطة جيوسياسية جديدة
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
حظي الإعلان عن إنشاء الممر الاقتصادي الذي سيمتد عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات، ثم يعبر المملكة العربية السعودية، والأردن، وإسرائيل، وصولاً إلى أوروبا، حظي هذا المشروع الطموح للغاية باهتمام إقليمي ودولي واسع النطاق، بالنظر إلى أنه يدفع باتجاه إحداث تغييرات جيوستراتيجية مؤثرة دوليا، حيث قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أثناء الإعلان عن المشروع خلال قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الهند مؤخرا، إنه سيغير "قواعد اللعبة"، واعتبره آخرون منافسا لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية التي تشمل أكثر من سبعين دولة.
المشروع الجديد يعتمد بشكل أساسي على الاتصال بين الموانئ لإعادة الشحن، وقال عنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في كلمته على هامش منتدى الاستثمار السعودي الهندي، إنه "سيحقق المصالح المشتركة لدولنا من خلال تعزيز الترابط الاقتصادي"، مشيرا إلى أنه سـ “يسهم في تطوير البنى التحتية التي تشمل السكك الحديدية وربط الموانئ، وزيادة مرور السلع والخدمات وتعزيز التبادل التجاري بين الأطراف المعنية، ومد خطوط الأنابيب لتصدير واستيراد الكهرباء والهيدروجين لتعزيز إمدادات الطاقة العالمية، بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات من خلال شبكة عابرة للحدود ذات كفاءة وموثوقية عالية".
المشروع الذي وصفته وثيقة أعدتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بـ "جسر رقمي أخضر عابر للقارات والحضارات"، يحظى بدعم قوي من جانب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث اعتبر الرئيس بايدن أنه سيوفر "فرصاً لا نهاية لها للدول المعنية"، وأنه سيجعل تصدير الطاقة النظيفة أسهل كثيراً، مشيراً إلى أنه من بين القرارات التي ستؤثر على مسار المستقبل عالمياً.
فكرة المشروع الطموح والمختلف نسبياً عن غيره من المشاريع الطموحة أنه قائم على التكامل الاقتصادي الإقليمي، باعتباره جزءاً من الشراكة المرتبطة بالاستثمار العالمي في البنية التحتية، وهو مشروع أمريكي ضخم تم الإعلان عنه العام الماضي، ومن المخطط أن يكون مجمل استثماراته في عام 2027 بمبلغ 600 مليار دولار، ويركز على قطاعات تعالج أزمة التغير المناخي. ويعد تبادل نقل منتجات الطاقة الجديدة إحدى أهم ركائزه، حيث يتضمن مشروع "الممر الاقتصادي" كابل بيانات عالي السرعة، وكابلاً لنقل الكهرباء، وخط أنابيب هيدروجين، وهي عناصر لها أهميتها الفائقة في الفكر الإستراتيجي لدول أوروبا، التي لا تزال تعيش "صدمة" قطع إمدادات الغاز الروسية على خلفية حرب أوكرانيا.
البعض من المراقبين يربط غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن قمة مجموعة العشرين في الهند بالإعلان عن المشروع الجديد، الذي يرونه منافساً للمبادرة الصينية، وأن الدعم الأمريكي القوي للمشروع يرتبط بالأساس برغبة الولايات المتحدة في وقف التمدد الصيني، وتشجيع الهند المنافس الإستراتيجي القوي القادر على الحد من هذا التمدد، والذي يطمح بدوره لأن يكون له مقعد قيادي في النظام العالمي القادم، فضلاً عن أنه يتماهى مع احتياجات الهند المتزايدة من منتجات الطاقة، ورغبتها في ضمان أسواق لتصدير منتجاتها دون عوائق، لاسيما في ظل تنامي التهديدات المرتبطة في الكثير من جوانبها بالمواجهات البحرية، والمضائق وغير ذلك.
هذا المشروع الطموح يمثل أرضية مشتركة للتعاون والتكامل بين الخطط والإستراتيجيات الخليجية والهندية، لأن الطرفين يتمتعان بشراكة إستراتيجية متنامية، كما يلتقي مع خطط المملكة العربية السعودية تحديداً في أكثر من نقطة منها الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2021، ومنها أيضاً الاستفادة من الاستثمارات السعودية الهائلة في الطاقة المتجددة، والمناطق الاقتصادية، وخطط تطوير البنية التحتية المعلوماتية القائمة على دعم موقع المملكة من حيث توفر الكابلات البحرية ومراكز البيانات.
الاقتصاد هو بوابة السياسة وضمان خطط التبادل التجاري وسلاسل التوريد وفتح الأسواق الجديدة والتبادل الطاقي، جميعها ركائز لعلاقات سياسية قوية، ولو نظرنا إلى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، لوجدنا أنها تربط الصين، بأوروبا الغربية، عبر آسيا الوسطى، وروسيا، وهو ما بات صعباً على الأوروبيين تقبله، بغض النظر عن شواغل التنافس الصيني الأمريكي. وبالتالي يمكن فهم الحماس الأوروبي الشديد للمشروع الهندي الجديد، لاسيما في ظل فكرة المشروع القائمة على الشراكات التجارية بدلا من تقديم القروض الميسرة، كما هو حال الكثير من نقاط المشروع الصيني، كما أن المشروع الهندي يمر عبر دولتين خليجيتين بما يوفر لهما ولبقية الدول المجاورة فرص الربط مع شبكة التجارة والتبادل التي يوفرها، وهو ما يشجع الاستثمارات والتنمية في هذه الدول، وربما يتفوق هذا المشروع في هذه الجزئية تحديداً على نظيره الصيني، الذي يعتمد على نقاط التقاء بحرية محددة مع دول خليجية عدة ليس من بينها نقطة رئيسية كما هو حال المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، في خطط المشروع الهندي.
مشروع "الممر الاقتصادي" هو فكرة طموحة للغاية تنطوي على مكاسب لجميع الأطراف المشاركة فيه، ويمكن لها فعلياً أن ترسم خارطة جيوستراتيجية جديدة للتحالفات، حيث تتشابك مصالح الأطراف المشاركة بدرجة أكبر من ذي قبل، ما ينعكس بدوره على سياساتها وتوجهاتها إقليمياً ودولياً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الممر الاقتصادی
إقرأ أيضاً:
الحكومة توافق على 8 قرارات في اجتماع اليوم
وافق مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي على 8قرارات هامة تضمنت الموافقة على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 121 لسنة 2008 المُعدل لبعض أحكام قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973.
ونص التعديل على إضافة مادة جديدة برقم "السادسة مكرراً" إلى القانون رقم 121 لسنة 2008، تقضي بأن يُضاف إلى اختصاصات "صندوق تمويل شراء بعض مركبات النقل السريع"، المُنشأ بموجب المادة السادسة من هذا القانون، تقديم قروض، وحوافز مالية، في حالات تشمل: تمويل تحويل ما لم تمضِ على صُنعه عشرين سنة من مركبات النقل السريع للعمل بالطاقة النظيفة، أو تمويل شراء مركبات النقل السريع الجديدة التي تعمل بالطاقة النظيفة، وكذا إحلال أو تحويل مركبات النقل السريع للعمل بالطاقة النظيفة، متى كانت غير مخاطبة بحُكم حظر الاستمرار في الترخيص بعد مضي عشرين سنة على صنعها، المنصوص عليه في المادة 4 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973.
وأناط التعديل بمجلس الوزراء إصدار قرار، بناء على عرض وزير المالية، بإقرار القروض والحوافز المالية، وقواعد وضوابط وشروط منحها، بما في ذلك تحديد نوع المركبة وعمرها، ونوع الطاقة النظيفة، وذلك في إطار سياسات الدولة، وحدود الموارد المتاحة بالصندوق، وفي ضوء توجه الدولة نحو استغلال جميع مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، بما يسهم في تقديم مظهر حضاري على الطرق المصرية، وخفض مُعدلات التلوث.
ووافق مجلس الوزراء على اكتتاب جمهورية مصر العربية، في الزيادة العامة لرأس المال القابل للاستدعاء، في "بنك التنمية الأفريقي"، بعدد 554.7 ألف سهم.
وتدعم هذه الخطوة دور مصر الفاعل في دعم جهود بنك التنمية الأفريقي، باعتباره أحد أهم وأكبر المُؤسسات المالية المعنية بقضايا التنمية في القارة الأفريقية، وتوفير القنوات التمويلية اللازمة للنهوض بالمشروعات التنموية في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وترتبط مصر ارتباطاً وثيقاً مع البنك، لاسيما فيما يتعلق بجانب الاستثمارات، حيث تأتي مساهمة مصر في المرتبة الثانية على مستوى الدول الإقليمية المساهمة في رأسمال البنك، كما تشهد محفظة استثمارات بنك التنمية الأفريقي في مصر وضعاً مميزاً يتسق مع مكانتها ووضعيتها في البنك، حيث بلغ حجم محفظة التعاون الإجمالية بين مصر والبنك منذ عام 1974 وحتى عام 2024 ما يزيد على 7.5 مليار دولار، تم توجيهها إلى تمويل العديد من المشروعات الإنمائية الهامة في مختلف القطاعات، واعتمد البنك تحديداً في عام 2023 عمليات في مصر تخطت قيمتها نحو 600 مليون دولار.
كما وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار رئيس الجمهورية بشأن محضر تشكيل "مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي"، المُوقع في 15 أكتوبر 2024.
ويهدف هذا المجلس إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين، ويتولى رئاسته عن الجانب المصري؛ فخامة رئيس جمهورية مصر العربية، وعن الجانب السعودي؛ صاحب السمو الملكي ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء.
ويتألف المجلس من عددٍ من الوزراء والمسئولين من البلدين في المجالات ذات الصلة بالمهام المُسندة إليهم، ويعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، كما يكون له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك. ويحل هذا المجلس محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية السعودية المُشتركة.
ووافق مجلس الوزراء على مشروع قرار رئيس الجمهورية بشأن تخصيص 5 قطع أراضٍ من المساحات المملوكة للدولة، بمحافظات: الأقصر وأسيوط والوادي الجديد، لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية، لاستخدامها في إقامة صوامع غلال.
وتشمل قطع الأراضي المُخصصة لهذا الاستخدام: نحو 10 أفدنة ناحية اسنا بمحافظة الأقصر، و10.07 فدان ناحية القوصية بمحافظة أسيوط، إلى جانب 3 قطع أراضٍ بمساحة 2.38 فدان لكُل قطعة، نواحي باريس وبلاط والفرافرة بمحافظة الوادي الجديد، وذلك بما يعزز قدرات الدولة التخزينية من الغلال، لتوفير مخزون استراتيجي منها وحفظها بصورة متقدمة.
وأقر مجلس الوزراء الضوابط والآليات التي وافق عليها مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بجلسته رقم (195) المُنعقدة بتاريخ 19 سبتمبر 2024، بشأن التعامل مع الشركات المُخصص لها قطع أراضٍ ضمن المشروع القومي للإسكان، والتي وصلت نسبة الإنجاز لها إلى 80% من إجمالي مكونات المشروع.
وقد تم في هذا الصدد إقرار اعتبار الوصول لنسبة إنجاز 80%، تنفيذاً كاملاً للمشروع، بشرط تنفيذ كامل المرافق وأعمال تنسيق الموقع للأعمال المُنفذة بالمشروع، وذلك لمشروعات الإسكان القومي، مع الالتزام بعدة ضوابط، من بينها سلامة كامل موقف قطع الأراضي، وعدم التعارض مع العقود المُبرمة مع العملاء، وسداد كافة المستحقات المالية، وأن يكون قد تم تسكين جميع وحدات المشروع بصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، أو تحويلها إلى اسكان حر.
كما تم في إقرار منح مشاريع الإسكان القومي مهلة أخيرة لمدة "شهر" لاستكمال إجراءات تسكين الوحدات السكنية التي تم التصرف فيها للمواطنين المُنطبق عليهم شروط الإسكان القومي، وتم إبرام عقود بيع لهم قبل انتهاء المدة الأصلية والمُدد الإضافية للمشروع، وذلك بصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، على أن يتم في حالة عدم الالتزام؛ تطبيق التوازن المالي على تلك الوحدات.
ووافق مجلس الوزراء على الطلب المقدم من شركة "ابيدوس للطاقة المتجددة" (ش. م. م) بنظام الاستثمار الداخلي وفقاً لأحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017، للحصول على الموافقة الواحدة "الرخصة الذهبية"، عن مشروع إنتاج وبيع الكهرباء من الطاقة الكهروضوئية في بنبان الجديدة بمحافظة أسوان بقدرة 1000 ميجاوات، مضافاً إليها أنظمة بطاريات تخزين الطاقة بقدرة 600 ميجاوات / ساعة.
ويتم تنفيذ المشروع بتكلفة استثمارية 850 مليون دولار، على مساحة 20 كم2 من الأرض المخصصة لهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، ويساهم المشروع في تشغيل نحو 4 آلاف عامل وموظف، حيث من المقرر أن يبدأ التشغيل التجاري للمرحلة الأولى في أغسطس 2025 بقدرة 300 ميجاوات بالإضافة إلى تخزين الطاقة بقدرة 300 ميجاوات، ثم التشغيل التجاري للمرحلة الثانية في أبريل 2026 بقدرة 700 ميجاوات بالإضافة إلى تخزين طاقة بقدرة 300 ميجاوات، ويسعى المشروع إلى مراعاة البُعد البيئي وتحقيق استدامة الموارد وخفض الانبعاثات الكربونية، فضلاً عن زيادة نسبة مشاركة الطاقة النظيفة بالشبكة القومية للكهرباء وتقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء.
ووافق مجلس الوزراء على طلبات عدة جهات للتعاقد وفقاً لأحكام المادة 78 من قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 2018.
وتضمن ذلك الموافقة على تعاقد الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، التابعة لوزارة الصحة والسكان، مع الهيئة العربية للتصنيع ممثلة في "مصنع الالكترونيات"، لتنفيذ مشروع تصميم وبناء وتطوير وتشغيل المواقع الالكترونية وبناء أنظمة جديدة، و الموافقة على استكمال تعاقد جامعة بورسعيد مع مقاول المرحلة الأولى من مشروع إنشاء المبنى الإداري والتعليمي لكلية الحقوق بجامعة بورسعيد، لتنفيذ المرحلة الثانية، بهدف سرعة إتمام المشروع لتحقيق انتظام العملية التعليمية لطلاب الكلية، بالإضافة إلى تعاقد البيت الفني للمسرح، التابع لوزارة الثقافة، على معالجة بعض الأعمال الخاصة بمبنى المسرح القومي للطفل "متروبول" لإعادة تشغيله واستعادة دوره ومواصلة رسالته الثقافية والتنويرية وسط ضوابط من الحفاظ على سلامة الأطفال المُترددين عليه.
ووافق مجلس الوزراء على تعاقد هيئة الإسعاف المصرية لتوريد وتركيب مُحركات ومُشتملات وعمرات جسيمة وملحقاتها الميكانيكية؛ لسيارات الإسعاف بموديلاتها المختلفة، بما يضمن الحفاظ على إمكانات سيارات الإسعاف وتحقيق انتظام عملها في تقديم الخدمات الطبية للمواطنين.