لجريدة عمان:
2025-10-30@15:35:39 GMT

«الضوء».. وسيلة واعدة ومستدامة لتحلية المياه

تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT

«الضوء».. وسيلة واعدة ومستدامة لتحلية المياه

يعد خطر نقص المياه قضية حرجة ومتعددة الأوجه ولها عواقب بعيدة المدى على البيئة والمجتمع البشري، ولعل من أهم مخاطرها أزمة الصحة العامة الناتجة عن عدم كفاية الوصول إلى مياه الشرب النظيفة والآمنة، إضافة إلى تهديد الأمن الغذائي، بما أن الزراعة تعتمد بشكل كبير على المياه لأغراض الري. ويمكن أن تؤدي ندرة المياه إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل ونقص الغذاء، مما قد يؤدي إلى حدوث أزمات غذائية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية والهجرة.

كما أنها قد تؤدي إلى تدهور النظام البيئي والتأثير على إنتاج الطاقة وعدم المساواة الاجتماعية وأخيرا تضخم التغير المناخي.

وتعد معالجة المياه من أولى الحلول المطبقة وقد تعتبر عملية حاسمة لضمان توافر مياه الشرب الآمنة والنظيفة، وحماية الصحة العامة، والحفاظ على البيئة. ومع ذلك، من المهم أن ندرك أنه على الرغم من فعاليتها، فإن عمليات معالجة المياه التقليدية لها قيود وتحديات معينة يمكن أن تؤثر على قدرتها على توفير مياه نقية وغير ملوثة باستمرار.

إن مواد الحفز الكيميائي الضوئي والضوئي الحراري، وهي مواد تساعد في عملية تسريع التفاعلات الكيميائية دون استهلاكها في العملية وهي تلعب دورًا محوريًا في مجالات مختلفة، بدءًا من التصنيع الكيميائي الصناعي وإنتاج الطاقة وحتى المعالجة البيئية وبالخصوص معالجة أو تحلية المياه الملوثة والمالحة.

وتعتمد المحفزات التقليدية على التفاعلات الكيميائية على المستوى الذري أو الجزيئي لتسهيل التفاعلات. ومع ذلك، وفي السنوات الأخيرة، ظهر استخدام الضوء كمحفز وكوسيلة واعدة مستدامة، مما أدى إلى ولادة مجالين متمايزين ولكن مترابطين وهما التحفيز الضوئي والتحفيز الضوئي الحراري.

السر في الطاقة الضوئية

يعد التحفيز الضوئي والتحفيز الحراري الضوئي عمليتين متمايزتين لبدء وتسريع التفاعلات الكيميائية باستخدام الطاقة الضوئية. يتضمن التحفيز الضوئي امتصاص الفوتونات بواسطة أشباه الموصلات، مما يؤدي إلى إنشاء أزواج من حاملات الشحن وهي الثقوب والإلكترونات، والتي تلعب دورا أساسيا في تفاعلات الأكسدة والاختزال اللاحقة. في المقابل، يعتمد التحفيز الحراري الضوئي على تحويل الضوء إلى حرارة موضعية داخل نظام حفاز، مما يؤدي إلى تسريع حركة التفاعل عن طريق رفع درجة الحرارة. في حين أن التحفيز الضوئي مفيد لتطبيقات مثل تنقية المياه وأسطح التنظيف الذاتي، فإن التحفيز الحراري الضوئي مفيد بشكل خاص للتفاعلات التي تتطلب درجات حرارة عالية، مثل التكسير الحفزي وتكثيف البخار الكيميائي. ويعتمد الاختيار بين الاثنين على متطلبات التفاعل المحددة والنتائج المرجوة، حيث يستخدم التحفيز الضوئي الاستثارة الضوئية والتحفيز الحراري الضوئي باستخدام توليد الحرارة لدفع التحولات الكيميائية.

الضوء والتفاعل الكيميائي

تعتبر هذه المواد النانومترية طريقة متطورة وصديقة للبيئة لمعالجة المياه من بقايا المواد العضوية المختلفة والتي لا تستطيع الطرق التقليدية إزالتها. إن تحضير هذه المواد ذات الفعالية المرتفعة في مجالات الضوء الطبيعية المتوفرة يعد سابقة علمية. كما أن البحث في مجال تطوير نوع جديد من المحفزات الضوئية النانومترية مطلوب بشدة. من ضمن هذه المواد الجديدة هو الكربون المنترد والذي يعتبر ثورة جديدة في مجال المحفزات الضوئية مقارنة بالمحفزات الضوئية المحضرة من أكاسيد وكبريتدات المعادن والتي يكمن أن يكون لها آثار جانبية خطيرة وعديدة بالإضافة إلى نسبة الاستقرار الضعيفة. من مميزات الكربون المنترد أن له درجة عالية من الثبات الفيزيائي والكيميائي كما أن له القدرة الفعالة على العمل في مجال الضوء المرئي الطبيعي والمتوفرة بشكل جيد في السلطنة.

إن استخدام تقنية النانو لرفع كفاءة المواد الحفازة يعتبر أمرا حديثا يسهم في تصغير الجسيمات إلى مقياس النانومتر الذي يسهم بدوره في زيادة سطح التفاعل وبالتالي زيادة الفعالية للتحفيز الضوئي. تم تجربة المادة المحضرة ومقارنة كفاءتها في التكسير التحفيزي الضوئي للصبغات الملوثة وكانت النتائج جيدة من حيث رفع مستوى الفعالية.

تحفيز حراري

التحفيز الحراري الضوئي هو عملية متطورة تستغل التأثيرات المباشرة لمستويات الطاقة غير الإشعاعية، والمعروفة أيضًا باسم التحولات غير الإشعاعية أو العمليات غير الإشعاعية، حيث يلجأ أي نظام كمي لتغيير في الطاقة دون انبعاث أو امتصاص فوتون من الإشعاع الكهرومغناطيسي. تختلف هذه العمليات عن التحولات الإشعاعية، حيث تكون تغيرات الطاقة مصحوبة بانبعاث أو امتصاص الفوتونات (الضوء أو الإشعاع الكهرومغناطيسي).

وتعتمد هذه التقنية في جوهرها على التأثير الحراري الضوئي، حيث يتم امتصاص الضوء بواسطة مادة محفزة، مما يؤدي إلى تسخين موضعي ثم تسريع التحولات الكيميائية على سبيل المثال تبخير مياه البحر والمعروف بالتحلية. إن المبدأ الكامن وراء هذه العملية متجذر في آليتين أساسيتين: أولا: يؤدي امتصاص الفوتونات بواسطة المادة الحفزية إلى توليد إلكترونات عالية الطاقة، مما يثيرها إلى مستويات طاقة أعلى ويؤدي إلى إطلاق طاقة زائدة على شكل حرارة. يمكن لهذه الطاقة الحرارية أن تزيد معدلات التفاعل بشكل كبير من خلال تزويد المواد المتفاعلة بطاقة التنشيط اللازمة، وبالتالي التغلب على الحواجز الحركية. ثانيًا، يمكن أن تؤدي درجة الحرارة المرتفعة الناجمة عن التأثير الحراري الضوئي إلى تغيير مسارات التفاعل والديناميكا الحرارية، مما يؤدي إلى تكوين المنتجات المرغوبة. يعد التحفيز الحراري الضوئي مفيدًا بشكل خاص في تحفيز التفاعلات الصعبة التي عادة ما تكون بطيئة أو غير مواتية من الناحية الديناميكية الحرارية في ظل الظروف التقليدية. من خلال استغلال التفاعل الفريد بين امتصاص الضوء، وإثارة الإلكترون، والتدفئة الموضعية، يفتح التحفيز الحراري الضوئي طرقًا جديدة للتحولات الكيميائية الموفرة للطاقة والمستدامة والانتقائية، مع تطبيقات واسعة تتراوح من المعالجة البيئية وإنتاج الطاقة النظيفة إلى التوليف الحفزي للمركبات القيمة.. يحمل هذا المجال الناشئ وعدًا كبيرًا في تطوير الكيمياء الخضراء وتسهيل تطوير عمليات تحفيزية أكثر كفاءة وصديقة للبيئة، مما يساهم في النهاية في الانتقال نحو مستقبل أكثر استدامة.

د. فيصل بن راشد المرزوقي

أستاذ مساعد في الكيمياء بالجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا٬ كلية عُمان البحرية الدولية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مما یؤدی إلى الضوئی ا

إقرأ أيضاً:

قمة أبوظبي للبنية التحتية.. شركات سنغافورية تستكشف مشاريع جديدة ومستدامة

أكد مسؤولون في عدد من الشركات السنغافورية أهمية توسيع مجالات التعاون مع دولة الإمارات، خصوصاً في قطاعات البنية التحتية والطاقة والعقارات، مشيرين إلى أن البيئة الاستثمارية الجاذبة في الإمارات تتيح فرصاً واعدة للشراكات المستقبلية في هذه المجالات الحيوية.
وقالوا في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات «وام» على هامش انعقاد قمة أبوظبي للبنية التحتية اليوم في سنغافورة، إن القمة تُشكّل منصة مثالية لتعزيز التواصل بين الشركات السنغافورية والمؤسسات الإماراتية، واستكشاف فرص جديدة لتبادل الخبرات ونقل المعرفة، بما يسهم في تطوير مشاريع نوعية تدعم مسيرة الاستدامة والنمو الاقتصادي في كلا البلدين.
وفي هذا الإطار، قال بيه سوي تشيو، الرئيس التنفيذي لمجموعة RSP، الرائدة في التصميم المعماري والهندسي في آسيا، إن المجموعة حققت حضوراً متنامياً في المنطقة منذ انطلاقها إلى الشرق الأوسط قبل نحو 15 عاماً، مشيرا إلى تنفيذهم حالياً مشاريع كبرى بالتعاون مع شركات تطوير عقاري رائدة في أبوظبي ودبي، مثل «الدار» موضحا أن المجموعة تجمع بين الخبرة السنغافورية والرؤية الإماراتية لتقديم حلول تصميم متكاملة تلبي احتياجات المجتمع العمراني الحديث.
ولفت إلى أن الشركة تُدير حالياً 12 استوديو تصميم في ست دول من بينها الإمارات والصين وماليزيا وفيتنام، وتستهدف تعزيز وجودها في السوق الإماراتية عبر مشاريع جديدة تتماشى مع توجهات الدولة في تطوير البنية التحتية المستدامة.
من جانبه، أكد تشارلز شانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «سنغافورة للميثانول- Singapore Methanol»، المتخصصة في إنتاج «الميثانول الأخضر» من الكتلة الحيوية المتجددة، أن الشركة تبحث عن شركاء محتملين في دولة الإمارات، خصوصاً في أبوظبي ودبي والفجيرة، لتطوير سلاسل إمداد جديدة في مجال وقود الميثانول منخفض الكربون.
وأضاف أن الشركة تُنتج حالياً الميثانول في مصنعين بإندونيسيا إذ ينتج المشروع الأول في سومباوا بإندونيسيا نحو 200 ألف طن من الميثانول الأخضر سنوياً، يتم تصنيعه بالكامل من الكتلة الحيوية المتجددة مع خفض انبعاثات الكربون بنسبة تقارب 72%، فيما يجري تطوير مشروع ثانٍ في سولاويزي بطاقة إنتاجية تُقدّر بنحو مليون طن من الميثانول، ضمن خطة توسّع تدريجية في إنتاج الوقود منخفض الكربون، وتدرس حالياً إطلاق مشاريع مماثلة في كل من الإمارات والصين.
وأشار فينسنت لوه، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في شركة CPG Corporation، إلى أن الشركة، التي تُعد من أقدم مؤسسات الاستشارات الهندسية في سنغافورة، والمتواجدة في الإمارات منذ أكثر من 20 عاماً، شاركت في تنفيذ مشاريع تعليمية وصحية كبرى في دبي وأبوظبي، إذ نجحت في تنفيذ أكثر من 40 مشروع مدرسة ضمن شراكات تعليمية ومشاركات في مشاريع عقارية وتجهيز مرافق طبية.
وأضاف أن الشركة بصدد تأسيس كيان محلي جديد لها في أبوظبي لتوسيع نطاق أعمالها في الدولة، مؤكداً أن الإمارات تمثل نموذجاً متقدماً في التخطيط الحضري والبنية التحتية، وأن التعاون بين الجانبين سيُسهم في تبادل الخبرات المتعلقة بإدارة المشاريع الحكومية والمرافق الحيوية.
من جانبه، أوضح كيلفن بان، مسؤول في شركة «GeoMotion Singapore»، أن الشركة تُقدّم حلولاً متقدمة لمراقبة وفحص التربة باستخدام أجهزة استشعار ذكية وتقنيات أتمتة حديثة، وتعمل حالياً في أكثر من خمس دول بينها أستراليا وماليزيا وإندونيسيا.
وأوضح أن الشركة نفّذت نحو 400 مشروع في مجالات المراقبة الجيوتقنية، وتتعاون مع جهات حكومية مثل هيئة النقل البري في سنغافورة ومجموعة مطار شانغي، موضحاً أن GeoMotion تسعى حالياً إلى التوسع في الإمارات عبر شراكات تسهم في دعم مشاريع المدن الذكية، ومراقبة البنية التحتية الحيوية كالسدود والأنفاق والمباني الكبرى. وقالت شيرلي بان، مسؤولة في مجموعة «PDR» المختصة في حلول المواهب المتكاملة، إن المجموعة تعمل حاليا مع أكثر من 10 آلاف مؤسسة حول العالم في مجالات التوظيف والاستشارات والبحث عن الكفاءات التنفيذية، مشيرة إلى تطلعهم كذلك في تعزيز حضورهم بمنطقة الشرق الأوسط انطلاقا من الإمارات لما توفره من فرص واعدة للنمو.

 

أخبار ذات صلة "مجلس الأعمال الإماراتي - السنغافوري": 700 شركة سنغافورية في الإمارات بحضور أكثر من 400 مشارك.. قمة أبوظبي للبنية التحتية تنطلق في سنغافورة المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • «بلدي» مسقط يستعرض عددا من البرامج التنموية والاجتماعية بالمحافظة
  • هاني: الوصفة الزراعية وسيلة لتنظيم السوق لا عقوبة
  • غوتيريش: العالم فشل في كبح الاحتباس الحراري والعواقب باتت وخيمة
  • النسخة الأولى من «خلوة قطاع الفضاء»: بناء منظومة فضائية مرنة ومستدامة
  • علماء للجزيرة نت: ابتكرنا بطاريات قابلة للتحلل والأكل!
  • نظام التقاعد في لبنان: نحو منظومة عادلة ومستدامة
  • إنشاء محطة لتحلية مياه البحر وإقامة مناطق لوجستية.. أبرز قرارات الحكومة في اجتماعها اليوم
  • قمة الإمارات وأفريقيا للاستثمار السياحي تؤسس لشراكات واعدة
  • حرارة المحيطات العميقة تحدد تعافي كوكبنا من الاحتباس الحراري
  • قمة أبوظبي للبنية التحتية.. شركات سنغافورية تستكشف مشاريع جديدة ومستدامة