الممر الاقتصادي.. هل تضغط أوروبا على الخليج لإبعاد الصين قليلا؟
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
من الممكن أن يوفر الممر الاقتصادي الجديد، الذي يربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، فرصا للأوروبيين لتعزيز نفوذهم الجغرافي الاقتصادي على منطقة الخليج، ولكن لا ينبغي لأوروبا أن تتوقع إزاحة النفوذ الصيني.
تلك القراءة التحليلية قدمها كل من جوليان ديسي وسينزيا بيانكو، في مقال بموقع "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" (ECFR) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرين إلى إعلان مجموعة العشرين الأسبوع الماضي عن إنشاء "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي وقَّعته الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والسعودية والإمارات.
وتابعا أن "المشروع يهدف إلى بناء خط سكة حديدية، ولاحقا كابلات رقمية وكهربائية، بالإضافة إلى خط أنابيب للهيدروجين، من الهند إلى أوروبا عبر الأردن وإسرائيل. وبالنسبة للغرب، يمثل ذلك محاولة للتنافس مع النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط".
وأضافا أنه "في منطقة تحتضن التعددية القطبية العالمية، يمكن أن يكون الممر الاقتصادي بمثابة منصة لتأكيد بعض النفوذ الاقتصادي الغربي وتعزيز استقرار النمو الاقتصادي، لكن لن يكون وسيلة لسحب القوى الإقليمية بعيدا عن بكين".
ديسي وسينزيا قالا إن "الممر الاقتصادي سيجبر الغرب بسرعة على مواجهة عدم التطابق بين رؤيتهم هم والجهات الفاعلة الخليجية الرئيسية للعالم متعدد الأقطاب، إذ يعتقد الغرب أن بإمكانه تعزيز نفوذه الإقليمي على حساب الصين، مما يوفر بديلا لمبادرة الحزام والطريق الصينية".
وأردفا أنه في المقابل "ترى الجهات الفاعلة الخليجية هذا الاتفاق ضمن سياق نظام عالمي جديد يمكنهم عبره موازنة العلاقات مع الصين والغرب لتحقيق أقصى قدر من مكاسبهم، ولا تشارك دول الخليج مخاوف أوروبا والولايات المتحدة بشأن نقاط الضعف في الاعتماد الاقتصادي على الصين وعلاقات الطاقة مع روسيا".
واستطردا أن "ممالك الخليج تتطلع إلى تعزيز الاتصال بشكل أكبر، مما سيزيد من اعتمادها على سلاسل التوريد المعولمة بالكامل، وبهذا المعنى، ستيحالف الممر الاقتصادي مع مبادرة الحزام والطريق بدلا من التنافس معها، حيث ترى الجهات الفاعلة الإقليمية أن من مصلحتها العمل مع كليهما".
اقرأ أيضاً
الممر الواصل بين الهند أوروبا يتلافي سلبيات مشروعات أخرى.. كيف؟
نفوذ صيني وروسي
و"على هذا النحو، ليس من المستغرب أن يتم توقيع اتفاق الممر الاقتصادي بعد أيام قليلة من انضمام السعودية والإمارات إلى مجموعة بريكس (بقيادة الصين وروسيا)"، وفقا لديسي وسينزيا.
وتابعا: من الملحوظ مدى سرعة نمو علاقات الخليج مع روسيا والصين، منذ حرب (روسيا في جارتها) أوكرانيا (بداية من فبراير/ شباط 2022)، أصبحت الإمارات ملاذا آمنا لرأس المال الروسي، فضلا عن كونها مركزا رئيسيا لنقل التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج (مدني وعسكري) إلى روسيا".
وزادا بأن "السعودية عززت شراكتها في مجال الطاقة مع موسكو لإبقاء أسعار النفط مرتفعة، على الرغم من الضغوط الغربية، مع استيراد كميات قياسية من منتجات النفط الروسية بأسعار منخفضة".
وقالا إن "الصين تعد الآن أكبر مشتر منفرد للنفط والغاز في دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من القلق الغربي، تهيمن شركة هواوي الصينية على سوق البنية التحتية الرقمية في هذه الدول، كما تمتلك بكين حصصا في موانئ إقليمية استراتيجية مثل الدقم في عمان وجدة في السعودية، وتوجد قاعدة بحرية صينية في الإمارات يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية".
اقرأ أيضاً
الممر الاقتصادي.. أمريكا تدفع بالهند لتقويض نفوذ الصين في الخليج
مصالح أوروبية
ولن يتمكن الممر الاقتصادي، كما أضاف ديسي وسينزيا، من "عكس هذه الديناميكيات، ولكن هذا لا يعني أن المشروع لا يمكنه أن يخدم المصالح الأوروبية، فهو أداة لتعزيز الشراكات الاقتصادية والنفوذ في المنطقة، بل وربما يخلق نفوذا للضغط على الخليج للتخلص من المخاطر التي تفرضها بكين في مناطق محددة".
وأوضحا أنه "يمكن للأوروبيين التأكيد على أن الاعتماد المفرط على بكين يعرض الخليج لمخاطر الإكراه الاقتصادي واختناقات سلسلة التوريد، فضلا عن تداعيات الركود الاقتصادي في الصين".
كما "يمكن للأوروبيين أن يوضحوا أنه إذا سمح حكام الخليج باستغلال بلدانهم من جانب موسكو وبكين كأبواب خلفية للتكنولوجيا الغربية والتجارة المالية وأسواق السلع والخدمات، فسيفرض ذلك قيودا شديدة على مدى عمق مشاريع الاتصال الخاصة بالممر الاقتصادي"، بحسب لديسي وسينزيا.
وأضافا أن "هذا من شأنه أن يحد من وصول الخليج إلى المشاريع الحساسة، كما يتضح من التردد في السماح للسعودية بالانضمام إلى المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان في مشروع الجيل القادم من تحالف الطائرات المقاتلة، وفشل الإمارات في تأمين طائرات مقاتلة أمريكية".
اقرأ أيضاً
ممر اقتصادي عابر للقارات بمشاركة السعودية والإمارات.. ماذا يعني؟
المصدر | جوليان ديسي وسينزيا بيانكو/ المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الممر الاقتصادي الخليج أوروبا الصين الولايات المتحدة الممر الاقتصادی
إقرأ أيضاً:
الهند تبحث خفض الرسوم على 55% من واردات أمريكا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تستعد الهند لخفض الرسوم الجمركية على أكثر من نصف الواردات الأمريكية، التي تبلغ قيمتها 23 مليار دولار، وذلك في المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري الذي يجري التفاوض بشأنه بين البلدين، في خطوة تُعدّ الأكبر منذ سنوات، وتهدف إلى تجنّب فرض رسوم انتقامية.
وقال مصدران حكوميان لوكالة "رويترز" إن الهند منفتحة على خفض الرسوم الجمركية على أكثر من نصف الواردات الأمريكية بقيمة 23 مليار دولار في المرحلة الأولى من اتفاق تجاري يتفاوض عليه البلدان، وهو أكبر خفض منذ سنوات، ويهدف إلى درء الرسوم الجمركية المتبادلة.
وتريد الدولة الواقعة في جنوب آسيا التخفيف من تأثير التعريفات الجمركية المتبادلة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مستوى العالم، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 2 أبريل، وهو التهديد الذي أدى إلى تعطيل الأسواق، ودفع صناع القرار إلى الارتباك، حتى بين الحلفاء الغربيين.
وفي تحليل داخلي، قدرت نيودلهي أن مثل هذه التعريفات المتبادلة ستؤثر على 87% من إجمالي صادراتها إلى الولايات المتحدة بقيمة 66 مليار دولار، حسبما قال مصدران حكوميان مطلعان لوكالة "رويترز".
وبموجب الاتفاق، فإن الهند منفتحة على خفض الرسوم الجمركية على 55% من السلع الأمريكية التي تستوردها والتي تخضع، الآن، لرسوم جمركية تتراوح بين 5% و30%، حسبما قال المصدران.
وفي هذه الفئة من السلع، قال أحد المصادر إن الهند مستعدة لخفض التعريفات الجمركية "بشكل كبير" أو حتى إلغاء بعضها بالكامل، على السلع المستوردة بقيمة تزيد على 23 مليار دولار من الولايات المتحدة.
تُظهر بيانات منظمة التجارة العالمية أن متوسط التعريفات الجمركية الأمريكية المرجحة تجاريًا بلغ حوالي 2.2%، مقارنةً بـ 12% للهند. يُذكر أن الولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري قدره 45.6 مليار دولار مع الهند.
وتريد نيودلهي التوصل إلى اتفاق قبل الإعلان عن الرسوم الجمركية المتبادلة، وسيقود مساعد الممثل التجاري الأمريكي لجنوب ووسط آسيا بريندان لينش وفدًا من المسؤولين من الولايات المتحدة لإجراء محادثات تجارية اعتبارًا من يوم الثلاثاء.