يميل البعض في إسرائيل إلى رؤية مبادرة "الممر الاقتصادي" بين الهند وأوروبا، والذي ترعاه الولايات المتحدة، كوسيلة لإشعال التطبيع مع السعودية، وهو ما تجلى في وصف مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنجبي، الممر بأنه "الدليل الأكثر أهمية على أن كلا الجانبين يتحركان نحو بذل جهود هادفة لتطبيع العلاقات بين البلدين".

ورغم أن الإدارة الأمريكية تبدو مشاركة لوجهة النظر الإسرائيلية تلك، وإن كان بصورة جزئية، فإن الواقع يشير إلى أن ربط "الممر الاقتصادي" بالتطبيع بين السعودية وإسرائيل قد يكون "حلما بعيد المنال"، كما يقول الكاتب أحمد عبوده، الزميل المشارك ببرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس".

اقرأ أيضاً

بن سلمان يشيد بالممر الاقتصادي: سيحقق مصالح الشركاء

وسيلة لتحقيق غاية

ويرى الكاتب أنه بالنسبة للولايات المتحدة، فإن مشروع تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية هو وسيلة لتحقيق غاية، تتمثل بشكل أساسي في مواجهة الصين بمنطقة جنوب آسيا والشرق الأوسط، واحتواء إيران أيضا، وتعزيز القيادة الأمريكية في الخليج.

ومن شأن الممر أن يكمل تحالفات أخرى من القوى الصديقة مثل الهند والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والولايات المتحدة I2U2 والشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار بقيادة مجموعة السبع ــ التي يُنظر إليها على أنها مبادرة الحزام والطريق الصينية المنافسة.

ورغم ما سبق، تعتقد واشنطن أن أهدافها الاستراتيجية لن تتحقق دون الدفع قدماً بأجندة التطبيع التي أقرتها إسرائيل بموجب "اتفاقيات أبراهام"، وخاصة مع السعودية، وهذا ما يفسر الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الرياض لتقليص علاقاتها المتعمقة مع الصين وتطبيع العلاقات مع إسرائيل - في مقابل اتفاق أمني ودعم تطوير برنامجها النووي المدني.

اقرأ أيضاً

نتنياهو: إسرائيل في قلب مشروع الممر الاقتصادي الذي سيربط الهند بأوروبا

منظر من الرياض

لكن بالنسبة لأولئك الذين يجلسون في الرياض أو أبوظبي، تبدو الأمور مختلفة. ويتناسب الممر مع خطة سعودية أوسع للتنويع الاقتصادي ومحاولة لخلق سياسة خارجية أكثر استقلالية.

ولا يُنظر إليها كجزء من المنافسة الاستراتيجية مع إيران ولا كجزء من جهد لإقامة علاقات مع إسرائيل. وعلى النقيض من الولايات المتحدة، لم تنظر دول الخليج قط إلى الخيار الأخير باعتباره شرطًا أساسيًا للخيار الأول، أو حتى مرتبطًا به.

وبغض النظر عن ذلك، فإن التطبيع يواجه مجموعة أخرى من التحديات التي يتعين التغلب عليها، بدءا من معارضة الكونجرس الأمريكي الشديدة لبرنامج نووي مدني للمملكة العربية السعودية إلى حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة.

وقد يميل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أيضًا إلى بدء المفاوضات إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 من أجل التوصل إلى صفقة أفضل من رئيس جمهوري.

أما الأردن، وهو العقدة المركزية في الممر الجديد، فقد التزم الصمت لتجنب رد الفعل الداخلي العنيف على التعامل مع إسرائيل، الأمر الذي يزيد من تعقيد آفاق الممر.

اقرأ أيضاً

بايدن يشيد بدور رئيس الإمارات في مشروع الممر الاقتصادي.. وتفاعل فاتر لولي العهد السعودي

الجدوى الاقتصادية

كما أن جدوى المشروع قد لا تتناسب مع الضجيج السياسي.

ووفقاً لبعض التقديرات، يمكن أن تصل البضائع إلى أوروبا من مومباي باستخدام الطريق الجديد أسرع بنسبة 40 في المائة من قناة السويس وخفض التكلفة بنسبة 30%.

يبدو هذا مبالغًا فيه وغير واقعي، كما يقول الكاتب، نظرًا لتكاليف التحميل والتفريغ المتضمنة والوقت في كل ميناء على طول الطريق، بالإضافة إلى رسوم ورسوم العبور المستقبلية.

ويشكل عدم كفاية البنية التحتية عقبة أخرى. في حين أن بعض أجزاء شبكة السكك الحديدية التي تربط الخليج لا تزال غير مكتملة، فإن نظام السكك الحديدية القديم بأكمله في الأردن يحتاج إلى تجديد.

التمويل هو أيضا قضية شائكة.

وقد يجد مستثمرو القطاع الخاص أن تكلفة المشروع ومدة استمراره باهظة.

وعلى طول الطريق، يجب أيضًا مواءمة اللوائح والضرائب والإجراءات الجمركية.

اقرأ أيضاً

بايدن: اتفاقية الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا تاريخية

وقبل كل شيء، يعتمد نجاح المشروع على النمو الاقتصادي والطلب في الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي يعتمد بدوره على التعافي الاقتصادي العالمي.

وقد يستغرق إنشاء الممر الجديد عقودًا من الزمن، هذا إن حدث. وفي غضون ذلك، ستواصل الولايات المتحدة جهودها للإطاحة بالصين من مكانتها كأكبر شريك اقتصادي في الشرق الأوسط.

ويختتم عبوده مقاله بالقول: لا يحتاج السعوديون والإسرائيليون إلى ممر اقتصادي لمواصلة محادثات التطبيع، لذا سيفعلون ذلك.

وبالتالي فإن الآمال في أن يعمل "الممر الاقتصادي" على تعزيز التطبيع، قد يكون مجرد حلم بعيد المنال.

المصدر | أحمد عبوده / تشاتام هاوس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الممر الاقتصادي تطبيع السعودية التطبيع السعودي الإسرائيلي الولایات المتحدة الممر الاقتصادی اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

غوتيريش: إسرائيل رفضت مقترحًا أمريكيًا فرنسيًا لوقف إطلاق النار في لبنان وصعدت ضرباتها

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن إسرائيل رفضت مؤخرًا مقترحًا لوقف إطلاق النار تقدمت به الولايات المتحدة وفرنسا، وذلك في ظل التصعيد المستمر في لبنان ، وأشار غوتيريش إلى أن إسرائيل كثّفت من عملياتها العسكرية في لبنان، والتي تضمنت استهدافًا مباشرًا لقادة في حزب الله، بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله.

 

وفي بيان صحفي، أكد غوتيريش على أهمية حماية وسلامة جميع موظفي الأمم المتحدة المتواجدين في مناطق الصراع، مشددًا على ضرورة ضمان أمنهم في ظل استمرار التوترات العسكرية. كما أعرب عن قلقه العميق من تأثير العمليات الإسرائيلية على المدنيين والبنية التحتية.

 

غوتيريش أشار إلى أن هذه التطورات تأتي في سياق حملة عسكرية إسرائيلية بدأت منذ أكتوبر الماضي في قطاع غزة، والتي وصفها بأنها الأكثر دموية وتدميرًا خلال فترة توليه منصب الأمين العام. وأوضح أن الحملة تسببت في خسائر بشرية هائلة ودمار كبير، مؤكدًا على ضرورة العمل الدبلوماسي لتهدئة الوضع وإنهاء التصعيد العسكري في المنطقة.

 

وأكد غوتيريش أن المجتمع الدولي يجب أن يكثف جهوده للتوصل إلى حل سلمي يضمن حقوق كافة الأطراف، ويضع حدًا للأعمال العدائية التي تؤثر على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

 

الخارجية الروسية: واشنطن مسؤولة عن تدهور الوضع في الشرق الأوسط

 

أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الكبرى عن تدهور الوضع الراهن في الشرق الأوسط. وجاء ذلك خلال إفادتها الصحفية اليوم الأربعاء، حيث أوضحت أن حل القضية الفلسطينية يُعد "الركيزة الأساسية" لتحقيق السلام في المنطقة.

 

وأشارت زاخاروفا إلى الاجتماع الذي عقده وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع رؤساء البعثات الدبلوماسية للدول العربية في موسكو بناءً على طلبهم، حيث تم تبادل وجهات النظر حول التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط. وركز الاجتماع بشكل خاص على التصعيد المتزايد للعنف نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة والهجمات على الأراضي اللبنانية، والتي أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين.

 

وخلال الاجتماع، دعا المشاركون إلى وقف فوري للأعمال العدائية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وأعربوا عن قلقهم العميق بشأن مخاطر اندلاع حرب واسعة النطاق في المنطقة، خاصة بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل.

 

كما تم التأكيد على أهمية ضبط النفس وتجنب العمليات الاستفزازية، مع ضرورة اتباع نهج مسؤول بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وأعرب ممثلو الدول العربية عن تقديرهم للجهود التي تبذلها روسيا في مجلس الأمن الدولي لإنهاء الصراع في المنطقة.

 

وفي ختام الاجتماع، جدد سيرغي لافروف والدبلوماسيون العرب التزامهم بمواصلة التنسيق لتحقيق سلام دائم وشامل في الشرق الأوسط، بما في ذلك إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

مقالات مشابهة

  • نقطة اشتعال.. بايدن على الهامش وإسرائيل تُعيّد تشكيل الشرق الأوسط
  • وزير السياحة يلتقي مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة بالشرق الأوسط في السعودية
  • ستاندرد أند بورز: التصعيد الإسرائيلي أضعف بشدة توقعات التعافي الاقتصادي للبنان
  • الولايات المتحدة وإسرائيل.. الأولويات بشأن التصعيد في الشرق الأوسط
  • مندوب روسيا: “إسرائيل” تخطط لإشعال صراع مباشر بين إيران وأمريكا
  • نيبينزيا: إسرائيل تخطط لإشعال صراع بين إيران والولايات المتحدة
  • روسيا: إسرائيل لن تسمح للأمم المتحدة بلعب أي دور في تسوية صراع الشرق الأوسط
  • غوتيريش: إسرائيل رفضت مقترحًا أمريكيًا فرنسيًا لوقف إطلاق النار في لبنان وصعدت ضرباتها
  • سفير روسيا لدى إسرائيل: ندعو لإنهاء العمليات القتالية في المنطقة فورا
  • ألمانيا: الهجوم الإيراني على إسرائيل يحمل خطر إشعال الشرق الأوسط