"شعراء في المشهد الثقافي الإماراتي.. قصيدة النثر أنموذجاً"، إصدار حديث للأديب الإماراتي عبد الله محمد السبب، يضاف إلى رصيده الإبداعي المتميز، ويتحف به الحركة الثقافية المحلية والعربية، الكتاب صادر عن مبادرة رواق الأدب والكتاب التابعة لمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، وذلك بالتعاون مع كل من اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ودار نبطي للنشر.

يفتتح المؤلف كتابه بإهداء إلى كل من، مسعود أمر الله عبدالحميد، وإبراهيم عبدالكريم الملا والهنوف محمد يقول فيه: "كلنا في الشعر نوارس/ كلنا في البوح رؤى"، وفي تطرقه للجدل المستمر حول قصيدة النثر، يستشهد الكاتب بورقة نقدية للأديب الناقد الدكتور هيثم يحيى الخواجة "قصيدة النثر الإماراتية ..إلى أين؟" تعكس وتؤكد قناعته النقدية جاء فيها "مهما اختلفت الآراء ومهما كانت الانحيازات عنيفة، فإن قصيدة النثر أثبتت وجودها على يد شعراء كبار في الوطن العربي، ولم يعد أحد يستطيع نكران وجودها مع الاعتراف بكثرة التافه والغث المترهل..!!".

ويتابع السبب حديثه تحديداً عن شعراء قصيدة النثر الإماراتيين، متكئاً على رؤية الخواجة: "شاعر قصيدة النثر الإماراتي شأنه شأن أي شاعر عربي، لديه هاجس مهم وهو تشكيل قصيدة جديدة متوهجة وساطعة وذات رؤية شمولية للواقع والحياة والمستقبل والإنسان، عبر جماليات متوازنة وبعد فكري رصين"، لافتاً إلى تطور قصيدة النثر الإماراتية باستمرار على يد شعراء مهمين حقاً، وموضحاً أن الحاجة إلى النقد ما زالت ملحة.

ثم يصطحب السبب القارئ في رحلة بحثية مشوقة، متسائلاً عن "رائد قصيدة النثر الإماراتية" ليؤكد فيما بعد وبالاستناد على مصادر موثوقة، أنها تؤول إلى الأديب القاص والشاعر "عبدالله صقر أحمد"، من خلال قصيدته (خواطر وجهنا الآخر)، المنجزة في دبي بتاريخ 30/4/1974م، والمنشورة في كتاب (قصائد من الإمارات) الصادر عن "اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات" في سنة 1986م، علماً أن عدداً من المثقفين يعتقدون أن ريادة قصيدة النثر تعود للشاعر الراحل حبيب الصايغ، رحمه الله، ولكن ما ورد في كتاب السبب أثبت حقيقة مغايرة.

وفي إصداره هذا يسلط المؤلف ضوء مداده على 7 شعراء لهم بصمة مميزة في المشهد الإبداعي الإماراتي، وهم: أحمد عيسى العسم، عبدالله عبدالوهاب، طالب غلوم طالب، أحمد منصور، هاشم المعلم، محمد حسن أحمد، ناصر البكر الزعابي.

إبداع

ما أجمل أن يكتب شاعر عن إبداع شاعر ما زال على قيد الحياة، يتناول عبد الله السبب شعر هؤلاء القامات الأدبية، بلغة تكاد تكون قصيدة وجدانية مفعمة بالصدق والمحبة والوفاء، وأسلوب يلامس ذائقة القارئ، مستنداً إلى مراجع ومصادر موثوقة.. نعم يكتب المؤلف بلغة أدبية مفعمة بالشاعرية لكنها تستند إلى جذور علمية دقيقة، فلا يستطيع القارئ إلا أن يتشبث بالكتاب حتى آخر كلمة، ليجد حواراً صحفياً بعنوان (دفاتر مبدع) عبدالله السبب: مطلوب منصة عربية لقصيدة النثر، منشور في جريدة "الخليج" الإماراتية، الأربعاء 7 يوليو (تموز) 2021م أجراه الزميل عثمان حسن، وفي مستهل الحوار، نقرأ "يؤمن الشاعر عبدالله السبب بأن أي منجز ثقافي بارز، لا بد أن يتأسس على معرفة شاملة، وهذه المعرفة رهن بالكتاب أولاً، وبكل الوسائل التكنولوجية التي توفرها التقنية الجديدة، وفي هذه السطور القليلة، يؤكد السبب على ضرورة أن تكون هناك منصة عربية لقصيدة النثر، وأن تنظم لها جوائز تليق بها، فهي، كما يوضح، صارت جزءاً أصيلاً من المشهد الشعري وهو هنا، يتحدث أيضاً عن اهتماماته الثقافية الأخرى، حيث يعنى بالتأريخ لسلسلة من الشخصيات الأدبية البارزة في الساحة المحلية تحت عنوان "أدب التراجم".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني عبد الله السبب قصيدة النثر الله السبب

إقرأ أيضاً:

غازي ثجيل… شاعر “مسافرين” الذي علّم الناس طبع الوفا ومضى

بقلم : سمير السعد ..

في عمق الجنوب العراقي، حيث تنبت الكلمات من تراب الوفاء وتورق الأشعار من صبر الناس، وُلد الشاعر غازي ثجيل، ابن قضاء شيخ سعد في محافظة الكوت، ليكون واحدًا من أولئك الذين كتبوا للألم بلغة المحبة، وللوطن بأغنيات من دمع وحنين.

برحيله المفجع إثر إعدامه في زمن النظام السابق، خسر العراق صوتًا شعريًا فريدًا، لكنه بقي حيًا في ضمير الشعب، تردده الأصوات، وتبعثه الأغاني من بين أوجاع الذاكرة.

“مسافرين وعيني مشدودة لدربكم”
بهذه العبارة التي افتتح بها واحدة من أجمل ما كتب، غرز غازي ثجيل اسمه في ذاكرة الطرب العراقي. أغنية “مسافرين” التي أداها الفنان ياس خضر ليست مجرد عمل فني؛ بل تجربة شعورية عميقة، تختصر معاناة العراقي مع الوداع، والشتات، والحنين الذي لا يهدأ.

تُصور الأغنية واقع الفقد بلغة شاعرية آسرة:
“واحنا طرزنا الستاير للشبابيك العبر منها الضوه
واحنا علمنا الخلگ طبع الوفا بدرب الهوى”

في هذه الأبيات، ينقلنا الشاعر إلى مناخ بصري ووجداني، نرى فيه الشوق منسدلاً على ستائر البيوت، والوفاء مرسومًا على طريق المحبة، كأنما هو جزء من جغرافيا العراقيين الروحية.

العيون، الضوء، والسفر… رموز شعرية لا تموت
في مقاطع أخرى، تشرق بصمته الشعرية الخاصة:
“رموشهم ليل الطويل اليشرب عيون الضوه وباهدابه تغفى”
جمالية الصورة هنا لا تقتصر على التوصيف، بل تتعداها إلى فلسفة كاملة عن الحب والرحيل، عن الضوء الذي يُحتجز في ليل العيون، وعن الانتظار الأبدي.

كما يقول:
“وروحي مثل الگاع لو مرها المطر .. تمطر وفا وخير ومحبة”
وهو بذلك يُجسّد الروح العراقية المعطاءة، التي مهما اشتدت عليها المصائب، تبقى تُمطر خيرًا، وتزرع الحب في دروب الحياة.

أغاني أخرى وحياة منفية في سطور
لم تكن “مسافرين” الوحيدة في سجل غازي ثجيل. فقد كتب أيضًا “حلوين ويدرون نحبهم” التي أدتها الفنانة مائدة نزهت، إلى جانب العديد من الأعمال التي نُسجت بروح العاشق الحالم، والمواطن المهموم، والإنسان الذي أحبّ كل شيء بصدق.

رحلته… ووصيّته الشعرية
في زمنٍ لم يكن يُسامح الصوت الحر، دُفع غازي ثجيل إلى المصير الحزين، لكنه لم يرحل بصمته. ترك قصائد كانت وما زالت مرآةً لعراق لا يموت، عراقٍ يعرف كيف يزرع الجمال في الرماد.

اخيرا ..
نم قرير العين يا شاعر المسافرين،
يا من طرّزت الوداع بدمع القصيدة،
وغنّيت للمحبين درب الهوى…
نمْ، فما زالت عيوننا مشدودة لدربك،
وما زالت قلوبنا تهتف:
“النحبهم ما نسيناهم… نسونا وسافروا.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • «التنمية الأسرية» تنظم مجلس شعراء الظفرة لكبار المواطنين في مدينة زايد
  • أحمد علي عبدالله صالح يُعزي في وفاة عبدالله الملصي
  • فتيان بن علي الشاغوري الأسدي.. شاعر برع في وصف دمشق
  • غازي ثجيل… شاعر “مسافرين” الذي علّم الناس طبع الوفا ومضى
  • دراسة علمية تحذر من تناول الدجاج 4 مرات أسبوعيًا.. اعرف السبب
  • جنايات الإرهاب تستكمل محاكمة شاعر منصة رابعة .. الأربعاء
  • «أحمد مالك» يؤكد رفضه المشاركة في الأعمال العالمية لهذا السبب
  • رغم مرور السنوات.. هيثم أحمد زكي يعود لصدارة المشهد بدعوات المغفرة
  • عبدالله بن سالم وسلطان بن أحمد وعمار بن حميد يحضرون أفراح المزروع
  • عبدالله بن سالم وسلطان بن أحمد وعمار بن حميد يحضرون أفراح المزروع والشريف