أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أيام عن مشروع ممر اقتصادي يبدأ من الهند ويمر بمنطقة الشرق الأوسط وصولا إلى أوروبا، وذلك خلال حضوره قمة العشرين في نيودلهي.

الإعلان الذي حظي بمباركة كبيرة من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قوبل برفض من قبل زعماء آخرين، على غرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي قال إنه لا يمكن إنشاء أي مشروع مشابه لا يمر من بلاده.



وفور الإعلان عنه، بات ينظر إلى المشروع على أنه منافس لـ"خط الحرير" الصيني، وقناة السويس في مصر، رغم أن الرئيس بايدن أو أي زعيم آخر لم يتطرق إلى ذلك.

كما شكك خبراء في أن أسبابا مادية، وجيوسياسية ستجعل من تطبيق المشروع في البر والبحر، أمر صعب للغاية، لكنه غير مستحيل.

الأهداف والدول المستفيدة

المشروع الذي يشمل سككا حديدية، وربط موانئ، ومد خطوط وأنابيب لنقل الكهرباء والهيدروجين بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات، يهدف إلى تعزيز التبادل التجاري بين الدول المستفيدة منه.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إن "المشروع جريء، ويمكن أن يغير مجرى الأمور".

في حين ذكرت الحكومة السعودية أن "المشروع يهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي، والمساهمة في توفير فرص عمل جديدة ونوعية بما يحقق مكاسب طويلة الأمد على امتداد الممرات الجديدة العابرة للحدود.".

كما يُنظر إلى المشروع على أنه سيكون تحديا كبيرا للصين التي تعتمد على "طريق الحرير"، وتحدي لطرق تجارية أخرى، على غرار قناة السويس في مصر.

ويمرّ الطريق الذي يمتد إلى أكثر من 8 آلاف كم، من مجموعة دول أبرزها "الهند، السعودية، الإمارات، الأردن، فلسطين، الاحتلال الإسرائيلي، قبرص، اليونان"، إضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وبات يرمز إلى "ممر بايدن" في وسائل الإعلام الغربية بـ"IMEEC"، وهي الحروف الإنجليزية الأولى من (الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا).
Easy to understand. How India-Middle East-Europe Economic Corridor will look like...#IMEEC #EconomicCorridor #Indiamiddleeasteurope pic.twitter.com/V4SmWkBaPX — Raj Malhotra (@Rajmalhotrachd) September 11, 2023
تفاصيل غير معلنة
أعلن بايدن عن المشروع، وباركه العديد من الزعماء الحاضرين في قمة العشرين، بيد أن تفاصيل "الممر الاقتصادي" لا تزال غير معلومة.

ولم تكشف الهند أو الولايات المتحدة، أو غيرها، عن الجهة التي ستمول المشروع، وعن التاريخ المتوقع لانتهاء العمل به.

كما لم يتم الكشف عن الخط الرسمي للطريق، وهو ما يعني أن جميع الخرائط المنتشرة ليست رسمية بعد.

وخلق غياب التفاصيل حول المشروع، العديد من التساؤلات والتشكيك من قبل خبراء في الاقتصاد، والعلاقات الدولية.


تحديات عديدة
يواجه المشروع تحديات عديدة،  بدأ خبراء الاقتصاد والعلاقات الدولية بالحديث عنها، ترصد "عربي21" أبرزها:

- التكلفة
تكلفة المشروع الذي سيتطلب بناء سكك حديدية، وطرقا برية، وتطوير موانئ بحرية، تعد إحدى أكبر العقبات أمام تنفيذ "ممر بايدن".

الخبيرة آنا روزاريو ماليندوغ، نائبة رئيس الشؤون الخارجية في معهد الدراسات الاستراتيجية الفلبيني، قالت في حوار إنه من غير المتوقع أن يتم الاتفاق بسهولة على مسألة تمويل المشروع، لا سيما أن أمريكا ودول أخرى تعاني من فترات ركود اقتصادية كبيرة.

بدوره، قال الخبير الاستراتيجي الهندي إقبال لطيف، إنه من غير المعقول أن يتم التخلي عن قناة السويس التي يعبر من خلالها 1.3 مليار طن سنويا وهو ما يكشل 12 بالمئة من التجارة العالمية، من أجل الذهاب إلى "ممر بايدن" الذي يبدأ من الهند، حيث 2 بالمئة فقط من حركة التجارة العالمية.

وأكد جاكوب جاكوبفسكي، نائب مدير "مركز الدراسات الشرقية" في بولندا، أنه يصعب التخلي عن قناة السويس الأقل كلفة، والتوجه نحو "ممر بايدن".

وأضاف في تدوينة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أن "قناة السويس وحتى الممرات التي تعبر من أفريقيا، ستكون حتما أرخص بكثير من الممر الذي تم الإعلان عنه في قمة العشرين".

Pro tip: This G20 'alt-BRI' intermodal corridor will never work, as anyone can find out talking for 5 min with any logistics proffesional

Suez, and even round-Africa routes will always be many times cheaper

so hold your horses pic.twitter.com/yMgWRLZXDv — Jakub Jakóbowski (@J_Jakobowski) September 10, 2023
مخاوف الاستقرار
الممر الذي يعبر من عديد الدول، قد يشهد مخاوف من إكماله في حال تزعزع الاستقرار الأمني والسياسي في بعض البلدان التي لا تشهد استقرارا تاما، على غرار الهند نفسها، وفلسطين المحتلة.

بحسب إقبال لطيف، فإن الأمر غير المنطقي الآخر في هذا المشروع، هو أن المحطة الأخير للمرر بحريا، ستكون ميناء بيرايوس اليوناني، وهو الذي تملك الصين جل أسهمه.

ففي العام 2008، اتفقت أثينا وبكين على إلزام محطات الحاويات في ميناء بيرايوس بالعمل لصالح شركة "كوسكو" الصينية. وفي العام 2016، اشترت "كوسكو" 66 بالمئة من أسهم ميناء بيرايوس، وكذلك الرصيف الثالث والأخير في الميناء إلى غاية سنة 2052.
China Ocean Shipping Company. #COSCO runs #PiraeusPort. COSCO is a Chinese state-owned shipping company and is the third-largest container ship company in the world.

In 2008, COSCO acquired a 51% stake in Piraeus Port Authority (PPA) for €440 million. pic.twitter.com/9g5wbdrFAB — Iqbal Latif (@ilatif) September 11, 2023
المشاريع المنافسة

من أبرز التحديات أمام "ممر بايدن"، وجود ممرات اقتصادية أخرى أبرزها طريق الحرير الصيني أو ما بات يعرف بعد تطويره بـ"مبادرة الحزام والطريق".

ويُخشى أن يكون الانتقال من "مبادرة الحزام والطريق" إلى "ممر بايدن" مخاطرة بالنسبة للكثير من الاقتصادات الضخمة.

بحسب آنا روزاريو ماليندوغ، فإن بناء مشروع ضخم كهذا مع اسبتعاد قوى مثل الصين وروسيا، سيضع القائمين على "ممر بايدن" أمام ضغوط سياسية كبيرة في المستقبل.

كما لا تزال "قناة السويس" تحتفظ بمكانتها الكبيرة في الاعتماد عليها كطريق أساسي لنقل البضائع بين قارات العالم.



تشكيل قطب عالمي جديد
المتفائلون بنجاح المشروع، يرون أن "الممر الاقتصادي" الذي أعلن عنه في قمة العشرين بالهند، سيغير من شكل خطوط التجارة في العالم.

مؤسسة البحوث الهندية "ORF"، نشرت تحليلا لرئيسها سمير ساران، ونائبه غوتام تشيكرمان، اعتبرا فيه أن من أهم عوامل نجاح المشروع، هو أن الدول المشاركة فيه لديها إجمالي ناتج محلي يشكل نصف إجمالي الناتج المحلي في جميع العالم، ويصل إلى نحو 47 تريليون دولار.

 ورأى الباحثان الهنديان أن من العوامل التي يستند إليها القائمون على "الممر الاقتصادي" لإنجاحه، هو الشعور بالخذلان من قبل الدول التي تعاونت مع الصين في "الحزام والطريق"، حيث أن العديد منها لم يستفد بشكل حقيقي، وبات يعاني من أزمات اقتصادية متتالية، على غرار البجل الأسود وسريلانكا.


عمل فردي بضوابط
خمّن كل من سمير ساران وغوتام تشيكرمان، أنه لن تكون هناك ميزانية مشتركة للمشروع بشكل كامل، مشيرين إلى أن المتوقع أن تقوم كل دولة بتمويل البنية التحتية للممر، لكن بضوابط متفق عليها من كافة الدول.

ولفت الباحثان إلى أن مما يميز المشروع هو أن الدول التي شاركت في الإعلان عنه بقمة العشرين ستعمل بشكل رئيسي في وضع المخططات والرؤى، بخلاف "الحزام والطريق" الذي تتفرد الصين في اتخاذ القرارات الاستراتيجية حوله.

ونوهت إلى أن الولايات المتحدة اليوم، وبعد تراجع سطوتها على العالم، باتت توقن أن التشارك مع الدول ذات الاقتصادات القوية أمر حتمي ولا يمكن تجاهله.

عالم متعدد الأقطاب
الموقع الخاص بالإحاطة في كل ما يتعلق بـ"طريق الحرير"، نشر تحليلا للخبير الجورجي إميل أفدالياني، رأى من خلاله أنه ليس من الضروري أن كافة دول "ممر بايدن" تنظر من خلال المشروع على أنه منافس للصين.

وبحسب أفدالياني، فإن السعودية، والإمارات، والهند، تسعى من خلال هذا المشروع إلى تشكيل عالم متعدد الأقطاب بعيدا عن الولايات المتحدة، مع الحفاظ على علاقاتها الجيدة في الصين بمشاريع أخرى.

وذكر أفدالياني أن السعودية على سبيل المثال، ترى في المشروع تناسبا تاما مع رؤيتها في خلق اقتصاد متنوع لا يعتمد على النفط فقط، وذلك في حلول 2030.

وبالنسبة للإمارات، فإن المشاركة في "ممر بايدن" تهدف أيضًا إلى فتح البلاد ومواردها أمام جمهور عالمي أوسع لجذب الاستثمار وزيادة ثقل البلاد الجيوسياسي.

وتسود مشاعر مماثلة مع نزعة تحدي في الهند بحسب التحليل، فلطالما كانت نيودلهي مهتمة بتطوير ممرات تجارية جديدة كطريقة لمواجهة مشاريع الصين الطموحة في باكستان ومنطقة المحيط الهندي.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية قمة العشرين السعودية قناة السويس ممر بايدن السعودية قناة السويس قمة العشرين ممر بايدن سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الممر الاقتصادی الحزام والطریق قمة العشرین قناة السویس ممر بایدن على غرار من قبل

إقرأ أيضاً:

حلم الأجيال تحقق.. الخطيب يكشف تحديات إنشاء استاد الأهلي الجديد

تحدث محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، عن الصعوبات التي واجهها النادي في سبيل تحقيق حلم إنشاء استاد خاص به، وهو المشروع الذي طال انتظاره منذ تأسيس النادي عام 1907. 

وأوضح خلال الحفل أن هذا الحلم كان يراود جميع المسؤولين والمحبين للنادي عبر الأجيال.

وأشار الخطيب إلى أن رجل الأعمال محمد كامل كان صاحب الفكرة التي أعادت إحياء المشروع، لكن العقبات حالت دون التنفيذ في البداية. 

وأضاف: “استفدنا من جهود من سبقونا، لكننا واجهنا تحديات كبيرة، أبرزها مشكلة ارتفاع المباني المسموح بها عند حصولنا على أرض في الشيخ زايد. في البداية، لم يكن الارتفاع المسموح به يتجاوز 6 أمتار، ما كان سيشكل عائقًا أمام تنفيذ المشروع. وبعد التواصل مع الجهات المختصة، نجحنا في الحصول على موافقة لزيادة الارتفاع إلى 30 مترًا للاستاد و12 مترًا للمنشآت المحيطة”.

كما تطرق الخطيب إلى ظروفه الصحية التي أثرت على استمراره في العمل، مشيرًا إلى أنه في عام 2023 لم يكن في أفضل حالاته الصحية، وحين عاد للنادي فكر في أخذ إجازة طويلة، لكنه اضطر للبقاء بعدما تعرض العامري فاروق، نائب رئيس النادي، لوعكة صحية خطيرة دخل على إثرها في غيبوبة. وأكد أنه منذ ذلك الحين، لم يحصل أي عضو في مجلس الإدارة على إجازة.

وأضاف: “كنت بحاجة للابتعاد قليلًا عن الضغوط خلال الأشهر الماضية، لكن مع اقتراب فترة الانتقالات الشتوية في يناير، حيث كنا بحاجة للتعاقد مع بعض اللاعبين ومتابعة مشروع الاستاد، قررت الاستمرار في العمل”.

وأكد الخطيب أنه خلال الاجتماع الأخير لمجلس الإدارة، قبل أيام قليلة، أبلغتهم برغبتي في الابتعاد مؤقتًا لإجراء فحوصات طبية جديدة، لكنه شدد على أهمية استمرار العمل في مشروع الاستاد وعدم التراخي بعد هذه التصريحات.

واختتم حديثه بالقول: “أنا واحد من جماهير الأهلي، وكنت أتمنى أن أمشي بجانب سور النادي وأرى هذا الحلم يتحقق. لا نريد أن يهدأ الحماس، بل علينا أن نظل نعمل بجد. وأؤكد أن الدولة لن تتأخر عن دعمنا إذا احتجنا إلى أي مساعدة”.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يتسلم شحنة قنابل “إم كيه 84” التي أوقفتها إدارة بايدن
  • إسرائيل تتسلم شحنة القنابل التي أرسلها ترامب بعد تعليقها من بايدن
  • وزير الشؤون الدينية والأوقاف: الأوقاف السودانية في المملكة تواجه تحديات ونسعى لتفعيلها لخدمة الحجاج والمعتمرين
  • الزراعة تكشف التحديات الكبيرة التي تواجه استدامة الغابات الشجرية بمصر
  • لماذا يبدو مخطط ترامب لتهجير غزة غير قابل للتحقيق؟
  • حلم الأجيال تحقق.. الخطيب يكشف تحديات إنشاء استاد الأهلي الجديد
  • نيسان تواجه تحديات مالية كبيرة بعد فشل صفقة الاندماج مع هوندا
  • تحديات غير مسبوقة تهدد وحدة الاتحاد الأوروبي.. فيديو
  • خبراء أردنيون: القمة العربية التي دعت لها مصر رسالة للعالم بوحدة الصف العربي ضد التهجير
  • الصحة تناقش التحديات التي تواجه أصحاب مستودعات الأدوية بدمشق