تحديات تواجه ممر بايدن.. لماذا يعتبره خبراء غير قابل للتطبيق؟
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أيام عن مشروع ممر اقتصادي يبدأ من الهند ويمر بمنطقة الشرق الأوسط وصولا إلى أوروبا، وذلك خلال حضوره قمة العشرين في نيودلهي.
الإعلان الذي حظي بمباركة كبيرة من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قوبل برفض من قبل زعماء آخرين، على غرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي قال إنه لا يمكن إنشاء أي مشروع مشابه لا يمر من بلاده.
وفور الإعلان عنه، بات ينظر إلى المشروع على أنه منافس لـ"خط الحرير" الصيني، وقناة السويس في مصر، رغم أن الرئيس بايدن أو أي زعيم آخر لم يتطرق إلى ذلك.
كما شكك خبراء في أن أسبابا مادية، وجيوسياسية ستجعل من تطبيق المشروع في البر والبحر، أمر صعب للغاية، لكنه غير مستحيل.
الأهداف والدول المستفيدة
المشروع الذي يشمل سككا حديدية، وربط موانئ، ومد خطوط وأنابيب لنقل الكهرباء والهيدروجين بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات، يهدف إلى تعزيز التبادل التجاري بين الدول المستفيدة منه.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إن "المشروع جريء، ويمكن أن يغير مجرى الأمور".
في حين ذكرت الحكومة السعودية أن "المشروع يهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي، والمساهمة في توفير فرص عمل جديدة ونوعية بما يحقق مكاسب طويلة الأمد على امتداد الممرات الجديدة العابرة للحدود.".
كما يُنظر إلى المشروع على أنه سيكون تحديا كبيرا للصين التي تعتمد على "طريق الحرير"، وتحدي لطرق تجارية أخرى، على غرار قناة السويس في مصر.
ويمرّ الطريق الذي يمتد إلى أكثر من 8 آلاف كم، من مجموعة دول أبرزها "الهند، السعودية، الإمارات، الأردن، فلسطين، الاحتلال الإسرائيلي، قبرص، اليونان"، إضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وبات يرمز إلى "ممر بايدن" في وسائل الإعلام الغربية بـ"IMEEC"، وهي الحروف الإنجليزية الأولى من (الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا).
Easy to understand. How India-Middle East-Europe Economic Corridor will look like...#IMEEC #EconomicCorridor #Indiamiddleeasteurope pic.twitter.com/V4SmWkBaPX — Raj Malhotra (@Rajmalhotrachd) September 11, 2023
تفاصيل غير معلنة
أعلن بايدن عن المشروع، وباركه العديد من الزعماء الحاضرين في قمة العشرين، بيد أن تفاصيل "الممر الاقتصادي" لا تزال غير معلومة.
ولم تكشف الهند أو الولايات المتحدة، أو غيرها، عن الجهة التي ستمول المشروع، وعن التاريخ المتوقع لانتهاء العمل به.
كما لم يتم الكشف عن الخط الرسمي للطريق، وهو ما يعني أن جميع الخرائط المنتشرة ليست رسمية بعد.
وخلق غياب التفاصيل حول المشروع، العديد من التساؤلات والتشكيك من قبل خبراء في الاقتصاد، والعلاقات الدولية.
تحديات عديدة
يواجه المشروع تحديات عديدة، بدأ خبراء الاقتصاد والعلاقات الدولية بالحديث عنها، ترصد "عربي21" أبرزها:
- التكلفة
تكلفة المشروع الذي سيتطلب بناء سكك حديدية، وطرقا برية، وتطوير موانئ بحرية، تعد إحدى أكبر العقبات أمام تنفيذ "ممر بايدن".
الخبيرة آنا روزاريو ماليندوغ، نائبة رئيس الشؤون الخارجية في معهد الدراسات الاستراتيجية الفلبيني، قالت في حوار إنه من غير المتوقع أن يتم الاتفاق بسهولة على مسألة تمويل المشروع، لا سيما أن أمريكا ودول أخرى تعاني من فترات ركود اقتصادية كبيرة.
بدوره، قال الخبير الاستراتيجي الهندي إقبال لطيف، إنه من غير المعقول أن يتم التخلي عن قناة السويس التي يعبر من خلالها 1.3 مليار طن سنويا وهو ما يكشل 12 بالمئة من التجارة العالمية، من أجل الذهاب إلى "ممر بايدن" الذي يبدأ من الهند، حيث 2 بالمئة فقط من حركة التجارة العالمية.
وأكد جاكوب جاكوبفسكي، نائب مدير "مركز الدراسات الشرقية" في بولندا، أنه يصعب التخلي عن قناة السويس الأقل كلفة، والتوجه نحو "ممر بايدن".
وأضاف في تدوينة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أن "قناة السويس وحتى الممرات التي تعبر من أفريقيا، ستكون حتما أرخص بكثير من الممر الذي تم الإعلان عنه في قمة العشرين".
Pro tip: This G20 'alt-BRI' intermodal corridor will never work, as anyone can find out talking for 5 min with any logistics proffesional
Suez, and even round-Africa routes will always be many times cheaper
so hold your horses pic.twitter.com/yMgWRLZXDv — Jakub Jakóbowski (@J_Jakobowski) September 10, 2023
مخاوف الاستقرار
الممر الذي يعبر من عديد الدول، قد يشهد مخاوف من إكماله في حال تزعزع الاستقرار الأمني والسياسي في بعض البلدان التي لا تشهد استقرارا تاما، على غرار الهند نفسها، وفلسطين المحتلة.
بحسب إقبال لطيف، فإن الأمر غير المنطقي الآخر في هذا المشروع، هو أن المحطة الأخير للمرر بحريا، ستكون ميناء بيرايوس اليوناني، وهو الذي تملك الصين جل أسهمه.
ففي العام 2008، اتفقت أثينا وبكين على إلزام محطات الحاويات في ميناء بيرايوس بالعمل لصالح شركة "كوسكو" الصينية. وفي العام 2016، اشترت "كوسكو" 66 بالمئة من أسهم ميناء بيرايوس، وكذلك الرصيف الثالث والأخير في الميناء إلى غاية سنة 2052.
China Ocean Shipping Company. #COSCO runs #PiraeusPort. COSCO is a Chinese state-owned shipping company and is the third-largest container ship company in the world.
In 2008, COSCO acquired a 51% stake in Piraeus Port Authority (PPA) for €440 million. pic.twitter.com/9g5wbdrFAB — Iqbal Latif (@ilatif) September 11, 2023
المشاريع المنافسة
من أبرز التحديات أمام "ممر بايدن"، وجود ممرات اقتصادية أخرى أبرزها طريق الحرير الصيني أو ما بات يعرف بعد تطويره بـ"مبادرة الحزام والطريق".
ويُخشى أن يكون الانتقال من "مبادرة الحزام والطريق" إلى "ممر بايدن" مخاطرة بالنسبة للكثير من الاقتصادات الضخمة.
بحسب آنا روزاريو ماليندوغ، فإن بناء مشروع ضخم كهذا مع اسبتعاد قوى مثل الصين وروسيا، سيضع القائمين على "ممر بايدن" أمام ضغوط سياسية كبيرة في المستقبل.
كما لا تزال "قناة السويس" تحتفظ بمكانتها الكبيرة في الاعتماد عليها كطريق أساسي لنقل البضائع بين قارات العالم.
تشكيل قطب عالمي جديد
المتفائلون بنجاح المشروع، يرون أن "الممر الاقتصادي" الذي أعلن عنه في قمة العشرين بالهند، سيغير من شكل خطوط التجارة في العالم.
مؤسسة البحوث الهندية "ORF"، نشرت تحليلا لرئيسها سمير ساران، ونائبه غوتام تشيكرمان، اعتبرا فيه أن من أهم عوامل نجاح المشروع، هو أن الدول المشاركة فيه لديها إجمالي ناتج محلي يشكل نصف إجمالي الناتج المحلي في جميع العالم، ويصل إلى نحو 47 تريليون دولار.
ورأى الباحثان الهنديان أن من العوامل التي يستند إليها القائمون على "الممر الاقتصادي" لإنجاحه، هو الشعور بالخذلان من قبل الدول التي تعاونت مع الصين في "الحزام والطريق"، حيث أن العديد منها لم يستفد بشكل حقيقي، وبات يعاني من أزمات اقتصادية متتالية، على غرار البجل الأسود وسريلانكا.
عمل فردي بضوابط
خمّن كل من سمير ساران وغوتام تشيكرمان، أنه لن تكون هناك ميزانية مشتركة للمشروع بشكل كامل، مشيرين إلى أن المتوقع أن تقوم كل دولة بتمويل البنية التحتية للممر، لكن بضوابط متفق عليها من كافة الدول.
ولفت الباحثان إلى أن مما يميز المشروع هو أن الدول التي شاركت في الإعلان عنه بقمة العشرين ستعمل بشكل رئيسي في وضع المخططات والرؤى، بخلاف "الحزام والطريق" الذي تتفرد الصين في اتخاذ القرارات الاستراتيجية حوله.
ونوهت إلى أن الولايات المتحدة اليوم، وبعد تراجع سطوتها على العالم، باتت توقن أن التشارك مع الدول ذات الاقتصادات القوية أمر حتمي ولا يمكن تجاهله.
عالم متعدد الأقطاب
الموقع الخاص بالإحاطة في كل ما يتعلق بـ"طريق الحرير"، نشر تحليلا للخبير الجورجي إميل أفدالياني، رأى من خلاله أنه ليس من الضروري أن كافة دول "ممر بايدن" تنظر من خلال المشروع على أنه منافس للصين.
وبحسب أفدالياني، فإن السعودية، والإمارات، والهند، تسعى من خلال هذا المشروع إلى تشكيل عالم متعدد الأقطاب بعيدا عن الولايات المتحدة، مع الحفاظ على علاقاتها الجيدة في الصين بمشاريع أخرى.
وذكر أفدالياني أن السعودية على سبيل المثال، ترى في المشروع تناسبا تاما مع رؤيتها في خلق اقتصاد متنوع لا يعتمد على النفط فقط، وذلك في حلول 2030.
وبالنسبة للإمارات، فإن المشاركة في "ممر بايدن" تهدف أيضًا إلى فتح البلاد ومواردها أمام جمهور عالمي أوسع لجذب الاستثمار وزيادة ثقل البلاد الجيوسياسي.
وتسود مشاعر مماثلة مع نزعة تحدي في الهند بحسب التحليل، فلطالما كانت نيودلهي مهتمة بتطوير ممرات تجارية جديدة كطريقة لمواجهة مشاريع الصين الطموحة في باكستان ومنطقة المحيط الهندي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية قمة العشرين السعودية قناة السويس ممر بايدن السعودية قناة السويس قمة العشرين ممر بايدن سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الممر الاقتصادی الحزام والطریق قمة العشرین قناة السویس ممر بایدن على غرار من قبل
إقرأ أيضاً:
رئيس لجنة «القوى العاملة» بمجلس النواب:استضافة مصر «قمة البلدان النامية» تواجه التحديات االقتصادية
أشاد النائب عادل عبد الفضيل رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، رئيس النقابة العامة للعاملين بالمالية والضرائب والجمارك، بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى افتتاح قمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادي، التى تعقد اليوم بالعاصمة الإدارية الجديدة تحت عنوان «الاستثمار فى الشباب ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: نحو تشكيل اقتصاد الغد»، وذلك بحضور قادة الدول الأعضاء بالمنظمة وعدد من قادة الدول النامية والمنظمات الإقليمية والدولية.
وقال النائب «عبد الفضيل»، إن كلمة الرئيس السيسى ركزت على سبل تعزيز التعاون بين الدول النامية فى مواجهة التحديات الدولية، حيث فرضت تطورات الأوضاع الإقليمية نفسها على أجندة اجتماع قادة مجموعة الثمانى النامية، مشيرا إلى أن اجتماع المجموعة على مستوى القمة، له أبعاد سياسية وأمنية، فى ضوء الصراع الذى تشهده دول المنطقة، مع البعد الاقتصادى لتعزيز التعاون الصناعى بين تلك الدول.
وقال رئيس قوى عاملة النواب، إن الرئيس السيسى كان واضحا عندما أكد أن العالم ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص يشهد تحديات وأزمات غير مسبوقة تحتل فيها الصراعات والحروب صدارة المشهد، وتسود فيه كذلك الحمائية الاقتصادية والتجارية، وازدواجية المعايير، موضحًا أن أبرز الشواهد على ذلك استمرار الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى تحـدى القــرارات الشــرعية الدولية، وما يصاحب ذلك من خطورة وتهديد امتداد الصراع لدول أخرى، مثلما حدث مع لبنان وصولاً إلى سوريا التى تشهد تطورات، واعتداءات على سيادتها ووحدة أراضيها، مع ما قد يترتب على احتمالات التصعيد واشتعال المنطقة، من آثار سوف تطول الجميع، سياسياً واقتصادياً.
كما أشاد رئيس قوى عاملة النواب، بالمبادرات التى أطلقها الرئيس السيسى، خلال كلمته الافتتاحية لإعطاء دفعة للتعاون المشترك بين الدول الأعضاء، خلال رئاسة مصر للمنظمة، وتمثلت فى تدشين «شبكة لمديرى المعاهد والأكاديميات الدبلوماسية» لتعزيز التعاون فيما بينها، وبناء قدرات الكوادر الدبلوماسية، لمواكبة قضايا العصر الحديث، وإطلاق مسابقة إلكترونية، لطلاب التعليم ما قبل الجامعى فى الدول الأعضاء فى مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا التطبيقية.
كما شملت المبادرات تدشين «شبكة للتعاون بين مراكز الفكر الاقتصادي» فى الدول الأعضاء.. لتبادل الأفكار والرؤى.. حول سبل الارتقاء بالتعاون الاقتصادى والاستثمارى، ومعدلات التجارة بين الدول الأعضاء، فضلا عن تدشين اجتماعات دورية لوزراء الصحة بالدول الأعضاء، واستضافة مصر الاجتماع الأول عام 2025، لمناقشة سبل تعظيم الاستفادة من التطبيقات التكنولوجية والعلمية المتطورة، لتطوير هذا القطاع المهم.
وأثنى النائب عادل عبد الفضيل على إعلان الرئيس السيسى، عن اعتزام مصر التصديق على اتفاقية التجارة التفضيلية التابعة للمنظمة تأكيدًا لأهمية تعزيز التجارة البينية بين الدول الأعضاء، فضلا عن عقد جلسة خاصة خلال القمة اليوم للتضامن مع الشعبين الفلسطينى واللبنانى الشقيقين.
من الجدير بالذكر أن مجموعة دول الثمانى النامية (D - 8)، تأسست عام 1997 فى إسطنبول بتركيا، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين أعضائها، وتضم فى عضويتها ثمانى دول هي: مصر، وبنجلاديش، وإندونيسيا، وإيران، وماليزيا، ونيجيريا، وباكستان، وتركيا.