عبر مشروع الممر الاقتصادي للربط بين الهند وأوروبا من خلال الشرق الأوسط، تدفع الولايات المتحدة بحليفتها نيودلهي في منطقة الخليج لتقويض نفوذ العملاق الصيني المنافس الاستراتيجي لواشنطن، وفقا لمحمد سليمان في تحليل بموقع "المونيتور" الأمريكي (Al Monitor) ترجمه "الخليج الجديد".

سليمان لفت إلى أنه "خلال قمة مجموعة العشرين بنيودلهي، حدث تطور مهم السبت الماضي، إذ طرحت الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي ممرا لربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا، بهدف تحفيز التنمية الاقتصادية عبر تعزيز التواصل والتكامل الاقتصادي بين آسيا والخليج العربي وأوروبا".

وأضاف أن "الممر متعدد الوسائط ويمتد لأكثر من 3000 ميل، ويتكون من ممرين، إذ يربط الممر الشرقي الهند بالخليج العربي، بينما يربط الممر الشمالي الخليج العربي بأوروبا".

وتابع: "وعند اكتمال مشروع الاتصال، ستتوفر شبكة نقل عبر الحدود بواسطة السفن والسكك الحديدية يمكن الاعتماد عليها وفعالة من حيث التكلفة، كما سيعمل على استكمال طرق النقل البحري والبري الحالية، مما يسهل الحركة السلسة للسلع والخدمات بين الهند والإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا".

واعتبر أن هذا المشروع بمثابة إعلان بأن العلاقات الثنائية مع السعودية والإمارات متعددة الأبعاد، وأن الطاقة (المتوفرة في البلدين الخليجيين) هي ركيزة أساسية، ولكنها ليست الركيزة الوحيدة".

اقرأ أيضاً

تقرير إسرائيلي: مصر أكبر الخاسرين من الممر الاقتصادي الجديد وهكذا ستستفيد السعودية

هيمنة اقتصادية صينية

و"الهدف الأمريكي من الممر  هو تغيير المسار في الخليج، وتحويله من هيكل هرمي مزدوج، حيث تكون الولايات المتحدة الشريك الأمني المهيمن والصين هي الشريك الاقتصادي المهيمن، من خلال إدخال الهند إلى المزيج الجيوسياسي والاقتصادي"، كما أردف سليمان.

واستطرد: "في حين تدرك الولايات المتحدة أن الهند لن تتماشى إلا جزئيا مع مصالح واشنطن في الشرق الأوسط وآسيا على نطاق واسع، فمن غير المرجح أن تؤدي غزوات دلهي في الشرق الأوسط إلى تقويض المصالح الأمريكية كما تفعل الصين".

واعتبر أن "الأهم من ذلك هو أن نجاحات نيودلهي في المنطقة تعمل على تخفيف الحقائق الهرمية المزدوجة في الشرق الأوسط بمجرد التكامل مع السعودية والإمارات، وهو ما يقوض نفوذ الصين الاقتصادي على المديين المتوسط والطويل".

واقتصاديا وسياسيا، يتصاعد نفوذ الصين في الشرق الأوسط منذ سنوات، ما يؤكده نجاحها في وساطة دفعت السعودية وإيران إلى استئناف علاقتهما الدبلوماسية، بموجب اتفاق في 10 مارس/ آذار الماضي، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات.

اقرأ أيضاً

أردوغان يرد على إعلان الممر الاقتصادي الجديد: لن يكون بدون تركيا

بديل لـ"الحزام والطريق"

وعلى النقيض من غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عن قمة مجموعة العشرين، بحسب سليمان، "سارعت إدارة بايدن إلى تحقيق انتصارات من خلال وضع الممر كبديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية، التي ركزت بقوة على دول الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، مثل اليونان وإيطاليا".

واستدرك: "مع ذلك، من المهم عدم النظر إلى الممر على أنه مجرد منافس لمبادرة الحزام والطريق، إذ ترفض السعودية والإمارات، وهما الركيزتان الأساسيتان للممر، فكرة النظام العالمي ثنائي القطب الذي يجبرهما على الاختيار بين الصين والولايات المتحدة أو العكس".

واعتبر أن "هذه الحقيقة تتجسد في انضمامها مؤخرا إلى مجموعة بريكس التي تضم الاقتصادات الناشئة الكبرى وفي الوقت نفسه مشاركتهما النشطة في ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا".

وفي 24 أغسطس/ آب الماضي، دعمت قمة بريكس كلا من السعودية والإمارات وإيران ومصر وإثيوبيا والأرجنتين للانضمام بداية من مطلع 2024 إلى التكتل، الذي أٌسس في 2006 ويضم حاليا الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا.

سليمان قال إن "الممر الاقتصادي يوفر قدرا  أعظم من الاستقلالية للدول المشاركة في تحقيق مصالحها الخاصة، والأهم هو حماية سيادتها، وهذا ما يميزه بشكل كبير عن مبادرة الحزام والطريق".

ورأى أن "هذا يمثل نجاحا لواشنطن، التي واجهت مع بروكسل التحدي المتمثل في تقديم بديل قابل للتطبيق لمبادرة الحزام والطريق لا يجبر الشركاء، مثل الخليج والهند، على الاختيار بين إما أو".

اقرأ أيضاً

نتنياهو: إسرائيل في قلب مشروع الممر الاقتصادي الذي سيربط الهند بأوروبا

تكامل هندي خليجي

و"الأهم، هو أن الممر مظهر من مظاهر التكامل العميق بين الهند والسعودية والإمارات، والتقارب الجيوسياسي والاقتصادي الأوسع بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا وغرب آسيا"، كما أضاف سليمان.

وقال إن "الهند تتميز بكونها ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية، إذ وصل حجم التجارة الثنائية إلى 52.75 مليار دولار في 2022-2023، مما يرفع المملكة إلى رابع أكبر شريك تجاري للهند".

وتابع: "كما ارتفعت التجارة بين الهند والإمارات إلى 85 مليار دولار في 2022، مما يجعل الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند للعام 2022-2023 وثاني أكبر وجهة تصدير لها".

كما "يسلط الممر الاقتصادي الضوء على الحالة المتطورة للعلاقات الباكستانية الخليجية، إذ حولت السعودية والإمارات، الحليفتان القديمتان لإسلام أباد، موقفهما الاقتصادي والجيوسياسي تجاه الهند، وهذا التحول يعكس اعترافهما بنهضة الهند وتطلعاتهما في عالم ناشئ متعدد الأقطاب"، وفقا لسليمان.

اقرأ أيضاً

ممر اقتصادي عابر للقارات بمشاركة السعودية والإمارات.. ماذا يعني؟

أجندة خليجية طموحة

لفترة طويلة، كما تابع سليمان، "حافظت واشنطن على موقف الطاقة أولا تجاه دول الخليج"، لكن "الممر الاقتصادي بمثابة إعلان من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأن دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، هي أكثر من مجرد منتجين للطاقة".

وأردف: "وسيكون من الخطأ الاستراتيجي النظر إليهما من خلال هذه العدسة فقط، حيث تبحث الرياض وأبو ظبي بنشاط عن شركاء أكثر جدية لتلبية احتياجاتهما الاقتصادية والتكنولوجية واللوجستية".

سليمان شدد على أن "هذا جزء لا يتجزأ من أجنداتهما الطموحة للانتقال نحو اقتصادات متنوعة تتجاوز اعتمادها على الطاقة".

وتتبنى دول في مجلس التعاون الخليجي، لاسيما السعودية والإمارات، خططا تنموية تهدف إلى تنويع وتوسيع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي كمصدرين رئيسيين للإيرادات، في ظل تقلبات أسعارهما وتحول العالم نحو الطاقة المتجددة غير الملوثة للبيئة.

اقرأ أيضاً

بايدن: اتفاقية الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا تاريخية

  المصدر | ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: ممر اقتصادي الهند السعودية الخليج الولايات المتحدة الصين السعودیة والإمارات الولایات المتحدة الممر الاقتصادی فی الشرق الأوسط الحزام والطریق بین الهند اقرأ أیضا من خلال

إقرأ أيضاً:

تحالف آي 2 يو 2 يخفي مخططا أمريكيا لمواجهة الصين وتصفية القضية الفلسطينية

نشرت صحيفة "إل جورنالي" الإيطالية تقريرا سلّطت فيه الضوء على الهدف الحقيقي للولايات المتحدة من تشكيل تحالف اقتصادي يضم إلى جانبها كلا من الهند والإمارات وإسرائيل، والمعروف بمجموعة "آي 2 يو 2".

واعتبرت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21" أن الولايات المتحدة تطمح من خلال هذا الحلف إلى مواجهة طريق الحرير الصيني وحل قضية الشرق الأوسط وفق رؤية تعتمد بالأساس على المملكة العربية السعودية.



رؤية معقدة
قالت الصحيفة "ريفييرا البحر المتوسط" التي تحدث عنها دونالد ترامب والتي يُراد بناؤها على أنقاض غزة، من المحتمل ألا ترى النور أبدًا، لكن هذا لا يقلق الرئيس الأمريكي ولا مهندسي استراتيجيته. 

واعتبرت أن خلف هذا الطرح الاستفزازي يكمن مشروع جيوسياسي واستراتيجي أكثر تعقيدًا، وهي رؤية تصطدم حاليا بالرفض القاطع من مصر والأردن، فضلًا عن معارضة أقوى تأثيرا من المملكة العربية السعودية بقيادة محمد بن سلمان.

ووفقا لصحيفة، فإن الرئيس السابق جو بايدن وضع الأسس لهذه الاستراتيجية الجديدة عندما أطلق في أيلول/ سبتمبر 2021 القمة الأولى لمجموعة "آي 2 يو 2"، وهو تحالف استراتيجي يضم الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة. 

وأضافت أن هذا التحالف الذي يُطلق عليه أيضًا «التحالف الهندي-الإبراهيمي»، يستند إلى فكرة إدارة ترامب، التي تسعى إلى الجمع بين قوة أمريكا، والموارد الطاقية في دول الخليج، والقدرات التكنولوجية الإسرائيلية، والإمكانات الاقتصادية لدولة كبيرة مثل الهند. 

مواجهة الصين
واعتبرت الصحيفة أن العناصر المفقودة في هذا المشروع هي مصر، التي تمثل نقطة الارتكاز في الشرق الأوسط، والمملكة العربية السعودية التي تُعتبر بالنظر إلى مشروعات التنمية التي طرحها محمد بن سلمان، القوة الاقتصادية الصاعدة في الخليج.

وأشارت إلى أن الهدف الجيوسياسي الرئيسي من تشكيل مجموعة "آي 2 يو 2" هو ترسيخ تحالف سياسي وتجاري وتكنولوجي قادر على مواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية، وحاجة الولايات المتحدة إلى إقناع الهند والسعودية بالتخلي عن تكتل "بريكس" الذي شكلته بكين وموسكو. 



حل قضية الشرق الأوسط
وترى الصحيفة أن واشنطن تحتاج من أجل دفع السعودية ومصر إلى الاندماج في مسار "آي 2 يو 2" إلى إيجاد صيغة مناسبة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يمزق الشرق الأوسط منذ ما يقرب من 80 عامًا.

وتضيف أن "حل الدولتين" و"الأرض مقابل السلام" أصبحت من الصيغ غير القابلة للتنفيذ بعد الحرب الأخيرة التي امتدت 15 شهرا إثر هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وقد عادت إلى الواجهة فكرة "السلام مقابل الازدهار" التي طرحها صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر في 2019 عندما صاغ اتفاقيات أبراهام. 

ووفقًا لتلك الخطة، يُفترض أن يرضى الفلسطينيون بدولة غير مترابطة جغرافيا، لا تضم على الأرجح غور الأردن، ولا تضم المستوطنات التي يحتلها الإسرائيليون حاليا، على أن يحظى الفلسطينيون في المقابل بدعم سياسي واقتصادي من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. 

وبحسب  وعد جاريد كوشنر في 2019، فإن واشنطن تلتزم بتقديم نحو 50 مليار دولار لتنفيذ المشروع، وتصبح المملكة العربية السعودية الراعي الفعلي للدولة الفلسطينية الجديدة. وفي هذا السياق، يتولى السعوديون مسؤولية انتزاع غزة من "حماس"، وإعادة إعمارها، وتحويلها إلى "دبي" جديدة.

كما تنص الخطة على وعود للفلسطينيين برفاهية اقتصادية غير مسبوقة مقابل التخلي عن  عن مطلب إقامة دولة مستقلة ذات سيادة.

مقالات مشابهة

  • تحالف آي 2 يو 2 يخفي مخططا أمريكيا لمواجهة الصين وتصفية القضية الفلسطينية
  • مخطط أمريكي سري.. تحالف عالمي يضم الهند والسعودية وإسرائيل ومصر لمواجهة الصين
  • ليفي: إذا اعتقد ترامب أن الخليج سيدفع تكاليف خطته لغزة فهذه عنصرية
  • ليفي: إذا اعتقد ترامب أن الخليج ستدفع تكاليف خطته لغزة فهذه عنصرية
  • صحيفة: تحالف آي2 يو2 يخفي مخططا أمريكيا لمواجهة الصين وتصفية قضية فلسطين
  • أمريكا تحذر لبنان بالعزلة والدمار الاقتصادي والسبب حزب الله
  • كاتب صحفي: الصين تدعو أمريكا إلى حل النزاعات التجارية عبر الحوار و التشاور
  • الصين تتصدى لضغوط واشنطن وتحذر: لا لتهجير الفلسطينيين ولا لوصاية أمريكا على غزة
  • الهند تهدد بـ"إجراءات صارمة" بعد ترحيل مهاجرين من أمريكا
  • أمريكا تمتنع عن دفع رسوم سفنها العابرة في قناة بنما