مع الإعلان عن مشروع الممر الاقتصادي العملاق بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، بدأت الدول المشاركة في هذا المشروع بإعداد العدة للمراحل العملية التي من المقرر أن تبدأ قريباً.

وتم التوقيع على الاتفاق المبدئي الخاص بالمشروع، على هامش قمة قادة مجموعة العشرين في العاصمة الهندية نيودلهي، السبت الماضي، بين الولايات المتحدة والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وفقاً لبيان نشره البيت الأبيض.

"تاريخي وسيغير الشرق الأوسط"

ووصف الرئيس الأمريكي المشروع بـ"التاريخي"، وقال إنه "سوف يغير قواعد اللعبة"، لكن الرئيس الأمريكي لم يتحدث عن منافسة مفترضة مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي تقوم على إحياء طريق الحرير القديم، بينما يرى محللون أن "الممر يعد رداً غربياً هندياً على المشروع الصيني".

ومن جانبه، وصف المبعوث الرئاسي لشؤون الطاقة في الإدارة الأمريكية، عاموس هوكستاين هذا الممر الاقتصادي بـ"المشروع المهم والطموح، الذي سيغير الشرق الأوسط".

وأوضح أن البدء في وضع الخطوط العريضة للخطة سيبدأ خلال 60 يوماً، حيث ستجتمع لجان العمل لوضع الميزانية ومراجعة البنية التحتية الموجودة لربط السعودية والإمارات والأردن بخطط سكك حديدية، ثم بحث آلية الاستثمار وبدء التفاوض حول مراكز توليد الطاقة مثل الكهرباء والهيدروجين وعقود الشراء مع أوروبا.

 

وتوقع هوكستاين أن تحقق السنة الأولى تقدماً ملموساً قبل الانتقال للمرحلة الثانية وهي التنفيذ و البناء والاستثمارات.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إن "البنية التحتية المتطورة ستعزز النمو الاقتصادي وتساعد على جمع دول الشرق الأوسط معاً، وترسيخ المنطقة كمركز للنشاط الاقتصادي بدلاً من أن تكون مصدراً للتحدي أو الصراع أو الأزمة كما كانت في التاريخ الحديث".

كما وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، المشروع بأنه "تاريخي"، وباعتباره "ممراً اقتصادياً بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا من شأنه أن يجعل التجارة بين الهند وأوروبا أسرع بنسبة 40%.

زيادة عائدات دول المنطقة

ومن جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، أن هذا المشروع "يعتبر استكمالاً للتراكم الحضاري للتجارة" ، مضيفاً أن  "المرور البري سيعمل على دمج عدة دول مع بعضها".

وأوضح الكاتب والمحلل السياسي أن هذا المشروع في حال تنفيذه، "سيعمل على إنهاء الخلافات الموجودة في منطقة الشرق الأوسط"، مضيفاً أن المشروع سيعمل على إعادة التنمية في المنطقة، بالإضافة إلى  زيادة عائدات دول المنطقة براً وبحراً، بسبب موقعها الجيوستراتيجي المهم".

وتابع أوغلو قائلاً: "إن المستقبل في التنمية والازدهار القادم سوف يكون لمنطقة الشرق الأوسط وتحديداً دول الخليج العربي، التي ستكون درة العالم".

وبحسب التقارير الإعلامية، سيسهم هذا المشروع في تطوير البنية التحتية وتأهيلها من خلال إنشاء خطوط للسكك الحديدية وربط الموانئ لزيادة مرور السلع والخدمات وتعزيز التبادل التجاري بين الأطراف المشاركة، ومد خطوط أنابيب لنقل الكهرباء والهيدروجين لتعزيز أمن الطاقة العالمي وكابلات لنقل البيانات، فما هو مشروع الممر الاقتصادي؟

#رئيس_الدولة يشهد إعلان إنشاء "ممر" اقتصادي يربط بين #الهند والشرق الأوسط وأوروبا https://t.co/10ZJE05zJ5

— 24.ae | الإمارات (@24emirates24) September 9, 2023 ممران منفصلان

يتألف المشروع من ممرين منفصلين هما "الممر الشرقي" الذي يربط الهند مع الخليج العربي، و "الممر الشمالي" الذي يربط الخليج بأوروبا.

ووفقاً لما أوردته وكالة " أسوشيتد برس"، فإن الخرائط الأولية غير رسمية، تبين أن الممر الشرقي سيبدأ من موانئ الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم يشق طريقه داخل السعودية عبر خط سكة حديد تعبر الأردن ومنها إلى إسرائيل حتى ميناء حيفا.. ثم يستكمل الممر طريقه إلى أوروبا بحراً حتى اليونان.

وسيعمل المشاركون على تقييم إمكانية تصدير الكهرباء والهيدروجين النظيف لتعزيز سلاسل الإمداد الإقليمية، كونه جزءاً من الجهود المشتركة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ودمج جوانب الحفاظ على البيئة في المبادرة.

أهمية المشروع 

ويهدف المشروع إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط انابيب، كما يهدف إلى تمكين المزيد من التجارة بين البلدان المعنية، بما في ذلك منتجات الطاقة.

وتشمل تلك الممرات سكك حديد ستشكل بعد إنشائها شبكة عابرة للحدود من السفن إلى السكك الحديدية، لتكملة طرق النقل البرية والبحرية القائمة لتمكين مرور السلع والخدمات.

ويهدف المشروع أيضاً إلى تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات، من خلال كابلات الألياف البصرية، وتعزيز التبادل التجاري وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديدية والموانئ.

كما سيحفز الممر الجديد التنمية الاقتصادية بين المناطق التي سيمتد بينها.

وول ستريت جورنال: ممر النقل العابر للقارات مبادرة شاملة وطموحة https://t.co/2A0gUjq4zc pic.twitter.com/d4kos2bFKO

— 24.ae (@20fourMedia) September 10, 2023 قصة الممر الاقتصادي

ويتم الإعداد للمشروع منذ يوليو (تموز)2022، حيث تحدث بايدن عن الحاجة إلى مزيد من التكامل الاقتصادي الإقليمي من دون أن يفصح عن شيء، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، بدأ البيت الأبيض بإجراء محادثات مع الشركاء الإقليميين، في مقدمتهم دولة الإمارات، حول هذا الطرح.

وبحلول الربيع، كانت تتم صياغة الخرائط والتقييمات المكتوبة للبنية التحتية الحالية للسكك الحديدية في الشرق الأوسط، وقام مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، وكبار مساعديه في البيت الأبيض هوشستاين وبريت ماكغورك، بجولة في مايو (أيار) للقاء نظرائهم الإماراتين والسعوديين والهنود.

وعملت جميع الأطراف منذ ذلك الحين على وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاتفاق الذي أُعلن عنه اليوم.

#إنفوغراف_24 | تعرف على الممر التجاري الهندي الموجه للشرق الأوسط وأوروبا pic.twitter.com/iN0zVN6syU

— 24.ae (@20fourMedia) September 11, 2023

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الممر الاقتصادي قمة العشرين نيودلهي الممر الاقتصادی الشرق الأوسط هذا المشروع

إقرأ أيضاً:

تحليل الإشارات الأولية لاستراتيجية ترامب

تناول الكاتب الصحفي الفلبيني ريتشارد هيداريان التحركات المبكرة في السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الثانية، مع التأكيد على نهجه "السلام من خلال القوة".

إدارة ترامب الثانية تركز استراتيجياً على مواجهة الصين

وسلط الكاتب الضوء في مقاله بموقع "آسيا تايمز" على التعيينات الرئيسة والمشاركات الدبلوماسية والتحولات الاستراتيجية التي تشير إلى إعادة توجيه السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مع التركيز بشكل خاص على مواجهة الصين، وتبني موقف أكثر براغماتية في الشرق الأوسط وأوروبا.
وأشار الكاتب إلى جهود الإدارة الأمريكية الرامية إلى تعزيز التحالفات، وردع الخصوم، وإعطاء الأولوية للمناطق الاستراتيجية، مع الحفاظ على التركيز على تجنب الصراعات غير الضرورية. أولوية للمحيطين الهندي والهادئ

واستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى الإجراءات السريعة التي اتخذتها الإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة من قبل وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي عقد اجتماعات ثنائية مع وزير خارجية الهند جايشانكار ونظيره الفلبيني.
أكدت هذه المناقشات على مركزية آسيا في السياسة الخارجية لترامب والتزام أمريكا بحلفائها، مثل الفلبين، في مواجهة الصراعات المحتملة مع الصين في بحر الصين الجنوبي. 

President Trump's America First Peace thru Strength is BACK! ???????? pic.twitter.com/0ZrP4mFcxJ

— Elise Stefanik (@EliseStefanik) January 22, 2025

ولفت الكاتب النظر إلى المحادثة الهاتفية التي أجراها روبيو مع وزير الخارجية الفلبيني، والتي أكد خلالها على التزام أمريكا "الصارم" بالدفاع عن حليفتها في جنوب شرق آسيا بموجب معاهدة الدفاع المتبادل.
يعكس هذا الانخراط المبكر مع الشركاء الآسيويين نية الإدارة الأمريكية تعزيز وجودها في المنطقة ومواجهة نفوذ الصين المتزايد.
وأشار الكاتب إلى الانعقاد المبكر لتحالف "الحوار الأمني ​​الرباعي"، الذي يضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند، كخطوة مهمة في تعزيز "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة".
وفي بيان مشترك، أكد روبيو ونظراؤه في "التحالف" على التزامهم المشترك بدعم سيادة القانون والقيم الديمقراطية والسيادة والسلامة الإقليمية في المنطقة.
ونوه هايداريان إلى أن وزراء "التحالف" أصدروا انتقاداً مبطناً للقوى الرجعية، خاصة الصين، من خلال معارضة أي إجراءات أحادية تسعى إلى تغيير الوضع الراهن بالقوة أو الإكراه.
ويشير هذا الموقف الجماعي إلى جهد منسق بين أعضاء "التحالف" لموازنة سلوك الصين الحازم في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

الشرق الأوسط: البراغماتية مقابل التشدد

ولفت الكاتب النظر إلى النهج البراغماتي للرئيس ترامب في ولايته الثانية، خاصة في الشرق الأوسط، وقال إن إقالة ترامب لصقور إيران مثل برايان هوك وجون بولتون، إلى جانب تعيين براغماتيين مثل مايكل ديمينو وستيف ويتكوف، تشير إلى تحول نحو الدبلوماسية وخفض التصعيد.
وأشارالكاتب إلى انتقاد ترامب لبولتون باعتباره "محرضاً للحرب" وقراره بتجريد بولتون ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو من ملفاتهم الأمنية.
وتعكس هذه التحركات رغبة الإدارة الأمريكية في إبعاد نفسها عن سياسات المواجهة في الماضي ومتابعة نهج أكثر توازناً في الشرق الأوسط. 

First flex of Trump's peace through strength strategy https://t.co/EKw0u7VL9K @asiatimesonline aracılığıyla

— Tarık Oğuzlu (@TarikOguzlu) January 26, 2025

وتم تعيين ستيف ويتكوف، الذي يُنسب إليه الفضل في التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة، مبعوثاً جديداً لترامب إلى إيران، حيث أعرب الرئيس عن أمله في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران.
وأشاد ترامب بمهارات ويتكوف الدبلوماسية، قائلاً: "سيكون من الرائع حقاً أن يتم ذلك دون الحاجة إلى اللجوء إلى خطوة إضافية [المواجهة العسكرية] ... نأمل أن تتوصل إيران إلى اتفاق".
يؤكد هذا التعيين، إلى جانب ترقية مايكل ديمينو إلى منصب المسؤول الأعلى الجديد في البنتاغون لشؤون الشرق الأوسط، على تفضيل الإدارة الأمريكية لسياسة أكثر تحفظاً وواقعية في الشرق الأوسط.
وقال ديمينو، المعروف بموقفه الانتقادي تجاه إسرائيل ودعوته إلى استراتيجية "الموازنة الخارجية"، إن الولايات المتحدة ليست لديها مصالح حيوية أو وجودية في الشرق الأوسط وينبغي لها أن تقلل من وجودها العسكري في المنطقة.

الصين باعتبارها التحدي الأعظم ولفت الكاتب النظر إلى تأثير إلبريدج كولبي، المرشح لمنصب وكيل وزارة الدفاع للسياسة، والذي طالما دافع عن إعطاء الأولوية للصين في السياسة الخارجية الأمريكية.
وأكد كولبي، المهندس الرئيس لاستراتيجية الأمن القومي لإدارة ترامب الأولى، على الحاجة إلى الاستعداد لصراع محتمل مع الصين. وفي مؤتمر كبير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حذر كولبي من أن الصين تستعد للحرب وأن الولايات المتحدة تواجه احتمال اندلاع صراع متعدد الجبهات، وربما حتى حرب عالمية ثالثة، في السنوات القادمة. وقال الكاتب إن آراء كولبي تتوافق مع استراتيجية الإدارة الأوسع نطاقاً لإعادة توجيه الموارد من أوروبا والشرق الأوسط إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تشكل الصين التحدي الاستراتيجي الأعظم.
ونوه الكاتب أيضاً بالجهود المبذولة لإنهاء الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط لتحرير الموارد وتوجيهها إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وأكد مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز ومرشح وزير الدفاع بيت هاغسيث على الحاجة إلى إنهاء هذه الصراعات لمواجهة الصين بشكل أفضل.
وأكد والتز أن الولايات المتحدة يجب أن "تنهي بسرعة الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط لتحرير الأصول العسكرية لمواجهة وردع الصين".
وانتقد هاغسيث، الذي خدم في حروب أمريكا في الشرق الأوسط، إدارة بايدن المنتهية ولايتها لعدم فصلها بشكل كافٍ عن صراعات الشرق الأوسط لصالح استراتيجية تركز على الصين.
ورأى الكاتب أن إدارة ترامب الثانية تركز استراتيجياً على مواجهة الصين من خلال تعزيز التحالفات والردع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مع تبني نهج أكثر عملية وأقل مواجهة في الشرق الأوسط.
وتهدف استراتيجية "السلام من خلال القوة"، كما عبر عنها ترامب، إلى بناء جيش أقوى، وإنهاء الحروب غير الضرورية، وتجنب الصراعات الجديدة، كل ذلك مع إعطاء الأولوية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ باعتبارها المسرح المركزي للسياسة الخارجية الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • منير أديب يكتب: مخطط محكم.. خريطة الشرق الأوسط الجديد ودور التنظيمات الإسلاموية في رسمها
  • "ديب سيك".. ماذا نعرف عن المنافس الصيني المرعب لـ ChatGPT؟
  • من ممر النزوح إلى طريق العودة.. ماذا نعرف عن محور «نتساريم» في غزة؟
  • هل يتعارض شعار "أمريكا أولاً" مع المصالح الإسرائيلية؟
  • تيك توك تكرم المواهب والإبداعات المتميزة في المنطقة
  • قطر تكشف عن شعار مونديال السلة 2027
  • تحليل الإشارات الأولية لاستراتيجية ترامب
  • ترامب وستارمر يبحثان أهمية التعاون لتحقيق الأمن في الشرق الأوسط
  • 40 عاما في سجون الاحتلال.. ماذا نعرف عن محمد طوس عميد الأسرى الفلسطينيين؟
  • أشهر أسيرة إسرائيلية حتى الآن.. ماذا نعرف عن أربيل يهود؟