عربي21:
2024-10-01@01:45:47 GMT

كم أبصرنا في عماه

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

ماذا تقول في مرور مائة عام على غياب سيد درويش، ونصف قرن على غياب طه حسين؟ مصر تحتفل؟ مصر تتذكر؟ يقول الشاعر عبد الوهاب محمد في «فكروني»: «فكروني ازاي هو انا نسيتك»؟ هل يمكن أن يمر يوم من دون أن تذكر مصر أو تتذكر أو تسمع؟ سيد درويش يفتح صباح النيل بأغنية بديع خيري «الحلوة دي قامت تعجن في البدرية»، أو «يا ماريا، يا مسوسحة القبطان والبحرية».



ولكن ماذا يجمع موسيقار الأغنية الشعبية بعميد الأدب العربي المعاصر، كي نحتفي بهما معاً؟ يجمع بينهما ما سمّاه عالم الاجتماع جمال حمدان، «شخصية مصر» و«عبقرية المكان». عبقرية عابرة للقرون. بعد مائة عام يحيا سيد درويش سعيداً في أغانيه. العشرات، وربما المئات من الأناشيد والأدوار والطقاطيق والمسرحيات و«الحلوة دي قامت تعجن في البدرية».

والضرير الأزهري الصعيدي الذي بلغ جامعة السوربون وعاد منها بالدكتوراه عن الضرير الأول، أبو العلاء المعرّي. أما ذلك الضرير طه، فقد عبر قرنين ولا يزال يملأ مصر، بفيض عزيمته العظمى، عشرات المؤلّفات في الرواية، وفي المحاضرة، وفي المسرح، وفي النقد، وفي السيرة، وأستاذاً جامعياً وعميد عمداء الجامعات، وكاشفاً غطاء الاستعارات، ومسافراً في البلدان تهوي به المراكب. كل ذلك وطه، أو «صاحبنا»، كما كان يشير إلى نفسه، كل ذلك وطه ضرير منذ الرابعة من العمر. وأما الآخر، الذي أنشأ فولكلوراً كاملاً بمفرده، فكم كان عمره يوم غاب؟ 31 عاماً. إذن، اسمح لي بالسؤال: هل تكرر سيد درويش؟ هل تكرر طه حسين؟ كم أديباً وكم ملحناً أعطت مصر وكم طه وكم سيد بينهم؟
ما هذه الغزارة الإعجازية؟ ما هذا الجمال؟ ما هذا الطرب؟ ما هذا الذي يغني «للعربجية» و«الغرسونات» و«بياعين اللبن» و«التحفجية» (الحشاشين)، ثم يمضي عن 31 عاماً؟
وأنت يا عزيزي وسيدي العميد، أنت وروائعك: «دعاء الكروان»، و«شجرة البؤس»، و«الأيام»، و«رحلة الربيع». والأثر بعد الأثر. والمبارزة بعد المبارزة. وأنت أعمى. لم يشاهدك أحدٌ من دون ربطة عنق. من دون أناقة تامة كأنك في حفل للرائين. لم يسمعك أحد تستخف بمخارج الألفاظ. لم يأت أحد بما أتيت في «حديث الأربعاء». ذلك الدرس الأسبوعي الذي فاق (تعبيرك المفضل) جميع دروسك الجامعية.
البعض يعبر من عصر إلى عصر. من قرن إلى قرن. واحد لأنه عبقري الأغنية الشعبية، وواحد لأنه عبقري النخبة في كنوز الأدب. في كل مكتبة عربية عامة أو خاصة، جناح لطه حسين. وفي كل مقهى شعبي صوت يتكرر منذ مائة سنة، مُفرحاً، مُبهجاً، ملوناً بساطة الحياة: الحلوة دي ... في البدرية.
(الشرق الأوسط)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أغانيه الطرب أغاني شعراء طرب سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة صحة مقالات رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سید درویش

إقرأ أيضاً:

صيد إيراني ثمين في الهجوم الذي استهدف حسن نصرالله

صيد إيراني ثمين في الهجوم الذي استهدف حسن نصرالله

مقالات مشابهة

  • المتعافون من الإدمان لوكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية: أعطيتنا أملاً في الحياة
  • الكشف عن القيادي الذي سيحرر صنعاء قريباً
  • "محسن حيدر درويش" تُطلق مبادرة لرقمنة العمليات في صالة "ستيلانتس"
  • حفيد فنان الشعب "سيد درويش..وقائع سرقة معلنة" في ندوة نقابة الصحفيين.. اليوم
  • "الشكاوى الحكومية” تستجيب لمعمر تجاوز عمره مائة عام بتوفير كرسي متحرك لحضور امتحان محو الأمية
  • غدًا.. نقابة الصحفيين تنظم ندوة عن “سيد درويش” في قاعة هيكل
  • على هامش معرض كتاب "الصحفيين"| ندوة لمناقشة "سيد درويش.. شهادة جديدة للتاريخ وقائع سرقة معلنة"
  • على هامش معرض كتاب “الصحفيين”.. ندوة لمناقشة "سيد درويش.. شهادة جديدة للتاريخ وقائع سرقة معلنة" غدًا
  • صيد إيراني ثمين في الهجوم الذي استهدف حسن نصرالله
  • عمرو يوسف يبدأ تصوير فيلم «درويش» في السيدة زينب