عربي21:
2024-07-03@13:04:55 GMT

المحكمة الدستورية للخدمات العسكرية!

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

هذه الأيام يُجري النظام المصري التجهيزات لعقد انتخابات رئاسية جديدة، على وقع جلسات "الحوار الوطني" وإنجازات "الجمهورية الجديدة". والخبرة المصرية في العقد الأخير جعلت مصطلح "انتخابات" كفيلا بتحفيز ذاكرة الأحداث عبر استعادة سيناريوهات مؤلمة مرتبطة بمواسم الانتخابات ونتائجها، بدأت فصولها في 2011 واستمرت حتى اليوم، تلك الأحداث التي لو أنتجت في "فيلم سينمائي" لكان دور البطولة فيها بامتياز للمحكمة الدستورية العليا -في رأيي-! فقد قدمت خدماتها للمؤسسة العسكرية بسخاء، وأسهمت بإخلاص في كل المواقف بالتصريحات والأحكام والرجال، وأدت دورا محوريا أحدث بلبلة بين فرقاء السياسة، وأمعن في تعقيد الطريق أمام المؤسسات الدستورية المنتخبة عقب الثورة.

واستمرت بعد الانقلاب في لعب دور المخلص الأمين الذي يقدم النصائح الدستورية، وببدد العقبات القانونية، ما أسهم في إعادة الحكم للمؤسسة العسكرية واستحواذ الجيش على القصر بعد "طلاق ثوري بائن"!

الدستورية والانتخابات الرئاسية

في هذا المقال لن أذهب بك بعيدا بسرد الروايات المتعارضة في تقييم دور المحكمة عبر مواقفها السياسية في تعطيل برلمان 2012 وتحدي قرار الرئيس بإعادته، أو إلغاء قانون العزل لمصلحة فلول الدولة العميقة، أو بطلان قانون الجمعية التأسيسية لإهدار دستور 2012، كما أنني لن أسرد أمثلة عن تعاملها بالمرصاد مع مؤسسة الرئاسة، ولن أذكرك بتصريحات تهاني الجبالي، نائبة رئيس المحكمة الدستورية آنذاك، لصحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية أن "العسكر كانوا عازمين منذ البداية على تعزيز سلطتهم ومنع الإسلاميين من الصعود إلى السلطة، وقد ساعدتهم قرارات المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في الوصول إلى تلك الغاية"، ولن أصل بك لقمة هرم الخيانة المتمثل في أحكام الدستورية بخصوص التفريط في جزيرتي تيران وصنافير.

"العسكر كانوا عازمين منذ البداية على تعزيز سلطتهم ومنع الإسلاميين من الصعود إلى السلطة، وقد ساعدتهم قرارات المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في الوصول إلى تلك الغاية"، ولن أصل بك لقمة هرم الخيانة المتمثل في أحكام الدستورية بخصوص التفريط في جزيرتي تيران وصنافير
لكني في هذا المقال سأكتفي بسرد "واقعة قانونية طريفة" دارت فصولها في نيسان/ أبريل 2014، نهاية فترة المستشار عدلي منصور الرئيس الموقت بعد الانقلاب العسكري، وبالتحديد قبيل الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها السيسي، حيث أصدر المستشار عدلي منصور قرارا بقانون عدّل بموجبه قانون المحكمة الدستورية العليا، فأضاف مادة جديدة تتضمن "تسريع إجراءات الطعن أمام الدستورية في الدعاوي الخاصة بقوانين الانتخابات الرئاسية أو النيابية".

قد ترى أن تسريع الإجراءات أمر طبيعي، وأن الأمور لا ينبغي أن تطول في ظل فترة استثنائية كتلك، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فسلطة الانقلاب أرادت بهذا التعديل تحصين قانون الانتخابات الرئاسية من أية طعون، كما قطعت الطريق على "شركاء 30 يونيو" إن رغبوا في ممارسة "مشاغباتهم القديمة" باللجوء لمجلس الدولة والطعن على الانتخابات بحجة عدم دستورية القانون الذي أجريت في ظله، فتعديل القانون قد وضع مسارا مكوكيا لا يتناسب مع رصانة الطرح بعدم الدستورية، كما يتناقض مع مسار الإجراءات الدستورية البطيء بطبيعته، والذي عودتنا عليه المحكمة.

العجيب أن المحكمة الدستورية ذاتها لما أحيل إليها الطعن بعدم دستورية قانون مجلس الشعب والمطالبة بإبطال الانتخابات التي أجريت بموجبه في عام 1990، حكمت في هذا الطعن في تموز/ يوليو 2000 (بعد عشر سنوات كاملة من الإحالة)، ما يجعل التعديل الذي أصدره عدلي منصور محل تهمة ودليل مجاملة.

في الخطوة الأولى للتعديل ألزم كافة المحاكم في حال الطعن بعدم دستورية قانون الانتخابات أن تقدم أوراق القضية التي بحوزتها لقلم كتاب المحكمة الدستورية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور قرار الإحالة، وفي خطوته الثانية منح ذوي الشأن ثلاثة أيام لرفع الدعوى الدستورية، ثم ألزم في خطوته الثالثة بإعلان أطراف الدعوى خلال ثلاثة أيام من وقت رفعها، وفي خطوته الرابعة حدد مدة ستة أيام بحد أقصى لإيداع المذكرات، ثم أخيرا ألزم المحكمة الدستورية بالفصل في الدعوى خلال خمسة أيام من تاريخ أول جلسة، ليكون إجمالي مسار الأحداث منذ الرغبة في الطعن على القانون حتى صدور الحكم فيه؛ خمس خطوات تستغرق عشرين يوما على أقصى تقدير.

التعديل بهذا الشكل المتسرع فرض على المحكمة الدستورية أمورا كانت ترفضها في الماضي، وبشدة، فالمحكمة الدستورية قد رفضت "الرقابة الدستورية السابقة" التي أقرها دستور 2012 على قوانين الانتخابات، لكنها هنا -على النقيض- رحبت ونفذت ولم تعترض، رغم أن القانون قد فرض عليها مسارا وقتيا ضيقا ما جعلها محل انتقاد.


مرت انتخابات 2014 التي أجراها السيسي واستلم الحكم -فعليا- من عدلي منصور الذي عاد لرئاسة الدستورية مجددا!

المحكمة قامت بالدور كما يجب، وحفظت للمؤسسة العسكرية جميلها في التأسيس ودعم المسار، في المقابل رفعت المؤسسة العسكرية قدر رجالها بعد الانقلاب عبر تولي "رئاسة الدولة" و"رئاسة مجلسي النواب والشيوخ"، في شراكة مصيرية قامت المحكمة فيها بأدوار غاية في الأهمية، ما جعلها الوكيل القضائي الحصري للخدمات العسكرية
في تموز/ يوليو 2015 وفي خطوة مفاجئة وغير مفهومة، ألغى السيسي قانون تسريع الإجراءات الذي أقره عدلي منصور، بالرغم من التجهيز لانتخابات مجلس النواب التي أجريت في تشرين الأول/ أكتوبر 2015. بهذه الخطوة لم تصبح المحكمة ملزمة بمسار "العشرين يوما"، وعلى من يرغب في الطعن على قوانين الانتخابات سلوك المسار الطبيعي للإجراءات، وهو ما يعني استعادة المسار البطيء للتقاضي مرة أخرى والذي قد يُستخدم في تفويت فرص حل المجالس النيابية التي قد تطول لعشر سنوات كما تم في الطعن على دستورية قانون الانتخابات عام 1990، فلم يُحل برلمان 90 أو 95 وجاء حكم المحكمة الدستورية عقب انتهاء مدتهما!

نحن أمام محكمة أسسها نظام "عبد الناصر" للنيل من استقلال القضاء، فقرار تأسيسها رقم 81 لسنة 1969 نشر في ذات الجريدة الرسمية متبوعا بقرارات أرقام (82/ 83/ 84/ 85 لسنة 1969) أصدرتها السلطة بحل المجالس القضائية، وفصل عشرات القضاة، وإقالة مجلس إدارة نادي القضاة وإحلال مجلس معين محله، وتعديل قانون مجلس الدولة على غير رغبة القضاة، وهي القرارات التي عُرفت فيما بعد بـ"مذبحة القضاة"، وقامت فيها المحكمة العليا بدور هام في تقييد خطوات القضاة من أجل استعادة استقلالهم، وهو ما حدا بالقضاة خلال مؤتمر العدالة الأول -والأخير- الذي أقيم عام 1986 إلى القول بأنه "لا مبرر لقيام هذه المحكمة في دولة موحدة" وطالبوا بإلغائها، وإسناد سلطة رقابة دستورية القوانين لمحكمة النقض، لكن السلطة في المقابل عززت من دور المحكمة الدستورية، وزادتها قوة، ما جعلها سيف السلطة، وشريك كفاحها في محاربة القضاء والمواطنين على حدٍ سواء.

المحكمة قامت بالدور كما يجب، وحفظت للمؤسسة العسكرية جميلها في التأسيس ودعم المسار، في المقابل رفعت المؤسسة العسكرية قدر رجالها بعد الانقلاب عبر تولي "رئاسة الدولة" و"رئاسة مجلسي النواب والشيوخ"، في شراكة مصيرية قامت المحكمة فيها بأدوار غاية في الأهمية، ما جعلها الوكيل القضائي الحصري للخدمات العسكرية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري انتخابات المحكمة الدستورية قوانين القضاء مصر انتخابات القضاء المحكمة الدستورية قوانين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة عالم الفن صحافة سياسة صحة مقالات رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة المحکمة الدستوریة الدستوریة العلیا بعد الانقلاب عدلی منصور الطعن على

إقرأ أيضاً:

مئات الضباط الإسرائيليين يرغبون فى التخلص من الخدمة العسكرية

قالت القناة الإسرائيلية 12 إن نحو 900 ضابط برتب متفاوتة طلبوا بحث إمكانية تحريرهم من عقود الخدمة العسكرية خلال العام الأخير، في حين لم تتجاوز مثل هذه الطلبات سابقا 150 ضابطا.

وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قالت إن عشرات جنود الاحتياط يعلنون أنهم لن يعودوا للخدمة العسكرية في غزة حتى لو تعرضوا للعقاب.

ويأتي ذلك في وقت ذكرت فيه وسائل إعلام إسرائيلية أن المئات من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي يغادرون شهريا إلى الخارج بدون إبلاغ قادتهم، في ظل استمرار الحرب على غزة حيث تكبدت قوات الاحتلال خسائر كبيرة خلال الأشهر الماضية.

وبدوره، قال موقع والا الإسرائيلي إن الجيش يعاني من نقص في الجنود، ويسعى لتشكيل فرقة جديدة لتنفيذ مهام مختلفة.

وأضاف الموقع أن الجيش سيطلق على الفرقة اسم "فرقة دافيد"، وستضم جنودا ومجندات بلغوا سن الإعفاء ومتطوعين وعناصر من الحريديم، وقد يتمكن الجيش بذلك من تجنيد 40 ألف مقاتل.

ونقل الموقع عن مصادر في الجيش، أن تجنيد المقاتلين قد يسهم في مهام عدة منها أمن الحدود والضفة الغربية وحرب متعددة الجبهات مستقبلا.

في هذه الأثناء، فرقت الشرطة الإسرائيلية مظاهرة للحريديم، استمرت لساعات في مدينة القدس المحتلة، احتجاجا على قرار المحكمة العليا القاضي بإلزامهم بالخدمة العسكرية.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن المتظاهرين أضرموا النار في ممتلكات عامة في منطقة روميما بالقدس الغربية، مما دفع الشرطة لتفريق المظاهرة باستخدام المياه العادمة.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قضت الثلاثاء الماضي بفرض تجنيد اليهود الحريديم في جيش الاحتلال الذي يواجه مقاومة شرسة في قطاع غزة ويتعرض لضغط  على جبهة جنوب لبنان.

كما أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية بتجميد ميزانية المدارس الدينية، وقالت في قرارها إنه لا يوجد أساس قانوني تستند إليه الحكومة في إعفاء اليهود الحريديم من التجنيد.

ومن شأن هذا القرار أن يحدث صدمة في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعارض لتجنيدهم.


 

 

مقالات مشابهة

  • ‏زعيم المعارضة الإسرائيلية: على الجيش أن يحترم القانون وينفذ قرار المحكمة بتفعيل قانون التجنيد
  • الذكرى الـ 11 لانتصار الشعب.. النص الكامل لبيان 3 يوليو
  • أستاذ قانون فلسطيني عن دعم مهرجان العلمين لغزة: لافتة إنسانية من مدينة المستقبل
  • حصانة مطلقة ولكن.. ماذا يعني قرار المحكمة العليا بالنسبة لترامب؟
  • العليا الأمريكية تحكم بـ حصانة جزئية لترامب.. ماذا يعني هذا؟
  • المحكمة العليا الأميركية تمنح ترامب “حصانة جزئية”
  • إعادة قضية "حصانة ترامب" إلى محكمة أدنى في واشنطن
  • المحكمة الأمريكية العليا تفصل في الحصانة الجنائية المطلقة لترامب
  • المحكمة العليا الأميركية تحسم الجدل حول "حصانة ترامب"
  • مئات الضباط الإسرائيليين يرغبون فى التخلص من الخدمة العسكرية