عربي21:
2024-11-27@00:31:35 GMT

المحكمة الدستورية للخدمات العسكرية!

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

هذه الأيام يُجري النظام المصري التجهيزات لعقد انتخابات رئاسية جديدة، على وقع جلسات "الحوار الوطني" وإنجازات "الجمهورية الجديدة". والخبرة المصرية في العقد الأخير جعلت مصطلح "انتخابات" كفيلا بتحفيز ذاكرة الأحداث عبر استعادة سيناريوهات مؤلمة مرتبطة بمواسم الانتخابات ونتائجها، بدأت فصولها في 2011 واستمرت حتى اليوم، تلك الأحداث التي لو أنتجت في "فيلم سينمائي" لكان دور البطولة فيها بامتياز للمحكمة الدستورية العليا -في رأيي-! فقد قدمت خدماتها للمؤسسة العسكرية بسخاء، وأسهمت بإخلاص في كل المواقف بالتصريحات والأحكام والرجال، وأدت دورا محوريا أحدث بلبلة بين فرقاء السياسة، وأمعن في تعقيد الطريق أمام المؤسسات الدستورية المنتخبة عقب الثورة.

واستمرت بعد الانقلاب في لعب دور المخلص الأمين الذي يقدم النصائح الدستورية، وببدد العقبات القانونية، ما أسهم في إعادة الحكم للمؤسسة العسكرية واستحواذ الجيش على القصر بعد "طلاق ثوري بائن"!

الدستورية والانتخابات الرئاسية

في هذا المقال لن أذهب بك بعيدا بسرد الروايات المتعارضة في تقييم دور المحكمة عبر مواقفها السياسية في تعطيل برلمان 2012 وتحدي قرار الرئيس بإعادته، أو إلغاء قانون العزل لمصلحة فلول الدولة العميقة، أو بطلان قانون الجمعية التأسيسية لإهدار دستور 2012، كما أنني لن أسرد أمثلة عن تعاملها بالمرصاد مع مؤسسة الرئاسة، ولن أذكرك بتصريحات تهاني الجبالي، نائبة رئيس المحكمة الدستورية آنذاك، لصحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية أن "العسكر كانوا عازمين منذ البداية على تعزيز سلطتهم ومنع الإسلاميين من الصعود إلى السلطة، وقد ساعدتهم قرارات المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في الوصول إلى تلك الغاية"، ولن أصل بك لقمة هرم الخيانة المتمثل في أحكام الدستورية بخصوص التفريط في جزيرتي تيران وصنافير.

"العسكر كانوا عازمين منذ البداية على تعزيز سلطتهم ومنع الإسلاميين من الصعود إلى السلطة، وقد ساعدتهم قرارات المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في الوصول إلى تلك الغاية"، ولن أصل بك لقمة هرم الخيانة المتمثل في أحكام الدستورية بخصوص التفريط في جزيرتي تيران وصنافير
لكني في هذا المقال سأكتفي بسرد "واقعة قانونية طريفة" دارت فصولها في نيسان/ أبريل 2014، نهاية فترة المستشار عدلي منصور الرئيس الموقت بعد الانقلاب العسكري، وبالتحديد قبيل الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها السيسي، حيث أصدر المستشار عدلي منصور قرارا بقانون عدّل بموجبه قانون المحكمة الدستورية العليا، فأضاف مادة جديدة تتضمن "تسريع إجراءات الطعن أمام الدستورية في الدعاوي الخاصة بقوانين الانتخابات الرئاسية أو النيابية".

قد ترى أن تسريع الإجراءات أمر طبيعي، وأن الأمور لا ينبغي أن تطول في ظل فترة استثنائية كتلك، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فسلطة الانقلاب أرادت بهذا التعديل تحصين قانون الانتخابات الرئاسية من أية طعون، كما قطعت الطريق على "شركاء 30 يونيو" إن رغبوا في ممارسة "مشاغباتهم القديمة" باللجوء لمجلس الدولة والطعن على الانتخابات بحجة عدم دستورية القانون الذي أجريت في ظله، فتعديل القانون قد وضع مسارا مكوكيا لا يتناسب مع رصانة الطرح بعدم الدستورية، كما يتناقض مع مسار الإجراءات الدستورية البطيء بطبيعته، والذي عودتنا عليه المحكمة.

العجيب أن المحكمة الدستورية ذاتها لما أحيل إليها الطعن بعدم دستورية قانون مجلس الشعب والمطالبة بإبطال الانتخابات التي أجريت بموجبه في عام 1990، حكمت في هذا الطعن في تموز/ يوليو 2000 (بعد عشر سنوات كاملة من الإحالة)، ما يجعل التعديل الذي أصدره عدلي منصور محل تهمة ودليل مجاملة.

في الخطوة الأولى للتعديل ألزم كافة المحاكم في حال الطعن بعدم دستورية قانون الانتخابات أن تقدم أوراق القضية التي بحوزتها لقلم كتاب المحكمة الدستورية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور قرار الإحالة، وفي خطوته الثانية منح ذوي الشأن ثلاثة أيام لرفع الدعوى الدستورية، ثم ألزم في خطوته الثالثة بإعلان أطراف الدعوى خلال ثلاثة أيام من وقت رفعها، وفي خطوته الرابعة حدد مدة ستة أيام بحد أقصى لإيداع المذكرات، ثم أخيرا ألزم المحكمة الدستورية بالفصل في الدعوى خلال خمسة أيام من تاريخ أول جلسة، ليكون إجمالي مسار الأحداث منذ الرغبة في الطعن على القانون حتى صدور الحكم فيه؛ خمس خطوات تستغرق عشرين يوما على أقصى تقدير.

التعديل بهذا الشكل المتسرع فرض على المحكمة الدستورية أمورا كانت ترفضها في الماضي، وبشدة، فالمحكمة الدستورية قد رفضت "الرقابة الدستورية السابقة" التي أقرها دستور 2012 على قوانين الانتخابات، لكنها هنا -على النقيض- رحبت ونفذت ولم تعترض، رغم أن القانون قد فرض عليها مسارا وقتيا ضيقا ما جعلها محل انتقاد.


مرت انتخابات 2014 التي أجراها السيسي واستلم الحكم -فعليا- من عدلي منصور الذي عاد لرئاسة الدستورية مجددا!

المحكمة قامت بالدور كما يجب، وحفظت للمؤسسة العسكرية جميلها في التأسيس ودعم المسار، في المقابل رفعت المؤسسة العسكرية قدر رجالها بعد الانقلاب عبر تولي "رئاسة الدولة" و"رئاسة مجلسي النواب والشيوخ"، في شراكة مصيرية قامت المحكمة فيها بأدوار غاية في الأهمية، ما جعلها الوكيل القضائي الحصري للخدمات العسكرية
في تموز/ يوليو 2015 وفي خطوة مفاجئة وغير مفهومة، ألغى السيسي قانون تسريع الإجراءات الذي أقره عدلي منصور، بالرغم من التجهيز لانتخابات مجلس النواب التي أجريت في تشرين الأول/ أكتوبر 2015. بهذه الخطوة لم تصبح المحكمة ملزمة بمسار "العشرين يوما"، وعلى من يرغب في الطعن على قوانين الانتخابات سلوك المسار الطبيعي للإجراءات، وهو ما يعني استعادة المسار البطيء للتقاضي مرة أخرى والذي قد يُستخدم في تفويت فرص حل المجالس النيابية التي قد تطول لعشر سنوات كما تم في الطعن على دستورية قانون الانتخابات عام 1990، فلم يُحل برلمان 90 أو 95 وجاء حكم المحكمة الدستورية عقب انتهاء مدتهما!

نحن أمام محكمة أسسها نظام "عبد الناصر" للنيل من استقلال القضاء، فقرار تأسيسها رقم 81 لسنة 1969 نشر في ذات الجريدة الرسمية متبوعا بقرارات أرقام (82/ 83/ 84/ 85 لسنة 1969) أصدرتها السلطة بحل المجالس القضائية، وفصل عشرات القضاة، وإقالة مجلس إدارة نادي القضاة وإحلال مجلس معين محله، وتعديل قانون مجلس الدولة على غير رغبة القضاة، وهي القرارات التي عُرفت فيما بعد بـ"مذبحة القضاة"، وقامت فيها المحكمة العليا بدور هام في تقييد خطوات القضاة من أجل استعادة استقلالهم، وهو ما حدا بالقضاة خلال مؤتمر العدالة الأول -والأخير- الذي أقيم عام 1986 إلى القول بأنه "لا مبرر لقيام هذه المحكمة في دولة موحدة" وطالبوا بإلغائها، وإسناد سلطة رقابة دستورية القوانين لمحكمة النقض، لكن السلطة في المقابل عززت من دور المحكمة الدستورية، وزادتها قوة، ما جعلها سيف السلطة، وشريك كفاحها في محاربة القضاء والمواطنين على حدٍ سواء.

المحكمة قامت بالدور كما يجب، وحفظت للمؤسسة العسكرية جميلها في التأسيس ودعم المسار، في المقابل رفعت المؤسسة العسكرية قدر رجالها بعد الانقلاب عبر تولي "رئاسة الدولة" و"رئاسة مجلسي النواب والشيوخ"، في شراكة مصيرية قامت المحكمة فيها بأدوار غاية في الأهمية، ما جعلها الوكيل القضائي الحصري للخدمات العسكرية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري انتخابات المحكمة الدستورية قوانين القضاء مصر انتخابات القضاء المحكمة الدستورية قوانين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة عالم الفن صحافة سياسة صحة مقالات رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة المحکمة الدستوریة الدستوریة العلیا بعد الانقلاب عدلی منصور الطعن على

إقرأ أيضاً:

هل ينهي حكم الدستورية العليا امتداد عقد الإيجار للورثة؟.. خبير يوضح

كتب- عمرو صالح:

كشف الدكتور حسام سعيد عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي والخبير القانوني، عن موقف حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير المتعلق بالإيجار القديم من امتداد عقد الإيجار للورثة حال وفاة المستأجر الأصلي.

وقال "سعيد"، في تصريحات لمصراوي، إن حكم الدستورية المتعلق بقانون الإيجار القديم لم يمت بأي صلة من قريبة أو بعيد لحالات امتداد عقد الإيجار للورثة، موضحًا أنه تناول القيمة الإيجارية للوحدات السكنية العاملة بقانون رقم 36 لسنة 1981.

كانت المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتَين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنته من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى، اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون.

اقرأ أيضا:

السياحة: وصلنا لمكان غرق يخت البحر الأحمر.. وبدء عمليات الإنقاذ

الرئيس السيسي يجتمع بمدبولي ومحافظ البنك المركزي.. وبيان رئاسي بالتفاصيل

طرح أراضٍ سكنية مميزة للبيع في القاهرة - تفاصيل

امتداد عقد الإيجار للورثة حكم المحكمة الدستورية العليا قانون الإيجار القديم القيمة الإيجارية للوحدات السكنية الدكتور حسام سعيد

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: نشرة التوك شو| غرق المركب السياحي بالبحر الأحمر وتراجع أسعار الفراخ والبيض الأخبار المتعلقة نشرة التوك شو| كواليس وفاة الملحن محمد رحيم والنواب يوضح موقف مشروع أخبار تسلمت حيثيات الحكم.. "إسكان النواب" تكشف موعد بدء مناقشة قانون الإيجار أخبار رئيس "إسكان النواب": دراسة شاملة لمشروع قانون الإيجار القديم أخبار ائتلاف ملاك العقارات القديمة يقترح زيادة الإيجار إلى 5000 جنيه للوحدات أخبار أخبار مصر هل ينهي حكم الدستورية العليا امتداد عقد الإيجار للورثة؟.. خبير يوضح منذ 21 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر أمطار وبرودة ونشاط رياح.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الأيام المقبلة منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر مصدر يكشف موعد رد جدية حجز برامج الحج 2025 منذ 3 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 26-11-2024 منذ 4 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر تصل للحبس.. ننشر عقوبة الحصول على الدعم النقدي بالمخالفة للقانون منذ 4 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر نشرة التوك شو| غرق المركب السياحي بالبحر الأحمر وتراجع أسعار الفراخ منذ 6 ساعات قراءة المزيد

إعلان

إعلان

أخبار

هل ينهي حكم الدستورية العليا امتداد عقد الإيجار للورثة؟.. خبير يوضح

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 28

القاهرة - مصر

28 19 الرطوبة: 37% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • الإطار:لاتوافق حاليا على تعديل قانون الانتخابات
  • هل ينهي حكم الدستورية العليا امتداد عقد الإيجار للورثة؟.. خبير يوضح
  • قانون «غزو لاهاى».. هل تستطيع الولايات المتحدة تنفيذه فى هولندا؟.. القانون يخول استخدام القوة لتحرير أى أمريكى محتجز لدى المحكمة فى لاهاى ويوحى بإمكانية «غزو» المدينة
  • محامي بـ«الدستورية العليا»: قانون اللجوء الجديد في مصر يحافظ على الأمن القومي
  • المالكي يطالب بتعديل قانون الانتخابات لبقاء الإطار الفاسد جاثما على صدر الشعب
  • المفوضية تحدد موعد الطعن في النتائج الأولية لانتخابات المجالس البلدية
  • “الكاف” يقسو على المولودية والإدارة تقرر الطعن
  • تعرف على القوانين التي أقرها الكنيست الإسرائيلي.. عنصرية وتعزز الاحتلال
  • الجابون: المحكمة الدستورية تدرس النتائج المؤقتة للاستفتاء على تعديل الدستور
  • تحديد الرسوم والمقابل المالي للخدمات التي تصدرها " تنمية المؤسسات"