الأردن.. مجلس النواب في «اتجاه معاكس»
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
الأردن.. مجلس النواب في «الاتجاه المعاكس»
أقله يا قوم امنحونا كمواطنين جملة واحدة مفيدة تبلغنا بالذي تريده منا المؤسسات بشكل مفصل وواضح.
لا أعرف سببا يدفع أي عضو في مجلس النواب الموقر لتهديد المجتمع ضمنا بتعديل قانوني أشد غلاظة من تشريع قدر الناس أصلا أنه يهدد حرياتهم.
أصبح القانون واقعا ودستوريا ولا نملك إلا الخضوع له ثم العمل على تعديله مستقبلا مع البرلمانات المنتخبة الأخرى وليس فقط مع البرلمان الحالي.
تعديل القانون لاحقا ليس بالضرورة نحو تخفيف العقوبات المغلظة لا بل بالعكس الإيحاء بتعديل يغلظ العقوبات إذا لم تطبق سابقتها أو تنفذ المطلوب منه.
تشير أوساط بمجلس النواب أن التعديلات الممكنة على قانون الجرائم الإلكترونية يمكن أن تذهب نحو التغليظ والتشديد إن ثبت أن النصوص الحالية لم تؤدِ المطلوب منها.
* * *
لا تفاجئني محاولة أوساط اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني التأشير على أن التعديلات الممكنة مستقبلا وحصرا على قانون الجرائم الإلكترونية يمكن أن تذهب باتجاه التغليظ والتشديد في حال ثبوت أن النصوص الحالية لم تؤدِ الى المطلوب منها.
لا الحكومة ولا مجلس النواب تقدما بتصور أصلا للمطلوب من قانون الجرائم الإلكترونية.
يحتار المراقب في فهم خلفية مسوغات مثل هذا التعليق الذي تلوّح فيه اللجنة القانونية البرلمانية أمام الأردنيين المقهورين بتغليظ العقوبات مستقبلا خصوصا وأن فرضية تعديل القانون الذي أزعج الجميع في الخارج والداخل كانت قد طرحت في الأطر المرجعية بشكل عمومي أكثر وبصيغة توحي بالرغبة في تهدئة خواطر الشارع الغاضب من الصياغة القانونية.
لا أعرف سببا يدفع أي عضو في مجلس النواب الموقر لتهديد المجتمع ضمنا بتعديل قانوني أشد غلاظة من تشريع قدر الناس أصلا أنه يهدد حرياتهم.
ومن الصعب وصف حالة من غياب التناغم الملموس بين مؤسسات الدولة في السياق.
القيادة ومركزها اجتهدا علنا في طمأنة الأردنيين وإنتاج ضمانات لهم بأن نصوص قانون الجرائم الالكترونية لن تطال التعددية الإعلامية والحزبية وأنها لن تطال وسائل الإعلام لا بل قيل للجميع في الخارج والداخل وعلنا بأن الأردن لم ولن يكون دولة بوليسية.
لا يوجد أوضح وأصرح من هذه التصريحات المرجعية لكن بعض النواب يتمرسون في معاكستها.
بدا غريبا جدا أن تتجه أوساط اللجنة القانونية في مجلس النواب لتبديد الوضوح لا بل لإنتاج رسالة معاكسة توحي للناس بأن تعديل القانون لاحقا ليس بالضرورة باتجاه تخفيف العقوبات المغلظة لا بل بالعكس الإيحاء بتعديل قد يغلظ العقوبات إذا لم تطبق سابقتها أو تنفذ المطلوب منه.
هذا الارتجال وتلك العشوائية يخالفان ما نقل عن رئيس مجلس النواب الذي خاطب الإعلاميين علنا قبل أيام قليلة وطالبهم بمراجعته شخصيا بصفته الدستورية إذا ما حاول أحد في السلطة التنفيذية التعسف باستعمال نصوص القانون باتجاه محاسبة أي منهم على نقد مباح وطنيا للأداء.
يبدو أن الرواية لا تزال غير موحدة في أقنية المؤسسات حتى على شكل وصيغة فرضية تعديل نصوص قانون لفظه المجتمع المدني المحلي وتندد به المنظمات الدولية.
لا أحد يمكنه الاستفادة وطنيا من تحريض الأردنيين على بعضهم البعض ولا قيمة مضافة أو يمكن أن تضاف بعد تصريحات يمكن الاستغناء عنها توحي بأن سلطة التشريع بدلا من مراقبة السلطة التنفيذية لصالح الشعب الناخب بموجب المقتضى الدستوري تزاود عليها في تغليظ العقوبات.
ذلك تنميط لقوى الشد العكسي وعنصر تشدد تشريعي بعدما عبر القانون بمراحله الدستورية في وظيفة تبدو مجانية ومتبرع بها لإقناع الشارع بأن مجلس النواب مصر على التزيد ويملك مساحة خاصة في فهم وتفسير فرضية تعديل القانون مسبقا لا بل يوحي مثل هذا الخطاب والكلام ليس فقط بأن مؤسسات الدولة ليست موحدة لا الآن ولا مستقبلا في تصورات السيطرة على الشبكة الرقمية.
ولكن أيضا هي تتنافس في تغليظ العقوبات بشكل نفترض أنه سيرفع من الكلفة والفاتورة وسيؤذي الدولة والنظام ومؤسسات التشريع والمواطن معا إذا سمح له بالاسترسال.
الجهد الذي بذل في أروقة الأطر المرجعية بعد قانون الجرائم الالكترونية كان واضحا وحاد الملامح وباتجاه توفير ضمانات للخارج والداخل بأن القانون متطلب قسري لأغراض التنظيم وحماية الأفراد والمجتمع وبان تنفيذه سيخضع لنظام فلترة ونصوصه ليست مقدسة بل قابلة للتعديل بعد التجربة.
ما فهمه الناس والخبراء من تلك الضمانات المرجعية هو أن القانون المثير للجدل يمكن أن يخضع للمراجعة إذا ما أثارت نتائجه ما قيل عن أزمة مجتمعية.
بمعنى أن تمرير القانون له هدف محدد وصفته الحكومة عندما أعلنت أنه لن يطبق على مؤسسات الإعلام بل سيطال شريحة المسيئين كما وصفت على منصات لتواصل الاجتماعي فقط.
ما صدر عن اللجنة القانونية للنواب هو صورة مغايرة ومعاكسة عن هذه المثاقفة التشريعية.
ووجود مثل هذا التباين ليس دليل عافية وصحة في عملية التشريع ويؤسس لانطباعات متعاكسة توحي بأن مطابخ المؤسسات لم تتفق بعد على ما تريده أو لا تريده من تشريع هنا وآخر هناك الأمر الذي نراه دليلا لعرض مرضي أخطر من نصوص القانون التي نرفضها لأن هذا التباين والتصدع يمس أغلى ما يملكه الأردني اليوم وهو المؤسسات.
قلناها ونعيدها: قانون الجرائم الإلكترونية الجديد سيء ولا يمثل القيم الأردنية المألوفة بالخصوص وستنتج عن تنفيذه وتطبيقه مشكلات وتعقيدات يمكن الاستغناء عنها وسيطرح أزمة.
رغم ذلك أصبح القانون واقعا ودستوريا ولا نملك إلا الخضوع له ثم العمل على تعديله مستقبلا مع البرلمانات المنتخبة الأخرى وليس فقط مع البرلمان الحالي. أقله يا قوم امنحونا كمواطنين جملة واحدة مفيدة تبلغنا بالذي تريده منا المؤسسات بشكل مفصل وواضح.
*بسام البدارين كاتب صحفي وإعلامي أردني
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأردن المرجعية البرلمان مجلس النواب الجرائم الالكترونية السلطة التنفيذية تعديل قانوني قانون الجرائم الإلکترونیة اللجنة القانونیة فی مجلس النواب تعدیل القانون یمکن أن
إقرأ أيضاً:
خبير قانوني: تعديلات قانون العقوبات تكافح ظاهرة البلطجة وتحمي حقوق المواطنين
أكد المستشار محمود العفيفي، الخبير القانوني، أن التعديلات الأخيرة على قانون العقوبات تعالج ظاهرة استعراض القوة أو التهديد بالعنف، سواء من خلال التهديد أو استخدام السلاح بغرض ترويع المواطنين، موضحا أن هذه التعديلات تهدف إلى ردع محاولات فرض السيطرة على الأفراد.
وأضاف العفيفي، خلال ظهوره في برنامج "بالقانون" على قناة الحدث اليوم، أن قانون العقوبات يتصدى لأي محاولات تهدف إلى انتهاك حقوق المواطنين المشروعة، ويعمل على حماية أمنهم وسلامتهم وطمأنينتهم ومصالحهم وممتلكاتهم.
خبير: القانون يوفر إجراءات متعددة لحماية المواطنين من "نصابين بيع العقارات" الإفتاء تُحذر: التحرش جريمة حرمها الشرع ومنعها القانونوأشار إلى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2582 لسنة 2019، الذي ينص على إحالة النيابة العامة لجرائم الترويع والتخويف إلى محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، وفقاً للقانون رقم 162 لسنة 1958.
ولفت الخبير القانوني إلى أن العقوبة في هذه الجرائم تتراوح بين الحبس لمدة لا تقل عن سنتين وقد تصل إلى خمس سنوات، إذا ارتكب الفعل من قبل شخصين أو أكثر، أو كان مصحوباً بحيوان يثير الذعر، أو تم استخدام أسلحة أو عصي أو أدوات حارقة.
وأكد أنه في جميع الحالات، يتم وضع المحكوم عليه تحت المراقبة لمدة تعادل مدة العقوبة.