الأمم المتحدة تنبّه إلى خطر لا يُعطى الأهمية الكافية
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
تشكّل الأنواع الغريبة الغازية تهديداً شبه خفيّ لكنّه قائم فعلياً، يتناوله تقرير يُصدره، غدا الاثنين، المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية (IPBES) ويهدف إلى التنبيه من هذه الظاهرة والسعي إلى إيجاد سبل للتصدي لها.
فهذه الحيوانات أو النباتات شديدة القابلية للتكيف، والتي قد يُدخلها الإنسان إلى منطقة ما طوعاً أو لا إراديا، تتكاثر وتحل محل الأنواع المحلية أو تُبعدها.
وأوضح المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، الذي يتألف من مجموعة خبراء متعددي الجنسية يجتمعون تحت رعاية الأمم المتحدة، أن الأنواع الغازية تُعدّ مع التغيّر المناخي والتلوث مثلاً، من "العوامل المباشرة لتراجُع التنوع البيولوجي على مستوى العالم".
واستند تقرير المجموعة الجديد، الذي أعدّه 86 خبيراً دولياً من 49 دولة، إلى أكثر من 13 ألف دراسة مرجعية، تم تجميعها وتوليفها على مدى أربع سنوات بتكلفة إجمالية تزيد على مليون ونصف مليون المليون دولار أميركي.
وصدر التقرير بعد أشهر قليلة من "اتفاق كونمينغ-مونتريال" الذي حدد فيه المجتمع الدولي لنفسه هدفاً يتمثل في خفض معدل إدخال الأنواع الغريبة الغازية بنسبة 50 في المئة بحلول سنة 2030.
ولاحظ كريستوف ديان الباحث في معهد الأبحاث من أجل التنمية في مدينة مونبلييه الفرنسية أن "هذه الظاهرة غير معروفة كثيراً، ولم تكن، حتى وقت قريب، تُعطى الأهمية الكافية إلا لدى عدد محدود من العلماء، لكنها مع ذلك تطرح مشكلة كبيرة على المستوى البيئي والصحي وحتى الاقتصادي".
- انقراضات ومليارات
وأوضح ديان أن استقرار هذه الأنواع الدائم في مناطق جديدة "يغيّر البيئة المحلية، مما يؤدي إلى عواقب لا يمكن تقديرها في البداية، لكنها قد تصل إلى انقراض بعض الأنواع المحلية".
وتكثر الأمثلة على ذلك، ومنها طائر الدودو في موريشيوس الذي انقرض بسبب افتراسه من الحيوانات التي أتى بها المستوطنون (كالجرذان والقطط والكلاب)، وكذلك جراد البحر الأميركي، وهو حيوان مفترس يعيش في المجاري المائية الفرنسية، والنحلة الطنانة الأوروبية التي تبدو ظاهرياً غير مؤذية لكنها توشك على إبادة نظيرتها التشيلية بواسطة طفيليات تتسبب بنفوقها.
ولاحظت دراسة، نشرتها مجلة "غلوبل تشينج بايولوجي" عام 2021، أن الغزوات البيولوجية تهدد 14 في المئة من "التنوع الوظيفي" (الموطن والكتلة) للثدييات، متوقعة أن ينقرض خلال السنوات الخمسين المقبلة ما نسبته 27 في المئة من الطيور، أبرزها تلك المعرضة للخطر.
أما في ما يتعلق بصحة الإنسان، فيمكن أن تكون التأثيرات قوية، كما هي مثلاً حال بعوضة النمر التي تتسبب بوباءي حمى الضنك وشيكونغونيا.
ولا تقلّ العواقب على الصعيد المالي أهمية، إذ قدّرت دراسة، نشرتها مجلة "نيتشر" عام 2021، تكلفة أضرار هذه الظاهرة منذ عام 1970 بنحو 1288 مليار دولار أميركي على الأقل.
ووصف ديان، الذي تولى تنسيق هذه الدراسة، حجم الأضرار هذا بأنه "مبلغ ضخم!".
وأفادت دراسة أخرى في أبريل الفائت بأن حجم الأضرار مماثل تقريباً لتلك الناجمة عن الزلازل أو الفيضانات.
وشرحت قاعدة "إنفاكوست" (Invacost) للبيانات، التي يتولى المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية الدور الرئيسي في تنسيقها، أن هذه التكلفة "تتضاعف ثلاث مرات كل عقد منذ عام 1970" في حين أن "النفقات المستثمرة لتجنب هذه الغزوات أو ضبطها تتناقص في المقابل بما بين 10 مرات و100 مرة".
وأشار المنبر الحكومي الدولي إلى أن "التهديد المتزايد"، الذي تشكله الأنواع الغريبة الغازية "غير مفهوم بشكل عام".
ويهدف تقريرها غير المسبوق هذا إلى توفير مرجع "موثوق به" وإلى "المساهمة بشكل كبير في سد النواقص البالغة الأهمية في المعلومات (عن الظاهرة)، ودعم صناع القرار، وتوعية العامّة"، بحسب ما تقول هيلين روي من المركز البريطاني للبيئة والهيدرولوجيا التي شاركت في إدارة التقرير المنشور.
- مشكلة تصنيف الأنواع الضارة
لا يتوافر سوى عدد قليل من التعدادات الرسمية. وذكّر ديان بأن قاعدة البيانات العالمية للأنواع الغازية، التي ينسقها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، قدّرت عددها بـ 1071 نوعاً، لكنّ التغيّر المناخي يسرع انتقال الأنواع.
وقد تبقى التأثيرات الضارة غير ظاهرة لمدة طويلة، وبعض الأنواع التي كانت تُعتَبَر غازية قد لا تعود مصنّفة كذلك بعد بضع سنوات لأن البيئة تكون قد تكيفت معها أو لكونها تنقرض من تلقائها.
وشدد ديان، تالياً، على ضرورة عدم شيطنة الأنواع، إذ "ليست بينها +أنواع جيدة وأخرى سيئة+ في ذاتها، بل إن المشكلة تنشأ من نزوحها، ولا تكمن في النوع نفسه".
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: خطر تغير المناخ الحشرات
إقرأ أيضاً:
جنوب أفريقيا: لا نخطط للرد على التعريفات التي فرضها ترامب
قالت حكومة جنوب أفريقيا إنها لا تملك خططا عاجلة للرد على الولايات المتحدة بسبب التعريفات الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية الأسبوع الماضي، وستسعى بدلا من ذلك إلى التفاوض من أجل الوصول إلى اتفاقيات وإعفاءات على الحصص التجارية.
وكان ترامب قد فرض رسوما جمركية بنسبة 31% على جميع الواردات من جنوب أفريقيا الأربعاء الماضي، عندما أعلن إجراءات ضريبية استهدفت عشرات البلدان من جميع أنحاء العالم.
وفي تصريحات للصحافة، قال وزير تجارة جنوب أفريقيا باركس تاو إن "القول بأننا سنفرض تعريفات جمركية متبادلة من دون فهم كيفية وصول الولايات المتحدة إلى نسبة 31% ستكون له نتائج عكسية".
وأشار باركس تاو إلى أن متوسط التعريفات التي تفرضها بلاده على ورادات الولايات المتحدة في حدود 7.6%.
وفي السياق، قال وزير خارجية جنوب أفريقيا رونالد لامولا إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تلغي الفوائد التي تتمتع بها الدول الأفريقية بموجب قانون النمو والفرصة في أفريقيا.
وتعد الولايات المتحدة الأميركية ثاني أكبر شريك تجاري لدولة جنوب أفريقيا بعد الصين، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بينهما العام الماضي 20.5 مليار دولار، شكلت منها الصادرات الأميركية إلى جوهانسبرغ نسبة 5.8 مليارات دولار، في حين شكلت واردات السلع الأميركية من جنوب أفريقيا نسبة 14.7 مليار دولار.
إعلان البحث عن بديلوقال وزيرا التجارة والخارجية في جنوب أفريقيا إنه يتعين على بلادهما تسريع الجهود لتنويع أسواق الصادرات، وخاصة نحو آسيا والشرق الأوسط.
وأكد الوزيران أن الحكومة ستسعى لدعم الصناعات الأكثر تضررا من الرسوم الجمركية، ومن ذلك صناعة السيارات والأغذية المصنعة والمعادن والزراعة.
وتتوقع جنوب أفريقيا أن تتسبب قرارات ترامب في تخفيض نموها الاقتصادي بأقل من 0.1%.
رغبة في التقاربوكانت جنوب أفريقيا -التي تصنف من أكبر المصنعين في أفريقيا- قد أعلنت سابقا رغبتها في إبرام اتفاق تجاري ثنائي مع فريق ترامب.
وعندما تم طرد سفيرها من واشنطن نهاية الشهر الماضي، قالت الحكومة إنها تأمل في تقوية العلاقات مع الولايات المتحدة عبر بوابة الاتفاقيات التجارية التي تجمع بين البلدين، ولكن بعد هجمات الرئيس ترامب المتكررة على حكومة الرئيس سيريل رامافوزا، وفرض الرسوم الجمركية الجديدة أصبح التقارب التجاري أمرا قد يبدو صعب المنال.
ومنذ أن رجع ترامب للحكم، توترت العلاقة بين واشنطن وبريتوريا لدرجة طرد السفير الجنوب أفريقي إبراهيم رسول نهاية الشهر الماضي، واتهامه بعداء أميركا وكره الرئيس الجديد.