جريدة الوطن:
2025-04-17@01:07:45 GMT

ماذا سنفعل إن نفد النفط؟

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

ماذا سنفعل إن نفد النفط؟

الحديث عن الذهب الأسود، النفط؛ يَدُور دائمًا بَيْنَ النقمة والنعمة، بَيْنَ مَن نجح من الدوَل في استغلاله بشكلٍ صحيح، واستفاد مِنْه للتطوير والتمكين والدَّفع بعجلة التنمية فكان لها نعمة وخير، وبَيْنَ مَن كان علَيْه نقمة، فرزح تحت وطأة الاستعمار الخارجي والتخدير النفطي والاتِّكاليَّة الداخليَّة.
بعض تلك الدوَل التي وهبها الله هذه النعمة قامت باستغلاله للاستعداد للدخول إلى ما بعده، فكان لها بمثابة المحطَّة التي تنتقل بها وعَبْرَها إلى المحطَّة التالية، دوَل أخرى اعتقَدَت أنَّ هذه الهِبَة سوف تدوم إلى الأبد، فسكَرَت برائحة النفط حتَّى غابت عن الوعي، ولَمْ تنتبه من نشوة النفط إلَّا وهي على أعتاب مرحلة قادمة، الله وحْدَه أعلَمُ كيف ستكابدها مع شعوبها.


ها هو العالَم يقترب من العام 2024 (4 أشهر فقط) إلَّا أنَّنا ما زلنا نسمع نَفْس المخاوف التي كنَّا نسمعها قَبل عقود من الزمن من الدوَل التي ما زالت غير قادرة من التخلُّص من لعنة النفط أو سكرته، ماذا سنفعل إن نفد النفط؟ فهل الصراخ على قَدْر الألَمْ أم على قَدْر الغباء؟
قلتُ في مقالات سابقة إنَّ النفط لَنْ ينفدَ، وإنْ كانت الدراسات التي تؤكِّد نفاده صادقة فإنَّ تحقُّقَ ذلك لَنْ يكُونَ إلَّا بعد عقود طويلة من الزمن من وجهة نظري. ولكنَّ المؤكَّد لديَّ أنَّ النفط سينتهي بطريقة أخرى، وهي بنفاد الحاجة له مع الوقت، والتحَوُّل مِنْه إلى بدائل أخرى، سينفد بالتخلِّي عَنْه وعن استخراجه مثلًا، سينفد بعدم وجود المستهلك والأدوات التي تعمل به، سينفد بانتهاء الفِكر التقليدي الذي يعمل على رائحة النفط إلى فكر آخر يعمل على بدائل أخرى.
على العموم اليوم وغدًا وهذا العام والعام القادم والذي يليه وحتَّى نهاية العام 2030 على أقلِّ تقدير ـ من وجهة نظري ـ سيبقى النفط السيِّد الذي ما زالت العديد من الدوَل المنتشية برائحته تصرُّ على البقاء تحت رحمة عبوديَّته؛ لأنَّها وببساطة لَمْ تتمكَّن حتَّى اللحظة من إيجاد بدائل موازية له، بدائل قادرة على تمويل مشاريعها وموازناتها الماليَّة، بدائل قادرة على تغطية العجز والديون واحتياجات مواطنيها، بدائل قادرة على تغطية الفساد وتمويل احتياجات أصحاب النفوذ والسُّلطة.
الخوف القادم ـ بتصوُّري ـ لَنْ يكمنَ في نفاد النفط كما يعتقد البعض، بل الخوف من انهيار أسعاره إلى الحدِّ الذي لا يَعُودُ على أصحابه حتَّى بهمِّ استخراجه وبيعه كما يقال، أو ارتفاعه إلى الحدِّ الذي لا تجد له مشتريًا، ولعلَّ هذه النتيجة الأخيرة تؤدِّي إلى الاقتتال علَيْه وسعي الدوَل الكبرى إلى مزيدٍ من استعمار الدوَل التي تملكه بطُرقٍ مختلفة، أو ربَّما نجد أنْفُسَنا في مرحلة المقايضة علَيْه؛ لأنَّنا دوَل غير مُصنِّعة أو مُنتِجة.
لا نستبعد أن نقايضَ علَيْه بعد سنوات للحصول على الطعام من الدوَل التي تصدِّر لنَا القمح والأرز والزيت، لا نستبعد أن نصلَ إلى المرحلة التي نتفاوض علَيْه ونقايضه للحصول على أقلام الكتابة والأوراق والأدوات المكتبية، لا نستبعد المقايضة علَيْه بالدواء والأجهزة التي تعمل عليها الطَّاقة الكهربائيَّة وغيرها من احتياجاتنا الأساسيَّة، لا نستبعد أن نسمعَ يومًا عن أنَّ النفط لَمْ يَعُدْ له تلك الحاجة الماسَّة في وجود الطَّاقة الشمسيَّة والطَّاقة الكهربائيَّة وغيرها من البدائل الأخرى.
فيا أيَّتها الحكومات المنتشية برائحة النفط، سيأتي اليوم الذي تقف فيه ناقلات النفط شاهدةً على غباء التفكير وضعف النظرة المستقبليَّة، غباء الاتِّكاليَّة، وجهل التسويف، ستقف خاوية ليس من نفاد النفط، بل من التحَوُّل عَنْه إلى مصادر أخرى للطَّاقة، ولنَا في الأعوام (1992-1993) حين وصل سعر البرميل إلى 10 دولار، أو في فترة انتشار وباء كورونا (2019-2021) عِبرة، ولست بحاجة إلى أن أذكِّركَم أنَّ العالَم قَدْ بدأ بإقامة تحالفات تتعهد بالتخلُّص التدريجي من نفطكم وغازكم، وأنَّ العديد من الدوَل المستهلكة والمستوردة بدأت البحث عن بدائل أخرى له، مع الإشارة إلى أنَّ تلك الدوَل لَنْ ترغبَ يومًا في تكرار أحداث الـ15 من أكتوبر 1973 أو ما أطلق علَيْه بصدمة النفط الأولى.

محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
azzammohd@hotmail.com
MSHD999 @

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الدو ل التی لا نستبعد ل أخرى

إقرأ أيضاً:

أحمد موسى : البحر الأحمر آمن تماما ولا يوجد بدائل لقناة السويس

قال الإعلامي أحمد موسي، إن إيرادات قناة السويس عام 2023 كانت 10 مليارات و200 مليون دولار، وعام 2024 كانت الإيرادات 3 مليارات و900 مليون دولار فقط، موضحا أن سبب التراجع هو ميلشيات الحوثيين. 

أحمد موسي: ستظل قناة السويس أهم وأرخص ممر مائي في العالميوم التفوق لجميع أبطال قناة السويس| أحمد موسي يكشف التفاصيل في بث مباشر

وأضاف “موسى” خلال تقديم برنامج “على مسئوليتي” المذاع على قناة “صدي البلد” الفضائية، أن قناة السويس حصلت على إشادات دولية كبيرة جدا حتي خلال فترة إنتشار فيروس كورونا.

وتابع أحمد موسي، أن البحر الأحمر في الوقت الحالى آمن تماما وليس به أي مشكلة ولن يكون هناك بدائل لقناة السويس ولكن ربما يكون هناك طرق أخري.

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى : البحر الأحمر آمن تماما ولا يوجد بدائل لقناة السويس
  • بعد الشهادة الإعدادية.. تعرف على بدائل الثانوية العامة 2025
  • وكالة S&P: بنوك الخليج قادرة على التعامل مع التوتر التجاري
  • ابحث عن بدائل صحية.. مخاطر الملح على مرضى الضغط
  • 10 أشياء شائعة داخل منزلك تهدّدك بالسرطان .. بدائل أكثر أمانًا
  • غوغل تطور نظارات ذكية تعمل بتقنية «الذكاء الاصطناعي»
  • ماذا يحدث في الأردن؟ ومن هي الجماعة التي تلقت تدريبات في لبنان؟
  • بدائل جديدة لقطع المرافق ومحاسبة المخالفين بسعر التكلفة بقانون التصالح
  • ويتكوف يحذر إيران من البحث عن بدائل: قد لا تكون في صالح أحد
  • وزير البترول: زيادة الإنتاج يجعل الدولة قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها من الطاقة