مصر تلغي الأرز من بطاقات التموين.. هل تحقق الهدف من التحول للدعم النقدي؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
ألغت الحكومة المصرية – للمرة الأولى – صرف سلعة الأرز على بطاقات التموين للمواطنين بعد أن كان يصرف إلى جانب الزيت والسكر منذ بدء منظومة الدعم في البلاد.
القرار الذي أعلنه وزير التموين المصري، علي المصيلحي، وأثار ردود فعل غاضبة في الشارع المصري وحتى على بعض وسائل الإعلام المؤيدة للنظام، ليس لعدم وجود السلعة ولكن نظراً لأن الـ50 جنيها (حصة الفرد النقدية) تغطي الزيت والسكر فقط.
يحصل كل فرد مسجل على بطاقة التموين على 50 جنيها (نحو 1.5 دولار) بحد أقصى أربعة أفراد، لكل بطاقة، ويستفيد نحو 64 مليون مواطن من الدعم التمويني، في بلد يرزح أكثر من 35 مليون تحت خط الفقر وفق آخر إحصاءات صادرة قبل أكثر من عامين.
بهدف تقليص قيمة الدعم، قرر رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، في 2014 ضمن أول حزمة قرارات اتخذها في اتجاه خفض وإلغاء الدعم مع الأيام الأولى لتوليه الحكم بالتحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي السلعي من أجل خفض تكلفة إجمالي الدعم الموجه للغذاء.
الفرق بين الدعم العيني والنقدي
في نظام الدعم العيني الذي كان مطبقاً يحصل الفرد على كيلوغرامين من الأرز وكيلوغرامين من السكر وكيلو ونصف من الزيت مقابل مبلغ نقدي رمزي، بصرف النظر عن تغييرات الأسعار داخليا وعالميا، آما الآن ومع تثبيت قيمة الدعم النقدي عند 50 جنيها منذ عام 2017 تآكلت قيمة الدعم إلى كيس سكر وزجاجة زيت فقط.
إلى جانب الخبز يعد الأرز وجبة طعام رئيسية للمصريين، وأحد مكونات بطاقات التموين الرئيسية إلى جانب السكر والزيت وبعض السلع الأخرى مثل الشاي والعدس والفول، وحققت مصر الاكتفاء الذاتي من الأرز من زراعة نحو 1.5 مليون فدان.
#وزير_التموين_المصري علي المصيلحي يقول إنه سيتم إلغاء صرف #الأرز على بطاقات #التموين في #مصر، ليس لعدم وجود السلعة ولكن نظراً لأن الـ50 جنيه تغطي #الزيت و #السكر #الأسواق_العربية pic.twitter.com/jCliUHHvnm
— الأسواق العربية (@AlArabiya_Bn) August 29, 2023يقول خبراء ومراقبون في تصريحات لـ"عربي21" إن النظام المصري نجح إلى حد كبير في إلغاء منظومة الدعم التموينية السلعية، وإبقاء منظومة دعم الخبز خوفا من حدوث أي اضطرابات اجتماعية باعتباره أهم سلعة غذائية.
وألغت الحكومة المصرية خططها لتحويل دعم الخبز إلى نقدي بدلا من عيني بسبب الأزمة الاقتصادية الأخيرة، وظل الخبز هو الدعم العيني الوحيد المتبقي في منظومة السلع التموينية، ويصرف على بطاقات التموين ويستفيد منه 71 مليون مواطن بسعر 5 قروش للرغيف ويحصل كل مواطن بمقتضاها على خمسة أرغفة يوميا بإنتاج يومي يبلغ 270 مليون رغيف.
توقف النظام المصري عن زيادة قيمة الدعم النقدي السلعي المشروط للعام السادس على التوالي رغم ارتفاع نسبة التضخم أكثر من 300% منذ ذلك الوقت في أسعار المنتجات الغذائية كافة؛ نتيجة انهيار قيمة العملة من نحو 15.7 جنيها للدولار إلى 40 جنيها في السوق السوداء.
في أول تحول لنظام الدعم النقدي المشروط بلغت قيمته 15 جنيها لكل فرد على بطاقة التموين ثم ارتفعت إلى 18 جنيها ثم إلى 21 جنيها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، مع بداية عملية التعويم، ثم إلى 50 جنيها في حزيران/ يونيو 2017، وهي آخر زيادة يحصل عليها المواطنون.
"مواطنون.. الحكومة قادرة علينا نحن فقط"
رغم تثبيت قيمة المبلغ النقدي واستمرار خفض قيمة الجنيه أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع، واصلت وزارة التموين والتجارة الداخلية تحديث قائمة أسعار السلع التموينية بما يتماشى مع الأسعار العالمية حتى أصبحت قيمة الدعم النقدي لا تساوي إلا 30% من قيمته الحقيقية.
اشتكى مواطنون لـ"عربي21" من تراجع قيمة الدعم النقدي للسلع التموينية.
تقول الحاجة سعاد: "التموين أصبح كلام فاضي.. بيصرفوا لنا السلع التي يريدوها ويلغو السلع التي نريدها، البطاقة لم تعد توفر لنا شيء".
وقال مواطن آخر، يعمل فني في ورشة للتكييفات: "أول مرة في تاريخ التموين لا يوجد أرز، لا ندري ماذا يحصل، الوزير يقول لك إن قيمة الفلوس غير كافية، من الذي جعلها غير كافية، وما هو ذنب الناس والغلابة فيما يحدث، أو يثبتوا سعر السلع ويربطوها على سعر 2017! أو يزودوا قيمة الدعم مثل ما قاموا بزيادة أسعار الكهرباء والغاز والبنزين".
وطالب الإعلامي أحمد موسى، المحسوب على السلطة، بإعادة النظر مرة أخرى في قرار منع صرف الأرز على بطاقة التموين، لأن الأرز وجبة أساسية للمصريين، ولا يجب فرض سلع بعينها على المواطن، مؤكدا "هناك مواطنون يعيشون على سلع التموين".
وأضاف موسى خلال تقديمه برنامج على مسئوليتي: "لا توجد أسرة في مصر لا تأكل الأرز"، مشيرا إلى أن التوقيت الحالي بمنع صرف الأرز على بطاقة التموين غير مناسب، وكان لا بد من تأجيله للفترة المقبلة، "كان هيجرى إيه لو سبنا الأرز على البطاقة، والله ما هيحصل حاجة".
الأرز أساسي لأهالينا .. أحمد موسى: أتمنى إعادة النظر فى قرار إلغاء صرف الأرز على البطاقات التموينية
"أبعد من التحول إلى الدعم النقدي"
يرى مستشار وزير التموين سابقا، إسماعيل تركي، إن "حكومة السيسي حققت هدفها الأول والأساسي في التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدي في السلع التموينية، وتحاول أن تلغي الدعم العيني للخبز، ولكن يبقى رغيف الخبز عقبة أمامها في التحول الكامل إلى الدعم النقدي".
وأضاف لـ"عربي21": "التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي ليس الهدف النهائي لحكومة السيسي، ولكن إلغاء الدعم هو الهدف النهائي لتلك الحكومة التي ترى الفقراء عبئا على موازنة الدولة".
أما قضية الأرز فلها أبعاد أخرى، بحسب تركي، وأوضح أن "حذفها من السلع التموينية نتيجة عدم توفر احتياطي من الأرز وارتفاع أسعارها عالميا وحظر بعض الدول تصديره وعلى رأسها الهند التي فرضت ضريبة 20٪ على تصدير الأرز البسمتي".
وتابع: "حتى الأصناف التي سمحت الهند بتصديرها فرضت عليها ضريبة 20٪ وقد فشلت الحكومة في العام الماضي في إجبار الفلاحين على توريد الأرز لها بشروطها رغم إجراءاتها التعسفية تجاههم".
وتوقع تركي أن "ترتفع أسعار الأرز داخل مصر بصورة كبيرة الموسم القادم نظرا لفروق الأسعار بين الداخل والخارج، ولجوء بعض الجهات النافذة داخل مصر لتصدير الأرز للحصول على الدولار رغم حظر التصدير".
ده كده مش ناقص إلا أن صندوق النقد الدولي يمنع عننا الهواء #ارحل_يا_فاشل #بلاد_الحرمين #النهارده_الخميس pic.twitter.com/gZ5ws3iYmB
— ثورة شعب (@ThawretShaaab) August 31, 2023المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحكومة المصرية الدعم مصر دعم حكومة ارز سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على بطاقة التموین إلى الدعم النقدی السلع التموینیة بطاقات التموین الأرز على من الدعم
إقرأ أيضاً:
التموين تعلن استعدادات رمضان 2025.. أحمد كمال: عدالة توزيع الدعم واستقرار السوق أهداف رئيسية في العام الجديد
تسعى وزارة التموين والتجارة الداخلية لتحقيق استقرار أسعار السلع الأساسية وضمان توافرها بشكل مستدام فضلا عن التحول إلى الدعم النقدي لضمان وصوله لمستحقيه. في هذا الإطار، أجرى موقع صدى البلد حوارًا مع أحمد كمال، معاون وزير التموين والتجارة الداخلية لشؤون المشروعات والإعلام، لاستعراض جهود الوزارة وخططها المستقبلية لضبط الأسواق، تعزيز الاحتياطي الاستراتيجي من السلع، وتحسين آليات الدعم الموجه للمستحقين.
كما تناول الحوار استعدادات الوزارة لشهر رمضان المقبل، ودور القطاع الخاص في تعزيز سلاسل الإمداد وتوفير السلع بجودة وأسعار تنافسية.
س: في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، ما خطط وزارة التموين والتجارة الداخلية لتحقيق استقرار أسعار السلع الأساسية خلال عام 2025؟ج: الوزارة تبذل جهودًا حثيثة لتحقيق استقرار أسعار السلع الأساسية من خلال سياسات مدروسة تهدف إلى الحفاظ على توازن السوق ومنع أي تقلبات حادة في الأسعار، نعتمد على التعاون مع القطاع الخاص لتعزيز سلاسل الإمداد، مع متابعة مستمرة للأسواق واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي زيادات غير مبررة.. هدفنا الأساسي هو حماية المستهلكين وضمان توافر السلع بأسعار معقولة للجميع، مما يعزز الثقة بينهم.
س: كيف تضمن وزارة التموين تأمين احتياطي استراتيجي من السلع الأساسية؟ج: تأمين الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية من أولويات الوزارة، نحن نعمل على بناء مخزون استراتيجي قوي يشمل الحبوب والزيوت والسكر، وغيرها من السلع الحيوية. هذا يتطلب تحديث وتوسيع المخازن بشكل دوري بالتعاون مع القطاع الخاص، مما يضمن جودة السلع وكمياتها الكافية لمواجهة أي أزمات طارئة.
س: هل تخطط وزارة التموين لتقليص الدعم المقدم للمستحقين؟ج: بالتأكيد لا، الوزارة ملتزمة تمامًا بدعم المستحقين ولن تحرم أي مستحق من هذا الدعم، نحن نعمل على تحسين آليات توزيع الدعم عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة وقواعد بيانات دقيقة لضمان وصول الدعم لمستحقيه فعليًا.. الهدف هو تعزيز العدالة والشفافية في تقديم المساعدات للفئات الأكثر احتياجًا.
س: ما دور الوزارة في ضبط الأسواق مع الحفاظ على معايير السوق الحر؟ج: الوزارة تضع على عاتقها مسؤولية ضبط الأسواق مع احترام مبادئ السوق الحر، نتدخل فقط في الوقت المناسب لضبط ميزان العرض والطلب ومنع الممارسات الاحتكارية أو الارتفاعات غير المبررة في الأسعار، كما ننسق مع الجهات المعنية لتطبيق القوانين واللوائح بشكل صارم لضمان استقرار الأسواق.
س: كيف تعمل الوزارة على مراقبة حركة السوق بشكل مستمر؟ج: قمنا بإنشاء غرف عمليات تعمل على مدار الساعة لمراقبة الأسواق وتحليل البيانات، هذه الغرف تساعدنا في اتخاذ قرارات استباقية لتجنب أي أزمات تؤثر على ميزان العرض والطلب، بالتنسيق مع الجهات المعنية، نستطيع الاستجابة سريعًا لأي متغيرات قد تؤثر على استقرار الأسواق.
س: ما الدور الذي تلعبه الشركة القابضة للصناعات الغذائية في تأمين السلع الأساسية؟ج: الشركة القابضة للصناعات الغذائية هي أحد الأذرع الرئيسية للوزارة، وتلعب دورًا كبيرًا في ضخ السلع وتأمين توافرها عبر منافذها المنتشرة، كما تعمل على تعزيز قدراتها الإنتاجية والتخزينية لضمان تلبية احتياجات السوق بشكل مستمر، مع تحديث منافذها لتقديم خدمات أفضل للمستهلكين.
س: كيف تستعد الوزارة لشهر رمضان 2025 لتلبية الطلب المتزايد؟ج: الاستعداد لشهر رمضان 2025 بدأ بالفعل، حيث نقوم بتأمين احتياجات السوق بشكل مضاعف لتلبية الزيادة المتوقعة في الطلب، نعمل على تعزيز المخزون الاستراتيجي والتنسيق مع القطاع الخاص لضمان توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة وبكميات كافية.
س: ماذا عن مبادرة سوق اليوم الواحد؟ وكيف تسهم في دعم المواطنين؟ج: مبادرة سوق اليوم الواحد تعد دعمًا غير مباشر للمواطنين، وهي مستمرة خلال شهر رمضان.. توفر هذه الأسواق المؤقتة السلع الأساسية بأسعار مخفضة، مما يخفف العبء المالي عن الأسر.. المبادرة تستمر بالتعاون مع القطاع الخاص لضمان تقديم منتجات بجودة عالية وأسعار تنافسية، ما يسهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين.
الوزارة مستمرة في تنفيذ خططها الطموحةفي ختام الحوار، أكد أحمد كمال، معاون وزير التموين والتجارة الداخلية، أن الوزارة مستمرة في تنفيذ خططها الطموحة لضمان استقرار الأسواق وتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة، مع التركيز على حماية الفئات الأكثر احتياجًا من خلال آليات دعم شفافة وعادلة. كما شدد على أهمية التعاون مع القطاع الخاص لتعزيز سلاسل الإمداد وبناء احتياطي استراتيجي قوي لمواجهة أي أزمات طارئة. هذه الجهود تأتي في إطار رؤية الوزارة لتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التوازن في الأسواق بما يضمن حياة كريمة للمواطنين.