الهيدروجين الأخضر يمهد الطريق لاقتصاد مستدام في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
الساعدي: القطاع يوفر فرصا واعدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
الرياحي: الوضع الجيوسياسي الراهن يشكل حافزا لزيادة الاستثمار في الطاقة النظيفة
الشحاتي: توقعات بنمو سوق المركبات العاملة بالهيدروجين إلى 12 مليار دولار بحلول 2030
أكد خبراء ومختصون في مجال الهيدروجين الأخضر أن سلطنة عمان اتخذت خطوات جادة في قطاع الهيدروجين الأخضر، وتمضي بثبات نحو تحقيق أهدافها في تعزيز استدامة اقتصادها والمساهمة في تحقيق التوازن بين تطلعات النمو وحماية البيئة، مشيرين إلى أن عملية تحويل شبكة الغاز الطبيعي إلى شبكة لنقل الهيدروجين النقي ستتطلب تعديلات هيكلية جوهرية، لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا المصدر النظيف للطاقة.
وقالوا لـ «عمان» أن انتقال الاقتصاد نحو مستقبل يعتمد على الهيدروجين الأخضر يمكن أن يحمل فوائد جوهرية، يشمل ذلك تعزيز الاستقلال الطاقي، تنويع الاقتصاد الوطني، وتعزيز استقرار شبكات الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الهيدروجين الأخضر دورًا حيويًا في تعزيز مكانة سلطنة عمان على الصعيدين الإقليمي والدولي كمركز عالمي في سوق الهيدروجين الأخضر.
إمكانيات كبيرة
وقال المهندس عبدالهادي الساعدي، مؤسس شركة حلول الهيدروجين الأخضر: إن انتقال الاقتصاد نحو الهيدروجين الأخضر يحمل فوائد عديدة، حيث يعد الهيدروجين الأخضر مصدر طاقة نظيفة، نظرا إلى طريقة إنتاجه من الماء باستخدام الكهرباء المتجددة، ولا يسبب انبعاثات غازات دفيئة، موضحا أن الهيدروجين الأخضر من المقرر أن يسهم في تقليل انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 34% بحلول عام 2050. كما أن اقتصاد الهيدروجين الأخضر يمكن أن يسهم في تحقيق استقلال طاقي للدول، حيث يمكن إنتاج الهيدروجين محليا باستخدام مصادر طاقة متجددة.
وأكد أن سلطنة عمان لديها إمكانيات كبيرة للاستفادة من إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث يمكن أن يسهم هذا الإنتاج في تنويع اقتصاد البلاد، والحد من الاعتماد على النفط والغاز، ويمكن استخدامه كوقود نظيف في قطاعات النقل والصناعة، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقليل انبعاثات الكربون، مشيرا إلى أن سلطنة عمان يمكن أن تلعب دورا مهما في سوق الهيدروجين العالمي، مما يفتح أبوابا لفرص تصدير جديدة، ويعزز مكانتها كمركز طاقة عالمي، وفي السياق الإقليمي، يمكن للهيدروجين الأخضر أن يسهم في استراتيجية التكامل الطاقي مع دول الخليج، معززا الأمان الطاقي والتعاون الإقليمي.
وأوضح الساعدي أن عملية إنتاج وتجهيز ونقل وتخزين الهيدروجين الأخضر تشكل فرصا واعدة للمؤسسات العمانية الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن القطاع يتطلب تقنيات متقدمة وإجراءات سلامة صارمة، مردفا أنه من المهم أن تستثمر الشركات في التكنولوجيا والتدريب لضمان التوافق مع المعايير، وبدعم الحكومة والتعاون ستتاح فرص نمو كبيرة أمام الشركات العمانية.
وبخصوص المخاطر البيئية لعملية استخراج الهيدروجين الأخضر، أوضح الساعدي أن هذه العملية تعد نسبيا نظيفة، خاصة عند مقارنتها بمصادر الطاقة التقليدية، حيث يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال تحليل الماء باستخدام الكهرباء المتجددة، وبالتالي لا تنبعث أي غازات دفيئة نتيجة لهذه العملية.
وشدد مؤسس شركة حلول الهيدروجين الأخضر على أنه يجب الالتزام بمعايير السلامة العالية في التعامل مع الهيدروجين، نظرا لخصائصه القابله للاشتعال، حيث ينصح باستخدام معدات السلامة المناسبة مثل النظارات والقفازات، وتجنب مصادر الحرارة مثل اللهب. ويجب تخزين الهيدروجين في مكان آمن بعيدا عن مصادر الحرارة والكهرباء، واتباع التعليمات الصحيحة لتشغيل معدات الهيدروجين، وتلقي التدريب المناسب على السلامة وصيانة المعدات يقلل من مخاطر الاشتعال.
وأشار إلى أن نقل الهيدروجين الأخضر، يمكن أن يكون أكثر تكلفة من نقل النفط والغاز بسبب التحديات التقنية والسلامة، وتتطلب عمليات نقل الهيدروجين الأخضر استخدام حاويات ضغط عالٍ ومعدات تبريد خاصة، مردفا أن مع تقدم التكنولوجيا وزيادة الاهتمام بالهيدروجين كمصدر نظيف للطاقة، يمكن أن تتغير معادلة التكلفة.
أوضح الساعدي الفرق بين الهيدروجين الأخضر والأزرق، حيث يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق تحليل الماء باستخدام الكهرباء المتجددة، بينما يتم إنتاج الهيدروجين الأزرق من تحليل الغاز الطبيعي مع التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون، مضيفا أن تكلفة الهيدروجين الأخضر تكون أعلى من الأزرق، حيث تتراوح تكلفة الهيدروجين الأخضر بين 2.5 إلى 6 دولارات لكل كيلوجرام، مقارنة بـ 1.5 إلى 3 دولارات للهيدروجين الأزرق، موضحا أن الهيدروجين الأخضر لا ينتج انبعاثات كربون، بينما يمكن للهيدروجين الأزرق أن ينتج انبعاثات إذا لم يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون بشكل فعال.
وأكد أن الهيدروجين الأخضر يعدّ أكثر استدامة من الناحية البيئية لأنه يعتمد على مصادر طاقة متجددة، في حين يعتمد الهيدروجين الأزرق على الغاز الطبيعي. ومع زيادة الطلب على الهيدروجين الأخضر في الدول التي تسعى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، يزداد اهتمامه واستخدامه. بينما يجد الهيدروجين الأزرق أيضا مكانته في السوق، خاصة في الصناعات التي تحتاج إلى تحول سريع نحو خيارات أكثر نظافة.
ويتوقع الساعدي أن تشهد تقنيات الهيدروجين تطورا كبيرا بحلول عام 2030، حيث سيتم تحسين كفاءة إنتاج الهيدروجين وتقليل تكلفته، بالإضافة إلى تطوير طرق جديدة لتخزينه ونقله، مشيرا إلى أنه يمكن استخدام الهيدروجين في مجموعة متنوعة من التطبيقات مثل توليد الكهرباء والنقل والتدفئة. ومن المتوقع أن تجعل هذه التطورات الهيدروجين وقودا رئيسيا في المستقبل، وسيؤدي دورا مهما في تسهيل الانتقال إلى مصادر طاقة أكثر استدامة ونظافة.
الأمان الطاقي
وقال محمد الرياحي خبير في قطاع الطاقة: إن مشروعات الهيدروجين الأخضر مازالت بحاجة إلى وقت طويل قبل أن تصبح قوية بما يكفي لمنافسة تكنولوجيات الطاقة المتجددة وأنواع الهيدروجين الأخرى مثل الهيدروجين الأزرق.
وأوضح أن مع التوسع السريع لمشروعات الهيدروجين الأخضر في المنطقة ستؤدي بشكل كبير في زيادة الإمدادات وتوفير الهيدروجين الأخضر للسوق العالمي، مما قد يؤدي إلى تقليل التكاليف وزيادة توافر الهيدروجين الأخضر، ويجعله خيارا أكثر جاذبية للدول والصناعات التي تسعى للاعتماد على مصادر طاقة نظيفة ومستدامة.
وفيما يتعلق بالتأثير الجيوسياسي للأوضاع الراهنة، أكد محمد الرياحي أن الأحداث السياسية والتوترات الدولية تشكل حافزا لزيادة الاستثمار في مشروعات إنتاج الطاقة النظيفة وإنشاء بنية اساسية جديدة، بهدف تقليل التبعية عن مصادر الطاقة التقليدية وتحقيق الأمان الطاقي والاستقلالية.
وأشار محمد الرياحي إلى أن المسألة الحاسمة لجعل الهيدروجين سلعة دولية هي في كيفية نقله من منطقة جغرافية إلى أخرى، حيث يمكن نقل الهيدروجين سائلا أو في حالته الغازية من خلال خطوط الأنابيب أو باستخدام نواقل مثل الأمونيا السائلة أو ناقلات الهيدروجين العضوية السائلة، مردفا أن الأمونيا يعد أحد الخيارات المثلى لنقل الهيدروجين، نظرا لجاهزية البنية الأساسية والموانئ لاستقبالها، فهناك 120 ميناء عالميا مجهزا لاستقبال الأمونيا، وتصل سعة مشروعات الأمونيا الخضراء إلى 34 مليون طن سنويا، و50% من هذه المشروعات قائم في أمريكا الجنوبية.
وأوضح أن ما يتطلبه نقل الهيدروجين بشكل سائل هو ضغط وتبريد الهيدروجين حتى تصل درجة حرارته إلى 253 درجة مئوية تحت الصفر، وتزيد العملية من تكاليف معدات النقل والتخزين بشكل كبير، وتستهلك عملية تسييل الهيدروجين هذه ما يقدر بـ 30% إلى 36% من طاقة الهيدروجين المراد نقله وتسييله. وبالنسبة للتقنيات والبنى الأساسية، فإن تطوير واستخدام نواقل مثل الأمونيا قد يسهم في تخفيض تكاليف النقل وزيادة كفاءة تسييل الهيدروجين، مما يسهم في جعل الهيدروجين سلعة دولية أكثر جاذبية، مشيرا إلى أن الأبحاث حاليا تركز على التغلب على العقبات التقنية لنقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب، وتشمل هذه التحديات تهشيش الهيدروجين لأنابيب الفولاذ واللحامات، ومراقبة تسرب الهيدروجين، وتطوير تكنولوجيا ضواغط هيدروجين بتكاليف منخفضة. وتمثل المواد مثل البوليمرات المغززة بالألياف خيارا جيدا لصناعة خطوط نقل الهيدروجين، حيث يمكن تقليل تكلفتها وتجنب بعض التحديات المتعلقة باللحام والتهشيش. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام شبكات خطوط الغاز الطبيعي المتوفرة حاليا لنقل خليط من الغاز الطبيعي والهيدروجين، مما يمكن أن يتطلب تعديلات بسيطة على البنية الأساسية القائمة.
وأكد محمد الرياحي أن إنشاء شبكة خطوط أنابيب خاصة بنقل الهيدروجين سيتطلب استثمارات رأسمالية كبيرة في البداية، بالمقابل، يمكن تعديل شبكات الغاز الطبيعي الحالية لنقل خليط من الغاز الطبيعي والهيدروجين بنسبة محددة، مما يمكن أن يقلل من التكلفة والجهد المطلوبين لإعادة بناء البنية الأساسية. ومع ذلك، تحويل شبكات الغاز الطبيعي إلى شبكات مخصصة لنقل الهيدروجين الخالص سيتطلب تعديلات أكثر تعقيدا وجوهرية.
قطاع النقل
وقال محمد الشحاتي خبير في قطاع النفط: إن الهيدروجين يمكن أن يستخدم في مجموعة متنوعة من المركبات بما في ذلك السيارات والحافلات والقطارات والطائرات، ومن المتوقع أن تشهد سوق المركبات التي تعمل بالهيدروجين نموا إلى 12 مليار دولار بحلول عام 2030، حيث كان هناك حوالي 1000 مركبة تعمل بالهيدروجين في العالم في عام 2020. وتوقع أن يزداد عدد محطات تعبئة الهيدروجين إلى 1000 محطة بحلول عام 2030، مع العلم أن هناك حوالي 50 محطة لتعبئة الهيدروجين في العالم.
وأشار الخبير إلى التحديات التي تواجه استخدام الهيدروجين كوقود في قطاع النقل، منها ارتفاع تكلفة الهيدروجين بسبب تكاليف إنتاجه ونقله وتخزينه، و نقص البنية الأساسية يعني وجود عدد قليل من محطات تعبئة الهيدروجين في العالم، وهذا يجعل من الصعب لأصحاب المركبات العثور على محطات تعبئة قريبة، وبسبب خصائص الهيدروجين كغاز شديد الاشتعال، يتطلب تطوير وتشغيل محطات تعبئة الهيدروجين ومركباته عناية خاصة، بالإضافة إلى الكفاءة، حيث لا يعد الهيدروجين وقودا فعّالا مثل أنواع أخرى من الوقود، حيث لا ينتج القدر نفسه من الطاقة لكل وحدة منه، موضحا أن تكلفة إنتاج الهيدروجين تختلف اعتمادا على مصدر الطاقة المستخدم، وطريقة النقل المستخدمة، وطريقة التخزين حيث يمكن تخزين الهيدروجين في ضغط عالٍ أو في درجات حرارة منخفضة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الهیدروجین الأخضر إنتاج الهیدروجین البنیة الأساسیة الغاز الطبیعی الهیدروجین فی بالإضافة إلى محطات تعبئة مصادر طاقة سلطنة عمان بحلول عام حیث یمکن یمکن أن فی قطاع یسهم فی
إقرأ أيضاً:
قمة لندن لأمن الطاقة.. تحديات التحول الأخضر أمام الجغرافيا السياسية
لندن– في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد الاضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، استضافت العاصمة البريطانية لندن قمة عالمية لأمن الطاقة على مدار يومين، بمشاركة 55 حكومة من مختلف القارات، إلى جانب نحو 50 شخصية من كبار قادة صناعة الطاقة في العالم.
وسلطت القمة، التي نظمتها حكومة المملكة المتحدة بالتعاون مع وكالة الطاقة الدولية، الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه أمن الطاقة، وسعت إلى بناء توافق دولي حول سبل تحقيق انتقال عادل ومستدام في قطاع الطاقة.
أمن الطاقةيُعرّف أمن الطاقة بأنه "الارتباط بين الأمن القومي وتوافر الموارد الطبيعية لاستهلاك الطاقة، إذ أصبح الوصول إلى الطاقة الرخيصة (نسبيا) ضروريا لتشغيل الاقتصاديات الحديثة".
وفي افتتاح القمة، شدد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على مركزية أمن الطاقة في أي تصور للأمن القومي أو الدولي، ومحذّرا من أن استمرار استخدام الطاقة كسلاح -مثلما حدث عقب الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022- يجعل الدول والمواطنين "مكشوفين للخطر".
وقال ستارمر إن "التعرض المفرط لأسواق الوقود الأحفوري الدولية" على مدى سنوات أدى إلى صدمات اقتصادية كبيرة، وأكد أن "التحول لمصادر طاقة نظيفة ومنتجة محليا هو السبيل الوحيد لاستعادة السيطرة على منظومة الطاقة".
إعلانوفي السياق نفسه، شدد المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية الدكتور فاتح بيرول على أن أمن الطاقة لم يعد أمرا يمكن التسليم به، قائلًا إن "85% من مشاريع الطاقة الجديدة اليوم تعتمد على مصادر متجددة، مثل الشمس والرياح والمياه، في حين باتت واحدة من كل 4 سيارات تُباع في العالم كهربائية".
وصرح بيرول للجزيرة نت بأن "قمة لندن تهدف إلى بناء توافق دولي حول مقاربة شاملة لمجمل التحديات المرتبطة بأمن الطاقة، وتسعى إلى تحديد حلول واقعية، واستكشاف فرص عملية تساعد في مواجهة هذه التحديات المعقدة والمتعددة الأبعاد".
وأضاف أن المشاركين في القمة ممثلون رفيعو المستوى من نحو 60 دولة من مختلف أنحاء العالم، ومن بينها دول تواجه تحديات جوهرية تتعلق بإمكانية الوصول للطاقة، وبتكلفتها، وتأثيراتها المناخية.
وتابع أن "العشرات من كبار قادة صناعة الطاقة العالمية يشاركون أيضا، بهدف تمكين الحكومات من أدوات وإستراتيجيات تتيح لها الاستجابة الفعّالة للتغيرات السريعة التي يشهدها قطاع الطاقة على المستوى الدولي".
من جانبها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يواصل مساره نحو التخلص التدريجي من واردات الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، رغم استمرار التوترات العالمية.
واتهمت فون دير لاين موسكو باستخدام إمدادات الطاقة كسلاح، مشيرة إلى أن أوروبا عززت اعتمادها على الطاقة المتجددة، التي شكلت ما يقرب من نصف إنتاجها الكهربائي العام الماضي.
وشددت على أن بحر الشمال يمكن أن يصبح "بيت الطاقة" لطاقة الرياح، وأن النمو المتسارع بالطلب على الكهرباء يستدعي استثمارات نوعية، مبرزة التزامات الاتحاد الأوروبي في قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 28)، بما في ذلك الاتفاق الثلاثي لمضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة بحلول 2030.
إعلانلكن في مقابل التوجه الأوروبي، حملت واشنطن لهجة متحفظة، إذ عبّر القائم بأعمال الوزير المساعد للطاقة الأميركية تومي جويس عن قلق بلاده من السياسات المناخية الصارمة، واصفا التركيز على هدف "صفر انبعاثات" بأنه "ضار وخطير".
وقال جويس "لن نضحي باقتصادنا أو أمننا من أجل اتفاقات عالمية، كما لا نشجع أي دولة أخرى على القيام بذلك"، داعيا إلى التعامل بواقعية مع نمو الطلب العالمي على الطاقة، وتوازن السياسات المناخية مع المصالح الوطنية.
عبّرت دول من الجنوب العالمي خلال القمة عن احتياجاتها الخاصة للتحول الطاقي، إذ أكد نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط العراقي حيان عبد الغني السواد أن بلاده تخطط لتحويل جزء من إنتاجها من النفط إلى الغاز، مع إطلاق مشاريع طاقة شمسية تصل إلى 12 غيغاواط.
أما وزير البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي، فدعا إلى رفع مساهمة قطاع الطاقة في الناتج المحلي من 1% إلى 6%، معتبرا أن الاستثمارات الدولية في الطاقة النظيفة يجب أن تواكب واقع الدول النامية، لا أن تفرض عليها نماذج جاهزة.
وشارك وزراء من كل من إسبانيا، وماليزيا، وكولومبيا، برسائل مشابهة، تدعو إلى شراكات عادلة تضمن انتقالا متوازنا للطاقة، لا يُفاقم التفاوتات الاقتصادية بين الشمال والجنوب.
وتناولت القمة أيضا الجانب الجيوسياسي لمصادر الطاقة الجديدة، حيث حذر بيرول من "التركيز الجغرافي الخطير" في إنتاج المعادن الحيوية لتقنيات الطاقة النظيفة مثل الليثيوم والكوبالت، قائلا إن عددا قليلا من الدول تهيمن على الإنتاج والتكرير.
وفي حين لم يُسمِّ دولا بعينها، تُعد الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية أبرز اللاعبين في هذه السوق، مما يثير مخاوف من تحول جديد في توازن القوى العالمية، ولكن هذه المرة حول "موارد التحول الطاقي" بدلا من النفط.
إعلان شكوك قائمةوأعلنت بريطانيا -على هامش القمة- عن شراكة مع شركة "إيني" الإيطالية لإطلاق مشروع عزل وتخزين الكربون في شمال إنجلترا، ضمن خطة وطنية بقيمة 21 مليار جنيه إسترليني لدعم تقنيات الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح البحرية والطاقة النووية.
وفي تصريح يعكس نبرة الثقة، قال خوسيه إغناسيو سانشيز غالان المدير التنفيذي لشركة إيبردرولا الإسبانية إن "التحول الكهربائي لا يمكن وقفه، وعلينا التكيف معه بدلا من مقاومته".
ورغم تعدد الرؤى وتباين المواقف، فإن قمة لندن تكشف عن أن أمن الطاقة لم يعد شأنا فنيا أو بيئيا فقط، بل أصبح قضية إستراتيجية تتقاطع فيها السيادة والاقتصاد والمناخ، وبات التحدي الأكبر هو إيجاد أرضية مشتركة بين الطموحات البيئية والمصالح الجيوسياسية، لتأمين مستقبل طاقة مستدام وعادل.