لجريدة عمان:
2024-10-06@23:49:48 GMT

هيه أبويي، هذا تَرَاه فواد الوالْدين!

تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT

هيه أبويي، هذا تَرَاه فواد الوالْدين!

(1)

حين تكون قد تأخرت عن الحياة إلى هذا الحد فعلى نهاياتها ألا تفوتك.

وفي هذا اترك للطَّبالين طبولهم، وللحَفَّارين مجارفهم، وللبكَّائين شماتتهم، وَدَعْ ذكريات الطيور للطيور.

(2)

تعالوا نتنزَّه في هذه المدينة الجبليَّة الجميلة. هلمُّوا نمشي على عظام من بنوها (احتجاجنا الوحيد ضد إنشاء المزيد من العمارات والعِبارات).

(3)

"الرِّفاق" حاولوا أن يحيدوه إلى جادَّة الصَّواب (حتى "الرِّفاق" مجرد خطأ آخر).

وهناك خطأ آخر، وأكبر.

(4)

ثمَّة معضلة كبيرة في الحب: في المرة الأولى أنت تسلِّم نفسك بكل جوارحك إليه بالكامل. وفي المرة الثانية أنت تسلِّم نفسك بكل جوارحك فيه بالكامل (أيضاً). لكنك تتهيَّب وتتخوَّف كثيرا من أية مرَّة قادمة يأتي فيها الحب كي يطالبك بتسليم نفسك وجوارحك بالكامل، لأنك لم تعد تستطيع أن تسلِّم نفسك وجوارحك بالكامل.

ولكنك تفعل ذلك مرة أخرى.

(5)

صارت مهمَّة النِّضال اليومي اليوم واجبا صعبا على القدمين فقط (القلب يعتني بأمره دوما، ومن تلقاء نفسه، خاصة حين يقفز من صدرك إلى ما يقفز إليه، ويتركك صريعا على الجسر).

(6)

لم تعد هناك أيَّة أسرار علميَّة، فيزيائيَّة أو كيميائيَّة، أو ميتافيزيقيَّة، أبستميولوجيَّة أو أنطولوجيَّة، في انبساط وانشراح الحديث الشَّعبي قبل الرَّطانة الأكاديميَّة، وذلك فيما يخص مسألة النوم.

الكتب، والمجلات المتخصِّصة، والذِّكريات، والأبحاث، ونتائج الدراسات المعمليَّة متاحة للجميع (في السِّجن، كان غرامشي، بالمناسبة، يضرب رأسه بالجدار عدة مرات كي يحدث ما يشبه الغيبوبة التي تجعله يتغلب على الصُّداع وينام قليلا).

لكن يبقى هناك سِرٌّ واحد في الشخص الذي لا يستطيع أن ينام (وذلك السِّر سيبقى سِرَّا).

(7)

حياتنا الإنسانيَّة، والأخلاقيَّة، والوطنيَّة، تفتقر إلى الرُّموز الحيويَّة، والعنيدة، والدَّائمة في مثابرتها، وكبريائها، وعنادها، ومعاناتها، وألقها.

رموز الأمس اعتلاها الصدأ وتلابيب الفضائح المنكشفة بأثر رجعي، وبطيء بدرجة أو بأخرى ("لقد قبضوا كلّهم" كما يقول مظفَّر النَّواب).

أما الرُّموز الحديثة (تسمية "الرُّموز" هنا مبدئيَّة واضطراريَّة فحسب) فإنها تتناول وجبة الغداء مع الشُّهداء، وتلتهم العشاء مع من قتلوهم (والجميع يعرف الجميع، والجميع يتغاضى عن الجميع، والجميع يُضاحِك الجميع، والجميع يحضر في أعراس ومآتم الجميع، والجميع ينافق الجميع، والجميع يدَّعي عدم رؤية ما يفعله الجميع، والجميع ماضون وسادرون في الجميع، والجميع ينحرون الذَّبائح والفضائح للجميع، والجميع لا يخجلون من الجميع، والجميع هم الجميع، وهلم جرا..).

لكن هذا كلام ليس للجميع: "لا يستطيع المرء أن يكون متأكدا من أن هناك شيئا يعيش من أجله، إلا إذا كان مستعدَّا للموت في سبيله" (تشي جيفارا).

(8)

خَدَشتِني البارحة بقَصْدٍ خفيٍّ، وجرحتكِ اليوم بِنِيَّة مُبَيَّتة (يحدث ذلك في هذا الذي نُسميه حُبَّاً).

(9)

لا أستطيع ائتمانك على كل الأسرار التي اندلقتُ بها لك البارحة (لكني أثق أكثر في تلك القُبلة العَجُول، الخَجُول، الجَفُول، عند باب الشّقة).

البحر اليوم كبير، وأزرق.

(10)

أنتِ القُطْن.

(11)

مشكلتهم هي أنني لا أنسى، ومشكلتي هي أنني أتذكر.

(12)

الحياة ليست واجبا على الجميع.

(13)

على الحب أن يحدث من بعيد فقط (كلما اقترب ضاعت ذاكرته، وخاب مسعاه).

(14)

لن أموت لأجلكِ (سأفعل ذلك لأجلي، من باب الكَفَّارة فقط).

(15)

كان يماطل النَّفس ويغويها بوعد أنه سيلقيها من نافذة شقَّته الواقعة في الدور العاشر.

هَمَّ بذلك في هذه الليلة، لكنه وجد أن الطابق العاشر قد انتحر.

(16)

لا يكتب الكاتب لأنه متكئ على كل تاريخ الكتابة من قبله، بل يكتب بسبب ذلك التاريخ.

(17)

يكيل بمكيالين لأنكم لم تعطوه ثالثا.

(18)

سبقتنا الحدوس، ونسانا الموت.

(19)

دخل إلى السِّجن، ثم خرج من السِّجن (لكن الزنزانة لم تغادره).

(20)

أخفقتُ في الحب مرة أخرى (لكن ليس كمن ينشد فرصة جديدة للتوظيف).

(21)

في أواخر طفولتي وأوائل الصبا، في مجز الصغرى، كنت أسمع مواطناتي وخالاتي القرويَّات (أتذكر معظمهن بالاسم أو ذاكرة الوجوه) وهنَّ يستعملن كلمة "الوالْدين" (بصيغة المثنَّى، وبالنُّطق البلدي) للإشارة إلى "الوالدة" (التي هي، كما نعلم، مفرد في قواعد اللغة). ليست المسألة تثنية المفرد (الوالدة) فحسب، ولكن أيضا كان "الوالد" يُزاح، أو لا يُعتَرَف به لغويَّا، في هذه المفردة. يصير وجود الأب لا معنى له في النُّطق والآذان، ولا يتمكن من الاختباء تحت عباءة "الوالْديْن/ الأم".

أتذكر جيَّدا أن كلمة "الوالْدين" هذه (في تعيين الأم فقط) كانت تربكني فيما كنت قادرا على تعلمه من كلمات لساننا مثل "الوالد"، و"الوالدة"، و"الأب"، و"الأم". غير أني أحببت كلمة "الوالدين" هذه بطريقة مغناطيسيَّة، ولا أدَّعي أبداً أنني أحببت كلمة "الوالدين" بسبب إقصائها للأب. لم تسمح لي غضاضتي العُمريَّة بالتأمل في الكلمة قدر قبولها بلا أدنى تحفظات أو شروط. كانت كلمة "الوالدين" (مرة أخرى، في الإشارة إلى الأم فقط) عذبة ولطيفة، وبصورة من الصُّور كان "الوالد" يتراجع، بل يختفي تماما من المشهد.

وكانت كلمة "الوالدين" هذه تشيع وتزدهر خاصَّة حين يحدث خطب جلل، أو فاجعة، أو موت لدينا. على سبيل المثال، حين تنتحب أم بسبب وفاة ولدها الصَّبي غرقا أو الهلاك في حادث سيارة من تلك التي كانت تقلُّ الصِّبية إلى معسكرات الجيش في أوائل السبعينيَّات، أو ما إلى ذلك من حيثيَّات الموت الباكر وغير المُبرَّر في زمن عصيب، حيث تسارع جارات الأم ومن هُنَّ في صُحبتها إلى تبرير عويل وانتحاب أم الفقيد بهذه العبارة الخاشعة والتبريريَّة التي تحاول إيجاد العذر وتفعيل التَّعاطف: "هيه أبويي، هذا تراه فواد الوالدين، وما باليد حيلة"!

مضت السِّنين، وها أنا أدرك، في هذه الليلة، كل شيء.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: والجمیع ی فی هذه م نفسک

إقرأ أيضاً:

نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن روح أكتوبر، ليست شعارات إنشائية تقال؛ بل هى كامنة في جوهر هذا الشعب، مشيرا إلى أن ما حققته مصر في حرب أكتوبر المجيدة، سيظل أبد الدهر، شاهدًا على قوة إرادة الشعب المصري، وكفاءة قواته المسلحة.

جاء ذلك خلال كلمة الرئيس السيسي اليوم الأحد، بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة.

وجاء نص كلمة الرئيس السيسي كالتالي..

يأتي شهر أكتوبر من كل عام.. حاملًا معه نسائم الانتصار والمجد.. تلك الأيام التي نستحضر فيها دروس النصر.. ونحتفي بالأبطال والشهداء.. ونحيى ذكرى انتصارات أكتوبر العظيمة.. التي تتزامن مع احتفالنا بتخريج دفعات جديدة.. من طلبة الأكاديمية العسكرية المصرية.. لينضموا إلى ساحات الشرف والبطولة.. مدافعين عن أمن مصر وسلامة شعبها.. بعد أن تم إعدادهم، وفقًا لأفضل وأرقى المستويات العسكرية والعلمية.

في مثل هذه الأيام.. منذ واحد وخمسين عامًا.. حققت مصر نصرًا سيبقى خالدًا.. في ذاكرة هذا الوطن.. وعلى صفحات تاريخه المجيد.. انتصارًا؛ يذكر الجميع دائمًا.. بأن هذا الوطن - بتلاحم شعبه وقيادته وجيشه - قادر على فعل المستحيل مهما عظم.. وأن روح أكتوبر.. ليست شعارات إنشائية تقال؛ بل هى كامنة في جوهر هذا الشعب.. ومعدنـه الأصيـل.. تظهر جلية عند الشدائد.. معبرة عن قوة الحق، وعزة النفس، وصلابة الإرادة.. ويسجل التاريخ بكلمات من نور.. أن مصر عزيزة بأبنائها.. قوية بمؤسساتها.. شامخة بقواتها المسلحة.. وفخورة بتضحيات أبنائها.

إن ما حققته مصر في حرب أكتوبر المجيدة.. سيظل أبد الدهر، شاهدًا على قوة إرادة الشعب المصري.. وكفاءة قواته المسلحة.. وقدرة المصريين على التخطيط الدقيق والتنفيذ المحكم.

يأتي احتفالنا هذا العام، بذكرى نصر أكتوبر المجيد.. في ظرف بالغ الدقة فى تاريخ منطقتنا.. التي تموج بأحداث دامية متصاعدة.. تعصف بمقدرات شعوبها.. وتهدد أمــن وسلامة بلدانها.. ويأتي هذا التصعيد الإقليمي.. وسط أجواء من الترقب على المستوى الدولي..تذكرنا.. بما حققه المصريون - بالتماسك وتحمل الصعاب - من أجل بناء قوتنا المسلحة.. للحفاظ على سلامة هذا الوطن الغالـي.. وتبديد أي أوهام لــدى أى طــرف..

إن اللحظة التاريخية الفارقة، التي تمر بها منطقتنا الآن.. تدعونا للتأكيد مجددا.. بأن السلام العادل هو الحل الوحيد.. لضمان التعايش الآمن والمستدام، بين شعوب المنطقة.. وأن التصعيد والعنف والدمار.. يؤدون إلى دفع المنطقة نحو حافة الهاوية.. وزيادة المخاطر، إقليميًا ودوليًا.. بما لا يحقق مصالح أي شعب، يرغب في الأمـن والسلام والتنمية..ومن هذا المنطلق، فإن مصر تؤكد موقفها الثابت.. المدعوم بالتوافق الدولي.. بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.. كسبيل وحيد لإرساء السلام والأمن والاستقرار للجميع.  

اسمحوا لى أن أتوجه اليوم بالتحية والتقدير.. للقوات المسلحة المصرية.. تلك المؤسسة الوطنية العريقة.. التي لم ولن تتخلف يومًا.. عن التصدي لتحمل المسئولية، مهما ثقلت.. وتأدية الأمانة، مهما بلغت.. تحية لها بجميع أجيالها.. من المحاربين القدامى إلى الأجيال الصاعدة.

وسلامًا على شهداء مصر الأبرار من القوات المسلحة.. الذين ضحوا بأرواحهم فداء لشعبها.. وتحية لأسرهم وعائلاتهم.. الذين تحملوا قسوة الفراق.. وقدموهم ثمنًا غاليًا، ليعيش الوطن كريمًا مطمئنًا.

كما نتوجه بتحية احترام وتقدير متجددة.. إلى روح البطل الشهيد.. الرئيس محمد أنور السادات.. بطل استرداد الكرامة والأرض.. بالحرب والسلام.. بالشجاعة والرؤية الإستراتيجية.. ونقول لروحه اليوم:

"إن ما وهبت حياتك من أجله.. لن يضيع هدرًا أو هباءً.. بل وضع الأساس الراسخ.. الذي نبنى عليه.. ليبقى الوطن شامخًا والشعب آمنًا.. يحيا مرفوع الرأس على أرضه.. لا ينقص منها شبر.. ولن ينقص بإذن الله.. وهذا وعدنا وعهدنا لشعبنا العظيم".

ودعونى أؤكد في ختام كلمتي: أن سلامة هذا الوطن.. ما كان لها أن تتحقق.. في مواجهة تلك التحديات التي مررنا بها، على مدار السنوات الماضية.. لولا صمود هذا الشعب الأمين ووحدته.. فتضحيات أبناء هذا الوطن.. هي نهر عطاء مستمر على مدار التاريخ.. وإن اختلفت صورها..وستظل مصر بوحدة شعبها.. أكبر من جميع التحديات والصعاب.. وسيستمر تقدمها للأمام.. محفوظا بنصر الله ورعايته.. وإرادة وعزيمة أبناء هذا الشعب الكريم..كل عام وأنتم بخير، ودائما وأبدا.. وبالله العظيم تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.
 

مقالات مشابهة

  • نص كلمة قائد الثورة بمناسبة تمام عام منذ عملية طوفان الأقصى
  • كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة تمام عام منذ عملية طوفان الأقصى (فيديو)
  • شاهد بالصور والفيديو.. في حادثة فريدة.. سيدة سودانية تفاجئ الجميع وتزف زوجها عريساً لزوجته الثانية وساخرون: (يا نساء كونوا مثل عزيزة.. قبضت حقها وسلمته للجديدة تسليم مفتاح)
  • كلمة مرتقبة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة عملية طوفان الأقصى
  • كلمة هامة لقائد الثورة عصر اليوم
  • هل ستضرب ‘‘إسرائيل’’ قادة الحوثيين في اليمن على غرار حزب الله؟؟ دراسة حديثة تصدم الجميع بهذا التوقع المثير
  • اسرائيل كلمة السر الكبرى في علاقات التحالف بين الإمارات وصربيا
  • نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة
  • الرئيس السيسي يلقي كلمة بمناسبة الذكرى الـ51 لنصر أكتوبر.. بث مباشر
  • كلمة الخامنئي في خطبة الجمعة قبل تشييع جثمان حسن نصر الله