مبتورو الأطراف بغزة.. معاناة تتفاقم مع الحصار وإبادة الاحتلال
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
تزداد أعداد ومعاناة وآلام مبتوري الأطراف، معظمهم من الأطفال والنساء، في ظل حرب الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ أكثر من عام ونصف، لاسيما مع نقص حاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية بسبب استمرار الحصار الخانق على القطاع.
ومن بين هؤلاء، الفلسطيني رائد أبو الكاس، الذي يجلس داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل في مدينة غزة، بانتظار دوره في تلقي خدمة العلاج الطبيعي والتأهيل الجسدي لاستخدام الطرف الصناعي، بعد أن بترت قدمه في قصف إسرائيلي أثناء ممارسة عمله في تشغيل آبار المياه.
وتجسد قصة أبو الكاس، أحد موظفي بلدية غزة، حجم المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب الإسرائيلية، فقد بترت قدمه اليمنى واستشهد اثنان من زملائه. وبينما كان يحاول الجيران وأبناؤه إسعافه وسط الدمار والدخان، لاحقتهم الطائرات من جديد، فقتل أحد أبنائه وأصيب الآخر بإصابات بليغة أدت إلى بتر قدمه لاحقًا.
يسترجع رائد ذكريات ذلك اليوم بصوت يختنق بالألم: "كنت أفتح محابس المياه للمواطنين، وكنت أظن أن عملي في خدمة الناس سيحميني، لكن الاحتلال لم يترك لنا أي أمان. استهدفونا ونحن عُزّل، بترت قدمي أمام عيني، واستشهد ابني، وتعرض محمود لإصابة غيرت حياته للأبد".
أما محمود، الذي كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفًا في صفوف ناشئي نادي الشجاعية، فيروي قصته لمراسل الأناضول، بصوت حزين: "كنت ألعب كرة القدم يوميًا، كان حلمي أن أرتدي قميص النادي وأسعد عائلتي، لكن الاحتلال دمر حلمي وبتر قدمي".
وأضاف: "الآن أجلس على كرسي متحرك وأحلم فقط أن أركب طرفًا صناعيًا متطورًا يساعدني على الوقوف مرة أخرى، حتى أعين والدي الذي بترت قدمه".
خلال الأشهر الماضية، خضع رائد ومحمود لعدد كبير من العمليات الجراحية داخل مستشفى المعمداني، في ظل ظروف طبية صعبة ونقص حاد في الإمكانيات، وتم تركيب أطراف صناعية لهما عبر مركز الأطراف الصناعية، إلا أن نقص المعدات والكوادر الفنية يؤثر على عمل المركز.
اليوم، يقضي الأب والابن عدة ساعات يوميًا داخل مركز الأطراف، يتدربان على استخدام أطرافهما الصناعية، ويتلقيان جلسات التأهيل والتدريب، ووسط هذه الرحلة الشاقة، يحدوهما حلم واحد: السفر إلى الخارج لتركيب أطراف صناعية متطورة تمكنهما من استعادة جزء من حياتهما الطبيعية.
وبهذا الخصوص، قال رائد، وهو ينظر إلى نجله محمود بعينين حزينتين: "لم يتبق لي من أبنائي إلا محمود، وزوجتي التي تتحمل العبء الأكبر في رعايتنا، وحلمنا أن نركب أطرافًا خفيفة نتمكن من خلالها أن نساعد بعضنا البعض ونعيش بكرامة".
ويقاطعه محمود قائلا: "أحلم بالسفر، أريد أن أركض مجددًا، أن أعود للعب الكرة ولو بشكل بسيط مع أصدقائي (..)، الاحتلال دمر أحلامي، لكن لم يدمر إيماني بأننا سنعود للحياة".
أعداد مضاعفة
ويشهد قطاع غزة تصاعدًا كبيرًا في أعداد المصابين بحالات البتر نتيجة الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي المدمرة المستمرة منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، وسط نقص حاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية، بسبب الإغلاق المستمر للمعابر ومنع دخول المستلزمات الأساسية.
وسجلت 4700 حالة بتر بسبب الحرب الإسرائيلية، ضمن قوائم برنامج "صحتي"، الذي تنفذه وزارة الصحة الفلسطينية بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومركز الأطراف الصناعية والشلل التابع لبلدية غزة، في كافة محافظات القطاع، وفق مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المركز حسني مهنا.
وشدد مهنا، أن تضاعف أعداد حالات البتر المسجلة منذ بداية الحرب الإسرائيلية ناتج عن الاستخدام المكثف للأسلحة المتفجرة والاستهداف المباشر للمدنيين.
وقال: "إنّ مركز الأطراف الصناعية استقبل نحو 600 حالة من مبتوري الأطراف منذ بدء العدوان الإسرائيلي، ويتم متابعتهم دوريًا عبر الأخصائيين والطواقم الفنية".
وأضاف أن المركز تمكن منذ بداية الحرب من تركيب أطراف صناعية لنحو 100 مصاب، كما قام بتسليم عشرات الأجهزة التعويضية والكراسي المتحركة للمحتاجين.
وأشار مهنا إلى تزايد "الطلب على خدمات المركز يوميًا".
وحذر أن استمرار الحرب سيؤدي إلى ارتفاع عدد الحالات بشكل كارثي، خاصة أن 48 بالمئة من حالات البتر الجديدة هي لسيدات، و20 بالمئة لأطفال، ما يفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل خطير.
نقص حاد
وأشار مسؤول الإعلام والعلاقات العامة إلى أن المركز يعاني من نقص في المواد الخام الأساسية لتصنيع الأطراف الصناعية، بالإضافة إلى حاجة ماسة للأجهزة والمعدات الطبية وقطع الغيار اللازمة للمعدات الموجودة، ما يعيق تقديم الخدمات بشكل فعال للمصابين.
وبين مهنا أن الطواقم العاملة في المركز، والتي تعمل تحت ضغط شديد وبإمكانيات محدودة، تكافح يوميًا لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من المصابين، مع الحاجة إلى مضاعفة الكوادر البشرية لمواكبة هذه الزيادة الكبيرة.
وتخضع حاليًا 320 حالة للعلاج الطبيعي داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل، حيث تُقدم خدمات العلاج الطبيعي والتأهيلي ومتابعة تركيب الأطراف الصناعية والصيانة الدورية لها، بحسب مهنا.
وفي مطلع آذار / مارس الماضي، صعد الاحتلال الإسرائيلي من جرائمها باتخاذ قرار تعسفي بإغلاق جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وشاحنات الوقود بشكل كامل.
وفي 18 آذار / مارس الماضي، تنصل الاحتلال الإسرائيلي من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 كانون الثاني / يناير الفائت، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.
وتسبب تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته من الاتفاق وعدم إكمال مراحله في إبقاء المحتجزين الإسرائيليين قيد الأسر لدى "حماس"، حيث تشترط الحركة وقف الحرب وانسحاب كافة القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الاحتلال غزة الحرب غزة الاحتلال الحرب مبتورو الاطراف المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مرکز الأطراف الصناعیة الاحتلال الإسرائیلی نقص حاد أطراف ا یومی ا
إقرأ أيضاً:
عاجل - قصف إسرائيلي يستهدف بلدة عبسان الكبيرة ويوقع 4 مصابين في قطاع غزة
أفاد مراسل قناة "القاهرة الإخبارية" في خبر عاجل بسقوط 4 مصابين نتيجة قصف إسرائيلي استهدف بلدة عبسان الكبيرة الواقعة شرق خان يونس في قطاع غزة.
استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة بعد توقفاستأنف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة منذ 18 مارس الماضي، بعد توقف دام شهرين، جاء نتيجة اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي.
عاجل - إلياس حنا: قرار الجيش الإسرائيلي بإلزام الجنود بالبقاء يعكس عجزه عن حسم الحرب في غزة تحذير من مجاعة تجتاح غزة والوضع تجاوز الكارثة
لكن الاحتلال خرق بنود وقف إطلاق النار طوال الشهرين الماضيين، حيث استمر في شن هجمات على أماكن متفرقة في القطاع، مما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى. كما شدد الاحتلال حصاره الخانق على القطاع، الذي يعاني من مأساة إنسانية غير مسبوقة.
وقد أكد شهود عيان أن القصف الإسرائيلي على بلدة عبسان الكبيرة أسفر عن إصابة 4 مواطنين، بينهم أطفال، نقلوا على إثرها إلى المستشفيات لتلقي العلاج.
ويأتي هذا التصعيد بعد فترة من الهدوء النسبي، حيث عانى سكان القطاع من تبعات الحصار الإسرائيلي المستمر الذي أثر على كافة جوانب الحياة، خاصة في مجال الرعاية الصحية والإنسانية.
الجدير بالذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل تشديد الحصار على قطاع غزة، ما يفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة. كما رفض الاحتلال تنفيذ البروتوكول الإنساني الذي يقضي بتسهيل وصول المساعدات الدولية إلى القطاع المحاصر.
ومع استمرار العمليات العسكرية والهجمات الإسرائيلية، يبقى الوضع في قطاع غزة مهددًا بتدهور أكبر إذا استمر التصعيد العسكري والتجاهل للوضع الإنساني الخطير.