سجال ودي مع نقاد رواية “إعدام جوزيف” 2-4
تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT
الدكتور ضيو مطوك ديينق وول
إنَّ الذي حَدَثَ في معظم المدن السودانية وخاصة مدينة ود مدني في الآونة الآخيرة من استهدافِ أبناءِ جنوب السودان الذين كانوا يعملون في المشاريعَ الزراعيةِ بالجزيرةِ بعد تحريرها، و ردودِ الأفعالِ الغاضبةِ من قبل الجنوبيين ضدَّ إخوانِهم الشماليين الأبرياء الذين لجؤوا إلي جنوبِ السودانِ فاريين من الحربِ في بلادهم، خطأً كبيرًا يتحملُ مسؤليتَه بصورةٍ كاملةٍ السياسيون والمثقفون في البلدين، لأنَّ هذه الأحداث ظلت تطاردُ أهلنا بصورةٍ متكررةٍ طيلةٍ هذه الفترة ونتيجةً لسكوتِنا عن تناولها أو مناصرتها أو أحيانا انتقاء ما نريده، يفاقمُ الأوضاعَ فتخرجُ عن السيطرةِ.
إن التمركز خلف الأيدلوجيات السياسية التي لا تحترم التنوع الفكري والعرقي والثقافي والديني سيضر بالمصالح الكبري سواء كان في السودان أو جنوب السودان.
المواطنُ البسيطُ في البلدين حتي الآن لم يستوعبْ الانشطار الذي حدثَ في السودانِ وأصبح بلدين، ولذلك نجد جنوب السودان يحوي ملايين السودانيين الذين يعملون في الأعمالِ الحرةِ وحتي في دواوين الدولة قبل الحربِ، وهو نفسُ الأمرِ في السودان حيث إنه عندما اندلعت الحربُ في أبريل 2023 كان هناك أكثرُ من مليونين من أبناءِ جنوبِ السودانِ. كلُّ هذا يجعلُنا نتصدي لدعاةِ الفتنة والعنصريةِ التي لا تتماشي مع موروثاتِنا والمواثيقِ الدوليِة.
الكثيرُ يعتقدون بأنَّ مهرَ الانفصالِ هو استقرارُ الدولتيين، يتعايشان جنبًا إلى جنبِ، ويتصديا سويا للمشاكل الإقليمية والدولية، لكنَّ استمرارَ معاناةِ الشعبيين في البلدين يكذبُ هذا الاعتقاد و يدعو للقلق.
إنَّ أكثرَ البلدان تماسكًا هي تلك التي يوجدُ فيها تنوعٌ في الجنسِ واللونِ والديانةِ والعرقِ وحتي الطبيعة. نتكاثرُ لأننا جنسين مختلفين، نحبُ قوسَ قزح، لأنَّه متعددَ الألوانِ . ليس هناك جريمةٌ في الاختلاف إطلاقًا، فالاختلافُ قوةٌ إذا أُحسنَ استخدامُه، ونجدُ ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكثيرًا من البلدان التي نجحت في إدارةِ التنوعِ. فماليزيا مثلًا تشبه السودانَ من حيثُ التنوعِ الدينيِ والعرقيِ، لكنْ استطاعت أنَّ تديرَ هذا التنوع لمصلحةِ شعبِها وأصبحتْ من أقوي البلدان في العالم. هذا لم يكنْ ممكنًا لولا السياساتُ التي انتهجها مؤسسُ الدولةَ الحديثةَ في ماليزيا مهاتير محمد. فلماذا فشلنا في إدارةِ التنوعِ في بلداننا رغم نتائجه الكارثية؟ إننا سنظل في هذا المستوي المتدني إذا لم نجد إجابة شافية لهذا السوال المحوري.
أحد التعليقات اللافتة لا تمت بصلة للنقد الأدبي هي تلك التي قدمها المهندس بدر الدين العتاق وهو يعلق علي مقالات الأستاذ الصادق علي حسن، حيث كتب:
" تحياتي لك أستاذي الفاضل
سؤال مهم للغاية سعادتك بخصوص الكتاب:
كيف صنفت الكتاب في خانتي الأدب العربي والسياسي؟
متين أصنف الكاتب بأنه أديب، بالتحديد ضيو مطوك؟" انتهى الاقتباس.
الملاحظة السريعة لهذه النصوص تجزم علي إن المهندس بدر الدين ليس له معرفة بالشخص الذي يتحدث عنه، مما يضعه في خطاء فادح لأن مثل هذه الكتابات نوجهها لأشخاص نعرفهم حتي نتفادي المساجلة ذات الطابع الشخصي. المهندس بدر الدين لم يصادفني في ساحات العمل العام أثناء تواجدي ضمن الطاقم الرئاسي في القصر الجمهوري بالسودان، كما يبدو أيضا بانه لم يقرا عني قط وكان بالأحري أن يتعرف علي شخصيتي ولو عن طريق محرك غوغل حتي يستثنيه من التساؤل، كيف صنف ضيو مطوك كسياسي. نريد أن نذكر المهندس بدرالدين بأن عملًا فكريًّا واحدًا أو رواية يمكن أن يتوج كاتبه ليكون مفكرًا أو أديبًا ولدينا أمثلة كثيرة، "موسم الهجرة الي الشمال" كانت علامة فارقة لأديبنا الطيب صالح وكذلك "طائر الشؤم" للدكتور فرانسيس دينق وكثير منهم. فالعلة ليس في الإنتاج الغزير لكن نوعية العمل الأدبي الذي قدم للمجتمع.
كتبت كتابين مهمين في فض النزاعات وبناء السلام، لكن لم يثيرا الضجيج مثلما اثارته رواية إعدام جوزيف. هذا يدل علي أن الأدب أقرب لوجدان الشعوب ويستطع المجتمع أن يتجاوب ويتفاعل معه.
ما زلت أذكر مقترح الدكتور مدحت حماد سكرتير عام المنتدي الثقافي المصري أثناء مناقشة الكتاب، حيث قال "يجب أن يخرج هذا الجمع بمقترح يقدم للسيد رئيس جمهورية جنوب السودان بتكليف الدكتور ضيو مطوك بحقيبة الثقافة بدلا عن الاستثمار لما قدمه من عمل أدبي". هذا رأي سكرتير عام المنتدي الثقافي المصري ووجد قبولًا واسعًا من الحضور، وعندما طلب مني الرد علي ذلك اتفقت معه فيما ذهب اليه، لكن أيضا يممكنني تسيير العمل الثقافي والأدبي والفني من خلال حقيبة الاستثمار لأن الاستثمار محفز لكل أنشطة المجتمع. لمعلومية المهندس بدر الدين والقارئ الكريم، هذا التصنيف الأدبي لم ياتِ من الأستاذ الصادق بل كان رأي كثير من النقاد الذين شاركوا في مناقشة الرواية. الدكتور حسام عقل أستاذ النقد الأدبي بجامعة عين الشمس ورئيس ملتقي السرد العربي وآخرون ذكروا أن الأسلوب الذي كتبت به رواية" إعدام جوزيف"فريد بحيث يتناول القضية السياسية ويضعها في قالب أدبي وهو نهج مميز في كتابة الروايات التي تنتقد الأنظمة السياسية في العالم المعاصر.
النقطة الاخري محل الاهتمام في رسالة المهندس بدر الدين هي محاولته لشخصنة النقد الأدبي بقوله ( بالتحديد ضيو مطوك). هذه الرسالة اعتبرها تجاوزاً خطيراً لخطوط النقد الأدبي العلمي والأكاديمي. وورود هذه العبارة من شخص يدعي أنه ناقد، شيء يدعو للقلق ويتطلب وقفة. لماذا هذا السؤال وسط زخيرة من الأفكار طرحها الأستاذ الصادق علي حسن؟ هل هذا ليس دليلًا علي ان المهندس بدر الدين يتناول الرواية من منظور عرق كاتبها؟ ماذا يقصد بهذه الكلمة؛ " كيف صنفت الكتاب في خانتي الأدب العربي والسياسي"؟ هذا التساؤل العنصري يوحي بجاهل عن تطور اللغة العربية في مراحلها المختلفة. فمعظم فطالحة اللغة العربية الذين ساهموا في وضع علومها وتلقينها وبناء وتوضيح علاقتها بالعلوم الحديثة ليسوا عربًا علي سبيل المثال؛ سيبويه، الجرجاني، الفراهيدي، الجبائي، ابو حيان التوحيدي، ابن منظور، السيوطي، ابن جني، الفيروزابادي الجزولي وغيرهم. هؤلاء هم أئمة النحو والبلاغة والمعاجم والعروض والأدب، أيضا دور العلماء المصريين في توطيد أركان اللغة العربية رغم الجدل الكثيف حول هويتهم العربية. فلماذ يريد بدرالدين ان يكون ضيو مطوك عربيا حتي يتلقن اللغة العربية؟
aromjok@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: اللغة العربیة جنوب السودان ضیو مطوک
إقرأ أيضاً:
“هالة الشمس” تزين قبة شماء جنوب السعودية
المناطق_متابعات
رصد صباح اليوم الخميس 24 أبريل 2025، ظهور حلقة ضوئية تحيط بقرص الشمس في قبة السماء فوق محافظة صبيا جنوب السعودية.
وكشف رئيس الجمعية الفلكية المهندس ماجد أبو زاهرة، أن هذه الظاهرة تعرف باسم “هالة 22 درجة”، وقد تم توثيقها ورصدها بوضوح في سماء المنطقة.
أخبار قد تهمك غدا السعودية توقع اتفاقيات مع شركات روسية في إدارة وتطوير المدن 24 أبريل 2025 - 1:01 صباحًا المملكة والهند ترحبان في بيان مشترك بتوسيع مجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي الهندي ويتفقان على أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بينهما في المنظمات والمحافل الدولية 23 أبريل 2025 - 9:59 صباحًاوتتكوَّن الهالة الشمسية عندما ينكسر وينعكس ضوء الشمس داخل بلورات الجليد السداسية الدقيقة الموجودة في الغيوم الرقيقة والمرتفعة، وتحديدًا غيوم السِّيرُس الباردة، ويبلغ نصف قطر هذه الهالة الزاوي 22 درجة ولهذا سميت بهذا الاسم وفقا لـ “العربية”.
ويضيف أبو زاهرة، تواجد هذه البلورات غالباً على ارتفاعات تتراوح بين 5 و10 كيلومترات فوق سطح الأرض، حتى في الأجواء الحارة، إذ تكون درجات الحرارة في طبقات الجو العليا منخفضة بدرجة كافية لتشكيل الجليد وتأخذ البلورات شكل أعمدة طويلة سداسية الجوانب تشبه “قلم الرصاص” وتعمل كمجموعة من المنشورات والمرايا فتقوم بتشتيت ضوء الشمس في اتجاهات متعددة ما يؤدي إلى ظهور الهالة.
وتبدو الجهة الداخلية من الهالة بلون أحمر باهت في حين تتلاشى الألوان تدريجيا نحو الخارج، كما تظهر المنطقة داخل الهالة أكثر قتامة نسبيًا بسبب غياب البلورات العاكسة هناك. الهالة تحتفظ دومًا بنفس القطر الزاوي، بغض النظر عن موقعها في السماء، وأحيانًا تظهر بشكل غير مكتمل، حسب توزيع البلورات في الغلاف الجوي.
وقد تتشكل هالات مشابهة أيضا في الأجواء شديدة البرودة حول أعمدة إنارة الشوارع عندما تطفو في الهواء بلورات جليدية صغيرة جدًا تُعرف بـ”غبار الألماس”، وهي تعكس الضوء بطريقة شبيهة.
ويؤكد أبو زاهرة، من المهم التمييز بين هذه الظاهرة وتلك المرتبطة بقطرات الماء مثل قوس قزح أو الإكليل الشمسي، والتي تختلف في الشكل والآلية الفيزيائية.
وعند رصد الهالات الشمسية أو تصويرها يجب تجنب النظر المباشر إلى الشمس دون أدوات حماية مناسبة للعين، حتى للحظات قصيرة. يفضل دائماً حجب قرص الشمس خلف مبنى أو جسم ثابت عند التصوير، كما يمنع تماماً النظر إلى الشمس من خلال عدسة الكاميرا مباشرة دون فلتر شمسي خاص.